شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بين قارتين
زار الشاعر اسطنبول مرات عديدة كان آخرها في عام 1983.
أطلَّ على البسفورِ شيخ موقَّر
تطوف به الأجيال من حيث يخطر
تغضن منه وجهُهُ وجبينه
وتوجَّه شيب من الفجر أنضر
بعينيه أسرار الدهور تجمعت
فمنها مسر للقلوب ومضجر
وفي فمه من حكمة قدُر عقله
وما العقل إلا خبرة وتفكر
إذا مدَّ كفيه إلى الشرق أينعت
بما فيه من علم يضيء ويزهر
وإن مال للغرب الجديد طموحُه
تناول منه ما يطيب ويثمر
هنا تلتقي الأجيال من كلِّ أمة
فثمَّ حضارات تشع وتبهر
به صافحت (عيسى) يمينُ (محمد)
فأورثه الحبَّ الذي كان يَذخَرُ
نبيان للإصلاح هذا معلِّم
وذلك داع للسلام مبشِّر
وذلك باب للسماء مشرَّع
وهذا منار للحياة يؤشِّر
و(مسجد) هذا عند ذاك (كنيسة)
و(بيعة) هذا عند ذلك (مَشْعَرُ)
هما وحَّدا ما فرقته يد الغوى
وإن عاث فيه من به كان يَتْجُر
وما البعث إلا أن تعود رسالة
يراد بها الإصلاح أيان يَصدر
اذا مصلح مَّا جاء من بعد مصلح
فدعوة ذا في بعث ذاك تكَرَر
***
هَبي لي (اسطنبول) منك زنابقًا
تَأرَّج بالحب الطهور وتزهر
اليك بلاد الطيبين تحية
يُباركها شوق نقي مطَهَّر
أحنُّ إلى التاريخ فيك متَّوجًا
وأهفو الى الآثار وهي تُعمَّر
ففي كلِّ تلِّ منك ذكرى شذيةٌ
وفي كل جون منك نصر مؤزَّر
واني لأصغي والسنين تعيد لي
حديثًا شهيًًّا بالمباهج يقطر
إذا ما انتشت روحي فلست بآثم
ففي السكر إرهاف لها، وتحرُّر
***
بربِّكِ (اسطنبول) كم قد تردَّدت
وشقت سجوَف الليل (الله أكبر)
مآذن مدَّت للسماء رؤوسها
فتوَّجها مجد من الله خَيِّر
وهبَّت قِبابٌ أبدعتها مواهب
لها في سجلِّ الفن نهج مطوَّر
ولاحت محاريب تباهي بقدسها
مهابط وحي بالطهارة تزخر
جوامع خير للمحبة أُسِّست
بها يشمخ الفن العظيم ويفخر
جوامع ظلَّت تُحفةً ذاتَ روعة
يُؤنِّقها ذوق رفيع ويَعمر
وقد أصبحت بعد (التأورب) ثروة
تُغالي بها الأجيال أيَّان تُذكر
***
بلادَ (السلاطين) العظامِ تحدثي
بما أنفقوه في الفتوح وبعثروا
وقُصِّي لنا أمجادهم وانتصارهم
بما أرخصوه من دماء وأهدروا
فما شَيَّدوا فيك الصروحَ رفيعة
بغير الذين استعبدوهم وسخَّروا
لقد بنوا التاريخ من حيث يزدرى
بهم واستبدُّوا بالشعوب وأجبروا
وقد دمَّروا فيه كرامة شعبهم
فليس له صوت، ورأي، ومفخر
إذا قام (خاقان) لهم هتفت له
ملايين ممن جَهَّلُوهم وأفقروا
وأغراهم أن (الأئمة) سبَّحوا
بتمجيدهم قبل الصلاة، وكبروا
ولو أنهم لم يقحموا الدين واكتفوا
بأن يتركوه للدعاة ، ويؤثروا
ولو بشَّروا بالدين تبشير مرشد
لكان لنا شيخ (بروما) ومنبر
وأصبح للإسلام دين ودولة
وكانت (أروبا) بالشهادة تجهر
وكان (بفاتيكانهم) من بنيهمُ
فريق على نشر المحبة أقدر
***
حنانيكِ (اسطنبول) كم عرف الهوى
على شاطىء (البسفور) ذكرى تُعطَّر
عواطف كالمحَّار في كل شاطىء
تُزان بها خُلجٌ حسان وأبحر
ففي اللج حوريات بحر كأنها
بُدورٌ على وجه المياه تخطِّر
ورفَت على الشطآن أضواء مَشرق
كأن مجرات بها تتحدر
وتنثر الضحكات في كل جانب
كأنغام أوتار تطول وتقصر
اذا الشمس ألقت قرصها في مياهها
تَسَّرب منه لون ورد معصفر
وتعبر من فوق الشواطي نسائم
تغازل أجفان العذارى وتسكر
أحبك (إسطنبول) حبًا لو انه
يصورُ لم يوجد به ما يحوّر
تَجدر في قلبي فرقت عواطفي
وفاضت بشعري أغنيات تُشّهر
يشيخ الفتى لكن غرام شبابه
يظل ُّ فتيًا لا يشيخ ويُدثر
عبرت إليك (القارتين) فقصَّرت
خطاي مسافاتٌ بها الشوق يُبدر
هو الحب إعجاز يكاد وجوده
يفجر في نفسي قوىً لا تفجر
إذا أنا لم أبلغ من الحب غاية
فحسبيَ منه بعض ما أتصور
يظل هوى العشاق في القلب صامتًا
وحبي (لإسطنبول) حب معبرِّ
***
 
طباعة

تعليق

 القراءات :270  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 256 من 271
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثاني - النثر - حصاد الأيام: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج