سمعت (خديجة) من (عليٍّ) قصة الحب الجريح |
أصغت له وكأنها تصغي إلى شهقاتِ روح |
وتدحرجت في خدِّها مثلََ اللآلىء دمعتان |
وغشي ملامحَ وجهها البدريَّ إشراقُ الحنان |
لكنها اعتصمتْ بموقعها من الحزم العنيد |
لتصدَّ تيارَ الهوى الطاغي بإرساء السدود |
وتساءلتْ في حيرة: أترى تناسيت المروءه؟! |
إنَّ التلاعبَ بالقلوبِ خطيئة كبرى دنيئه |
فأجابها متنصلاً ما كانَ لي غرضٌ مريبْ |
قدْ كانَ مِن قدر السما أن تستجيبَ لها القلوب |
فالحبُّ فيضٌ كالشعاع الطهر معدنُه كريم |
إنَّا نحبُّ اللهَ والإنسانَ والخلَّ الوسيم |
فتساءلتْ: ماذا تراني سوفَ أصنعُ يا حبيبيْ؟ |
وأجابها فلتخطبيها لي الغداة، وتفرحي بي |
فتساءلت في رعشة: أترى أصِبتَ ببعض مسِّ؟ |
عوَّذتُ بالرحمن عقلكَ من أذى جنٍّ وإنس |
أوَ ما ثنتكَ عن الهوى مُثلٌ وأخلاقٌ كريمه؟ |
إن كنتَ تبتدر الزواج فتلك (فاطمة) الوسيمه |
فأجاب والكلمات تشهق فوق مبسمه العبوس |
كلا، فما لي في الصبايا غير (سلمى) من عروس |
(فطاَّم) أختي، هل ترى يتزوج الأخوان بعضا؟
(1)
|
ولئن رضيتم أن أزوَّجَها فإني لستُ أرضى |
فتساءلت: ما كنتُ أحسبُ أنْ أُرى بفتاي خجلى |
يا ليتَ أنكَ ما بلغتَ ولمْ تزلْ في المهدِ طفلا! |
أجَزاءُ عمكَ يا حياتي طعنة الغدر الاثيمه؟ |
أمن الوفاء لمن أفاءك ظل سرحته الكريمه؟! |
رباكَ طفلا مثل أعواد الرياحين الطريه |
ورعاك غصنًا قد توشَّحَ بالأزاهير النديه |
فأجابها: أماهُ، لا تقسي على قلبي وروحي |
وترفقي لا تغرزي شوكَ الملامةِ في جروحي |
ماذا يكونُ مصيرُ (فاطمة) إذا ولجت حياتي؟ |
وتلمست قلبي فلم ترَ غيرَ أشلاءٍ موات؟ |