شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
النشيد الأول
أبطال النشيد:
1 ـ حسن: رجل مسجى وهو في ريعان شبابه.
2 ـ خديجة: زوجة حسن.
1
الريح تصفرُ والرذاذ يغوصُ في وحلِ الطريق
والنجمُ يطفحُ في الظلامِ ويختفيْ مثل الغريق
وذبالة المصباح ترقص رقصة الطير الذبيحْ
وعلى السريرِ (فتى) تجاذُبه المنونُ ذماء روح
خبت الحياة بجفنه وتسللتْ مثلَ الشعاع
ألقى مراسيَهُ طموح شبابه وطوى الشراع
شمعاته العشرون ـ في الريعان ـ أطفأها القدر
وشبابه الريانُ لم يورق بمطلول الزهر
2
وبجانب الركن القصيِّ جثت فتاةٌ حائره
لم تدرِ من صورِ الحياةِ سوى الحياةِ الناضره
عاشتْ مدللةً تحيطُ شبابَها هالاتُ نور
فرش الربيع طريقها وردًا ورشتها العطور
يُهدي الصباحُ لها أريجَ الفل والورد الرطيب
والليل يمنحها نعيمَ الحبِّ في كَنف الحبيب
لم تلق من (حسنٍ) سوى حبٍّ وعزٍّ واحتفاء
كانت مدللة العواطف والأماني والرجاء
عامان كانا في ربيع حياتها زهرا وخمرا
وإذا بخمرتها تراق وزهرها قد جف عطرا
3
نشرتْ غدائرُها على وجناتِها طيفَ الحدادْ
وتلفعتْ بالليلِ والحسراتِ، وارتدتِ السواد
وتفجرتْ في صدرِها الآهاتُ فانبجستْ دموعْ
كم ذوَّبت نارُ الكوارثِ والمآسي مِن شموع
وتجاذبتها ـ وهيَ في مأساتِها ـ شَتى الفكرْ
ماذا يكنُّ لها الغدُ المجهولُ أو يُخفي القدر؟
ووليدُها المحبوبُ هل سيلفُّ هالتَه الضبابْ
ويعيشُ في حجرِ الشقاءِ غِداؤه مر العذاب
إحساسه باليتمِ يكبتُ من مواهبهِ الفتيه
وتعسف الأعمام يقتل فيه عزته الأبيه
4
وأطلَّ من خلف الستائرِ، مشرقًا، وجهُ الصباح
لم يدرِ ما اجترحَ المساءُ من الذنوبِ وما استباح
وتسللت نحو السريرِ حزينةً نتف الشعاع
وحنت عليه تلفه وتضمُّه ضمَّ الوداع
وتوافدََ الجيرانُ والأترابُ والرهط القريب
هذا يهدهدُ زفرةً ويغصُّ ذلك بالنحيب
ويُشيح ذاك بوجههِ يُخفي ملامحَ شامت
بالأمسِ كان مع الفقيدِ على خلافٍ صامت
مضغ المرارةَ منذ نافسه على سوم اللآلي
واختص منها بالنفائس والروائع والغوالي
ومضى إلى ركنٍ قصيٍّ في (البراحة) آخرون (1)
يتهامسون وما لهم شأن بما يتهامسون
هذا يسائل ذاك كم وُرَّاثه وتراثه؟
ويقول ذلك كم يساوي بيتُه وأثاثه؟
5
حتَّى إذا (الساباط) غصَّ بأهله وصحابه (2)
حملوه من فوقِ السريرِ مجلَّلاً بشبابه
ونعته بالصمت الكئيب رؤى ليالي أنسه
وحنتْ عليه تضمُّ جثته ذراعا عرسه
وبكته (أسفاطُ) اللآلي والمرايا والستائر (3)
والخاتم الفضيُّ ينشجُ والثريا والمجامر (4)
وهتفن من خلف الجنازة بالوداعِ الثاكلات
وصفقن بالأيدي ،وأجهش بالبكاءِ النائحات (5)
ومضى على الأكتافِ محمولاً إلى دنيا العدم
كحقيقةٍ زالت معالمها وأبقت طيف رسم
وتزاحم الشبان حول القبر من باكٍ وواجم
خرست عقولهم وعربدت الأحاجي والطلاسم
من أجل أن نهبَ الحياة لألفِ جيلٍ قادمِ
نفنى كما تفنى أزاهيرُ الربيع الحالم
ويقال إنا كالبذور يظل يطمرها الخريف
لترف من بعد البيات سنابلا ملءَ المصيف
ووراءهم شِيبٌ تقيلت السقائف والشجر
ملَّت مشاهدةَ الرميمِ وما تغصُّ به الحفر
قد مات منها خيرُ ما فيها الأماني والطموح
وبدت هياكل لم يدع فيها الفناءُ وميضَ روح
كم يبحث الإنسانُ في الأعماق عن ذهبٍ قليل
ويظل يطمر في التراب بنيه جيلاً بعد جيل
6
عادوا إلى النادي وفي النادي أُقيم المأتم
وتخال من ضنكِ الزحام أقيمَ فيه موسم
كم زاره أمس الفقيدُ معزيًاومهنيا
واليوم أصبحَ فيه ذكرى تستعادُ تأسيا
وأقام نسوتُه له في بيته المفجوع مأتم
لو شاهدته عين ذي ورعٍ لظن هناك مأثم
نضبت شآبيب الدموعِ على جفون الوالهات
وتوارت المأساة في عبثِ الصبايا اللاهيات
وفدت إليه من هنا وهناك أسراب الكواعب
هاتيك تلمز ذي وذي تروي النكات وذي تعاتب
وتقول (طيبة) تلك أجمل من صواحبها وأحلى
فترد (حصة) أنها دون البنات غنى وأصلا
وتقول (لولو) ألا تراني أم (حبُّوشٍ) جميله؟
أولست أحرى أن أكون لبكرها نعم الحليله؟
***
سرعان ما تُنسى المآسي في زحامات الشؤون
وتجفف الدمعَ السكيب أناملُ الزمن الحنون
***
 
طباعة

تعليق

 القراءات :472  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 233 من 271
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

جرح باتساع الوطن

[نصوص نثرية: 1993]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج