((الحوار مع المحتفى به))
|
عريف الحفل: الحقيقة سنتناوب مع السيدات في طرح سؤال سؤال، أيضاً ستقوم بطرح أسئلة النساء الأستاذة نازك الإمام المذيعة بإذاعة البرنامج الثاني، في إذاعة جدة. سؤال من الرجال وهو سؤال من الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول: |
يفاجئك هذا الغرب بعلمه وخرافاته، بعقله وتدميره للعقل، يفاجئك بهيغل وكَانْتْ وانطوان تثيخوف مثلما يفاجئك بهتلر وموسوليني، فأين هذا الغرب يا ترى؟ ومن هو الغرب الحقيقي؟ وهل الغرب هو الغرب فقط؟ أم أن الغرب صار العالم؟ أو صار العالم غرباً؟ أم أن الحقيقة تكمن حيث لا شرق ولا غرب ولا جنوب ولا شمال، بل هو عالم واحد يحكمه ويتحكم فيه امبراطور واحد؟
|
عريف الحفل: سؤال من الدكتور أيمن محمد علي رضوان يقول: |
نعلم جميعاً المفهوم الخاطئ عن الفكر الشيعي لدى بعض الناس، وإن كان هناك لوم فاللوم كله على القائمين على أدبيات ذلك المذهب، فإذا كانت المفاهيم الخاطئة المنتشرة مثل: زواج المتعة، وتكفير أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ ... الخ تلقى رواجاً لدى بعض الناس، فلماذا لا يكثف دعاة المذهب الشيعي جهدهم لإخراج أدبيات توضح رؤيتهم في هذه الأمور بحيث تكون في متناول أيدي الجميع، حتى لا يتسرب الخوف والتوجس إلى قلوب الناس قلقاً من الرؤية الشيعية لهذه الأمور الدينية؟
|
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: بسم الله الرحمن الرحيم حول مداخلة الأستاذ الكريم السيد أنور عشقي حفظه الله، أنا لا أتحفظ على الاحتكام إلى الكتاب والسنَّة فقد قلت إننا نتفق جميعاً على الإيمان بمرجعية الكتاب والسنَّة، ولكني أقول إذا أردنا أن نتناقش حول ما نختلف عليه في الجانب العقدي في التفاصيل العقدية والفقهية فإن كل مذهب لديهم أدلتهم أيضاً من الكتاب والسنَّة، وفقهاء الأمة حين كانوا يختلفون كان كل منهم يستدل بدليل من الكتاب والسنَّة، ولكن ذلك لم يزل الخلاف بينهم، الكلام أن الخلاف هل يُزال وينتهي بالرجوع إلى الكتاب والسنَّة؟ حين يكون هناك باب الاجتهاد مفتوحاً وأن المجتهد إذا أصاب له أجران وإذا أخطأ له أجر واحد بعد أن يبذل جهده فذلك يعني أن الاختلاف أمر مشروع، وهو لا ينافي الإقرار بمرجعية الكتاب والسنَّة وكل طرف يرى أن له دليله من الكتاب والسنَّة، وإلا لما جاز له أن يرى هذا الرأي العقدي أو الفقهي. |
الكلام عن الغرب لم يكن في سياق حديثنا ولذلك ليس لدي كلام حول ما تفضل به الأخ. |
مسؤولية أصحاب المذهب الشيعي في توضيح الإشاعات أو الكلام الذي يُثار عن الشيعة أنا مع الأخ هناك تقصير عند علماء المذهب وعند أبناء المذهب في التعريف بمذهبهم والتعريف برأيهم، تقصير موجود وقلت في أكثر من مناسبة ودعوت الجميع وخصوصاً فيما يرتبط بالمواطنين الشيعة في المملكة دعوتهم إلى الانفتاح ودعوتهم إلى التداخل ودعوتهم إلى التعبير عن آرائهم، ولكن أشير إلى أن هناك بعض الظروف خصوصاً فيما يرتبط بوضعنا هنا في وطننا المملكة العربية السعودية كنا نشكو ونعاني من عدم إتاحة الفرصة لكي نُعرّف بأنفسنا، ولكي نُعبّر عن ذاتنا، ولكي نَردَّ الاتهامات التي تُوجَّه إلينا، كانت المطبوعات أو بعض الجهات تتحدث ضدنا بما تشاء ولكننا لم نكن نمتلك حق الرد وحق التوضيح هذا قد يكون سبباً من أسباب التقصير، هناك تقصير ولكن هذا سبب من أسباب التقصير، ولكننا يجب أن نعترف في الواقع الحاضر أصبح المجال متاحاً أفضل مما سبق، ليس على نحو الإطلاق ولكن نسبياً أصبحت الفرصة نوعاً ما متاحة نستطيع أن نطبع بعض كتبنا أن ننشرها أن نتحدث في مجلة أو وسيلة إعلامية، ولكن أيضاً ضمن حدود معينة. |
وددت فقط أن أشير إلى نقطة دَمَجَ الأخ بين أمرين، بين أمر نُنكره وبين أمر نُقرّه، تكفير الصحابة والإساءة إلى الخلفاء الراشدين هذا نرفضه وندينه وكل عالم من علماء الشيعة من الواعين أعرب عن هذا الأمر وصرحت أنا في أكثر من مناسبة، أما ما نقرّه فهو الحديث عن زواج المتعة، بالفعل المذهب الشيعي يُقرّ هذا النوع وهو الزواج المؤقت ولهم أدلتهم عليه، وبعض الصحابة أيضاً كانوا يرونه كابن عباس رضي الله تعالى عنه كما ورد في صحيح مسلم وغيره والحمد لله أراحنا مجمع الفقه الإسلامي بحديثه عن إجازة أنواع من الزواج لا تختلف كثيراً عن زواج المتعة إلا في هذا الاسم الحساس، وشكراً. |
معالي الدكتور محمد عبده يماني: اتصل رجال الصحافة يطلبون الكلمة التي ألقيتموها ليستفيدوا منها في النشر. |
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: هذه الكلمة قسمان: قسم مطبوع وقسم لم يطبع. |
نازك الإمام: شكراً أخ حسان، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . |
في خضم ما نعيشه من تفرقة وعنصرية وحب لتمزُّق وحدتنا نجد شيخنا الفاضل عبد المقصود خوجه يحطم كل الحدود ويقرِّب المسافات بل ويطويها طياً بإطلالة فجر وحدة إسلامية فريدة، وبأفكار منيرة واضحة المعالم نستقي منها عذوبة الإحساس بديننا الحنيف وسماحته، وإننا أمة واحدة مهما تعددت مذاهبنا، وضيفنا اليوم فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار ليس كأي ضيف عادي فهو صاحب أكثر من سبعين كتاباً تنوعت مواضيعه بين التعليم والاهتمام بشؤون المرأة والنشء وفقه الأسرة وغيرها من الكثير من العطاءات الإسلامية التي زانت بها مكتباتنا داخل منازلنا وخارجها فمرحباً به اليوم.
|
الحقيقة يسعدني نيابة عن جميع الحاضرات الفاضلات أن أقدم الأسئلة السؤال الأول موجه من الدكتورة ابتسام الصائب، ما المقصود بالصحيفة السجّادية؟
|
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: الصحيفة السجادية هي مجموعة أدعية مأثورة عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام، وردت مروية عن ولده الشهيد زيد بن علي بن الحسين، هذه الصحيفة مجموعة من الأدعية وألوان من المناجاة وهي تشكل مدرسة أيضاً روحية وأخلاقية وتربوية وفي عباراتها يتجلى التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى ودفع العبد من أجل إبداء الخضوع والعبودية لله تعالى والالتزام بأخلاق ومبادئ الإسلام. |
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ حسن عمر أبو صلاح يقول: |
فضيلة الشيخ لقد فرحنا بلقائكم ونرحب بكم وسؤالنا: كيف تنظرون إلى نقاط الالتقاء بين المذاهب الإسلامية وخصوصاً بين السنَّة والشيعة؟
|
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: نقاط الالتقاء كثيرة وكبيرة جداً، ونقاط الاختلاف محدودة معدودة، ولذلك أعتقد أننا يجب أن نبدأ الحديث من المشتركات ومن مواقع الاتفاق بخلاف ما يمارسه البعض من البدء بالحديث حول نقاط الاختلاف، موارد الالتقاء كثيرة وهي في الأصول الحقيقية، أما الاختلافات فكما قلت موجودة حتى داخل المذاهب وكان لي بحث مطبوع حول فقه الأسرة حاولت أن أعرض فيه مختلف المسائل المرتبطة بأحكام الأسرة الزواج، وحقوق الزوجة والزوج، وسبحان الله ازدادت عندي القناعة بأنه قلَّ أن تجد رأياً فقهياً عند أهل السنَّة لا يشاركهم فيه فقيه من الشيعة، وقلَّ أن تجد رأياً فقهياً عند الشيعة لا يشاركهم فيه مذهب أو فقيه من أهل السنَّة، وذلك أمر طبيعي لأن المنبع واحد، فالمشتركات كثيرة ومواضع الخلاف محدودة، هذا أولاً، الاشتراك في الأصول والاختلاف في التفاصيل والفروع بحسب رؤيتي. |
نازك الإمام: سؤال من الدكتورة أفنان الريّس: |
هل تعتقد أن الحوار بين مذهب الشيعة والسنَّة سيصل إلى حلول مقنعة لكلا الطرفين ويتقبل بعضهما البعض؟
|
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: هذا يعتمد على المنهجية التي يسلكها هذا الحوار، إذا سار الحوار في منهجية صحيحة فإن الوصول إلى الوفاق والوئام قريب جداً وفي متناول اليد، وكما رأيناه تحقق في أكثر من مجال وفي أكثر من مورد وفي أكثر من حالة من الحالات، في القاهرة تأسست قبل حوالى نصف قرن "دار التقريب بين المذاهب الإسلامية" وكان يجتمع فيها علماء فضلاء من السنَّة والشيعة هذا التفاعل من قِبَل الجمهورية الإسلامية في إيران ومن قِبَل حزب الله في لبنان، والشيعة والسنَّة وفي العالم الإسلامي نحن نجد أن الاتفاق قائم على مختلف الصعد، أما إذا سار الحوار ضمن منهجية وعرة حول المسائل المختلف فيها فإنها لا توصل إلى نتيجة واسمحوا لي أن أذكر مثلاً: ألَّف أحد الفضلاء من مصر كتاباً يسجل فيه اعتراضاته وانتقاداته على الشيعة، وعَنْوَنَ كتابه "الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة" دين ولم يقل مذهب، فردَّ عليه واحد من علماء الشيعة بعنوان شبيه هذا عنوانه "الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها مذهب الشيعة"، فألَّف ذلك العالم الشيعي كتاباً قال: "الخطوط الطويلة للأسس التي قام عليها دين السنَّة"، وهكذا يستمر هذا التهريج وهذه الجدليات، إذا سلك الحوار هذه المنهجية لا نصل إلى نتيجة، إذا كان الباحث الشيعي يفتش في تراث أهل السنَّة لكي يجد بعض الأماكن للنقد وللتشهير، وكان الباحث السنّي يفتش في تراث الشيعة لكي يجد بعض ما يستوجب النقاش والتهريج فإننا سوف لن نصل إلى نتيجة، ضمن هذه المنهجية، أما بالطريقة الأولى فإن النتيجة قريبة وفي متناول اليد. |
عريف الحفل: سؤال من الأخ صادق الحبّوبي يقول: |
لا شك أن الدعوة التي رعاها خادم الحرمين الشريفين للحوار الوطني كانت بادرة رائعة لأجل التقارب والتوافق بين الأطراف المختلفة، فإلى أي مدى تمت الإفادة من هذه الحوارات للمذاهب؟ ولماذا لم تستمر الحوارات والاجتماعات بعد ذلك؟
|
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: الآثار طيبة وأنا شخصياً متفائل بالحوار وبنتائج الحوار، هناك من يتشاءم، وهناك من يتحفظ، لأن الحوار بحسب برنامجه ليس توصيات ملزمة، لا تصدر عنه أشياء ملزمة قوانين إلزامية، ولذلك يعتبر البعض أن هذا يعني أن الحوار ليست له قيمة فعلية عملية ما دامت نتائجه ليست ملزمة، البعض يستعجل تطبيق نتائج الحوار، البعض يرى أن مشكلة تحصل هنا ومشكلة تحصل هناك مما يتنافى مع مبادئ الحوار فتزداد الصورة قتامة أمامه ويتشاءم، لكني أنا شخصياً أشعر بالتفاؤل لأن الحوار أنهى مرحلة من القطيعة، الحوار أتاح الفرصة لكي نتعرف على بعضنا البعض، الحوار فتح المجال لكي يعرف الجميع أن لهم شركاء معهم في الوطن يتساوون معهم في الحقوق والواجبات، الحوار أتاح الفرصة للتعرف على فكر الآخر وعلى رموز الآخر ولو ضمن خطوات تدريجية، أما حصول بعض الإشكاليات وتصرف من هنا وممارسة من هناك أنا شخصياً أفهم أنها آثار لا يمكن أن تنتهي بين عشية وضحاها، آثار لحقبة سابقة، آثار لحالة سابقة، فينبغي أن نتعاون معاً مع ولاة الأمر، وأنا واثق ومطمئن أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله مُصر وعازم على السير بمسيرة الحوار حتى توصل الوطن إلى شاطئ الاندماج في وحدته الوطنية إن شاء الله. |
نازك الإمام: سؤال من الدكتورة طريفة الشويعري: |
لِما لا نُركز على نقاط الالتقاء بين كل من مذهبي السنَّة والشيعة ونصل إلى صيغة موحدة بعيداً عن الشتات المذهبي ولنجمع على مسمَّى موحد تتفق عنده الرؤية وهو الإسلام الحنيف الأساسي الذي ارتضاه سبحانه وتعالى شرعة ومنهاجاً لعباده عوضاً عن نسبة الدين إلى فرد أو شيعة؟
|
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: هذا ما نطمح إليه جميعاً، وإن شاء الله يتحقق بوجود المخلصين الواعين، لكنني أتحفظ على مسألة التسميات والمصطلحات لأن المسألة لا تقتصر على سنَّة وشيعة، داخل السنَّة هناك أيضاً مذاهب وتوجهات، فهل تُلغى أيضاً هذه الأسماء داخل السنَّة؟ وداخل الشيعة أيضاً توجهات وأسماء، ليس مشكلة أن تتلون وتتعدد التوجهات والمدارس، ولكن لا ينبغي أن تصبح سبباً للنزاع وللخصومة، القرآن الكريم ينهانا عن النزاع: وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ (الأنفال: 46)، ولكن اختلاف الرأي وتعدد الاجتهادات والقراءات ليس مشكلة، ومن خلاف طبيعة البشر أن يتقولب البشر كلهم وخصوصاً أمة في حجم هذه الأمة الواسعة ما يقارب المليار ونصف المليار، مع اختلاف بيئاتهم ومناطقهم ومصادرهم أن يتفقوا على كل التفاصيل سيبقى باب الاجتهاد مفتوحاً وهذه ميزة من ميزات الفكر والشريعة الإسلامية ولا إشكالية في وجود الأسماء، فهناك تسميات للقبائل وهناك تسميات للأحزاب وهناك تسميات للمؤسسات والمراكز، التسميات لا مشاحة فيها ولكن ينبغي أن نتجاوز حالة النزاع والخصومة بالاتفاق على موارد اللقاء والحوار وتقبل موارد الخلاف. |
عريف الحفل: نرجو الاختصار لأن الأسئلة كثيرة، سؤال للرجال الآن، من الأخ جمال عبد الكريم يقول: |
هل يمكن أن توضح لنا لماذا لم تبرز المرأة في مجال المذهب الشيعي، كما برزت في مجالات أخرى وهل تعتقدون أن الفرصة أمامها مواتية في المستقبل إن شاء الله؟
|
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: لا أعرف ماذا يقصد ببروز المرأة في المذهب الشيعي على صعيد الفقيهات والعالمات والمفكرات هناك عدد من الفقيهات والراويات والمثقفات في تاريخ الشيعة الماضي والمعاصر، وعلى الصعيد العملي فإن المجتمعات الشيعية كما هي الحال مثلاً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تجد نفسها معنية بالجدل حول حق المرأة في المشاركة السياسية هل يجوز أو لا يجوز؟ وهل يصح لها أن تقوم بكذا أو لا تقوم بكذا؟ الرأي الفقهي عند علماء الشيعة كان واضحاً وحاسماً بأن المرأة كالرجل لها حق المشاركة في الشأن السياسي وأن تأخذ دورها الاجتماعي، وأن تمارس عطاءها الثقافي والمعرفي وهذا واضح في إيران وواضح في لبنان، وواضح أيضاً في مناطق ومجتمعات أخرى فليست هناك مشكلة في الفكر والفقه الشيعي حول دور المرأة كما هي الحال في بعض المدارس السنّية يوجد تحفُّظ عند بعض المدارس وبعض الاتجاهات الإسلامية السنّية من مشاركة المرأة السياسية أو من مشاركتها الاجتماعية يعني وضعوا قيوداً وحدوداً حول مشاركتها الاجتماعية أما فيما أعرف من آراء فقهاء المذهب الشيعي المعاصرين فإن لديهم انفتاحاً على هذا الصعيد وليس لديهم تحفُّظ في أن تشارك المرأة الرجل على مختلف الصعد وفي مختلف المستويات. |
نازك الإمام: سؤال من الأستاذة منال سعيد عبد الله دراسات إسلامية الحقيقة الأستاذة منال تقول: |
بداية نعم نحن معك في ضرورة أن يكون هناك حوار بين أطياف المجتمع من سنَّة وشيعة، ولكن السؤال الذي يبرز، نحن السنَّة نَدرُس ونُدرِّس أن أي مذهب غير مذهب السنَّة فهو باطل، كيف تستطيعون أنتم الشيعة في بدء حوار مع من يعتقد أنكم على غير الحق؟
|
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: في الواقع كل صاحب دين أو مذهب أو رأي يعتقد أن رأيه هو الحق وهو الصحيح وإلا لما اعتنقه ولما أخذ به، وبالتالي فهو يرى أن الرأي الآخر مخالف أو مجافٍ للحقِّ فيما يعتقده هو، هذه هي نظرة أصحاب كل دين تجاه الدين الآخر وأصحاب كل مذهب تجاه المذهب الآخر، ورأي كل فقيه تجاه الفقيه الآخر، الذي يخالفه في الرأي بل وحتى في الأمور الحياتية على مستوى الطب وعلى مستوى الهندسة من يقتنع برأي معين يرى أن رأيه هو الأصح وهو الصواب، والرأي الآخر هو خطأ ولكن الإشكال في التعبير عن هذه القناعة، فقد يقول كما ينقل عن الإمام الشافعي بحسبما أعتقد "رأيي صحيح يحتمل الخطأ، ورأيُ غيري خطأ يحتمل الصواب" قد يعبّر الإنسان بهذا التعبير وقد يعبّر بتعبير أشد يقول هذا باطل هذا بدعة هذا شرك هذا ضلال، نحن نريد جميعاً أن نتجاوز هذه التعبيرات ذات الإيحاءات المسيئة، وأن نستخدم تعبيرات أكثر لباقة تتناسب مع ما أمرنا به الله سبحانه وتعالى في الحوار حتى مع من يخالفنا في الدين مع إيماننا بأن دينه ليس هو الحق، يقول تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (العنكبوت: 46) ويقول تعالى: وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ (الأنعام: 108)، وهكذا التعاليم الإسلامية التي تأمر الإنسان المسلم بأن يوفق بين اقتناعه بأحقية رأيه ودينه وبين احترامه للإنسان الآخر، هذا ما نطمح أن نصل إليه جميعاً إن شاء الله. |
عريف الحفل: سؤال من الأخ عجلان الشهري يقول: |
أكد التاريخ وأكدت الأحداث المعاصرة أن الغزو الأجنبي كثيراً ما يستغل تفرُّقنا المذهبي والطائفي لصالحه، لماذا ينجح في الغالب؟ وما المخرج من تلك التشعبات التي كثيراً ما ألحقت الضرر بالمسلمين في كل زمان ومكان؟ وما دوركم أنتم كعلماء؟
|
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: في الواقع إنما ينجح الأعداء في الاستفادة من حال التفرقة عند المسلمين في نظري لسببين، السبب الأول: أن الواقع الذي يعيشه المسلمون فيما بينهم في أوطانهم في كثير من الأحيان لا تتحقق فيه حالة المساواة وتكافؤ الفرص فيكون طرف يعيش حالة الاستعلاء وآخر يشعر بالغبن ويشعر بأنه محروم وأنه مهمّش وهنا يأتي دور الآخرين من خارج الأمة من خارج الوطن لكي يستثيروا هذا الذي يشعر بالغبن، يستثيرون عنده غبنه وشعوره بالظلامة، ولذلك نعتقد أن أحسن تحصين لوحدة المسلمين في أوطانهم ولوحدة أمتهم سد هذه الثغرة، بأن يعيشوا متساوين في الحقوق والواجبات في أوطانهم حتى نمنع استفادة العدو من هذه الثغرات وبحمد الله فإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله في أول خطاب له أكد على هذه النقطة على نقطة العدل والمساواة بين المواطنين لأنه يدرك أن هذه هي الثغرة التي قد ينفذ منها الأعداء في هذه الظروف العصيبة التي تحيط بالأمة وتحيط بالوطن، أما السبب الثاني: فهو التوجيه الديني حين يأخذ منحى التشدد والتطرف وحين يعبئ كل عالم في مذهبه أو كل خطيب يعبئ أبناء مجتمعه وطائفته على الآخر، نحن نعاني كثيراً من التعبئة التحريضية التحريض على الكراهية العالِم يعبئ جماعته، الواعظ الخطيب ضد أتباع المذهب الآخر على شكل فتاوى أو خطب جمعة أو دروس، هذه التعبئة هي التي توجد هذه الأرضية الخصبة من الشحناء والبغضاء فيستفيد منها الأعداء. |
نازك الإمام: لدينا سؤال هو من شقين لأن أكثر من واحدة سألت هذا السؤال، السؤال الشق الأول: من الأستاذة مها الفهد: |
هل تشرحوا لنا ما هي العوشرة؟ وهل تقرُّونها؟
|
وأيضاً الشق الآخر من السؤال طرحته الأستاذة راوية عبد الغني: |
ما هي الحكمة من اللطم وضرب النفس في يوم العاشر من شهر المحرم، وهل هذا في اعتقادكم يتناسب مع ديننا الإسلامي بما ينافي ديننا وهو عدم تعذيب النفس التي خلقها الله تعالى وعظمها، شكراً لكم.
|
فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار: شقان في هذا السؤال الشق الأول اهتمام الشيعة بيوم عاشوراء، وبقضية الإمام الحسين عليه السلام، هذه قضية لها جذور دينية، إنهم يحتذون بذلك حذو رسول الله صلّى الله عليه وآله وصحبه الذي اهتم بمقتل سبطه الحسين منذ الأيام الأولى لولادته، وكانت حالة غير مألوفة أنّ جداً كان ينتظر بفارغ الصبر مجيء سبطه لأن رسول الله صلّى الله عليه وآله خلقته وصلته ببضعته الزهراء فاطمة معروفة، وحين يأتي هذا السبط في الأيام الأولى يغمره بالبكاء ويُظهِر الحزن والكآبة في أكثر من مورد ومجلس أمام زوجاته أمهات المؤمنين رضوان اللهم تعالى عليهن وأمام العديد من أصحابه كما تنقل ذلك كتب الحديث عند السنَّة والشيعة، أنه صلّى الله عليه وآله وصحبه بكى فسُئِل في أكثر من مورد قال: أبكي لما يصيب ولدي هذا لأنه يُقتل في أرض يُقال لها كربلاء وأن جبرائيل أتاني بتربة من تلك الأرض تربة حمراء هي عندي، تجدون هذا الحديث في المستدرك على الصحيحين وتجدونه في مسند الإمام أحمد بن حنبل وتجدونه في الأحاديث الصحيحة لمحمد ناصر الدين الألباني وتجدونه في مصادر مختلفة. الشيعة اقتداء واحتذاء يتألمون يشعرون بالألم حين يمر عليهم ذكرى استشهاد الإمام الحسين ويستندون إلى مَرْويات عن أهل البيت عليهم السلام، أئمة أهل البيت الذين يعتبرون قولهم حجة يستندون إلى تلك الروايات في الاحتفاء بهذه المناسبة، هذا الشق الأول. |
الاحتفاء بهذه المناسبة تحوَّل إلى موسم ثقافي ديني اجتماعي، لعله أعظم موسم في المجتمعات الإنسانية، يجتمع الناس من أبناء الشيعة رجالاً نساء كباراً صغاراً، في مختلف مناطقهم وبقاعهم طيلة عشر ليالٍ وعشرة أيام وهم يستمعون للمحاضرات والمواعظ الدينية والتاريخ الإسلامي وسيرة الرسول صلّى الله عليه وآله وصحبه وسيرة أهل البيت والصحابة الكرام، هذا هو الجانب الهام، هناك جانب آخر في السؤال بعض الممارسات السلبية التي حصلت مؤخراً لم تكن في الماضي عند الشيعة مثل إدماء الرؤوس وإدماء الظهور هذه ظهرت قبل حوالي ما يقارب المائة سنة في مناطق أخرى في الهند ثم انتقلت إلى تركيا وإيران ثم تسللت قبل عقود إلى بعض المناطق في العالم العربي، هذه الممارسات يرفضها وينكرها كبار العلماء عند الشيعة وقبل شهرين في مناسبة عاشوراء وبعد عاشوراء أصدر أبرز العلماء في المملكة.. علماء الشيعة في المملكة أبرز علماؤهم من المدينة المنورة ومن الأحساء ومن القطيف أصدروا بياناً موحداً وقّعوا عليه يعلنون رفضهم لهذه الممارسات ويطالبون الناس بالابتعاد عنها، لم تكن عندنا مثل هذه الممارسات عند الشيعة في المملكة لكن أخيراً في ضوء ما تنقله الفضائيات حاول في هذه السنَّة الأخيرة بعض الناس القلائل أن يحاكوها فأصدر علماء الشيعة في المملكة بياناً ونُشِر في الإنكار على هذه الممارسة وإذا سمح لي معالي الشيخ الدكتور محمد عبده يماني أن أستشهد بما يتحدث به أخوتنا وأحبتنا من أتباع الاتجاه الصوفي الذين يتحدثون عن بعض الممارسات الصوفية التي التصقت بالتقاليد والأذكار الصوفية وهم ينكرونها، إذا كانت هناك ممارسات خاطئة فلا يعني رفض الاتجاه بكامله وإنما ينبغي أن نحذّر الناس من هذه الممارسات الخاطئة. |
معالي الدكتور محمد عبده يماني: شكراً جزيلاً فضيلة الشيخ الحقيقة أن الأسئلة التي وردتنا أعدادها كبيرة ولا نستطيع أن نستوعبها بالإضافة إلى السيدات اللاتي بدأت الأصوات ترتفع منهن كما ترون، يعني احتجاجاً على أننا وصلنا إلى نهاية المطاف ولكن قبل النهاية يحضر معنا أستاذ وشيخ فاضل وجليل وعالم شاب يسير على هدى أستاذي الشيخ السيد محمد علي المالكي ودائماً يحرص على هذه اللقاءات ويهمنا تعليق بعثه لنا يقوله بنفسه السيد الشيخ العالم الأستاذ عبد الله فدعق. |
|