وبِجِيرة الكوخ الصغيرِ تقوم أكواخٌ كثيره |
جمع الشقاءُ فلولها، وحشا بها الأسرَ الفقيره |
من كلِّ غواصٍ وفلاحٍ وحمَّارٍ أجير |
من كلِّ من لفظته جناتُ الحياة الى السعير |
في تلكم الأكواخ كان النوم قد عقد الجفون |
والريح تصفر حولها، والليل مختلج الظنون |
وانشقّ سجْف الليلِ عن فجرٍ من اللهبِ المروّع |
وصراخ (زاهي) ـ باستغاثتها ـ يهز الليلََ مفزع |
وتمزق الكوخُ الصغيرُ إلى سحائبَ من ضرام |
يلقي على الأكواخ سيلاً جاحمًا مثلَ الحِمام |
فتنبه الجيرانُ في فزعٍ على وهجِ السعير |
وتقضقض الأكواخ وهي تكاد أشلاءً تطير |
هذي تنادي زوجها وتكاد رعبًا تجهض |
وأخ يجر أخاه من وسط اللهيب ويركض |
وصبية أودى الشرار بشعرِها وبعينها |
وقضى على حلم الصِبا ومحا مفاتنَ حسنها |
فتسابقوا كالجنِّ يخترقون أستار اللهيب |
بالماء للإطفاء، للإنقاذ في عزمٍ صليب |
ومضت سويعاتٌ كأنَّ الدهر فيها موثق |
حتى خبا لهبُ الحريقِ ووهجه المتدفق |
*** |