معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية |
منذ البداية كانت هناك اقتراحات عديدة للحدّ من انتشار الأسلحة النووية.. وفي ذلك الوقت في عام 1945 كانت الدولة الوحيدة التي تمكنت من إنتاج السلاح النووي هي الولايات المتحدة، لم يكن ممكناً أن يوافق الاتحاد السوفياتي على أن يسير في موضوع الحدِّ من الانتشار النووي بل كان لا بد من أن يضاهي الولايات المتحدة، وفعلاً سار في هذا الطريق ولحقت به المملكة المتحدة وفرنسا والصين. |
بدأت الجهود الحقيقية لمنع الانتشار النووي في عام 1958 ـ 1959 وكان الرائد في هذا المجال دولة صغيرة هي آيرلندة، فكلنا نعرف أن في مجال العلاقات الدولية هناك دول صغيرة في العالم أحياناً تحب أن تؤدي دوراً في مجال من المجالات، فهنا انتهزت آيرلندة الفرصة وتقدمت باقتراحات عديدة لمنع هذا الانتشار. مما أدى إلى قرار شهير يسمى بالقرار الإيرلندي، الذي يتضمن مبدأ عدم الانتشار كما نفهمه اليوم، وهو ألا تعطي الدول النووية السلاح النووي إلى أي دول أخرى وألا تسعى الدول الأخرى غير النووية للحصول على هذا السلاح من الدول الحائزة عليه أو بالجهود الذاتية. |
في عام 1958 ـ 1959 لماذا اشتدت الحملة لمنع الانتشار النووي؟ لأنه كان هناك خوف في هذا الوقت مترقبين أن فرنسا سوف تفجر، وقد فجرت فعلاً في الجزائر. والصين كانت ستفجر، وفعلاً فجرت عام 1964 وبعد ذلك الهند فجرت التفجير النووي السلمي عام 1974، وكان معروفاً في ذلك الوقت أن إسرائيل تعمل في هذا المجال بمساعدة من فرنسا. |
عام 1965 قدم أول مشروع روسي، وتقدمت أمريكا بعد ذلك بمشروع خاص بها، وبعد ذلك تضامنت أمريكا والاتحاد السوفياتي وتقدما بمشروع واحد إلى مؤتمر نزع السلاح في جنيف. وحدثت تعديلات كثيرة على هذه المشروعات وأخيراً فتح باب التوقيع على المعاهدة في عام 1968 واتخذت دور النفاذ في مارس عام 1970. |
دول كثيرة وقعت على المعاهدة ومنها الدول النووية الخمس بما فيها فرنسا التي انضمت إلى المعاهدة العام الماضي 1992 بعد تردد كبير، وأصبحت الدول الموقعة على المعاهدة اليوم 158 دولة. |
لماذا انضمت هذه الدول؟ لأن بعضها رأى أن الأمن يتحقق لها أكثر بعدم الدخول في الانتشار النووي وبعضها أراد أن يستثمر في مفاعلات القوى واكتشف أنه لا يستطيع الحصول على مفاعلات القوى دون الانضمام للمعاهدة باشتراط الدول المصدرة للتغذية. |
إرتأت بعض الدول أنه يمكن أن يكون الانضمام للمعاهدة خطوة نحو إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية في الأقاليم المحتلة، ولم ينضم للمعاهدة بعض الدول التي يخشى منها في هذا المجال وهي إسرائيل، الهند، باكستان، الأرجنتين والبرازيل، مع أن الأرجنتين والبرازيل يتبادلان التفتيش فيما بينهما لقلة مخاطر الانتشار في الأرجنتين والبرازيل، كما أنهما كان يهمهما في البداية استخدام المتفجرات النووية في الاستخدامات السلمية مثل شق القنوات، كما كانتا تفكران في شق قناة بنما جديدة تكون مستوية مثل قناة السويس وليس بها (هواويس) مثل الموجودة الآن في قناة بنما الحالية. |
أي كانت هناك مشروعات كثيرة ولكنها ألغيت وبالتالي فإن الأرجنتين والبرازيل لا توجد خطورة الآن منهما. |
ومع ذلك هناك دول منضمة للمعاهدة ويخشى منها لأن الانضمام للمعاهدة لا يعني أن الدولة أصبحت لديها شهادة صحية بأنها دولة لا تطمح في السلاح النووي. وإنه تحت ظل المعاهدة وحماية المعاهدة يمكن للدولة أن تطور إمكانياتها النووية إلى حد ما ثم تخرج من المعاهدة. |
المهم أن هناك دولاً ما زالت مصدر قلق مثل كوريا الشمالية، لأن كوريا الشمالية كانت قد ماطلت بعض الوقت من موضوع التفتيش. |
جنوب أفريقيا التي انضمت أخيراً للمعاهدة كانت أيضاً مصدر قلق كبير جداً في أفريقيا ومازال الأمر تحيط به مخاطر كثيرة لأنه لا بد من أن يتأكد أن جنوب أفريقيا تخضع لتفتيش محكم. |
العراق خاضع للتفتيش المحكم في رأي الوكالة، أما جنوب أفريقيا فلا بد أيضاً من إحكام التفتيش عليها والتأكد من أن ليس هناك أي تعاون بينها وبين إسرائيل. |
المعاهدة فيها نصوص عديدة لتسهيل الأمر وهي باختصار تعكس المبدأ الآيرلندي عام 1961 وهو منع الانتشار الأفقي لأنها لا تمس منع الانتشار الرأسي. فالمعاهدة لا تمنع الدول النووية من الاستمرار في زيادة مخزونها من السلاح النووي وزيادة إنتاجها من السلاح النووي فقد رفضت الدول النووية أن تتعهد بذلك، إنما المعاهدة أصلاً لمنع الانتشار الأفقي بمعنى أن الدول النووية تتعهد بعدم المساعدة للدول الأخرى في هذا المجال والدول غير النووية تتعهد بألا تحصل على السلاح النووي من الدول المالكة له، أو أن تحصل على أي مساعدة لصنع السلاح النووي. |
|