((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلّي وأسلّم على خير خلقك سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته أجمعين. |
الأستاذات والأساتذة الأكارم.. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
يطيب لي أن نلتقي هذه الأمسية للاحتفاء بالداعية الإسلامي المعروف، الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة، وهو غني عن التعريف بما حقق من إنجازات علمية ودعوية تذكر فتشكر وتقدر. |
إن ضيفنا الكبير يقف اليوم بعنفوان العطاء في مقدمة واجهة العمل العام بعد مشوار طويل من الإسهامات المتعددة التي وقعت بين مد وجزر من قبل المتلقين على امتداد الوطن، وفضيلته ـ شأن أي إنسان يتصدى للعمل العام ـ مكان تجاذب في الآراء التي نتفق أو نختلف معه من منطلق الأفكار التي يسعى إلى تأصيلها والذود عنها. وكما تعلمون فإن نجمه قد سطع في أوج فترة ما عرف بالصحوة الإسلامية، وكان ((شريط الكاسيت)) مدخلاً مهماً في انتشار محاضراته العديدة، ولقي توجهه رواجاً كبيراً بين بعض شرائح المجتمع، إلا أن مختلف القراءات ووجهات النظر عملت على كبح ذلك المسار، وانحسرت الموجة العارمة لتفسح المجال إلى إعادة النظر في الطروحات السائدة آنذاك، وتمخضت سنوات إعمال الفكر وشحذ الهمم إلى ظهور أطر جديدة شكلت بدايات العودة إلى قيم الوسطية والتسامح كمنهج إسلامي أصيل بدلاً من التطرف وإقصاء الآخر الذي بدا لوقت غير قصير أنه من سمات بعض الدعاة المغالين والمتشددين الذين يتفق الكثيرون على أنهم أضروا بقضية الدعوة والدعاة. |
لقد واكب هذا التحول المنهجي في حياة ضيفنا الكريم توسع الرؤى في العمل الإعلامي من خلال دخول روافد عدة من أهمها الفضائيات وشبكة الإنترنت، فكان لا بد من اغتنام هذه الفرصة من قبل كل ذي بصيرة ليتمكن من خدمة أهدافه السامية، فانطلق فضيلته بكل حماس لإرساء مؤسسة ((الإسلام اليوم)) التي انبثق منها موقعها الإلكتروني الذي أصبح محط أنظار أكثر من مائتي وثلاثين مليون زائر حتى اليوم.. وهو رقم لا يستهان به في ظل التوسع الكبير الذي تشهده الشبكة العنكبوتية، هنا أحب أن أقول بين قوسين (شرفت البارحة بزيارة الأستاذ الدكتور العلامة وليد الخالدي تلك القامة السامقة الكبيرة التي تقف على أكبر منابر ومنصات الجامعات العالمية وبالذات في أمريكا كهارفارد وغيرها، وإلى ما ذلك من جامعات، التي لا تحصى وهي قامة بدأت من الجامعة الأمريكية في بيروت وانتهت من الأصوات التي لها أثرها الكبير وبالذات في العالم الأمريكي ورجل يستطيع أن يطرق أكبر الأبواب بما عُرِف عنه من نزاهة وحيادية، الرجل على سفر هذه الأمسية وعندما عرف أن ضيفكم هذه الأمسية أستاذنا الكبير أسِف لعدم تمكنه التشرف بمعرفته وعندما طرحت رقم المائتي والثلاثين مليون زائر لموقعه حتى اليوم اندهش الرجل وأنا أتكلم عن رجل على علم بدقائق الإحصائيات في العالم وقال أستطيع أن أقول إن هناك داعية يستحق أن يُقال له داعية، وأرجو أن تنقل له تحيتي وتقديري وتمنياتي له بالتوفيق وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجه الله، رأيت أن أشارككم في هذه المداخلة وأنا فخور كابن من أبناء الوطن أن تأتي هذه الشهادة من رجل بهذه القامة)، أعود فأقول وهو رقم لا يستهان به في ظل التوسع الكبير الذي تشهده الشبكة العنكبوتية وهو إنجاز يستحق التكريم في حد ذاته، ممثلاً في ضيفنا الكريم الذي يتولى الإشراف العام عليه، إذ لم يتوقف العمل على مخاطبة الذات، وهو المأزق الذي تقع فيه معظم أذرع العمل الإعلامي، بل تخطى ذلك إلى إفراد قسم باللغة الإنجليزية لمخاطبة المسلمين الجدد غير الناطقين بالعربية، وفي ذات الوقت التواصل مع كل من يود التعرف على الإسلام والسيرة النبوية العطرة، بأسلوب مبسط، وقواعد علمية ترتكز على الوسطية والتسامح والبعد عن الشطط والغلو والتطرف.. وبالتأكيد ليس صدفة أن تصدر مجلة ((الإسلام اليوم)) مواكبة للموقع الإلكتروني، فالعمل المتكامل يتطلب ذلك الجهد.. وقد أحسن فضيلة ضيفنا الكريم في هذا التوجه الخيِّر، ليتحد الخيطان ويبرمان أمر رشد نأمل أن يحقق الأهداف المنوطة بهذا العمل الكبير. |
إن محطات فارس أمسيتنا كثيرة ومتنوعة، وأحسب أن من أبرزها وأكثرها التصاقاً بالمتلقي اقتحامه عن اقتدار مجال الفضائيات، متسلحاً بعلمه الواسع، وثقافته الناضجة، وخلفيته الأدبية القوية، ليدخل قلوب الناس وعقولهم بأيسر الطرق وأحبها إليهم، غير متجانف عن الحق، منتهجاً أسلوب التواضع الذي هو من سمات العلماء الكبار، راصداً ودارساً ومحللاً ما يهم المجتمع الإسلامي من قضايا ليمنحها حقها من البحث وتقديم ما فيه مصلحة الجميع. |
وليس بعيداً من هذه الدائرة نلاحظ اهتمام فضيلته بالفتوى، وفتح نافذة لها في موقعه الذي أشرت إليه آنفاً.. وبالرغم من سابغ علمه وأكيد فضله ولا أزكيه على الله، فهو ليس ممن يتقافزون على الفتوى بشغف من يود فرض الرأي الأحادي، بل كثيراً ما يلجأ للاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص ـ وهذا شأن الكبار ـ ليستصحب آراءهم في المستجدات التي تعترض المسلمين في مختلف أنحاء العالم، راجياً أن يسد بعمله هذا الطريق أمام خفافيش الفُتيا من أنصاف المتعلمين، وبعض طلاب العلم، الذين ضيقوا واسعاً على كثير من المسلمين. |
إن نظرة عجلى على جدول أعمال ضيفنا الكريم، تشير بوضوح إلى أنه من ذوي العزم الذين يقدرون شريف الوقت ويوظفونه بطريقة دقيقة لخدمة الأهداف السامية، والمسؤوليات الجسيمة، والتطلعات الكبيرة التي تتزايد يوماً بعد يوم، مضحياً في سبيل ذلك بالغالي والنفيس، مقتطعاً الكثير من وقته وجهده وماله، ليجعل الفرح أقرب إلى أفئدة الناس بعيداً عن أبواق الصوت العالي الذي اتخذه بعض الدعاة ـ عفا الله عنهم ـ أسلوباً في التعامل مع المسلمين، مما نفّر السامعين، وأقض مضاجعهم، لما يلقونه من تقريع وغضب ونظرة دونية تهز مشاعرهم وتنأى بهم عن تلك الملتقيات التي أراد أصحابها أن تكون واحات خير وبركة فجاءت بعكس مرادهم.. وما أروع ضيفنا الكريم وهو يقدم سلسلته الشهيرة الموسومة (كتاب الإسلام اليوم): ((سنحاول في هذه السلسلة ترسيخ قيم الحوار الإسلامي الناضج الراقي في موضوعه ولغته، البعيد عن المهاترات والسباب، والشتائم، الذي شوَّه صورة اللغة والعقل والدعوة، وسنحتفي أكثر بالرؤى العلمية التي تعين على فهم المستجدات والنوازل، أو تلك التي تقدم مشاريع ميدانية وبرامج علمية وعملية ترفع الصورة التقليدية القائمة على الندب والحزن والإحباط، لنزرع الفرحة الصادقة في النفوس، ونستخرج معاني التفاؤل حتى من عمق المأساة)). |
بهذا القول المحبب إلى النفوس، أعيد أجمل عبارات الترحيب بفضيلة ضيفنا الكبير، راجياً المولى عز وجل أن يثبته على طريق الخير والحق، وأن يكلل بالتوفيق مساعيه الرائدة، وتوجهاته الحضارية السامقة، متمنياً لكم أمسية ماتعة في حضوره المتألق. |
سعيداً أن أذكركم بأن الأمسية القادمة ستكون بإذن الله في معية سعادة الأستاذ الدكتور عدنان بن علي رضا النحوي، صاحب المواهب المتعددة فهو بجانب تخصصه الدقيق في هندسة الاتصالات الكهربائية، يتمتع بموهبة أدبية وذائقة شعرية رقيقة، مكنته من تأليف أكثر من ثمانية وتسعين كتاباً في موضوعات مختلفة، من بينها ثمانية دواوين شعرية، وأربع عشرة ملحمة.. وقد ألهم سعادته عدداً من الدارسين والباحثين، منها بحوث للحصول على إجازات في الأدب، وبعضها لنيل الماجستير من جامعات عديدة. |
الاثنينية ليست لها رقاع دعوة كما تعلمون، ويكرّمها كل من يُشرّفها، ويطيب لي أن أنقل لاقط الصوت لمعالي أخي الأستاذ الكبير الدكتور رضا عبيد مدير جامعة الملك عبد العزيز الأسبق، وعضو مجلس الشورى السابق، وقبل ذلك الرئيس الأعلى لمركز العلوم والتكنولوجيا كما أعتقد (لأن المساحات على ما أظن قد بدأت تشتغل عند محبكم) ليتفضل مشكوراً برعاية هذه الأمسية كما تعودنا من بدء هذه السنة، متطلعاً إلى لقاء يتجدد وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|