| قد عاد (أحمد) للبلاد وفي حقائبه الهدايا |
| والشوقُ يشرقُ في محياه ويخفقُ في الحنايا |
| فاستقبلته (خديجة) والدمع في العينين حائرْ |
| وملامحُ الحزنِ العميقِ تطل من هدبِ النواظر |
| و (علي) يرقدُ في السريرِ وقد كسا الجدري جسمه |
| جفَّت نضارتُه وأوهتْ قسوةُ الآلام عظمه |
| ولقد تفشى الداءُ بالعدوى كألسنةِ اللهيبْ |
| ما انفكَّ يفتك، كيف شاءَ، بلا رقيبٍ أو حسيب |
| وأشدُّ من فتكِ الوباءِ تطفلُ المتطفلين |
| وتطبب الجهال في البسطاء والمستضعفين |
| كم من وليدٍ كالهلالِ وكم فتاة كالغزاله |
| ذهبوا جميعهم ضحايا للفضولِ وللجهاله |
| حتى الأولى عاشوا وأخطأ صدرَهم سهمُ المنونْ |
| لم يسلموا إلا ليحيوا عاجزينَ مشوهين |
| من كلِّ أعمى لم يكحل جفنه ضوءُ الصباحْ |
| أو أعورٍ كالطير شَلَّوا من جناحيه جناح |
| أو شائه الوجنات عمَّق رشُّه فيها الحفر |
| يا للغراب الشؤم نقر بشرها فيما نقر |
| فأحاطَ (أحمد) طفل زوجته (عليًّا) بالرعايهْ |
| وسخا عليه بالحنانِ المستفيضِ وبالعنايه |
| حتى إذا ما الداءُ أنهى مده بدأ التراجع |
| وبدتْ عليه من السلامةِ في محياه طلائعْ |
| واسترجع المرحَ البريء وبسمة الطفل الغريرْ |
| وطفتْ على عينَي (خديجة) نظرة تندَى حبور |