شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في صدر الاسلام
نزول القرآن خلق مادة جديدة للغة العربية، فوسع من دائرتها كثيراً وأكسبها طلاوة ورقة لم تكن لها من قبل، ثم انقسام القبائل إلى قسمين: قسم يناصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقسم يناوئه ـ واعتمادهما على الشعر، وقد كان وسيلة من وسائل الدفاع ـ خلقا روحاً جديدة في الشعر العربي، أضف إلى ذلك ان القوم أخذوا يشعرون بتطور عظيم في حياتهم، فكان طبعياً أن يحيا الحجاز بدافع تلك المؤثرات حياة جديدة لها لونها الخاص بها، وكان لزاماً أن يصور لنا أدب ذلك العصر تلك الحياة ما يحيط بها، وان شعر الشعراء المخضرمين يكشف لنا إلى حد بعيد حياة القوم يومذاك.
نعم ان الشعر في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من حيث المبني جاهلياً إِلا أََنه تحلل من قيود الجاهلية وجفائها معني، إِذ العراك الدينى الذي كان قائماً على قدم وساق يومذاك أدخل على الشعر معانى جديدة لم تك مألوفة، واذا شئت فقل لم تك معروفة، ثم ان ما جاء به القرآن من متانة الأسلوب وروعة المعانى، وجودة التراكيب، وسهولة الألفاظ، قد أحدث تأثيراً ظاهراً في اتجاه الأدب العربي، وبلد كالحجاز تدفعه أمثال هذه العوامل في عصر كان للأَدب فيه أَعلى منزلة لا جرم أَن يتأَثر به أَبلغ تأْثر، فلذلك حمي سوق الشعراء إبان ظهور الرسالة، وبقي كذلك إلى أن أتم الله نعمته على المؤمنين، وعم الاسلام بلاد العرب، ثم اعترى سوقَه الكسادُ لانصراف المسلمين إلى الحياة العملية من فتح وغزو، زد على ذلك ان بعض قواد المسلمين كانوا يرون ان الشعر يعيد إلى النفوس العصبيةَ الجاهلية وهم قريبو عهد بها فلذلك كرهوا التمادى فيه، الا ان سوق الخطابة في هذا العصر اتسعت، لأن الفتح والغزو كانا يستلزمان ذلك، والخطابة في صدر الاسلام غيرها في الجاهلية اذ أن الاسلام والقرآن أضافا اليها مادة جديدة جعلتها أكثر متانة وأقوى تأثيراً، وأجود فناً، وأعذب أسلوباً، وأحسن وقعاً، وقد عرف في هذا العصر إلى جانب الخطب الدينية خطب سياسية أخذت تقوى وتنمو بتطور حياة القوم يومذاك. وان كتب الأدب والتواريخ طافحة بالخطب وأخبار الخطباء، وكل ما نريد أن نثبته هنا هو ان الأدب الحجازي في هذا العصر كان على جانب عظيم من السمو وعلو المنزلة، وانه امتاز على غيره من الأدب العربي بعوامل شتى تهيأت له ولم تتهيأ لغيره، وان الشعر نشط في حياة النبى صلى الله عليه وسلم حتى أفقده الاقبالُُ على الفتح ذلك النشاطَ وبعكسه الخطابة، فقد صارت اليها قيادة الفكر والسيطرةُ على الأهواء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :585  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 9 من 181
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[صفحة في تاريخ الوطن: 2006]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج