لقد أنبت البحر الجزائر واحة |
وأضفى عليها من سحائبه بُردا |
تغازلها الأمواج من كل جانب |
وتلوي على الشطآن من لؤلؤ عقدا |
وتُنثر فيهن النجوم كأنها |
تطل عليها من سماواتها قصدا |
وطافت بها بيض السفائن مثلما |
تطوف قلاع تعرض العز والمجدا |
نزلنا إليها مثل داخل جنة |
هي الفن والتاريخ قد جمعا خلدا |
*** |
بريطانيا كم قد عشقت جمالها |
ولكنها كم خانت الود والعهدا |
بها الحور مثل الريم ملء مروجها |
وفيها شياطين تكيد لمن ودا |
بريطانيا هل للشياطين جنة |
وهل جمعت نحلاتها السم والشهدا |
معاهدك الكبرى لقد ولدت بها |
معارف دنيا لم تزل تبدع السعدا |
ولكنها وكر الشياطين بعضهم |
سيوف فناء لم تكد تألف الغمدا |
لكم سرقت شهد الشعوب وبُرَّها |
وأجرت دماء الأبرياء بها عمدا |
ففي كل بحر للأساطيل مرفأ |
وفي كل أرض تزرع الموت والحقدا |
*** |
رأينا بها حرية الرأي أبدعت |
لكل امرء مستقبلا وادعًا رغدا |
ليعلن عن أفكاره دون خشية |
فليس يخاف القتل والسجن والقيدا |
وتنمو بها للرأي ألف حديقة |
بها من أريج الفكر ما يبهر النِّدا |
تعشقت فيك الغانيات ولم أكن |
صريع الغواني قبل أن أعرف الوجدا |
تطوف طواف البدر عبر سمائه |
وتزرع فينا المين نحسبه جدا |
إذا رفرفت فوق النهود غدائر |
توهجت الآصال والذهب انهدا |
يغارجمال الكف من حسن أختها |
كما حسدت لبنى شقيقتها سعدى |
توافرُ ذاك الحسنِ أرخصَ صيدَه |
فكان لنا صيدًا وكنا له صيدا |
وما رابح منا سوى العهر وحده |
كأن العذارى في مرابعها تصدا |
وشاهدت فيها البرلمان فلم أجد |
له مثلاً إلا السراط وقد مُدَّا |
هنا جنة عذراء من غير قاطف |
وثَمَّ أفاع تملأ السهل والنجدا |
تُوثق فيها للحياة وثائق |
تموت بنيجيريا وتنتهك الهندا |
إلى جنب ذاك البرلمان تألقت |
مشاهد تغري الطرف فيه إذا امتدا |
و(بغبنها) في صمتها ورنينها
(1)
|
قد استعمرت جل الشعوب ولم تصدا |
تقود زمان الناس طوع بنانها |
وفي مينها تجري الحياة ولا تهدا |
بريطانيا مثل الطيوف تجمعت |
ملامحها من كل ما رثَّ أو جدا |
*** |