| كان الصبايا والشباب يراقبون المشهدا |
| والبِشرُ يطفح في النواظر والشفاه مغردا |
| يجنون موسمَهم مسراتٍ وأفراحًا نواضرْ |
| مثلَ العصافير الرشيقة حوَّمت حول البيادر |
| و (علي) بينهمُ كنجم تائه بين الضبابْ |
| يتعاقبان على ملامحه ابتهاج واكتئاب |
| ويلوحُ في شفتيه إذ يفترُّ زهرهما نداء |
| ويطلُّ من أهداب جفنيه إذا ارتعشت رجاء |
| بيناهُ في دنيا يوشِّيها الخيال، وينسج |
| وتُنوِّر الآمالُ من أنحائها وتؤرج |
| إذ جاءَه صوتٌ رقيق كالنسيم العابر |
| يهفو بأذنيه كما يهفو صداح الطائر |
| فأحسَّ أن الصوت من أعماقه يتدفق |
| وصفاؤه ورواؤه في قلبِه يترقرق |
| وتلفتت عيناه كالزهرات تلتقط الندى |
| وكأنما افترَّ الصباح له أو اخضرَّ المدى |
| فرأى يدًا بيضاءَ مثلَ الثلج وشَّاها الخضاب |
| وأناملاً مثل الشموع تكاد تشرق بالشباب |
| فمضى لها وكأنما يمضي إلى فردوسه |
| وكأنما رجلاه تحمله لجلوةِ عرسه |
| وتلامست كفاهما عبرَ الظلال العارشه |
| وتهدجت همساتها كالأغنياتِ الراعشه |
| مُسِّيتَ دومًا بالنعيم، وبالمسرةِ يا حبيبي |
| فأجابها حييتِ بالأفراح مترعة الطيوب |
| وتواعدا عندَ العيون، وكان وعدُهما يمين |
| وتفرَّقا يتعجل الإصباحَ وعدُهما الأمين |