وافى المساءُ وقد توهجت (البراحة) بالمشاعِلْ
(1)
|
وتأهب الحجاج للمَسرى وقُربت (الرواحل) |
وتوافد الأصحابُ، والجيرانُ، والمتفرجونْ |
وتتابعت نجواهم وكأنها همسُ الجُفون |
هذا يودعُ ذا، وذي تدعو لذاكَ، وتبتهلْ، |
ودموع تلك ترِف في أهدابها قطرات طل |
و(عليُّ) يلثم أمهُ فتضُمه ولهًا، وتبكي |
وتشب آهاتُ الفراق بصدرها ضرمًا وتذكي |
حتى إذا اختفتْ الهوادِجُ خلف أسوار الظلامْ |
وتحملت أغنى البُدورِ سَنًا، وأكثرها ابتسام |
عادت به (زاهي) تجفف دمعه، وتقبل |
وتضمه ضم الجفون الكحل ساعة تسبل |
ومضت تُدَلله، وترعاهُ، وتمنحه المحبه |
وتفيض تحنانًا لتغمر ومضةُ السلوان قلبه |
وأتت له (ليلى) (بدوخلة) ترف كمزهريهْ
(2)
|
نسجت من الخوص الندي بكف عذراء فتِيَّه |
ولقد كستها من روائِع فنِّها أحلى الحلل |
واستُنبِتت فيها السنابلُ ناضراتٍ كالأمل |
وأقام (نعمان) له أرجوحةً في ظل سدر |
كهوى الغواني ذات إقبالٍ وصدٍّ مُستَمِرِّ |
فأحسَّ بالنعمى (عليٌّ) لم تبارح مقلتيه |
ورأى المحبة والحنانَ يرَفُّ جنحهما عليه |
فنمت محبته لهم مثلَ الشذا في قلبِ ورده |
وتوالت الأيامُ والحبُّ النبيل يُفيض شهده |