شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
النشيد الخامس
أبطال النشيد:
1 ـ زاهي.
2 ـ زوجة نعمان.
1
ووراء أسوار المدينةِ يجثم الكوخُ الصغيرْ
جدرانه سعفُ النخيل وسقفُه نتفُ الحصير
قد وثقوه بالحبال وأسندوه بالجدوعُ
فبدا كقبرٍ واهنِ الأركانِ محنيِّ الضلوع
فيه سريرٌ من جريدِ النخلِ مهشومِ (الحوافي)
وثلاث (سلاتٍ) توارت في الزوايا كالأثافي (1)
هذي تضمُّ من الملابس كلَّ قطنيٍ قديمْ
وتضمُّ هاتيك الأواني وهيَ مِن خزفٍ ثليم
وتضمُّ تلك المشط من خشبٍ ومرآةٍ صغيره
شطبَ الزمانُ زجاجَها ومضى يرشُّ بها بثورَه
وبجانب الكوخِ استقرتْ (جحلةٌ) مثلَ الغراب (2)
في قعرها تمرٌ حويلٌ عافه حتى الدواب (3)
وعلى نتوءٍ في عمودِ الكوخِ قد شبكَ السراج (4)
عاري الذبالة لا يصونُ لهيبَ شعلته زجاج
في ذلك الضوءِ الشحيحِ تكاد (زاهي) تنعس
وفتاتُها في حجرها بصعوبةٍ تتنفسُ
عصفت بها الحمى كأنَّ بجسمها نارًا تشبُ
وكأن نبضَ فؤادِها إجهاش مرزوءٍ وندب
2
وبِجِيرة الكوخ الصغيرِ تقوم أكواخٌ كثيره
جمع الشقاءُ فلولها، وحشا بها الأسرَ الفقيره
من كلِّ غواصٍ وفلاحٍ وحمَّارٍ أجير
من كلِّ من لفظته جناتُ الحياة الى السعير
في تلكم الأكواخ كان النوم قد عقد الجفون
والريح تصفر حولها، والليل مختلج الظنون
وانشقّ سجْف الليلِ عن فجرٍ من اللهبِ المروّع
وصراخ (زاهي) ـ باستغاثتها ـ يهز الليلََ مفزع
وتمزق الكوخُ الصغيرُ إلى سحائبَ من ضرام
يلقي على الأكواخ سيلاً جاحمًا مثلَ الحِمام
فتنبه الجيرانُ في فزعٍ على وهجِ السعير
وتقضقض الأكواخ وهي تكاد أشلاءً تطير
هذي تنادي زوجها وتكاد رعبًا تجهض
وأخ يجر أخاه من وسط اللهيب ويركض
وصبية أودى الشرار بشعرِها وبعينها
وقضى على حلم الصِبا ومحا مفاتنَ حسنها
فتسابقوا كالجنِّ يخترقون أستار اللهيب
بالماء للإطفاء، للإنقاذ في عزمٍ صليب
ومضت سويعاتٌ كأنَّ الدهر فيها موثق
حتى خبا لهبُ الحريقِ ووهجه المتدفق
***
 
طباعة

تعليق

 القراءات :231  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 237 من 271
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.