ومضى بـ(ليلى) موكب الأيام في درب جديد |
تنأى بها خطواتها فيه عن الماضيْ السعيد |
وتطامنت آمالها في وهدة الكوخ الحقيرْ |
وتعودته كما تعودت القيودَ يدُ الأسير |
أقصى مداها العين تغسلُ رأسها بنقيع طين
(5)
|
وتعودُ حاملة جرار الماء من خزف مهين |
ضاقت بها الدنيا فكانَ إطار عالمها (حضار)
(6)
|
كالبدر أمعن في السرى حتى تغشاه السرار |
جاراتها فيه العظايا والسلاحف و(الغيالم) |
وبنات آوى، وابن عرس والقنافذ والبهائم |
تصحو الصباحَ على خوار الثور في ركن الزريبه |
ويهز أحلام المساء نقيقُ ضفدعة غريبه |
تشقى وتكدح مع رفيق حياتها طول النهار |
والصيف يلفح وجهَها حتى يكاد يشب نار |
ترعى (الصرام)، وتقطف التمرات في (مكيالها)
(7)
|
وتظل تجمعُ ما تناثر من (سقاط) غلالها
(8)
|
وتهشُّ أسرابَ الطيور السانحات عن (السلوق)
(9)
|
(وتحش) للأبقار أو تلقي لها (العُوم) (العتيق)
(10)
|
أو تنسج (القفف) الأنيقة ، و(المراوح) في الأصيلْ
(11)
|
وتشك في أسلاكها (الفقاح) والفُلَّ الخضيل |
أو تحلب البقرات في (برم) من الخزفِ المغبرْ
(12)
|
وتخضه حتى يعوم الزبد كالمح المزعفر |
وتبيعه (يوم الخميس) لتشتري سمك العشاء |
ولعله أشهى وأفضل ماتنال من الغذاء |
تشويه فوق صفيحة مِن دون سمن أو بزار
(13)
|
فالسمن للسادات أرباب النخيل ذوي اليسار |
تغدو عليهم كل أسبوع بأطيب ما لديها |
والشمس تلعق ضوءَ عينيها، وتعرق أخمصيها |
ويؤودها ثقل (الرواتب) في المخارف و(السلال)
(14)
|
و(النبق) و(الرمانُ) و(الموزُ) المزعفرُ و(الخلالْ) |
و(التينُ) و(البوبي) والليمونُ والرطبُ (الخلاص) |
يزهو على (سَرُّودِه)، وكأنه دررُ المغاص
(15)
|
وتشد في يدها المشققة الفراريجَ الصغيره |
وكأنها سربٌ يساقُ من القرابين الغريره |
ومضت بها الأيامُ كالحة الأصائل والبكورْ |
حتى خبا من وجهها ألق السعادة والحبور |
وتغلغلت في جسمها (البرداء) من لسع البعوضْ
(16)
|
فكأنها الطاووس يهوي من أعاليه مهيض |
*** |