شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة راعي الأثنينية سعادة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري))
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.
إنه لشرف كبير أن أستمع إلى هذه الكلمات الرائعة التي استطاع الأستاذ الكبير والوجيه عبد المقصود أن يتحدث بها بكل إخلاص ومحبة وبكل عفوية وشفقة عن زميلي الأستاذ سعد الراشد وبحديثه شعرت أننا كسبنا في فترة الدكتور سعد عنصراً يحب الآثار ويعرف قيمة الآثار ويحتفي بها ويقدم كل غال ونفيس، أعتقد أن ما نجح فيه الأستاذ سعد الراشد أنه كسب إلى جانب الآثار شخصية عظيمة كالشيخ عبد المقصود وأعتقد أننا لو كسبنا أشياء كثيرة ما كان لنا أن نكسب هذا المكسب العظيم ولأول مرة أعرف عن هذه الإهداءات وهذا التعاطف الذي لم نسمعه من الآخرين لأنهم لم يصلوا إلى مستوى من الوعي والإدارك والحب والتفاني لهذا البلد وتاريخه وحضارته فله منا كل الحب والتقدير نحن الآثاريين الذين نحفر والذين نحاول قدر الإمكان أن نلفت نظر الآخرين إلى الجهود التي نبذلها ولكن قليلاً ما هم أولئك يحفلون بما حفل به أستاذنا عبد المقصود في هذه الليلة وما سمعناه عنه.
عندما زاملنا الأستاذ عبد المقصود في المجلس الأعلى للآثار فرحنا به شهامة ووجاهة وشخصية لها قدرها ليس في مجتمع جدة ولكن في كثير من المجتمعات وهو زميل له رؤية واضحة في عنايته بالآثار والتراث فله من كل الآثاريين ومن كل محبي الحضارة في الجزيرة العربية والحضارة الإنسانية على وجه الخصوص له منا كل الإعجاب بهذه اللفتة الكريمة وهذا الحب الواضح..
حديثي عن الدكتور سعد الراشد مجروح فيه وخصوصاً أن من مميزات الدكتور سعد الراشد أنه يجمع بين منطقتين بين تهامة ونجد التي نعرفها لغة ونجابة وأصالة، هو يجمع الوسط والغرب بين رقة الحجاز وعنفوان نجد، ومن هنا نجد أن هذا الذي الرجل يجمع بين هاتين الخاصتين ما يجعله يسير في مجال التاريخ ومجال الآثار بكل قوة وبكل عنفوان.. سعد الراشد أعرفه منذ أن كان طالباً وتوسمت فيه النجابة وتوجه إلى الآثار لعله أول طالب من الآثار استطاع أن ينفذ البرنامج الذي وضع له ليقوم بتنفيذه، وهو تحقيق درب زبيدة من الحدود من العراق حتى مكة المكرمة والمدينة المنورة، سعد الراشد كان يذهب بنفسه ويتصل بي في بعض الأحيان ويقول يا دكتور عبد الرحمن لقد نمت البارحة على سطح السيارة، فأقول له لماذا؟ فيقول العقارب تحيط بي من كل مكان، فأقول له اصبر فأنت رائد في هذا المجال وسوف يكون لك شأن في يوم من الأيام، ومرت الأيام وعاد سعد الراشد يحمل درجة الدكتوراه وشارك في إنشاء أول قسم للآثار في المملكة العربية السعودية وفرحت به ذلك العضد القوي الذي وقف إلى جانبي واستطعنا أن ننشئ هذا القسم الذي في هذا العام يكون قد مر على إنشائه ثلاثون عاماً من الجهد الذي أنشأنا فيه هذا القسم، كيف وضعنا خطة قسم الآثار فتلك قصة أخرى سنتحدث عنها في يوم ما، انتقل الدكتور سعد الراشد إلى المكتبات فكانت أفضل فترة مرت بها مكتبة الجامعة التي رأسها الدكتور سعد الراشد ومن حسن حظ المكتبة أنه جاءها في السنة الأولى من انتقال الجامعة من شارع الملز إلى الدرعية فكان من حظها أن تسعد برئاسة الدكتور سعد الراشد لها، وكان تموين المكتبات وشراء الكتب والمجلات العلمية من الأعمال التي قام بها، وما زالت المكتبة تعيش على ذكرى تلك الأيام التي كان يرأسها، انتقل إلى قسم المكتبات لأنه قسم نشأ متأخراً في كلية الآداب واستطاع أن يضع لمسات متميزة في هذا المشروع، ثم انتقل إلى الآثار واستطاع أن يخطو فيه خطوات جيدة ولا أدل على ذلك من نشاطه في الربذة، فهو الرجل الذي نقب في الربذة فقرابة 15 عاماً كان يذهب إلى تلك الديار التي كانت لا تختلف عن تلك الديار التي يمسح فيها طريق زبيدة، لقد كنا نعيش في رعب دائم من الثعابين والزواحف والعناكب، كنا نضع الماء تحت السرر حتى لا تصلنا العقارب ونحن ننام ليلاً، وكان هذا الرجل يستيقظ مبكراً ويوقظ الناس لنبدأ العمل، والعمل معه وأنا أراقب مع هذا الشاب الذي كان يعمل بكل علمية وبكل نشاط ويقود المعركة بنفسه وكان أنموذجاً متميزاً لطلاب الآثار بالعمل الدؤوب..
الدكتور سعد الراشد انتقل إلى إدارة الآثار كانت الوكالة في وضع لا تحمد عليه، كانت ممزقة لأن الدكتور عبد الله المصري تركها بكل نشاط بعد أن قام بمسح المناطق الأثرية بعد أن أنشأ مجلة " أطلال " ثم بعد ذلك خلا الجوّ من أناس يمكن أن اهتمام عبد الله المصري فجاء سعد الراشد ليسد هذه الثغرة، والآثار تحوَّل مفهومها بشكل جيد كما أشار الأستاذ عبد المقصود أن سعد الراشد استطاع أن ينشئ علاقات لها ارتباط بالحضارة العربية والاسمية ولها ارتباط بالإدارة المحلية في المناطق المختلفة وذلك نجاح ما كان لغيره أن ينجح فيه لولا أنه استطاع أن يدخل في المجتمع وأن يدخل إلى قلوب الناس وأن يرتفع إلى المسؤولين في الدولة ليقول هذه آثار بلادنا فيجب أن نسعى في سبيل الحفاظ عليها وفي سبيل الحفاظ عليها وترميمها، ومع ذلك فإن الدكتور سعد لم يترك الجانب الأكاديمي أبحاثاً وكتباً وندوات في كل مكان تسمع صوته وأحاديثه ولذلك أصبح معروفاً ليس على المستوى المحلي والإقليمي ولكن حتى على المستوى العالمي والدكتور سعد الراشد عندما عمل في وكالة الآثار لم يعمل وجده ولكنه ارتفع على زملائه وكان يشجعهم وينصحهم وكان يحنو عليهم كما يحنو الإنسان على أبنائه وعلى أخوانه وتلك ميزة تقل في الناس لأن المسؤول في أغلب الأحيان يريد أن يقف منفرداً وأن تسند الأعمال إليه ولكنني لأول مرة سعد الراشد يقدم زملاءه ويدفعهم إلى النشاط ويدفعهم إلى التاليف والبحث العلمي وطباعة رسائلهم، ولذلك نهضت وكالة الآثار نهضة قوية أخرجت عدداً ضخماً ومتميزاً من الأبحاث التي نفخر بها، ما كان هؤلاء أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه لولا هذا الرجل القوي الذي كان يقف معهم، وعندما تم دمج الآثار إلى الهيئة العليا للسياحة كان أخوف ما يخاف عليه سعد الراشد هو ضياع هؤلاء الشباب وزملائه الذين أمضى معهم فترة طويلة وكان في كل أروقة الهيئة وفي كل اجتماع يحض الناس على العناية والاهتمام بهم عندما تم دمج السياحة والآثار، و لهذا الدمج إيجابيات وسلبيات ولكن نرجو أن تكون الإيجابيات أفضل ولا سلبيات، تلك رؤية وضعتها الدولة ولكن نحن نتمنى أن يرأس قطاع الآثار رجل كسعد وأنى لنا أن نجد رجلاً كسعد..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :965  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 190 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.