شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
معرض مائيات الليدي آن بلنت
بعد المعرض التشكيلي السعودي كان افتتاح معرض مائيات (الليدي آن بلنت) الذي أقيم بالمركز الإعلامي السعودي في لندن، ومن المعروف أن الليدي بلنت قد قامت هي وزوجها برحلة طويلة وشاقة مع بعض المرافقين قطعوا خلالها مسافة أكثر من 3000 كلم في الفترة الواقعة ما بين 12 يناير عام 1878م و 25 إبريل 1879م.
وكانت الرحلة قد بدأت من دمشق عبر ما يعرف الآن بسورية والأردن إلى شمال المملكة العربية السعودية مروراً بـ ((الجوف)) و ((سكاكا)) قبل الوصول إلى ((حائل)) في 25 يناير 1879م.
وبعد إقامة دامت عشرة أيام هناك، غادروا ((حائل)) متوجهين إلى بغداد حتى وصولهم إلى منطقة في الخليج العربي في 27 إبريل 1879م. وخلال تلك الرحلة تعرضت السيدة ومرافقوها إلى بعض المتاعب التي عادة ما يتعرض لها مسافرو الصحراء، مثل العواصف الرملية التي تنتزع الخيام وتقتَعلها فضلاً عن وغارات البدو، والانخفاض والارتفاع الشديد في درجات الحرارة. ولكن بالرغم من ذلك كله كانت ذكريات السيدة ((بلنت)) في يومياتها، وكتابها (حجة إلى نجد) عن هذه الرحلة شاهداً على روعة المعالم ومعاني الكرم والضيافة.
ولم تكن السيدة ((بلنت)) الوحيدة التي زارت منطقة ((حائل)) وشمال شبه الجزيرة، فقد سبقها إلى ذلك عام 1845م السيد ((ولن)) Wallin، و((وليم بلجريف)) William Palgrave عام 1862، و ((شارلز دوفتي)) Charles Doughty عام 1864، ولاحقاً بعد السيدة ((بلنت))، شارلز هبر Charles Huber والسيدة ((غيرتود بل)) Gertrude Bell. لكن ما يميز هذه السيدة عن غيرها من الرحالة هو أنها قصدت بلاد نجد أصلاً للبحث عن الحصان العربي الأصيل الذي لا يثمن بالنسبة لأناقته، وجماله، وسرعته وشجاعته. وعوضاً عن ذلك فقد تركت بالإضافة إلى اليوميات سجلاً فنياً حافلاً عن المنطقة وما كانت عليه قبل مائة وخمسين عاماً.
ومن مائياتها الكثيرة، نرى في المعرض ربما أفضل شاهد منها، في 14 لوحة تصور أهم المحطات التي مرت بها السيدة ((بلنت))، مثل قلعة (عقدة) التي لم يزرها أجنبي قبلها، وقرية (قنا)، ووفادة الحجاج في حائل، ومنطقة النفود، وواحة الجوف، وإسطبل خيل ابن الرشيد وغيرها. وأهم ما يلاحظه المشاهد هو لوحة (النفود) التي يظهر فيها جهدها بالوصول في ما تفعله وتصوره إلى الدقة تفصيلاً ولوناً، وإن بقي الأمر تسجيلياً بحتاً فإنه لم يغفل الناحية الجمالية قط،حيث يمكن العثور في اللوحة على ما فكرت فيه وكتبته على الهامش: إذ الشيء الذي يدهش المرء من النفود لأول وهلة هو لونها. إنه ليس أبيض ككثبان الرمل. ولا أصفر كما هو الرمل في أجزاء من الصحراء المصرية، لكنه في الواقع أحمر فاتح، قرمزي تقريباً في الصباح حين يكون ندياً بالظل. إن الرمل خشن نوعاً ما، ولكنه نقي تماماً، لا تخالطه أية شائبة من عنصر أجنبي، حصباء، أو حصى، أو طين، وهو في التلوين والنسيج نفسه في كل مكان. وأنه لخطأ كبير أن نفترض أنه مجدب. فالنفود على العكس أوفر بالأشجار وأغنى بالكلأ من أي جزء آخر في الصحراء.
وبالرغم من أن لوحة ((القاعة)) (قاعة الاستقبال في قصر الأمير في حائل) من أهم اللوحات المعروضة فنياً، فهي أيضاً انعكاس لقدرة السيدة ((بلنت)) على التأقلم مع عادات وتقاليد الناس. وأن سعادتها وشغفها الشخصي بكل ما تعرفت عليه خلال رحلتها وخصوصاً بمن التقت بهم، جعلا من هذه اللوحة شيئاً ممكناً. فبالإمكان الإحساس برهبة المكان الخالي إلا من أعمدة قليلة بسيطة الشكل، وبعض نوافذ التهوية، والمشاجب الخشبية لتعليق السيوف، وهاوون لدق القهوة و ((موقد مربع في أحد الأركان متقدة ناره)) يتحلق حوله الناس.
وفي لوحة ((إسطبل خيل ابن الرشيد في حائل)) تنقل الفنانة لمحات صميمة عن علاقة العربي بالخيل. وأوجه تجارته وأنواع الخيل كما فعلت في لوحات أخرى، حيث نجد أجمل خطوط قلم الرصاص المتآلفة مع الألوان، الشديدة الوضوح والتميز. وهذا ليس بغريب عليها كمربية ومهتمة بالحصن، لكن مستوى المهارة التي تعمل بها لم تقل عن مستوى حبها واهتمامها. ويمكن العثور على حقيقة رؤيتها للألوان في الوصف الذي تركته في يومياتها عن الحصان: أما ألوان المائة من الخيل في إسطبلات حائل، فحوالى أربعين منها كانت رمادية، أو بالأحرى بيضاء أو أقرب إلى البياض، وثلاثون كميتاً وعشرون كستنائياً والأخرى سمراء. لم نر أسود حقيقياً، وبالطبع لم تكن هناك خيل داكنة ـ (لا سمراء ولا سوداء ولا حمراء) مع وجه من بياض أو وجه رمادي ولا خيل بلقاء (ذوات سحنات غير منتظمة من اللون الأبيض ولون داكن) ولا ذوات لون رمادي ضارب إلى سمرة. وعلى أية حال فإن الفنانة ((بلنت)) نجحت إلى حد بعيد في نقل عناصر الصحراء كلها، بفضائها الشاسع اللامتناهي، وعملت حواسها مجتمعة لترجمة الإحساس الخاص بالجمال إلى موضوع محبب يدخل الصحراء إلى إطار الأمكنة المرغوبة في المخيلة.
ويمكن للمشاهد أن يشعر بالريح التي تطأطئ رأس الكلب وتعبث بالثياب وتغير الأجواء وتمحي المعالم، كما يمكن ملاحقة الأحصنة ووضع اليد على نبض سرعتها وشبقها. وكانت ترسم بالكلمة ما تعجز عنه في اللون أو ما تريد أن تراه ربما أو ما تريد الإلمام به. وكانت تخبر وتروي بالريشة ما لا يمكن للكلمة أن تحلم بالتعبير عنه. ومن هنا، ومن هذا الفهم للتشرب بالمكان قدر ما استطاعت تركت خلفها شهادة فريدة لمحب للصحراء وموله بها. ففي لوحة ((وقع الصحراء)) تقول: وخلف هذا بميل أو أكثر يتحول مثلاً شيء أفق الصحراء، من اللون الأحمر إلى البرتقالي، حتى يقطعه ما يبدو صفحة مشعة من المياه يعكس زرقة السماء العميقة ـ سراب بالطبع، ولكنه أجمل وهم يمكن تصوره. وعبر هذا، وهو ما يبدو خائضاً في الماء. كان خط جمال الحجاج، وكل واحد منها ينعكس تماماً في السراب الذي تحته مع نقط زرقاء وحمراء وخضراء وقرنفلية ممثلة العفش أو الخيمة التي يحملها. ويمكن أن خط الموكب كان خمسة أميال أو أكثر طولاً. لا يمكن رؤية آخره، وما وراء ذلك مرة أخرى، شمخت قمة جبل ((أجا)) بلون الياقوت في كتلة مختلطة رائعة، كأغرب وأجمل سلسلة جبال يمكن أن تخطر على الخيال. هذه هي الليدي ((آن بلنت)) وهذه هي لوحاتها الرائعة الجمال.
وتواصلت مسيرة معارض عكاظ لندن بعد ذلك بإقامة معرض الفنان خالد القشطيني الذي رسم بريشته لوحات زيتية ومائية تم عرضها لأول مرة. فكان الحدث مناسبة لإبراز جانب خفي في شخصية القشطيني المعروف بكتاباته الساخرة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :717  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 152 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .