شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جوّدته النصوص الدينية.. ووظيفته إدارية وسياسية وجمالية
الخط العربي فن رفيع من روائع الفن الإسلامي. ظل مديناً بتطوره التاريخي لذكاء الفنان العربي المسلم وقدرته على الإبداع الإنساني. ومثلما اجتاز هذا الفن مراحل ازدهار وتطوير، اعترته موجات انحسار أيضاً. وكثيرون الذين يدعون ملكية الخط العربي، أو ينسبونه لأنفسهم بجانب مدارس تعاقبت، وأجيال تواترت، وأساتذة ورواد أضافوا وجددوا وأبدعوا.
في الوقت نفسه هناك أمم تخلفت عن المواكبة ونكصت وأخرى حملت الراية وأبدعت.
وجاء نفر من أمة تخلت وغيرت الحروف العربية إلى اللاتينية، وادعت ملكيتها لهذا التراث الموروث، إذ نصّب أهلها من أنفسهم حراساً وحكّاماً يتباكون على أطلال الماضي، وهم يعلمون أنهم لا يتعاملون أصلاً مع الحروف العربية الركيزة الأولى للخط العربي الذي أصبح مشاعاً بين العرب.
وهذا التحقيق يعود بالذاكرة إلى الوراء، في محاولة للوقوف على تاريخ الخط العربي ورواده الأوائل. وفي مقدمهم رائد تطويره ((ابن مقلة)) ثم ينتقل إلى الواقع المعاصر لينسخ من مدارسه ومبدعيه وخطاطيه صورة صادقة لما آل إليه في الزمن الحاضر.
بينما كانت الكلمة المكتوبة في بداية انتشار الإسلام لأغراض مقدسة، وعلى رأسها كتابة القرآن الكريم، استخدمت أيضاً للمعاملات الدنيوية، واتخذت في كل مرحلة طابعاً وشكلاً معيناً طبقاً للفترة الزمنية التي تغطيها، وتبعاً للبيئة التي تنتشر فيها، ثم إلى مواد الكتابة التي يستعملها الخطاط.
وبقيت اللغة العربية هي التعبير الرسمي لعالمية الإسلام وطموحه. واحتلت الكتابة العربية الصدارة. وبدأت تظهر شخصيتها كأداة ثقافية وإحدى الدعائم الأساسية للإشعاع الروحي الذي أتى به الإسلام. ولم يكن الخطاطون المهنيون وحدهم هم الذين انشغلوا بذلك بل شاركهم كل المسلمين والأدباء. وكما أصبحت الكتابة مظهراً دينياً رائعاً صارت مركزاً حيوياً للعقيدة الإسلامية، فحملت الكتابة العربية في طياتها تأكيداً ضمنياً للسلطة. وكانت تكتب بها الرسائل والعهود والمصالحات التي بعث بها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء يدعوهم فيها للإسلام. وكذلك ساهمت الكتابة العربية في حفظ أحاديث الرسول وشروح رجال الفقه الإسلامي. واستخدمت أيضاً للمعاملات الدنيوية. مثل كتابة الرسائل لمخاطبة العمال ورجال الخراج والجند والشرطة والقضاة.
ثم اشتغل العرب بعد ذلك في تدوين التاريخ. خصوصاً ((كتب المغازي)) وكتب التراجم، ونتيجة لازدياد حركة القراءة والكتابة وانتشار التعليم ظهرت حرفة ((الوراقة)) التي أفرزت طبقة ((الوراقين)). وقد بدأوا ينسخون عشرات النسخ من الرسائل وشروح الفقهاء. فساهموا في حفظ التراث الإسلامي بأبعاده الروحية والخلقية. وقامت حركة الترجمة وأنشئت المكتبات، سواء أيام الخلافة العباسية أو الأموية.
وتحدثنا المراجع العربية وفي مقدمتها (صبح الأعشى في صناعة الإنشا) للقلقشندي عام 582هـ، وعشرات من كتب التراث العربي الأخرى عن الكتابة وفضائلها وأنواع أقلامها وخطوطها وأشكال الحروف وطولها وعرضها وتناسقها وتناغمها. فمنها من يذكر أنها هبة الله للإنسان ومنها من قال: إنها ظهرت على أيدي جبابرة مثل ((أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت)) ومنها من يقول بأشياء غريبة.
أما العلماء المحدثون فقد استعانوا في دراساتهم بالنقوش العربية القديمة التي شهدت القرون الهجرية الأولى، خصوصاً أثناء الخلافة العباسية، انتشار الدعوة المحمدية إلى الشرق والغرب لتغطي مساحة كبيرة حتى أواسط آسيا وإيران وأرض الفرات وتركيا وسوريا وشمال أفريقيا وصقلية وجنوب إيطاليا وإسبانيا والبلقان. وسارت الكتابة العربية جنباً إلى جنب مع ما قدمه الإسلام إلى تلك الربوع إلى جانب ما تركه العرب الفاتحون في هذه البلاد من فلسفة ودين مقدس.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :418  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 118 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج