شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمة الدكتور محمد جابر الأنصاري
بدأ الدكتور الأنصاري قائلاً:
بسم الله الرحمن الرحيم أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أود بدايةً أن أتوجه بالشكر إلى أخي الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي على هذه الدعوة الكريمة التي شملني بها للمشاركة في هذا البرنامج الثقافي الذي عرفت أنه ندوة عكاظ لندن وهو تعبير أسمعه لأول مرة وهو يبدو تعبير الشاعر الدكتور وهو الذي شجعني على القدوم مرة أخرى، ابن خلدون وسط بين العروبيين والإسلاميين لا أدري إذا كانت بقيت بحوث تستطيع أن تضيف المزيد لابن خلدون كما لا أدري إذا كانت مسألة العلاقة بين العروبة والإسلام قد بقي فيها جانب لكم لم يكن به قائم ولكن هذا ما سأحاوله وقبل أن أبدأ أود أن أشكر أيضاً أخي الدكتور غازي على هذه التقديمات التي قدمني بها وهي من حسن ظنه، وأود أن أقول له بإخلاص وبإيجاز: إن الرجل الذي نتحدث عنه هنا هو رجل نهضة وشاهد نهضة فات أوانه أما أنت فرجل نهضة نرجو أن تكون قادمة قريباً ونرجو أن يمد الله أعمارنا جميعاً لنرى نتائج غرسك لهذه النهضة وأعتقد أن الذين يعرفون الدكتور غازي يدركون مدى صدق هذه الكلمة.
يبدو ابن خلدون نقطة توسط ووصل تحول بين عدة أزمان وعوامل وأعوام، ففكره إجهار وفكر نهضة حديثة أكثر من ما هو تعبير عن زمنه المتأخر في التاريخ العربي لكن نقده لأعراف ذلك الزمن العربي ثقافياً وحضارياً يجعل منه شاهداً نهضوياً على عصر الانحطاط وذلك قدر بعض الرجال والقادة والمفكرين في التاريخ، فقد كان شاهد نهضة استنفدت ذاتها وفات أوانها على جانب من البحر المتوسط لتبدأ وتنطلق من الجانب الآخر وقد أتاح تأخر ظهور هذه العبقرية في مسار التاريخ الحضاري للعرب والمسلمين أن تتمكن من موضعها في الزمان من إلقاء نظرة موضوعية شاملة على المشهد الحضاري للإسلام برمَّته وتحول النظرة إلى رؤية خاتمة لحظت المشهد كله من جميع جوانبه وليس فقط من جانبه التاريخي أو الاجتماعي بل الفكري والأدبي والعلمي والتربوي والثقافي، ومن هذه الزاوية الشاملة في الواقع تستحق (مقدمة) ابن خلدون اهتمامنا لا من جانبها البارز فحسب في السسيوجية التاريخية والسياسية التي استقطبت حتى الآن تركيز الباحثين وإذا كان هذا السفر الخام الذي لم أستعيض عنه بغيره لو اضطررت للإقامة في جزيرة نائية أقول إذا كان هذا السفر الخالد قد حمل عنوان (المقدمة) لكونه تقدمة المؤلف التاريخي العام فإن المفارقة أن هذه المقدمة هي الخاتمة لصفر الإبداع الفكري والحضاري لدى العرب، لقد اشتملت على المشهد كله من موقع النهاية فيه وكانت شديدة الوعي بأوجه تقدمه وتخلفه على السواء وذلك ما يندر ظهوره في عصر الانحطاط ولم يبق إلا أن تلتقطها حركة نهضة جديدة لتسير حدودها وخرافاتها نحو أفق جديد. وهكذا كان، ولكنها لم تكن نهضة للداخل أو نهضة الذات التي استسلمت لجمود طويل بل نهضة الآخر على امتداد التخوم الخارجية ولكن من موطن غير بعيد عن موطن ابن خلدون وموطنه هو بين الأندلس وتونس، وليس صدفة أن تكون (مقدمته) بين أسبق ما ترجم من اللغات الأوروبية، وأن يكون في فكره المجتمعي الواقعي التحريري أشبه بخلفه من المفكرين الأوروبيين منه بسلفه من العرب والشرقيين بل الأوروبيين من قرونهم الوسيطة وإلى منتصف ما قبل العشرين. وكان فيلسوفاً للتاريخ مثل أرنولد تويامي الذي أشبه ابن خلدون في موقعه بالنسبة لشيخوخة حضارته الأولية كان تويامي يكتب عنه بلا تحفظ أنه كان في موضوعه أعظم عقل في أي زمان ومكان. ولعلّ تويامي قد اكتوى بنار الموقع الفكري له الذي اكتوى به ابن خلدون فعرف قيمة ومأساة أن يكون المفكر الكبير شاهداً على عصر الانحطاط والغريب أن تويامي قد جاء بعد عصور من الثروات العقلية والعلمية المادية، أشبه ابن خلدون أيضاً في إيمانيته أو بالأحرى في توفيقه بين الإيمان وعلم التاريخ النقدي مما أثار حفيظة ناقديه من غلاة الفكر المادي المحفوظ مثل ما أثار ابن خلدون على الطرف النقيض الآخر حفيظة ناقديه من غلاة الفكر النقلي أو النص المحفظ وفي كل شبكة وأمة أمتها سواء انحرف من دول الزمن التاريخي يساراً أو يميناً والطريف أن مستشرقاً تشوقه عقلانية ابن خلدون لدرجة التساؤل في هذا الصدد: هل يستطيع فقيه مالكي أن يفعلها؟ نعم لقد فعلها الفقيه المالكي ابن خلدون وقد يبدو الأول. وهل إن نقض ابن خلدون للفلسفة بمعناها الميتافيزيقي الماورائي ترداد وتكرار لآراء سابقيه منذ أن حجر أبو حامد الغزالي على الفلسفة والفلاسفة الإسلاميين لصالح التصوف والفكر الإسلامي بعامة؟ ولكن ابن خلدون يخرج بكل بساطة وبكل تأكيد من دائرة هذا التصنيف عندما يؤسس لفلسفة الفيزيقية السيسيولوجية التاريخية والبشرية بعامة بديلاً عن فلسفة الميتافيزيقية الماورائية وكأنه يأثم بفكر النهضة الحديثة في العالم وفي الفكر الإنساني بعامة بأنه قد آن آوان نزول العقل من محاولة البحث في عالم الغيب المقتصر على علم الله وحده إلى صنف عالم الشهادة، الشهادة بمعنى الشهود العقلي والعلمي المنفتح بطبيعته للبحث الناقد وتساؤلات الفكر دون أي قيود أو تقويم وفيما يمكن أن تؤسس نتائجه على مقدماته وغائبه على حاضره وكان ذلك جوهر الانعطاف الفكري والعلمي الحاسم في العصور الحديثة وحتى على الصعيد الفكري السياسي والاجتماعي ذاته فإن الانتقال الجذري لابن خلدون من طوبى جمهورية أفلاطون ومدينة الفارابي الفاضلة إلى تضاريس الأرض والبشر الحقيقي في تمخضات العصبية والقبلية والدولة يمثل بداية الانقلاب الفكري الذي يتحول في العالم الحديث تحولاً سياسياً واجتماعياً ملموساً لدى كثير من حركات التغيير الحديثة التي حسمت موقفها بالتعرف إلى ما هو كائن من أجل تطويرها بدل انتظارها الدهري للمخلص الذي سيرفعها بخوارقه إلى ما يجب أن يكون. ولدى ابن خلدون لقطة هامة جداً من المقدمة سنقرأها نصاً بعد قليل في تنبيه القرآن من العامة والفقهاء القائمين في تصورهم بتغيير المنكر إلى أن أحوال الدول قائمة ثابتة لا تغيرها إلى قوة العصائب والقبائل وموضعها وبطبيعة الحال المقصود قواعد التغيير الاجتماعي العامة من كل عصر من العصور ويشير إلى أن عدم إدراك هؤلاء لذلك لم يرهم إلى ما وراء التهلكة بحسب تعبيره وذلك لا يزال درساً ثميناً للدعوات الأيديولوجية والطوباوية كافة في العالم العربي، ممن كانت قد ألقت السمع وخشيت. وهذا جانب تناولته بتفصيل أكثر في كتابي (تكوين العرب السياسي) لمن يهمه الأمر ومن الأمثلة التي تبقى دون إجابة في دراسة ابن خلدون تحديد أساتذته الذين تأثر بهم حقاً في منهجه وفكره الجديد إذ يبدو أستاذاً لذاته قبل كل شيء. وبلا شك فإن ابن خلدون استقى من مفاهيم القرآن الكريم والسنة بشأن الحضارة والبداوة وإفساد الترف المؤدي إلى خراب العمران بحسب تعبيره وبالتنبيه القرآني للتأمل في سنن الأولين وقيام حضاراتهم ودولهم وسقوطها. ولكن سيبقى السؤال نفسه لماذا تفرد ابن خلدون وتميز وحده باستيحاء هذه المفهومات القرآنية والتعمق فيها دون غيره من علماء المسلمين قبل عصره وعلى مر العصور؟ ولعلّ عصره المضطرب وانشغاله العميق بأحداثه في سياقه التاريخي الممتد كان أكبر أساتذته كما أن احترافه العمل السياسي المباشر واحتراق أصابعه به في وقت شبابه قد حرك الفكرة عميقة لديه في البحث وراء اللهب الظاهر.
وقبل أن ندخل بشيء من التفصيل في وساطة ابن خلدون التي نفترض وجودها فكراً في مقدمته بين العروبيين والإسلاميين أي بين القومية والدين بصفة عامة لا بد من الإشارة إلى أن ابن خلدون، بحكم القضايا الكبيرة التي طرحها على مختلف الصعد الثقافية والفكرية والمنهجية، يمكن أن يوصل إليه بشكل أوسع وسيطاً بين التراثيين والحداثيين في الثقافة العربية المعاصرة. إنه الجسر الذي يمكن العبور منه وعليه جيئة وذهاباً على الضفاف بين الجانبين لأنه منغرس بعمق في أرضية تراثية ولأنه بفكره الثاقب يبدو حداثياً بامتياز ومن رواد التجديد في الفكر الإنساني بشكل مبتكر وأصيل، فقد كان ذلك النموذج الحي للسلفي التقدمي أو التقدمي السلفي. وهو نموذج لم تفرزه النهضة العربية الحديثة. وأعتقد جازماً أنه أعد مقاربة لقضية الأصالة والمعاصرة التي استهلكت وصرنا نخجل من اجترارها بترديد المكرور من الكلام عنها لا يمكن أن تسترد جديتها إلا عبر مقدمة ابن خلدون واستقرار تقرير دقيق له وهذا ما تبينه رجال نهضة عرب مستحدثون من مختلف مواقعهم وفتراتهم التاريخية من الشيخ محمد عبده إلى ساطع الحصري إلى طه حسين إلى عالم الاجتماع العراقي المتميز علي الوردي إلى المفكرين العرب المحدثين الذين يفكرون في العودة إلى ابن خلدون. وباختصار وكما قلت في مقالة ليس هنا موضعها فإن (مقدمة ابن خلدون) هو الكتاب المناسب لمحو أميتنا الحضارية التي هي من أخطر أنواع الأمية في هذا العصر. وذلك لأن (المقدمة) تسبر أعماق حضارتنا وشخصيتنا بلغة العقل، التي هي لغة العصر عصرنا هذا ولكن من داخل ذلك التراث وبلغته أيضاً: ومن النادر أن يتحقق ذلك في كتاب عربي قديم أو حديث ومن خلال هذه المقاربة المتواضعة والمحددة للفكر، فإني أتمنى على العروبيين والإسلاميين وعلى القوميين والدينيين أن يوقفوا جدلهم الشهير الذي لا ينتهي ويعطوا أنفسهم على الجانبين لحظة تأمل ويقرأوا معنا بقلب مفتوح وبفكر هادئ الأسطر التالية لابن خلدون ليكتشفوا أن القضية التي يعتكرون حولها بلا نتيجة قد حلها الرجل قبلهم وأنه من مقدمة قد حلها لصالحهم جميعاً أي لصالح المعسكرين المتناحرين معاً وأعطى كل ذي حق حقه وحدد لكل وظيفة دورها بكل تآلف ودون تنازع. لنقرأ معاً الأسطر التالية:
يقول تحت عنوان في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم ويضيف إن كل أمرئ يحمل عليه الكافة فلا بد له من العصبية ويضيف وفي الحديث الصحيح ((ما بعث الله نبيًّا إلا في منعة من قومه)) ويواصل بالنص وإذا كان هذا في الأنبياء وهم أولى الناس بخرق العوائد فما ظنك بغيرهم أن لا تخرق لهم العادة في الغالب في غير عصبية. ويقول: على الدعاة الطوباويين أو العصاميين الذين لا يدركون أهمية الروابط الاجتماعية والواقعية في نجاح الحركات السياسية ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء، فإن كثيراً من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدين يذهبون للقيام على أهل الجور ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك. وأحوال البلود والدول راسخة قوية لا يزحزحها ويهدم بناءها إلا المطالبة القوية التي من ورائها عصبية القبائل والعشائر وهكذا كانت حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوتهم إلى الله بالعشائر والعصائب وهم أي الأنبياء المؤيدون من الله بالكون كله لو شاء ولكنه أجرى الأمور على مستقى العادة. والله حكيم عليم.
ونلاحظ هذه اللمحة فما تعبير مستقى العادة إلا ثبات القانون الاجتماعي. فما أشبه الليلة بالبارحة كأن الرجل يشخص الأوضاع العربية والإسلامية اليوم ويأسف لهذه القطيعة بين المثل الدينية والقانون الطبيعي الذي قرره ولكن لنبق نحن مع نصوص (المقدمة) فلا يزال فيها الكثير من الحكمة لسائر الأوضاع.
بعد أن يقدم ابن خلدون أمثلة على إخفاق حلقات الفقهاء الصوفية التي لم تعتمد على عصبية طبيعية اجتماعية يخلص إلى التفكير والتحذير من سلوك طريق التهلكة دون بصيرة واقعية فيقول: وأمثال ذلك كثيرون والغلط فيه من الغفلة عن اعتبار العصبية في مثلها وعن إغفال دور الرابطة الطبيعية والقواعد الاجتماعية القادرة على الفعل في مثل هذه الأحوال. ثم ينتقل ابن خلدون إلى تقرير الوجه الآخر من هذه الحقيقة بعد أن قرأ وجهها الأول بمنهجه المتكامل (النظر دائماً إلى وجه المسألة وهو منهج ما زلنا في حاجة إلى تفصيله) يقول تحت عنوان: إن الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة الطبيعة التي كانت لها في عددها موضحاً كيف تسمو القيم الروحية في الرابطة الاجتماعية الطبيعية الموجودة والقائمة أصلاً وكيف توجهها إلى الطريق السليم حيث يقول نصاً: ذلك أن الصبغة الدينية تذهب بالتناقض والتحاسب الذي في أهل العصبية وتفرد الوجهة إلى الحق فإذا حصل لهم الاستبقاء في أمرهم لم يقف لهم شيء لأن الواجب واحد والمطلوب متساو عندهم. وهذا ما وقع للعرب في صدر الإسلام في الفتوحات. ويؤكد تضافر العاملين معاً: العامل الطبيعي الاجتماعي والعامل الروحي الذي يراد اصطناع حرب أهلية غير مبررة بينهما اليوم فيقول والتغلب إنما يكون بالعصبية واتفاق الأهواء على المطالبة (هذه نقطة) وجمع القلوب وتأليفها إنما يكون بمعونة من الله وإقامة دينية قال تعالى: لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ (الأنفال: 63) وسره أن القلوب إذا تداعت إلى أهواء الباطل والميل للدنيا حصل التنافس ونشأ الخلاف وإذا انحرفت إلى الحق اتحدت وجهتها واتسع نطاق الكلمة كذلك، فعظمت الدولة ذلك أن الرابط أو اللحمة الطبيعية الاجتماعية التي يطلق عليها ابن خلدون مصطلح العصبية تكون في الحقيقة بمثابة الوعاء الذي يملؤه. وطبيعة هذا الوعاء تتحدد بطبيعة هذا المحتوى الجوهري الذي ينطوي عليه كانطواء الجسد على الروح وسريان الروح في الجسد والجسد بلا روح مادة ساكنة والروح بلا جسد في عالم الطبيعة البشرية. وما ذلك المحتوى الجوهري الذي يعطي الرابطة الطبيعية حيويتها المهذبة المتسامية في نظر ابن خلدون سوى القيم الروحية التي تكون واضعاً لعصبية الأمة ومرشداً لحافزها الكوني لأن هذا الوازع يكون، على حد قوله، مزيلاً للغلظة والأنفة ومذمومات الأخلاق ودافعاً الأمة إلى الأخذ بمحمودها فتتألف كلمة القوم لإظهار الحق ويتم اجتماعهم ويحصل لهم التغلب. ويجدر بنا هنا أن نتوقف للتأمل بعناية في مصطلح الصورة العصبية الذي يستحكم ابن خلدون والذي يعتبر قضية محورية وركناً أساسياً في مذهبه الفكري وفلسفته التاريخية لا يحتدم ابن خلدون هذا المصطلح بمعناه الشاق أي معنى التعصب بالأنساب والتفاخر بالأحساب الذي كان شائعاً بين قبائل الجاهلية والذي نهى عنه النبي العربي بقوله: ((ليس منا من دعا إلى عصبية)). ابن خلدون يشير في سياق (مقدمته) إلى أنه لا يقصد هذا المعنى الظاهري للكلمة وإنما يعالج مفهوماً أعمق لها نستطيع إيضاحه بلغتنا المعاصرة على أنه الرابطة الاجتماعية الطبيعية التي تجمع بين مجموعة متجانسة من البشر بصلة الولاء وتدفعهم جميعاً إلى الحركة والفعل والبناء والدفاع عن النفس ضد عدوان الغير، وهذه الصلة أو الرابطة في نظره ليست مصطنعة ولا عابرة ولا مذمومة وإنما هي خليقة وفطرة ركبها الله سبحانه وتعالى في طبائع البشر وفطرهم عليها وجعلها قاعدة المجتمع ومحرك التطور التاريخي ودعاء الدعوات الدينية التي بعث به الله سبحانه لهداية البشر. ومعنى ذلك أن هذه الصلة الطبيعية ليست نقيضاً للدعوة الدينية وليست بديلاً عنها وإنما هي المادة الطبيعية الحاملة لقيمها ورسالتها والقوة التاريخية الاجتماعية المجسدة لمثلها وروحها في سياقها التاريخي العملي بما يتفق مع مقولة عمر الشهيرة ((العرب عاشق الإسلام)) أي إن الرابطة الطبيعية الاجتماعية العربية هي مادة الدعوة الإسلامية الروحية وقوتها المحركة لقيمها ومثلها في مجرى التاريخ الواقعي أو كما يستشهد ابن خلدون مراراً من الحديث النبوي الصحيح ((ما بعث الله نبيًّا إلا في منعة من قومه)) فالرابطة البشرية الطبيعية التي لا تستغني عن التسلح بها حتى دعوات الأنبياء المؤيدين من الله بالكون كله. هي إذاً هذه المنعة القومية التي نراها أصدق تعريف في مصطلح ابن خلدون العصبي. والواقع أن أسلوب ابن خلدون على علميته ودقته لم يسلم من بعض المزالق في انتقاء المصطلحات حيث استخدم مثلاً مصطلح (عرب) وهو يقصد (الأعراب) واستخدم مصطلح (عصبية) وهو يعني مفهوماً أقرب إلى (القومية) وعذره في هذا التعبير لم يتكرر بعد في زمنه للدلالة على الرابطة الاجتماعية الطبيعية بين المجموعات البشرية المتجانسة.
كما أنه كان ظاهرة فرعية غير مسبوقة في نطاق الفكر الاجتماعي العالمي عندئذٍ ولم يكن ثمة مناخ فكري عام تتحدث من خلاله المصطلحات والمفهومات العلمية والاجتماعية لينتقي منها ابن خلدون ما يلائم معانيه ومقاصده فكان يسبك مصطلحاته ويكتب مؤلفاته في الوقت ذاته. غير أن هذا لا يقلل إطلاقاً من أهمية وخطورة السبق الفكري الذي حققه ابن خلدون باكتشافه لدور الرابطة القومية في التاريخ بعامة ودورها الحيوي في نشر الرسالات الدينية بخاصة من خلال طرحه لمفهوم العصبية كمحرك تاريخي. والعصبية، إذا تجاوزنا مفهومها الجاهلي، هي تعبير لغوي صريح يتناسب وصراحة عالم التاريخ والاجتماع في وصفه للطبائع البشرية الواقعية حيث يكون التعصب ابن الحماسة القوية والولاء الشديد للرابطة الجامعة بين الوحدات الاجتماعية من قبائل وشعوب وأمم. وقد كان ابن خلدون دائماً ذلك العالم الاجتماعي الواعي الذي يسمي الأشياء بأسمائها دون قباطة. ونحن لو تتبعنا إشارات ابن خلدون إلى مفهوم العصبية في مختلف المواضع بمقدمته لما خامرنا الشك في أنه يتحدث عن مفهوم أقرب ما يكون إلى الرابطة القومية بمفهومها الحديث، هذا مع التحفظ والاحتراز بأنه قد أمسك وأرهص بمفهومها العام ولا يعني ذلك بالضرورة أنه سبق إلى مفهومها الحديث أي القومية من الجانب الاقتصادي أو الجانب الإيديولوجي المعاصر. إن ابن خلدون لم يكن يتحدث عن عصبية عشرية أو قبائلية. فحسب، بل أيضاً عن تطور هذا المفهوم وارتقائه إلى أن تحرر من رابطة النسب والقرابة في الدم وأضحى ولاء شعوبها لمجموعة أكبر تضم مجمل تلك القبائل والعشائر التي تكون أمة واحدة. وهو كعالم اجتماعي واقعي يرى أن هذه الصلة بدأت من الأصل كصلة رحم وصلة نسب دموي طبيعي وهو يقرر منذ بداية شرحه لمفهومه في العصبية أن نص صلة الرحم طبيعي في البشر وأن هذا منشأ تلك العاطفة الجماعية. انتهى نص ابن خلدون إلى أن العصبية هي صلة الرحم الطبيعي من البشر. إن هذا هو منشأ تلك العاطفة التعاونية الجماعية التي ملمسها بين أفراد الأسرة ثم العشيرة والقبيلة. وإن نزعة التعاطف الجماعي هذه نزعة طبيعية من البشر منذ كان.
ويقرر ابن خلدون أن هذا النسب السلالي أو الدموي لا يبقى على حاله من النقاء وعدم الاختلاط وذلك بسبب التزاوج والتصاهر والتفاعل بين العناصر البشرية المتخالطة فتتحول تدريجياً بفعل هذا الانصهار من رابطة نسب سلالي إلى رابطة نسب شعور عن نفس يقوم كما تقوم النفس على صلة الولاء. وأي ولاء هذا غير الولاء القومي الذي يربط اليوم بين المجموعات البشرية المتجانسة؟ في أي حال لا يدعنا ابن خلدون نخمن ونستنتج الأمور استنتاجاً ولا يترك كلمة الولاء مجردة بل سرعان ما يصف هذه الرابطة الجديدة المتولدة من رابطة النسب القديمة بأنها تحديداً في النص، اللحمة الحاصلة من الولاء بما يعطي مفهومه معنى الالتحام والتلاحم بين مجموع الأمة وذلك جوهر الرابطة القومية في حقيقة الأمر، ويضيف إلى ذلك أن هذه اللحمة الحاصلة من الولاء تبلغ من القوة وعمق الأثر في حياة الجماعة بحيث تصبح نصاً مثل لحمة النسب أو قريباً منها أي أيضاً تؤدي وظيفتها الأصلية في صهر عناصر الأمة ودفعها إلى التناصر والتكاتف مجتمعاً.
ويبلغ فكر ابن خلدون منعطفاً مهماً في معالجته هذه القضية عندما يتخطى نهائياً مفهوم العشائري القبائلية إلى المفهوم القومي ليقرر بوضوح وجلاء أن النسب أمر وهمي لا حقيقة له ونصه إنما هو من هذه الوصلة والالتحام. وهذا يتفق تماماً مع ما يذهب إليه علماء القومية المحدثون من أن شعور الأمة الواحدة في تحررها من نسب قديم واحد مشترك هو مسألة نفسية أكثر مما هي بيولوجية عرقية، وإن وظيفة هذا الشعور بالتحدر من نسب مشترك هو تقوية الصلة النفسية التعاطفية بين مجموع الأمة للتضافر على تحقيق أهدافها المشتركة وهي مترابطة متلاحمة بغض النظر عما إذا كان ذلك الشعور بالانتساب المشترك حقيقياً أم اعتبارياً. فوظيفة ذلك الشعور أو تبعه بحسب تعبير ابن خلدون، إنما هو في هذه الوصلة والالتحام بين أفراد المجموعة وطالما أنه يحقق هذه الوظيفة الحية في حياة الأمة فليس مهماً بقاء النسب القديم على حاله أو تحويله بحكم التخالط إلى وشيجة جديدة. وهذا ينطبق على تطور الأمة العربية التي تطور نسبها القديم بحكم اختلاط القبائل العربية بسكان الأقاليم العربية الأخرى وتداخلت أصولها بحيث أصبحت الرابطة العربية هي هذا الشعور المشترك بالانتماء أو هذه اللحمة الخالفة من الولاء بما يتجاوز الأنساب العشائرية القديمة فهذه الأنساب قد صبت في الرافد الكبير وانصهرت في بوتقة مشتركة بعد أن كانت بحسب تعبيرها بيوتات متفرقة وعصبيات متعددة فلا بد من عصبية تكون أقوى من جميعها تغلبها وتستتبعها وتلتحم جميع العصبيات فيها وتصير كأنها عصبية كبرى واحدة. وليس أقرب إلى هذه العصبية الكبرى الواحدة من الرابطة القومية التي تغلف العصبيات المتفرقة المتعددة وتستتبعها وتلحمها في لحمة واحدة أكبر منها. وكما رأى مؤرخ القومية أن هذه العصبية الكبرى الواحدة تستلزم قيام سلطة سياسية مركزية كتعبير عن وحدة عناصر الأمة وانصهار قواها المتعددة المستقلة سابقاً عن كيان متحد برئاسة واحدة فإن ابن خلدون يصف هذه الظاهرة أيضاً ويربط بين نشوء العصبية الكبرى والتوحد السياسي المركزي بما يحوي أنه مدرك لأهمية الوحدة السياسية كنتيجة لنشوء الكيان القومي المشترك يقول:
((إن العصبية العامة للقبيل هي مثل المزاج للمتكوّن والمزاج إنما يكون عن العناصر وقد تبين في موضعه أن العناصر إذا اجتمعت متكافئة فلا يقع منها مزاج أصلاً بل لا بد أن تكون واحدة منها هي الغالبة على الكل حتى تجمعها وتصيرها عصبية واحدة شاملة لجميع العصائب وهي موجودة في ضمنها وتلك العصبية الكبرى إنما تكون لكون أهل قمة ورياسة ولا بد أن يكون واحد منهم رئيساً لهم غالباً عليهم فينفرد بذلك المجد بكلية وقد يتم ذلك للأول من ملوك الدولة وقد لا يتم إلى الثاني والثالث على قدر ممانعة العصبيات وقوتها إلا أنه لا بد منه في الدول سنة الله التي قد خلت في عباده.
هكذا تبدأ هذه الفقرة بلغة كيماوية عناصر المزاج المتكوّن لتأصيل حقائق السيسيولوجية العلمية في الفكر الاجتماعي ثم تنتهي بعفوية مدهشة بقاعدة قرآنية ثم إن هذا الإدراك يصل في الربط بين حتمية السلطة المركزية الواحدة ونتيجة التوحيد القومي يسبق ظهور الملوك القوميين الموحدين في فرنسا وبريطانيا والأمم المتحدة وأمم قومية أخرى الذين قصروا عصبيات الإقطاع وصهروها في كيان واحد وكانوا رموز هذه الرابطة الجميلة.
وقد استطاع ابن خلدون استنباط هذا القانون من فهمه لجذور الظاهرة القومية التي انعكست من تاريخ الإسلام بقيام دولة العرب الإسلامية الأخيرة ودولة الكرد الإسلامية ودولة الترك الإسلامية وهي المصطلحات التي استخدمها للتعبير عن دور كل قومية من القوميات الإسلامية في إنشاء دولتها ثم انحلال هذه الدولة لتحل محلها دولة أخرى لقوم آخرين ضمن السياق العام للتاريخ الإسلامي وهو يربط هنا بوضوح أيضاً بين عمر كل دولة قومية وبين القوة العصبية التي تقوم عليها لأن عمر الحادث، كما يقول، من قوة مزاجه أي من قوة المزج بين عناصره ومزاج الدول إنما هو بالعصبية فإذا كانت العصبية قوية كان المزاج تابعاً لها وكان أمد العمر طويلاً. وانظر ذلك من دولة العرب الإسلامية كيف كان أمدها أطول. وهو يقارب هنا مفهوم الحيوية القومية كما استخدمه أحد التربويين المحدثين الذي تمثل قوة الدفع لأعمار الأمم وحولهم القومية وبنظرة شاملة تتخطى الأسر والعشائر والأنساب.
يرى ابن خلدون أن بني أمية وبني العباس وبني أمية في الأندلس يمثلون جميعاً ما أسماه دولة العرب الإسلامية التي يحدد من خلالها تاريخاً واحداً يشمل مختلف أسرها الحاكمة فيقول ولم ينقصه أمر جميعهم. أعني أمر جميع العرب، إلا بعد الأربعمائة من الهجرة أي إن دولة العرب الإسلامية امتدت إلى أربعة قرون هن الأربعة قرون الأولى من صدر الإسلام، وهو يرى من ظهور الخلفاء الذين وحدوا الدولة، سواء من بني أمية أو بني العباس مظهر العصبية الكبرى التي استدعت ظهور الرياسة الواحدة لقيادة دولة العرب الإسلامية باعتبار ذلك بحسب قانون السلطة المركزية للأمة الواحدة ليقول: إنه أمر لا بد منه في الدول. ثم يعقب على ذلك: فلم يزل الملك في أعقابهم إلى أن انقرضت دولة العرب بأسرها. وابن خلدون يتحدث عن انقراض دولة العرب بأسرها بينما هناك دول عديدة قائمة في العالم العربي والإسلامي تقودها قوميات أخرى كالبربر والترك وغيرهم دون أن يرى في هذه استمرارية لتلك وهذا يعني أنه لم ينظر للتاريخ الإسلامي نظرة مثالية تعتبر دوله المتتالية استمراراً لدولة إسلامية واحدة يحكمها الدين، وإنما نظر إلى ارتباط تلك الدول بالقوميات التي أقامتها، فتعتبر دولة العرب منقرضة بالرغم من استمرار الدول الإسلامية في حكم العالم العربي. ونظر إلى خصائص كل دولة من خلال خصائص الأمة القومية التي أقامتها ثم نظر إلى الدول من مجموعها من زاوية الاستمرارية الإسلامية والمثل الدينية العامة التي تفاعلت معها كل أمة قومية أي إنه لم يلغ الاستمرارية الدينية بل نظر إلى الدول من منظار آخر من زاوية الاستمرارية الإسلامية والمثل الدينية العامة، يقول: لتنتقل الحضارة من الدول السالفة إلى الدول الخالفة فنقلت حضارة الفرس للعرب بنو أمية وبني العباس، وانتقلت حضارة بني أمية بالأندلس إلى ملوك المغرب من الموحدين وانتقلت حضارة بني العباس، إلى الديلم ثم إلى الترك ثم إلى السلجوقية ثم إلى الترك للمماليك بمصر والتتر بالعراقين. (انتهى النص) هكذا تتحدى العقول والحضارات والدول بدخول أقوام جدد وعصبيات جديدة إلى ساحة التاريخ. ومع أن هؤلاء الأقوام يدينون جميعاً بديانة واحدة ولكن العبرة من طبيعة الأمة القومية التي تحمل هذه الرسالة وكيف تتفاعل مع موصلها وتعطيها بالمقابل من روحها مرة أخرى.
في موضع آخر حول هذه المسألة الدقيقة في فكرنا يقول: ثم جاء الإسلام بدولة مضر فانقلبت تلك الأحوال أجمع أي الأحوال السابقة لهذه الدولة انقلابة أخرى ثم درست دولة العرب وصار الأمر في أيدي سواهم من العجم مثل الترك بالمشرق والبربر بالمغرب والفرنجة بالشمال فذهبت بذهابهم الأمم وانقلبت أحوال وعوائد نسي شأنها وأعقل أمرها. فانقلاب الأحوال والعوائد راجع إذاً إلى تحول الأمر من العرب إلى الترك إلى البربر أي لعامل الاختلافات القومية. ثم نلاحظ أن ابن خلدون يضع الفرنجة وهم غير مسلمين في كفة العجم والترك المسلمين ويضع العرب مقابل هؤلاء جميعاً في كفة أخرى في مجال تدليل على أن تغير الأحوال وانقلاب العوائد مرجعه في التحليل النهائي إلى حلول أقوام محل أقوام وعصبيات محل أخرى وليس لمجرد تغير الديانة و استمرارها نعتقد أن في ذلك ما يكفي للتدليل على أن ابن خلدون قد أعطى العامل القومي كعامل طبيعي اجتماعي تاريخي أهميته ودوره المشروع، ولكن لا بد من ذكر أن ابن خلدون كان فقيهاً أيضاً وكان قاضياً من قضاة المالكية في مصر. وأنه كان قد تولى هذا المنصب القضائي الرفيع عندما هاجر من تونس إلى مصر. وكما ألمحنا في البداية فإن ابن خلدون أيضاً نقض الفلسفة الميتافيزيقية لصالح الفكر الاجتماعي الواقعي والعلوم الواقعية الأخرى. كل ذلك يعني أن ابن خلدون قد استطاع أن يجمع ويوفق بين إيمانه الديني الراسخ وعلمه الديني الواسع وبين أفكاره العلمية الاجتماعية في العامل القومي الاقتصادي ومفهموهما دون أن يجد لأصالتهما في الجانبين أن أحدهما ينظم الآخر أو يخالفه. وهو كلام من السهل أن نقوله ولكن من الصعب أن نبتكره في أنماط جديدة من الفكر.
والخلاصة التي نصل إليها من خلال هذا البحث أن القومية عامل تحدتّه السنة الكونية الإلهية في واقع البشر ولكن القومية ليست ديناً وليست عقيدة ولا يمكن أن تعبد ذاتها أو تألف ذاتها وإلا تحولت إلى نازية بل عليها أن تبحث عن عقيدة تلائمها وقيم روحية تتسق مع جوهرها وطبيعتها. والعروبة بعدئذٍ تؤكد خلقه كواقع طبيعي واجتماعي فليس لها غير الجوهر الإسلامي تتسق منه إيمانها وإسلامها ومفهومها ومحتواها علماً بأن الجوهر الإسلامي من العمق والسعي والخصوبة بحيث يتقبل مختلف الاجتهادات المخلصة والصيغ المتعددة المتجددة. والدعوة الدينية الأصيلة لا بد لها من البحث عن منعة قومية تتلاءم معها وإلا ظلت أحلاماً ومثلاً بعيدة عن الواقع وإنكارها لحقيقة القومية على الأرض العربية لن يقرب من ساعة انتصارها بل سيجعلها غريبة وعلى تناقض مع القانون الطبيعي الذي وضعه الله في واقع الجماعات الإنسانية كما علمنا ابن خلدون. ومرة أخرى يقول إن الشرائع والديانات وكل أمر يحمل عليه فلا بد فيه من العصبية إذ المطالبة لا تتم إلا بها، فالعصبية ضرورية للملة وبوجودها يتم أمر الله بنا. هذا من ناحية ولكن من الناحية الأخرى أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصفة دينية من نبوة أو ولاية أو من أثر عظيم من الدين على الجهال. فهل نستطيع أن نجد في الرسالة الخلدونية بوجهيها ما يساعدنا على وضع الأمور في نصابها دون تلفيق مخل من ناحية ودون اجتذاب أحادية الجانب من ناحية أخرى؟ لا أعتقد أننا سنفعل ذلك وشكراً لكم..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :644  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 103 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.