بينا (عليٍّ) يرقبُ الشاطي بنظرةِ شاعرِ |
ويلملم الصوَر الأنيقة في إطارٍ ساحر |
ويصوغ كالموشور من أطيافها دنيا جميله |
ويعيشُ طول العام يستوحي روائعها الخضيله |
هبَّت عليه سحائبٌ نشوى تَدَفَّق بالعبيرْ |
وتمزقُ الحلم اللذيذ بواقع خصبٍ مثير |
فتوهَّجت في عينهِ النظراتُ واخضلَّ المدى |
وغشي مشاعره ذهولٌ غامرٌ حلو الرؤى |
حورا تفيضُ السحر مقلتها وتسفحه شعاع |
ويرفُّ بالتفاح خدَّاها متى انحسَر القناع |
ويرقصُ النهدان أهداب القلائد والضفائرْ |
وكأنما الأبنوس رصِّع بالنضار وبالجواهر |
وكأنما الأغصان أجنحة السلام على يَديها |
وضفائر الفقاح أفراخ الحمام بمفرقيها
(2)
|
حتى إذا حاذته واختلجتْ أساورُها الأنيقه |
همست لجارتِها بصوتٍ كالزغاريد الرشيقه |
(لولو) انظري هذا الفتى المجدول من ألق الصباح |
عبثت به فتيات (بابل) أمْ ترشَّف دَنَّ راح؟! |
أم غازلته عرائسُ البحر المنضَّرة الشباب؟! |
أم إن جَنَّة عبقر خطفته مِن بين الصحاب؟! |
ما لي أراهُ كنخلة مغروسة في فدفد؟ |
أو نجمة مهجورة في جنح ليل مربد؟ |
يا ليتني كأسًا تُرشِّفه الرحيق المعجبا! |
أو نغمة تنساب في أذنيه حتى يطربا! |
أو باقة مِن سوسن تُهدي له أزكى الأريج! |
أو لمحة مِن كوكب فأحيل دنياه وهيج! |
وتلاقت النظرات فانقدحتْ لحاظهما شررْ |
وتوَهَّج القلبان حبًّا مثلما انبثق القمر |