شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمة الناشر
بقلم عبد المقصود محمد سعيد خوجه
منذ العصور الوسطى، والعربي يجوب العالم الذي كان سيده وتاجه ومناره، يحمل معه القليل من الزاد، والكثير من التراث الحضاري في كل ضروب المعرفة، ولعل من أهمها ولعه الشديد بلغته، وما وقف عليه من علوم، وما تمثله من ثقافات الآخر، وما أضافه إليها رحيق علمه وثمرات فكره وأدبه.
رحل الإنسان العربي إلى كل أنحاء المعمورة المعروفة في ذلك الحين، وارتاد المجهول بحثاً عن الحقيقة، وحباً للعلم في ذاته. كانت الريادة تجري في شرايينه، وتختلط بدمائه، وتدفع نقاء الصحراء ووضوحها إلى تسليط أضوائها على كل ما يحيط به؛ فراهن على فراسته التي لم تخيب ظنه في توطين ثقافته في معظم أرجاء عالم القرون الوسطى، من الصين شرقاً إلى جبال البرنيس غرباً، ومن تخوم روسيا شمالاً إلى أحراش أفريقيا وأجزاء من جنوب شرق آسيا. إنها روح (عكاظ) التي تلهب فيه رياح التحدي ورغبة السطوع والتجلي والتفوق الذي ينسجم مع حياة الصحراء وتحدياتها اللانهائية.
ليس غريباً أن يرحل العربي في القرن العشرين نحو الغرب، يتحدث لغته بل يجيدها أحسن من بني جلدتها في بعض الأحيان، ويحسن معاملة القوم، ويرتدي أزياءهم، ويقطف زهرة من كل بستان علم ومعرفة وثقافة وأدب، إلا أن ذلك لا يمحو جذوة التوهج الذي تركته أسواق (عكاظ) وأخواتها.. كأنها ((جينات)) تجذرت في وجدانه لا تخبو مع الأيام ولا يزيدها البعد عن مرافىء الشوق إلا لوعة في مهب رياح التغيير، وهكذا يزداد ألقاً ذلك القبس الشعري والموروث الثقافي الضارب في أعماق العربي أينما كان.
وعندما تتحد الرؤى، وتتوافق الآراء، وينساب العطاء في منظومة تتخذ من بيئة الحرية والانفتاح والنور مطية نحو آفاق رحيبة من إثراء الذات والآخر، فإن النتيجة الحتمية ستكون ثمرة يانعة، و((فالوذج لم يهد للمتوكل)). وهكذا كان؛ أناخت منائر العلوم والآداب عن ((أبي يارا)) معالي الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي خلال توليه سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى بريطانيا.. فأدفأ ليل لندن البارد ونهاراتها الضبابية بنفح المسك والعود والعنبر، أراد لـ (عكاظ) أن تفتح شهيتها في قلب بلد لم يعرف روائح الشيح والقيصوم، فشد مئزره ومعه عصبة من أبناء المملكة الأفاضل، كل بليلاه مولع وفي غاية الافتتان، إنها عروس كل الأمجاد والطقوس والمشاعر، اللغة العربية التي أسرت العربي وجعلته لا يفتأ يذكر (عكاظ) ويتغنى بها مُشرِّقاً ومُغرِّباً.
(عكاظ لندن) قام على أسس علمية واستقرأ التاريخ، ثم أرسل نظره بعيداً نحو المستقبل، كان مزيجاً رائعاً من استشراف القادم الأحلى على ضوء قناديل الماضي الدفين في المهج والأرواح. لم يكن عملاً بوهيمياً يرضي غروراً أو يشغل فراغاً، بل كان نتاجاً غزيراً أسهم بدور فاعل في تقريب وجهات النظر، وتلافي القصور الناجم عن عدم التلاحم مع ثقافة الآخر، وفق خطط منهجية، ـ ورؤى تؤطر ما اكتنزته ذاكرة الجمعية العربية من معارف تؤثر وتتأثر بالحوار البنَّاء، ـ من أجل حضارة ينعم الجميع من خلالها بالسلام والأمن والطمأنينة والرخاء.
و((الاثنينية)) إذ يسعدها تقديم هذا الجهد الكبير ضمن سلسلة [كتاب الاثنينية]، لا يسعها إلا أن تتقدم بجزيل الشكر والتقدير لمعالي الدكتور غازي القصيبي على تفضله برعاية هذا النجم الثقافي (عكاظ) الذي سطع في سماء لندن، فكان خير عنوان لعمل دبلوماسي لم ينفصم قط عن الجذور. والشكر موصول للأخ الدكتور محمد أحمد صبيحي، الملحق الإعلامي السابق بسفارة المملكة بلندن، والأمين الحالي لمنظمة الإذاعات الإسلامية ومقرها جدة، على الجهود المضنية التي بذلها تنقيحاً وتصحيحاً ومتابعة مستمرة حتى أطمأن لوصول هذا الكتاب إلى يدي القارىء الكريم. والشكر أجزله لأصحاب السمو والفضيلة والمعالي والسعادة الذين أناروا بحضورهم ومحاضراتهم ساحة (عكاظ لندن) وكان لإسهاماتهم القدح المعلى في رسم ملامح هذا العمل الذي أشرف بتقديمه إليكم متطلعاً أن يجد منكم القبول. سائلاً المولى عز وجل أن يجعله متقبلاً وخالصاً لوجهه الكريم.
والله الموفق وهو من وراء القصد.
عبد المقصود محمد سعيد خوجه
 
طباعة
 القراءات :1481  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الغربال، قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 1999]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج