شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في العصر الجاهلى
ان مركز مكة الدينى، ومركز مكة والطائف والمدينة التجاري كان لهما أعظم أثر في حياة أهل الحجاز الاجتماعية، وان اختلاط أهل مكة والمدينة والطائف بصنوف من العرب مختلفى اللهجات واللغات في أيام المواسم الدينية والأدبية، وتنقلهم في المدن والأمصار المتمدنة كان لهما تأثير مباشر في تطور حياتهم الفكرية، فاتسعت هذه الحياة، وكوّن هذا الاتساع ألواناً جديدة من الثقافة البسيطة رحُب معها أفق حياتهم، واكتسبوا به مرونة مكنتهم من اقتباس ألفاظ وأسالب كان يقضى باقتباسها واصطناعها الاحتكاك والاشتراك في مؤثرات متشابهة مهدت لها المواسم الدينية والأدبية خير تمهيد، فلا غرو أن كان بروز الأدب الحجازي على غيره من الأدب العربي ظاهراً
وتستطيع أن تلمس أثر ذلك التطور في سعى قريش لأن يكون عكاظ موسماً للأدب العربي ومعرضاً لمنتخبات أفكار العرب وثمرات عقولهم، ومنبراً لخطبائهم وشعرائهم، فيه يتفاخرون، وفي ميدانه يتناشدون، وفي مضماره يتسابقون، ذلك المعرض العظيم الذي كان يقام للأدب العربي ونوابغ العرب، لاشك قد أفاد العرب عامة والحجاز وأهله خاصة بما هيأ لأدبهم من الظهور والرجحان على الأدب العربي كله، ولاشك اننا اذا استعرضنا الشعر الجاهلى الموجود بين أيدينا اليوم، نجد أكثره بلغة أهل الحجاز، وسواء كان للحجازيين أو لغيرهم، فان تغلب لغة قريش على غيرها من اللغات العربية، معناه تغلب الأدب الحجازي على غيره من الآداب العربية في العصر الجاهلى، نعم ان قسما من الأدب الجاهلى طعن في صحته بعض أعلام الأدب، ولكن قسما ممتازاً منه ثبت أمام النقد، يقوم أقوى الأدلة على صحته بالروايات الثابتة، والمنطق السليم، ومالنا نستدل بهذا وأمامنا كتاب الله؟ وحسبنا نزوله بلغة قريش دليلا على ما تم لتلك اللغة من الغلبة والظفر في أحفل عصور الجاهلية، وقد قلنا ان غلبة اللغة تعنى غلبة الأدب. وبالأحرى غلبة الحياة نفسها، وقد أجمع علماء اللغة على ان قريشاً أفصح العرب، وان لغتهم أحفلُ اللغات بالمحاسن والقوة وأخلاها من مستبشع اللهجات، وما نحسبنا بعد في حاجة إلى أن نقول:
إن الأدب الحجازي في العصر الجاهلى كان جماع حضارة العرب الفكرية، وانه بلغ من القوة والتفوق ما هيأ له القيادة والسيادة اللتين تجد أثرهما ماثلا بين دفات الكتب وآثار ثقافة العرب وتأريخها الناصع.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :606  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 181
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.