شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
وقبل أن يلتئم جمعكُم المبارك، آلمني نبأُ انتقالِ الأخ الأستاذ الدكتور الفنان التشكيلي عبد الحليم رضوي إلى رحاب بارئهِ، وهو من أوائل روّاد ((الاثنينية)) الذين أسهمُوا بجهدٍ طيب في بلورة مسيرتها، وبفقده تأثرت دون شكٍّ ساحةُ الفن التشكيلي، فقد كان الفقيد علامةً مميزة في مسيرة الفن التشكيلي بما قدّم من أعمالٍ كبيرة، ومعارض عالمية، ورؤَى عميقة مكنَتْهُ من اختراق عالم الفن في أوروبا وإسبانيا على وجهِ الخصوص، وساعدته إجادته اللغات الإيطالية، والإسبانية، والإنجليزية على إيجاد روابط متينة مع كثير من ألوان الطيف التشكيلي عالمياً، فوجَّه ريشته وخاماته الفنية إلى خدمة السلام من منظور إسلاميِّ متطور.. وقد كان معرضه الموسوم (الفن من أجل السلام) والذي شرفت بحضور افتتاحه برعاية صاحب السمو الملكي الأمير الجليل سلمان بن عبد العزيز في إسبانيا (ماربيا) بتاريخ 16/7/1423هـ الموافق 23/9/2002م واحداً من أهم المعارض التي خدمت الفكر الإسلامي، والسلام والتسامح، والقيم الوسطية النبيلة التي يدعو إليها الإسلام.. فرب صورة خير من ألف كلمة.. رحم الله فقيدنا الكبير، وأسكنه فسيح جنانه مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.. وأحسن إليه بقدر ما قدم لأمته ووطنه ومواطنيه.. راجياً أن تستمرَ المسيرة الخيِّرة التي نحتها بيديه في صخر البدايات الصعبة.
أحمدك اللَّهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلّي وأسلّم على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين.
الأستاذاتُ الفضليات
الأساتذة الأكارم
السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته:
فهذه رشقة أخرى من غيمة العطر التي تزين سماءَنا.. فالحمدُ لله على ما أنعم وأكرم، إذ هيأ لنا فرصة اللقاء بعلم من أفذاذ الثقافة والأدب والفكر، الأستاذ الكبير عبد الله بن الشيخ محمود الطنطاوي، الذي نشأ عصامياً متعدد المواهب، لتكبر معه أحلام الطفولة وملاعب الصبا، فيجسدها عبر أكثر من مشروع اكتملت له شروط النجاح بفضل الله ثم ما قدّم من جهود وما بذل من تضحيات، فهو ليس من حملة الألقاب العلمية الكبيرة، لكنه أدلج، وفي الصباح حمد السُّرى.. سعداء أن نرحب به اليوم قادماً خصيصاً من الأردن الشقيق ملبياً دعوة اثنينيتكم التي ما فتئت تمدُّ يدها في كل اتجاه لتحييَ بعض الجهود المخلصة، وأصحاب العطاء المتصل، والنوابغ الذين يحملون شموع التنوير، لا لشيء غير أن يجعلوا الدنيا حولهم أكثر جمالاً وخيراً ورخاء وإعماراً كما أرادها الحق سبحانه وتعالى.. فمرحباً به بين أهله وأصدقائه وعارفي فضله.
إنَّ احتفاءنا الليلة بهذا العلم الكبير يتجاوز شخصه النبيل إلى رمز أكثر التصاقاً بكثير من تيارات واقعنا المعاش، فضيفنا الكريم أبصرَ النورَ في زمنٍ أدركَ مجايلُونا معنى (فكّ الحرف) في كثير من الدول العربية التي اكتوتْ بنير المستعمر، فتح عينيه على بلد أو بالأحرى بلدان، انكفأت على ذاتها تجتر ألق الماضي وذكريات البطولات على حلقات تحكي قصة الزير سالم وعنترة بن شداد، أو تنشد أشعاراً تستلهم الماضي دون أن تدرك حقائق الحياة على الأرض، وكيفية التعامل مع معطيات العلم التقني.. زمن كان المذياع يمثل معجزة في كثير من القرى والبلدات، وهذا ينسحب على الكهرباء، والسيارات، وشبكات المياه، والهاتف، وغيرها من أساليب الحياة العصرية، زمنٌ حكمته البراءة، وتأصلت فيه القيم الجميلة والمثل العليا.. بيد أن التعليم عبر مختلف قنواته كان في أضيق نطاق ممكن، وقد تزامنت سنة ميلاد ضيفنا الكريم مع إصدار سيدي الوالد وصديقه معالي الشيخ عبد الله بلخير (رحمهما الله) كتابهما الشهير ((وحي الصحراء)) عام 1355هـ/1936م، وهو زمنٌ عزّ فيه طلب العلم فكيف بالنشر بمعناه الحضاري المتعارف عليه؟
من تلك البدايات التي تفتقت عن ولع شديد لفارس أمسيتنا بالحرف، استطاع أن يشق طريقه في حقل الدرس والتحصيل وفق الإمكانات المتاحة، وعندما أنهى مرحلة الدراسة، وما أقصرها، لم يجد ما يربطه بهذا العالم الذي أحبه غير أن يعمل في مجال التدريس ليستمر في استنشاق عطر الحبر والورق، اللذين سعدتُ باستنشاق عبيرهما، ويجريان في دمي من الوريد إلى الوريد، ولا يزالان، فأنا ابن هذه المهنة ولم أزل، وإن اختفى هذا العبير سنوات طويلة في تاريخ الكثيرين، منذ عرفوا انتشار القلم الجاف، والورق المصقول، لكم دينكم ولي دين.
ثم استمر ضيفنا ينحت في الصخر، ويشرئب نحو الغد الواعد، وفي حلب الشهباء كانتْ له حركة تنبض بالحياة في بيئة نشطت أوصالُها لتشكل مجموعاتٍ من الأدباء والصحفيين والفنانين والإعلاميين.. فلمْ يتوانَ عن بذل جهود غير عادية ليتواصل مع كثير من تلك الفعاليات ويتمكّن من توزيع طاقاته المتجددة في كثير من أعمالها ونوافذ عطائها الخيِّرة.. الأمر الذي مكنه من تولِّي رئاسة الكثير منها، فوجد ضالته في نشاطات تتضمن الثقافة والأدب والفكر.. وقد كان لهذا النسيج الفريد انعكاساته الإيجابية على مستقبل حياته الأدبية والإبداعية.
انغمس ضيفنا الكبير في تلك الأجواء المشبعة بالأزاهير المتعددة الألوان، ومثل نحلة هزّها الشوق إلى رحيق حان قطافه، نهل أستاذنا الكبير من كلِّ طيف ورشَف من كل نبع.. فتجمعت لديه حصيلة وافرة من المعارف والثقافات المتعددة، فأفرزها تباعاً في كتب متعددة تجاوزت السبعين مؤلفاً، تراوحت بين الرواية، والسيرة والتراجم، وكتب للفتيان والأطفال، والدراسات النقدية، بالإضافة إلى النشاطات الإذاعية، والإسهام في بعض الأعمال البحثية المرتبطة بموسوعات لاقت قدراً من الذيوع والانتشار مثل موسوعة فلسطين والوعد الحق، وموسوعة الزاد السعودية، ومئات المقالات التي نشرت في مختلف الصحف والمجلات العربية والأوروبية.
ولم تعد حلب الشهباء تمثل ذلك الحضن الدافئ الوحيد الذي استقطب نشاط ضيفنا الكريم، فانطلق منها مدفوعاً بحب المعرفة والعلم ليجوب الآفاق زائراً ومشاركاً في كثيرٍ من المؤتمرات واللقاءات الأدبية، إلى أن ألقى عصا الترحال في الأردن الشقيق كمحطة في مشوار كفاحه الذي نتمنى له المزيد من التألق والنجاح.
مرة أخرى نرحب جميعاً بضيفنا الكريم، متطلعاً أن نسمع منه المزيد عن مشاريعه وآماله وأفكاره، وما يعتمل في نفسه لما فيه خير الأمة، سعداء أن نكون بمشيئة الله يداً واحدة تعزز تضامنها لمزيد من العطاء.
وكما بدأت ((الاثنينية)) مشوارها منذ بدء هذا الفصل بتشرفها برعاية شخصية من ذوي الفضل الذين تواصل برّهم نحوها، فيسعدنا أن يرعى هذه الأمسية معالي الأخ الكريم/الأستاذ الدكتور سهيل بن حسن قاضي، مدير جامعة أم القرى السابق، وعضو مجلس الشورى سابقاً.
آملاً أن نلتقي الأسبوع القادم لتكريم الأستاذ الدكتور سيد محمد ساداتي الشنقيطي، أستاذ الإعلام الإسلامي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الذي صدرت له مجموعة كاملة لأكثر من عشرين مؤلفاً حول الإعلام الإسلامي، بالإضافة إلى أحد عشر كتاباً بعضها تحت الطبع في باب ((علوم القرآن الكريم)) وتسعة كتب في باب ((الدعوة والثقافة الإسلامية)).. كما حصل على إجازات في القراءات العشر، وإجازة في قراءة حفص.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبجمعكم الكريم.. وإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :877  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 102 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.