شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الدكتور علي بن صالح المغنم))
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
سلام الله عليكم أهل الفضل في دار الفضل.
ما كان لي أن أتحدث في هذه الليلة لولا دوافع الوفاء لأهل الوفاء ولدار الوفاء. تستضيف هذه الدار اللامعين وتكرِّمُهم وفي إكرامهم تكريم للألمعية وتكريم للعلم ولأهله، وتكريم للوطن ورموزه.. والعلم والفضل مقترنان في مُجري التكريم هذه الليلة، فضل علمه وبذله شاع في الآفاق وطوَّق الأعناق.
فشكراً لأستاذنا الشيخ الأديب عبد المقصود بن محمد سعيد خوجه المواطن الغيور المعتز بتراث الوطن والمبادر بدعم مجالاته.. أعمال شيخنا الأديب رسمت وترسم لمحات ذكرى جميلة في ذاكرة الوسط الأدبي والعلمي والثقافي في بلادنا.
ويأتي تكريم أستاذنا الدكتور سعد بن عبد العزيز الراشد تواصلاً مع عطاء دار الفضل وأهل الفضل.
وحديثي الليلة في هذه المناسبة، عن لمحات من تجربة عشتها مع الأستاذ الراشد، وأتحدث عن بعض تلك اللمحات في حديث مقتضب أسميته ((لمحات سداسية في نقش ذاكرة الود الحميمة)) لمحات من الزمن المعاش تخلّد ذكرى عطرة، هي مقتطعة من ود التجربة وحياة الذكرى الجميلة.
بدأت تلك اللمحات بمهاتفة بل محادثة صادقة ـ أو أخالها كذلك ـ الزمن ليلة شعبانية منتصف الشهر عام 1416هـ. المهاتفة نقطة بداية لنمط حياة جديدة لرجل في بداية عقده الخمسيني مستقر على ضفاف الخليج محاط بمشاعر بيت تملّك إحساسه وملأ حياته.. المهاتفة بداية حياة عملية مجهولة جديدة في رياض واحات الصحراء والنقاء.
نحن أبناء هذا الوطن تأسرنا كلمات الصدق وصدق العبارة. أهو فعل الصحراء فينا بسحرها وصفائها.. أم سلامة السريرة ونقاؤها.. هما الاثنان معاً صحراؤنا هي منّا وفينا. هي البراءة والنقاء والصدق والوفاء هي الخوف والطمأنينة والفزع والسكينة تلك كانت المشاعر بعد المهاتفة.. صدقها لمحة من تجارب الود في ذاكرة الرجل.
من لمحات الذكرى براعة التعبير.. بوح من سويداء القلب ـ أو أخاله كذلك ـ قال مهاتفي الراشد أمرت بالاختيار فاخترتك.. هي كلمة تحمل ثقل ما تبقَّى من تجربتي زمن الكهولة في عمر حياتي الوظيفية يزيدها ثقلاً ثوابت ومفاهيم دينية وأخلاقية وفكرية ومشاعر عاطفية تجاه رجل ـ أحببته في الله ـ علَّق مسؤولية عمله بشخصي وأرجو أنني وفقت في إسداء الجميل تجاه الاختيار.
انتهت المهاتفة وكان الاستعداد لبدء حياة جديدة في الرياض بعيداً عن البحر وأهله والساحل ورونقه.
من لمحات الذكرى الكلمة الطيبة.. اقترنت بالحدث والمكان والزمان في صباح السادس عشر من شهر رمضان المبارك في مكتب وزير المعارف الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد ذهبنا سوياً للسلام عليه وتلقَّى توجيهاته وتقديمي لمعاليه. كانت كلمة التقديم من الراشد قوية ملكت أحاسيسي وفرضت مسؤوليات حياة عملية جديدة واجهت كل المصاعب إيفاء بالمضمون.. عين الإنسان المبصرة ليست عينه التي يرى ويبصر بها قالها الراشد نصاً ((هو عيني التي أبصر بها الآثار)) قالها لمعالي الوزير مقدمة وفاء لمن أجبره مضمونها على الالتزام بالوفاء والمواجهة من أجله.
من لمحات الذكرى براعة إدارة الراشد، تلك رسمت مساحات للممارسة الواسعة، وبناء روابط الثقة، وأواصر الحب المتبادل والتفاني الجاد، فكان الأداء الممتزج بمحاولة الإتقان الجادة وبالقدرات والإمكانات المحدودة.. كان الرضا والسخط يحيطان بتلك المحاولات الجادة، وكانت المعادلات صعبة، وكثيراً ما تتجه معادلة الموازنة إلى جلد الذَّات وإبراز القصور دون النظر للمنجز ـ تلك كانت جدلية بيني وبين الراشد ـ إلاّ أنني أقتنع عندما أجد أن هذه منهجية لمحاورة العيون الساخطة لعلّها توازن بين واقع ومسؤولية وقدرات وقناعات. وبالجهد والجهد والعناء والتعب تتقارب عيون السخط والرضا.. كان التقارب بين النقائض.. فأصبح السخط نقداً والنقد بنّاء. هذه مخرجات براعة إدارة الراشد.
من لمحات الذكرى الحب والغيرة على تاريخ الأصالة وشواهده ووثائقه. تلك غيرة بصدق وصدق مقترن بفعل، وقد يساء فهم الغيور الصادق في زمن الغيرة العمياء.. وتقترن الذكرى عندي بمعايير معرفية لصديق صدوق يصدقك القول يرضيك أو يغضبك هو كذلك ولهذا يسيء فهمه من لا يعرفه.
أهو شخصية مثيرة للجدل؟ هي ميزة إذا كانت موازين الجدل معرفية.. وأقول هو شخصية معرفية مثيرة للحوار العقلاني الرصين محوره غيرة مبعثها حب صادق لكنوز الوطن الآثارية وتراثه.. يصل حواره المعرفي إلى شغاف قلوب محبي الوطن وممتلكاته الثقافية، وضد من يخيل إليهم أن التراث والتاريخ لا يمثل زمنهم، وأن زمنهم منسلخ عن إرثهم الحضاري.
هو يبكي ويتنهد بعمق عندما تنتهك الأطلال. ليس أطلال ليلى فقط إنما أطلال الوطن بعراقته وأصالته.
هو رجل مأخوذ بسحر الآثار.. وهي شغله الشاغل قراءة وبحثاً وعلماً وعملاً ولهذا تراه ويراه الآخرون قلقاً في راحته ومرتاحاً مع قلقه.
من لمحات الذكرى إحساس الراشد المرهف ومودته ورحمته.. لم تكن في شخصيته شفرات يستعصي فكها، هو فيض من العواطف وبحر من المشاعر يبحر فيه كل من يعرفه.
تجده أول المباركين في الأفراح وأول المواسين في الأتراح.. هي ذكرى جميلة في تجربتي الإدارية معه أن أكون واثقاً من عرض إنساني أعرضه عليه فلا يرده، لم يحدث أن عرضت عليه موضوع مساعدة أحد الموظفين أو التجاوز عن أخطاء بعضهم ممن يلجؤون إليَّ إلاَّ كانت مودته سابقة إجابته ومساعدته سابقة حديثه.
هو شديد الخوف على جميع المنسوبين من الزلل والتهاون في أداء الواجب حريص على المتابعة والتوجيه.
من لمحات الذكرى.. الراشد نسق الإنسان المسلم المتميز.. عرفته عالماً إدارياً وقيادياً متميزاً، رجل منظر ومخبر، بعيداً عن الهمز واللمز والشر والضغينة.
وهو يغضب إذا عومل خلاف نسقه الذي لا يباهي به وحق له أن يباهي. هو قريب وبعيد، قريب بروحه وعواطفه من التاريخ والآثار والتراث وبعيد بفكره ومفاهيمه وطموحاته لتطويرها والنهوض بها إلى ما يجب تحقيقه لحفظها والتعريف بها واستثمارها. قربه وبعده منهجية عملية رسمها لحياته ولذلك هو تعب مُتعب يُتْعِب من يعمل معه. ذو عقل يشقى في النعيم بعقله.
في ليلة تكريم الراشد لمحات ذكرى كثيرة لا تحصرها ذاكرة الود القاصرة، وسلوانا أن ليالي التكريم في بيت الشيخ عبد المقصود سجل في تاريخ الزمن ترصدها وتسطرها ذاكرة التاريخ، وأسجل شهادة معايشة لذاكرة التاريخ وأبلغها رسالة شكر أصالة عن نفسي ونيابة عن التراث ومحبيه (نص الرسالة).
ـ تشكرك الآثار ومواقعها وأعمال التنقيب فيها، وأعمال الحفظ والتوثيق لها.
ـ تشكرك فرق العمل الآثارية: الأساتذة والطلاب والمشاركون والمحبون للآثار والتراث والمشتغلون بها.
ـ تشكرك الأعمال الوثائقية للآثار والمتاحف: التسجيل والتوثيق وسجلات النشر والتأليف للآثار الثابتة والمنقولة.
ـ تشكرك مكتبات الآثار والمتاحف المتخصصة: مراجعها ومصادرها ودورياتها ومطبوعاتها العربية والأجنبية.
ـ تشكرك العروض المتحفية: الثقافية والفنية والآثارية.
ـ تشكرك الفعاليات المنبرية والندوات الثقافية والمهرجانات الوطنية والدولية.
وختاماً هذه من لمحات ذكرى معرفتي بالأستاذ الدكتور/سعد بن عبد العزيز الراشد. لقد صنع من المعروف ما يستوجب المكافأة ولا نجد ما نكافئه به إلاّ الدعاء له بالتوفيق والسداد.
أدعو الله أن يجعل عمله في موازين حسناته وأن يوفقنا جميعاً لمرضاته ولكل عمل خير يرضاه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :850  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 192 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.