((موسم الهجرة إلى الشمال))
|
حوارية الراوي ومصطفى سعيد |
بقلم: فخري صالح
|
لا أعرف رواية عربية أثارت من الجدل والأسئلة مثلما أثارته رواية الطيب صالح (موسم الهجرة إلى الشمال) التي ظلت خلال ما يزيد على ربع قرن من الزمان هدفاً للتحليل والتساؤل حول الرسالة التي تحملها وطبيعة العلاقة بين بنيتها الروائية ومحمول هذه البنية. مثلها مثل رواية جيمس جويس ((يوليسيز)). استطاعت ((موسم الهجرة إلى الشمال)) أن تستثير كماً هائلاً من التحليلات والقراءات الانطباعية والدراسات والنصوص السابرة المتفحصة والأسئلة التي تدور بخطابها وصوت الراوي بما يروي عنه إلى الحد الذي تجمع لدينا تراث نقدي ضخم متصل بهذه الرواية المثيرة للجدل أكثر من غيرها من الروايات العربية التي كتبت خلال نصف القرن الماضي. |
تبدو (موسم الهجرة إلى الشمال) مبنية بطريقة تهدف إلى إثارة الالتباس لدى القارئ وتأجيج نار الصراع في الرواية إلى الدرجة التي تنتقل فيها عدوى القلق وافتقاد الأجوبة إلى داخل عدد من الشخصيات الروائية المركزية في ((موسم الهجرة)). |
تبدأ الرواية بصوت الراوي، لا بصوت ((مصطفى سعيد))، حيث يصف الراوي المشارك، (بمعنى أنه شخصية من شخصيات الرواية في الوقت الذي يكون فيه راوياً أيضاً)، رحلة عودته إلى الوطن بعد انتهاء الدراسة. وتذكرنا هذه البداية بعدد من الروايات الأخرى التي عالجت رحلة الدراسة في الغرب وانعكاسات هذه الرحلة على حياة الشخصيات الروائية التي وصفت تجربتها في لقاء الغرب بالشرق عبر نصوص روائية شخصت هشاشة الشرق في حضرة الغرب بتفوق. لكن هذه البداية الملتبسة لا تلبث أن تحيلنا بعد عدد قليل من صفحات إلى حكاية ((مصطفى سعيد))، ذلك الرجل الغامض الذي ظهر فجأة في قرية منسية من قرى السودان. إن الراوي الذي ظهر في الصفحة الأولى من العمل ليقص حكاية عودته من الدراسة يتحول إلى عين مراقبة، إلى مجرد راوٍ مشارك تغير حكاية مصطفى سعيد من طبيعة نظرته إلى العالم وتبلبل السكينة التي كان يتمتع بها بالرغم من أنه، مثله مثل مصطفى سعيد، كان طالباً في الغرب في المدة التي كانت فيها بريطانيا تحتل وطنه. |
يقوم الراوي في (موسم الهجرة إلى الشمال)، إذن، بدور المتلقي الأول للحكاية.. إنه بمثابة العينة الاختبارية الأولى التي يعمل الكاتب على تفحص تأثير مادته الروائية في ضوء ردود أفعالها. وبدلاً من أن يقوم الراوي بإفساح المجال لمصطفى سعيد لكي يروي حكايته فإن صوته يعمل على تقطير الحكاية وتقطيعها وجعلها جزءاً من سياق الحكاية الشخصية للراوي نفسه. إن هذا الأسلوب في السرد، والتصاق الراوي بالمروي عنه، يذكّر المرء بعلاقة مارلو بكيرتز في (قلب الظلام) لجوزيف كونراد، حيث تصل إلينا حكاية بكيرتز من خلال صوت مارلو ووعيه للحكاية. توفر هذه التقنية الأسلوبية، أي إيصال الحكاية عبر راوٍ مشارك يقص على القارئ انعكاسات حكاية الشخصية عليه هو نفسه، نوعاً من التشويق واستثارة فضول القارئ، إضافة إلى ما توفره من بنية تقوم فيها رؤيتان للعالم: رؤية ((مصطفى سعيد)) لطبيعة الصراع مع الغرب، ورؤية الراوي إلى طبيعة هذا الصراع من خلال حكاية مصطفى سعيد لا من خلال تجربته الشخصية في أثناء سني دراسته في بريطانيا. والمثير في هذه التقنية الروائية هو أنها تضمن توتر وعي القارئ مثل قوس على مدار صفحات الرواية، ولعلّ تلك العلاقة التي أقامها الكاتب مع قارئه هي ما أعطى (موسم الهجرة إلى الشمال) قوة دفعها الثابتة وقدرتها على استقطاب اهتمام القراء طيلة ما يزيد على ربع قرن. لا أريد القول بالطبع إن أهمية ((موسم الهجرة)).. تنبع مما توفره من عنصر تشويق وقدرة على شل انتباه القارئ وتعليق حواسه بما يرويه له الراوي، لأن أية رواية بوليسية تستطيع أن تفعل ذلك، ولكن ما أريد قوله هو إن طبيعة العلاقة بين الراوي والمروي عنه (مصطفى سعيد) هي التي تحدد كيفية تشكل هذا العمل الروائي، وكيف يؤثر هذا العمل الروائي بقارئه، وطبيعة الرسالة التي يحملها النص. وهكذا تعمل الصفحات الأولى التي يروي فيها الراوي عن عودته من أوروبا، بعد انتهائه من الدراسة، على تدشين علاقة ملتبسة بالقارئ. سيفترض استناداً إلى كلام الراوي عن عودته أن الراوي هو الشخصية المركزية التي تتكلم عن تجربتها في الرحيل والعودة والشوق الجارف إلى الاندراج في حياة القرية التي غاب عنها سبعة أعوام على وجه التحديد للدراسة في أوروبا. لكن هذه العلاقة بالقارئ ستظل ملتبسة إلى الصفحات الأخيرة من الرواية لأننا لا نصادف في رواية الراوي أية إشارات إلى أيام الدراسة، إلى أوروبا وطبيعة عيشه فيها. كان الراوي يؤثر بذلك أن يحكي حكاية مصطفى سعيد التي استطاعت أن تغيره أكثر مما غيرته رحلة الدراسة. وبالرغم من ذلك فإن الراوي يقدم في الصفحة الأولى من الرواية إشارة غامضة إلى وعيه بالغرب وتجربته الذاتية خلال الدراسة، إشارة إلى نفوره من الغرب وحنينه الدائم الملح الذي كان يشده إلى العودة: |
((عدت إلى أهلي يا سادتي بعد غيبة طويلة، سبعة أعوام على وجه التحديد، كنت خلالها أتعلم في أوروبا. تعلمت الكثير، وغاب عني الكثير، لكن تلك قصة أخرى. المهم أنني عدت وبي شوق عظيم إلى أهلي في تلك القرية الصغيرة عند منحنى النيل. سبعة أعوام وأنا أحن إليهم وأحلم بهم، ولما جئتهم كانت لحظة عجيبة أن وجدتني حقيقة قائماً بينهم، فرحوا بي وضجوا حولي، ولم يمض وقت طويل حتى أحسست كأن ثلجاً يذوب في دخيلتي، فكأنني مقرور طلعت عليه الشمس، ذاك دفء الحياة في العشيرة، فقدته زماناً في بلاد ((تموت من البرد حيتانها)) (ص: 5). |
إذا كان ((المتكلم في الرواية))، بحسب ميخائيل باختين ((هو، دائماً، وبدرجات مختلفة، منتج أيديولوجيا وكلماته هي دائماً عينة أيديولوجية)) فإن الراوي في (موسم الهجرة إلى الشمال) يحدد في الصفحة الأولى من الرواية طبيعة النظرة إلى العلاقة بالغرب. إن الراوي، على الرغم من أنه يقول لنا: إن قصته هي ((قصة أخرى))؛ ينقل إلينا في عبارة مكثفة حكمه على علاقته بالغرب الذي تموت حيتانه من البرد. ثمة رغبة عارمة داخل الراوي لصرف النظر عن حكايته الشخصية، وهكذا فإنه سرعان ما يقفز في الصفحات التالية باحثاً عن سر مصطفى سعيد الذي لفت انتباهه بين المستقبلين وجه لا يعرفه لكن صمته يثير الفضول. يوفر هذا الصمت اللافت وامتناع مصطفى سعيد عن سؤال الراوي عن أوروبا كبقية أهل البلد تحفيزاً خاصاً لمسير الحكاية. بدءاً من هذا المشهد سيعمل الراوي على فض السر الذي يتعلق حول هذا الرجل المجهول الغريب عن القرية والذي يبدو شديد الاختلاف عن أهل البلد. إن مصطفى سعيد يدخل مسرح الأحداث بطريقة تهيئ لنسيان حكاية الراوي الشخصية، التي يجري إهمالها من قبل الراوي نفسه لصالح حكاية مصطفى سعيد التي تبدو أكثر إثارة وقدرة على توجيه أحداث الرواية. يتراجع الراوي المشارك إذن إلى خلفية المشهد لتبدأ حكاية مصطفى سعيد في الاستئثار باهتمام القارئ. وفي انزياح الحكاية عن مسارها تعبير عن رغبة الكاتب في إقامة علاقة توتر بين الراوي وما يروى عنه، وذلك من خلال تقديم حكم الراوي على علاقته بأوروبا، كما رأينا في الصفحة الأولى، ثم امتناع الراوي عن إخبارنا بقصته مفضلاً متابعة حكاية مصطفى سعيد الذي انكشف له بالصدفة عندما بدأ يستظهر أبياتاً شعرية إنجليزية. |
إن الكاتب، في ترتيبه لأحداث قصته، يقلب صفحات الحكاية بطريقة تخلق توتراً مدهشاً في العلاقة بين الراوي ومصطفى سعيد وبين ما يرويه الراوي والمتلقي. وفي هذه البؤرة من التوتر والرغبة في معرفة الحكاية تتكشف للراوي والقارئ معاً تراجيديا مصطفى سعيد وحياته السابقة التي تلقي بظلها القاتم على أيامه الأخيرة التي فضل أن يعيشها في تلك القرية النائية من قرى السودان. لكن المثير للانتباه هو أن الراوي نفسه يعمل على تقطيع الحكاية إلى أجزاء ويمررها إلى القارئ بطريقة تجعل الأخير أسيراً للراوي وكيفية نظره إلى عناصر الحكاية. ها هنا إذن يعمل الكاتب على تقطيع الحكاية مرتين: مرة بحيث يعيها الراوي، ومرة أخرى إذ يجعل الراوي يقوم بتقطيعها وروايتها للقارئ. |
هناك إذن طبقتان للحكاية في (موسم الهجرة إلى الشمال): الطبقة الأولى هي تلك التي تتشكّل في وعي الراوي، والطبقة الثانية هي التي تتشكّل في وعي القارئ.. ويتيح هذا النوع من التوزيع وتصفية مادة الحكاية لخيال القارئ بأن يؤدي دوراً فاعلاً في إعادة ترتيب شذرات الحكاية. إن قارئ الطيب صالح يشكل معه معنى النص، إنه يشترك معه في تحديد معنى الرسالة التي تتصفى من خلال راوٍ منحاز ضد الغرب منذ الصفحة الأولى في الرواية. |
لا نستطيع في هذا السياق أن نقول: إن الكاتب مختبئ خلف الراوي وإن هناك تطابقاً بين وجهة نظر الكاتب ووجهة نظر الراوي. هناك منشور يصفي الحكاية من خلال صوت الراوي دون أن يكون هناك تطابق بين وجهات النظر الثلاث المتمثلة في وجهة نظر مصطفى سعيد ووجهة نظر الراوي، وأخيراً وجهة نظر الكاتب. تبدو وجهة نظر مصطفى سعيد، بالرغم من مرورها بمصفاة الراوي، بارزة ومهيمنة وتتمثل في نزعة جبرية للرد على غزو الغرب الاستعماري للشرق بصورة مواربة.. فمن خلال النساء الإنجليزيات يعتقد مصطفى سعيد أنه يحقق الانتصار، ومن خلال الكتابة عن اقتصاد الاستعمار يظن مصطفى سعيد أن حربه ضد الاستعمار تنتهي. لكن هذه الدائرة الجهنمية من شكل العلاقة مع المستعمر تنتهي بالموت والقتل، موت النساء اللواتي ((احتل أجسادهن)) و ((مزق أرواحهن)) وقتله ((جين مورس))، ثم موته الملتبس الذي لا نعلم إن كان حصل أم لا. |
إن نظرة مصطفى سعيد إلى طبيعة الصراع مع الغرب تبدو محكومة بالتجربة الاستعمارية برمتها، بالرغم من أن الرواية لا تهتم كثيراً بإيراد هذا النوع من التفاصيل المتعلقة بالتجربة. ومع ذلك فإن إدراك مصطفى سعيد المحموم لعمق الصدمة الاستعمارية يدفعه إلى اختيار سلاح غريب لإشعال الحرب في عقر بيت المستعمر! وتؤدي عناصر الحرمان والعداء التاريخي للغرب والاصطدام المباشر بالرؤية الاستعلائية للمستعمر في تأجيج هذه الحرب الطقسية التي يخوضها مصطفى سعيد في ساحة معركة وقودها النساء. |
أما وجهة نظر الراوي فإنها تبدو وكأنها تمر بنوع من الشحذ على خلفية حكاية مصطفى سعيد. فبينما نشهد في الصفحات الأولى للرواية نفوراً من أوروبا التي ((تموت من البرد حيتانها))، أوروبا التي صبت ((ثلجاً)) في ((دخيلة)) الراوي، فإننا نلاحظ لدى الراوي فيما بعد تفتحاً للوعي بعلاقته المعقدة الباردة بأهله. ينسف مجيء مصطفى سعيد الطمأنينة الهشة التي كان يتمتع بها من خلال إيمانه بعدم تلازم الشرق والغرب في الثنائية التاريخية الشهيرة. يسأل الراوي نفسه: |
((هل كان من المحتمل أن يحدث لي ما حدث لمصطفى سعيد؟ قال إنه أكذوبة؟ فهل أنا أيضاً أكذوبة؟ إنني من هنا. أليست هذه حقيقة كافية؟ لقد عشت أيضاً معهم، ولكني عشت معهم على السطح، لا أحبهم ولا أكرههم)) (ص: 52). |
هل الراوي إذن هو الوجه الآخر لمصطفى سعيد؟ |
يطرح الفصل الأخير من الرواية معضلة على القراءة. إن صوت الراوي ملتبس وعلامة التباسه أننا لا نعلم علم اليقين فيما إذا كان هذا صوت الراوي أم صوت مصطفى سعيد. هناك في الحقيقة إشارات قليلة تحيل على صوت الراوي (الإشارة إلى الحريق الذي أراد الراوي إشعاله في غرفة مصطفى سعيد وعدوله عن ذلك، الإشارة إلى كون المتكلم ترك مصطفى سعيد يتحدث ((في الأوراق أم في الحقيقة؟ إن هذا التباس آخر))، الإشارة إلى قبرها ((قبر حسنة بنت محمود)).. الخ ص: 168). |
كل هذه الإشارات لا تمنع القول بأن ثمة غموضاً في هذا الفصل يعود إلى امتزاج صوت الراوي بصوت مصطفى سعيد. يلخص هذا الفصل الحلول المقترحة على مدار العمل الروائي لهذه التراجيديا المعقدة التي يصرخ فيها مصطفى سعيد: ((أنا لست عميلاً. أنا أكذوبة)) (ص: 37). إن صوت الراوي الملتبس يروي لنا حدث إعادة الرحلة، تلك الرحلة التي يعاد تمثيلها رمزياً في النهر الذي يتجه شمالاً وجنوباً. ليس الحديث في هذا الفصل مقتصراً على الغرق والنجاة منه، أو الانتحار والعدول عنه، بل إنه ينصبُّ على تقديم حل لهذه المعضلة المعقدة التي طرحتها الرواية، على حل عرى الحبكة القصصية التي انشبكت منذ الصفحات الأولى للرواية. |
تبدو شخصية مصطفى سعيد في هذا السياق وكأنها حلت في شخصية الراوي أو كأن جرثومة هذه الشخصية قد أصابت بعدولها الراوي الذي رأيناه ساكناً مطمئناً قبل تعرفه على مصطفى سعيد وقصته. ويوفر التباس الضمائر في هذا الفصل جدلاً لخيار الراوي وخيار مصطفى سعيد. وبما أن الرحلة إلى الشمال يعاد تمثيلها رمزياً في الفصل الأخير من الرواية، فإن كلام الراوي عن السباحة ((نحو الشاطئ الشمالي)) وعزمه ((على بلوغ الشاطئ الشمالي)) (ص: 169) وتلفته ((يمنة ويسرة)) فإذ هو ((في منتصف الطريق بين الشمال والجنوب)) لا يستطيع و ((لن)) يستطيع ((العودة)) (ص: 169)، كل ذلك يعبر عن محاولة إيجاد أجوبة لأسئلة العلاقة بالغرب والهوية والعلاقة بالذات والآخر، وهي الأسئلة التي لم يستطع مصطفى سعيد في رحيله إلى الشمال وعودته التراجيدية إلى الجنوب أن يجيب عنها.. ولا أعتقد أن راوي الفصل الأخير الملتبس قد استطاع الإجابة عنها. لقد اكتفى بحلٍّ آني سريع: |
((سأحيا لأن ثمة أناساً قليلين أحب أن أبقى معهم أطول وقت ممكن ولأن علي واجبات يجب أن أؤديها. لا يعنيني إن كان للحياة معنى أو لم يكن لها معنى. وإذا كنت لا أستطيع أن أغفر فسأحاول أن أنسى. سأحيا بالقوة والمكر)) (ص ص: 170 ـ 171). |
لكن في أي سطر نستطيع أن نعثر على وجهة نظر الكاتب، في تضاعيف أي صوت، في أي إيماءة أو تصريح، أي شخصية من الشخصيات هي الأكثر قرباً من صوت المؤلف؟ |
إن من الصعب الإجابة عن هذه الأسئلة في (موسم الهجرة إلى الشمال) لأن العالم الروائي مقسوم بين الراوي ومصطفى سعيد. كلاهما يروي، لكن الراوي يعيد تقطيع كلام مصطفى سعيد ويدخل حكاية مصطفى سعيد في حكايته الشخصية. |
أما المؤلف فيكتفي بترك الحوار دائراً بين هاتين الحكايتين علّه يجد الجواب عن الأسئلة المطروحة في قراءات المتلقين. ولربما يكون هذا الشكل من أشكال العلاقة بين الراوي والمروي عنه هو الذي جعل (موسم الهجرة إلى الشمال) هدفاً دائماً للتحليل الخصب الذي يعيد قراءة هذا العمل الروائي المثير للجدل وكأنه يُقرأ للمرة الأولى. |
|