((كلمة سعادة الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين ورحمة الله للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، صدقوني أنني كما قال ابن زيدون: ((أنا حيران وللأمر وضوح والتباس)) أبدأ بكلمتي أو أبدأ بالرد الجميل، وإن كنت لا أستطيع أن أرتقي إلى مستوى هذا البيان الذي شملني وغمرني بأكثر مما أستحق والواقع كما قال أستاذنا الكبير الأستاذ محمد حسين زيدان رحمه الله: ((أنا رجل من عُرْض الناس يؤدي بعض واجبه أو ما استطاع إلى ذلك سبيلا)). |
ائذنوا لي أن أُعرّج على الكلمات ثم أقرأ كلمتي: أستاذنا أبا أحمد شكر الله فضله، فقد رآني في ما يشبه معركة مع فتاة تحمل ماجستير عن رجل ذي بيان، وصاحب مجلة ((البيان)) للبرقوقي، ولما تجاوزت هذه الفتاة حدها كما أعلم وأنا قلت لأبي أحمد حين هاتفته أتقبل أن يُقال فيك أو يُقال لك هذا؟ إذا وجدت أني أخذت من كتابها سطراً واحداً فلها الحق في أن أنكر عليها ما قالت، على كل حال نصحني أبو أحمد بمقال جميل أبا وديع كُن وديعاً، وقد كنت.. فسمعت نصحه فشكر الله فضله، وليس غريباً أن يأتي من أبي أحمد هذا الفضل عبر معرفة امتدت إلى عقود كما ذكرها، وما زلت أقول إنه جهد المُقِلّ وكم كنت أتمنى أن أُقَدّم أكثر مما قدمتْ، ولم أُقدّم شيئاً، صدقوني هذا ليس تواضعاً، فشكراً أبا أحمد وأنت صاحب فضل. |
صاحب الاثنينية كنا نسعى وراءه ونرجوه ونترجاه ونلتمسه أن نقوم ببعض الواجب له في ليلة مثل هذه الليلة، وكان يتمنّع وكان يعتذر وكان لا أقول يرفض، ولكنه يعتذر، إن استطعتم هذا الجمع الكريم في هذه الليلة المباركة أن تساعدونا على أن نؤدي هذا الواجب وأنا ما زلت في النادي لليوم فإنّنا نردُ إليه بعض جميله، لا بعض جميله علي وعلى مواطنيه، ولكن على الأمة أو علماء ورموز الأمة يدعوهم من عالم الوطن العربي فاعينوني على هذه الرسالة وما زلت على رأس النادي، قيل لي ورفاقي استمروا إلى أن نبلغكم بمن سيحل محلكم، فنحن في انتظار، فإن استطعتم أن تكسبوا هذه الجولة فسأقدم جائزة مني أنا إذا قَبِل صاحب الاثنينية أن نرد إليه بعض جميله. |
سيدنا عبد الله جفري: الواقع هذا فضل منك وأنا لا أكُنُّ لك إلا كل خير، صحيح نحن اختلفنا أو نختلف، ولكن ما كتبته في عكاظ قبل ثلاثة أسابيع تقريباً تفضلت به عليَّ وأنا لا أؤدي إليك بشيء إذا أخذت بعض العفش ووضعته في مخزن أو كذا.. هذا لا يحسب بين الناس وبين الأصدقاء بشيء، ولا يستحق الذكر ولكن أنت تفضلت به وأنت بادرت بهذه التحية، الكلمة الجميلة التي سمعناها أو سمعتموها والواقع أنني أمام هذا الفضل وهذا الكرم لا يسعني إلا أن أشكرك شكراً لا يؤدي شيئاً كما كان يقول الأستاذ العميد طه حسين، ولكن أقلّ ما فيه أنه اعتراف بجميل. وكما يقول المتنبي وإن قلت كلمة من هذا البيت قد لا تروق لي أو قد لا تجد لها تفسيراً عند المثقفين يقول المتنبي: |
وبيننا لو رعيتم (أنا لم أقل لو رعيتم) |
بيننا إذ رعيتم ذاك معرفة |
إن المعارف في أهل النهى ذمم |
|
فنحن بيننا معارف ذمم فيا سيدي الحبل موصول وأنت رجل متفضل شكر الله فضلك. |
أقول أمام هذا الثناء إن الله لذو فضل على الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون، نرجو الله أن يجعلنا من القليل الذين قال فيهم في كتابه العزيز: وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (سبأ: 13) فالحمد لله. |
الدكتور منصور الحازمي قال وما زال يقول لولا أبو مدين ما كان في البلد حداثة، وتساءلت وسألت، هل أستاذنا الدكتور الحازمي بهذه الكلمة يذم أم يمدح؟ فلهذا الكلام صورتان أو وجهان، ولست أُنصِّبَ نفسي لأفسر ولكن هي كانت بالبلد طلابنا ذهبوا لأوروبا لأمريكا تعلموا جاءوا بهذا، أنا لا أنكر أن القديم هو أساسنا، ولكن لا أقف في وجه الجديد، عندما أفعل أغلق على نفسي الباب، وطبعاً أبو وديع عنده ((جذور)) التراث وعندي ((علاماته)) وعلى كل حال هذا اجتهاد، والذين يعملون هم الذين يخطئون، والذين لا يخطئون هم الموتى كما تعلمون، فشكراً يا سيدي. |
الدكتور عبد الله المعطاني لا أستطيع الارتقاء إلى مستوى ما تفضلت به وقلت فأنت رجل أكاديمي وأنت رجل تعمل الدكتوراه وهذا البيان يحتاج إلى عقود لكي أستطيع أن أرتقي إلى بعضه لأعبر لك عن شكري وتقديري لما تفضلت به في ((عكاظ)) وما تفضلت به الليلة. |
أخي وابني الشريف يوسف علي يوسف الشريف: هذا البيان الجميل فلا شك أنه من كلية ((الدراعمة)) كلية دار العلوم بمصر، بجانب النبع الصافي فيه، الأخ علي بن يوسف الشريف نبع هذا التراث من هذا البلد ليمتد إلى سبعة عشر قرناً في العصر الجاهلي، ويتواصل إلى شرقنا في الصين، وإلى غربنا إلى الأندلس، ليس جديداً عليك وسأُبلّغ هذا البيان أو هذا الجمال الذي سمعته الليلة وتفضلت به إلى أستاذنا جميعاً الدكتور محمد عبد العزيز الموافي، فهو رجل تربطنا به علاقات كريمة وبيانك بيان جميل نرجو الله أن يزيدك من هذا الفضل. |
الدكتور سعيد أبو عالي هو رجل أيضاً متفضل ورجل كريم ومن حسن حظي والله وفضل الله عليّ وعليكم، أن أسمع هذا الكلام الجميل الرائع وأيضاً أؤكد أني لا أستحق شيئاً أنا قلت إن إذا كان الأستاذ زيدان ببيانه وجماله هو رجل من أبلغ الناس. إذا كان الدكتور الخويطر يقول إنه فماذا أقول أنا؟ واحد يأخذ شهادة ابتدائية في ثلاثة عشر شهراً ثم يتصدر هذه المراكز الكبيرة هذا فضل الله وعطاؤه سبحانه وتعالى، شكراً يا سيدي يا دكتور يا سعيد أبو عالي فأنت رجل ذو خلقٍ.. وذو وفاءٍ.. وذو كرم، شكر الله فضلك وجزاك الله خيراً. |
وأخونا فاروق بنجر أيضاً من هذه الكوكبة المستنيرة الكبيرة نلتقي به عند أستاذنا والرائد الكبير عبد الله عبد الجبار نلتقي في جدة ونسعى إليه في مكة، نرجو الله أن يمد في حياته وأن نلتقي به مرة ومرة وأن نستطيع أن نرى أيضاً كتابه النثري الذي هو الجزء الثاني بالنسبة لكتابه الأول، ودعوني أقرأ وريقتي بما فيها كما يقول أستاذنا العطار رحمه الله ((من عُجَرٍ وبُجَر)). |
ـ أحمد الله إليه، وأحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات، ثم: |
ـ السلام عليكم ورحمة الله، وبعد: |
ـ يقول الحق: وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ.. نسأله عز سلطانه أن يجعلنا من هؤلاء القليل، فنعم الله على خلقه لا تحصى ولا تستقصى.. |
ـ أصحاب المعالي والسعادة، من أخوة وأخوات وأعزة في هذا المنتدى المبارك المتوثب. |
ـ سيدي الوجيه الأخ الشيخ عبد المقصود خوجه، صاحب الاثنينية، التي نستظل بفيضها الليلة وعبر ليال طوال جميلة وحفيلة بالتقدير والود والإيثار.. وقد دأبت بتوفيق من الله ثم بحرص صاحبها واهتمامه بالاحتفاء بالكثير من الرموز، في هذا البلد العزيز الكريم، وكذلك في الوطن العربي والإسلامي، وإن الأسفار التوثيقية المتميزة، ثم هذا الزخم من المؤلفات الثرة الغنية، وطباعتها وإخراجها وتجليدها على مستوى عالٍ، لأعلام من هذا البلد، وأعلام آخرين عرب من كل مكان، ثم هذا الجهد الكبير والإنفاق السخي، يذكرني بذلك الرجل العملاق، فهو رجل دولة ورجل كرم وسخاء، معالي الشيخ محمد سرور الصبان قبل ثمانية عقود، كان معين ومساند الأدباء في ذلك الوقت المبكر، وبقيت ذكراه العطرة ترن في أسماع الموقنين؛ رحمه الله برحمته التي وسعت كل شيء، ورطب ثراه. |
ـ وأنت يا سيدي، أرجو الله أن يمد في حياتك ويغدق عليك من مزيد فضله، لتبني للاثنينية صرحاً شامخاً، حفيلاً بالمعرفة في وطن المعرفة عبر أحقاب التاريخ.. ولن أذهب بعيداً إذا قلت إن الذين يرعون الأدباء وطباعة إنتاجهم قليل، وأنت أيها المحتفي العزيز من هؤلاء القليل الشاكرين لتوفيق الله له بالعناية والإنفاق على المعرفة، لأنها عنوان أي أمة تسعى وتعمل للرقي ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.. وإذا كانت أمتنا المسلمة، تدرك بوعيها بداية صلة السماء بالأرض، فنرى أن أول ما تنزَّل من الكتاب العزيز على خاتم رسل الله سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كلمة ((إقرأ))، وعرف صدر الإسلام والقرون التي تلت؛ قوام الحياة في ذلك العهد السامي القدوة والمتميز مغزى، عرفت مدلول ـ إقرأ ـ، ولماذا بدأ بها دستورها، هل لأنها أمة أميَّة، أم تعني أن القراءة مفتاح معرفة بل معارف، لا يحصيها إلا الله، وعند العالمين، أنها تدفع إلى العلم في كل أبعاده ومدلولاته، والقراءة جاءت بفعل الأمر لمن نزل عليه القرآن، ليعلم أمته ما شاء الله من علوم الدنيا والآخرة، ولتبلغ رسالته الدنيا كلها، لأن صاحب هذه الرسالة عليه الصلاة والسلام، أرسل للناس كافة، بشيراً ونذيراً، فبنت مجدها المعرفي بعدما تعمقت معطيات الرسالة الخاتمة، فأنشأت أمة وحياة، دانت لها الدنيا، وما زالت تتفيأ ظلال ذلك المجد البازخ الرائع، وهو سلاحها الذي توشحت به وعبرت بنوره ومنهاجه إلى أقاصي الدنيا؛ فاتحة هادية إلى أحسن قوام الحياتين، فدانت لرسالتها وشجاعتها الدنيا، حتى رأينا هارون الرشيد يخاطب سحابة عابرة: ((امطري حيث شئت فسيأتني خراجك..)) شرّق بهذه الرسالة إلى الصين، وغرّب بها إلى أواسط أوروبا فتية آمنوا بربهم وزادهم دستورهم هدى. |
ـ وفي هذه الوقفة، التي أبدوا فيها أني مدين للأخوة والأخوات الأعزة، على ما قدموا من فضلهم أهل له، أرجو الله أن يجزيهم خير الجزاء؛ على فضلهم ووفائهم وإحسانهم، والله يحب المحسنين، وأرجوه أن يعينني على رد بعض الجميل، لأنه هو الباقي بين الناس، وأهل الفضل أولئك الذين يفضلون به في مواقف كريمة غالية، والدر من معدنه لا يستغرب كما قيل، وكم وددت أن أرد بعض الجميل، غير أن بياني يقصر عن الوصول إلى هذا الجمال الراقي من التعبير؛ زاد الله ذويه فضلاً على فضل، وجوداً على جودهم، لأن العمل الإنساني الخالص يبقى لأهله على مر الأيام، لأنه جمال وعطاء من المعطي الوهاب.. أكرر شكري وتقديري وودي في هذه المناسبة العزيزة لصاحب الاثنينية المتفضل الداعي، ولمن هم أحقّ بالثناء مني، وأحق به مني، والله يجزيهم عزة وتوفيقاً وسعادة ويسراً، فهو سبحانه خير مكافئ ومجاز، إنه هو الوهاب.. |
ـ لست أريد في هذه الكلمة الشاكرة، أن أنثني إلى ما أعقب ذلك من سبات عميق.. غير أن بشائر يقظة جديدة اليوم أخذت سبلها، في كل أنحاء المعمورة، مجددة العودة إلى الإسلام القويم العادل السمح؛ القدوة والرحمة، وتجدد دخول غير المسلمين في هذا الدين القيّم، ونسمع أصوات المخلصين من علماء المسلمين ودعاته، يرددون أن النصر لهذا الدين، مهما تعالى الظلم والطغيان في الأرض، لأن هذا الكون الرباني بني على الحق والعدل، كما بني الإسلام على تلك القواعد النيّرة التي تقود إلى خيري الدنيا والآخرة.. |
ـ ولعلّي بعد هذه التقدمة، أجنح إلى الحديث عن تجربة متواضعة خضتها، فكانت لها نتائج بتوفيق الله، لا أزعم أنها هي كل طموحي، وطموح رفاقي في النادي الأدبي الثقافي بجدة، ولكنها كما يقال: جهد المقل، بقدر ما أتيح لنا من سبل الدعم المادي، وبقدر ما استطعنا أن ننال من حرية تحرك هنا وهناك.. ولعلّي لست في حاجة إلى تأكيد القول، إننا كمواطنين وأمة، مهما عملنا وأخلصنا، فإننا لا نستطيع أن نفي حق هذا الوطن علينا، وأسمع رنين كلمات، أمير الشعراء رحمه الله: |
وطني لو شغلت بالخلد عنه |
نازعتني إليه في الخلد نفسي |
|
ـ نسأل الله أن يحميه من كل الشرور، وأن يصرف عنه الفتن، وهو مصان بمشيئة الله القائل: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.. أما صاحب الاثنينية الكريم، فأذنوا لي أيها الأعزاء السيدات والسادة، أن أردد في تقديري وشكري قول أبي الطيب، في بدر بن عمار: |
مضى الليل والفضل الذي لك لا يمضي |
ورؤياك أحلى في العيون من الغمض |
|
والشاعر الطموح، كما أسماه الشاعر الكاتب علي الجارم رحمه الله، لا يشغله إلا كل ما هو جاد وعالٍ وغالٍ، وفي البيت الثاني من هذا الثناء يقول: |
على أنني طُوقت منك بنعمة |
شهيد بها بعضي لغيري على بعض |
|
سعادة المكرِّم والمكرَّم، أصحاب المعالي والسعادة، من المكرَّمين والمكرِّمين، بمشاعركم وودكم وفضلكم، أرجو أن تأذنوا لي بحديث أكبر الظن أنه ليس بعيداً ولا غريباً عنكم، عن تجربة متواضعة جداً في المجال الأدبي الثقافي.. وسبقها شؤون وشجون في الصحافة، وذلك بقدر ما قدر الله وأتيح لي.. على أني أعد إن شاء الله، بكتابة ـ أيامي في النادي ـ، إذا قدر الله وأعان ويسر، وهي حقبة امتدت خمساً وعشرين سنة، راجياً من الله العون، وإني موقن أن الصراحة التي سوف تصور هذه التجربة، ستشغل مساحات، من خلال ما تحمل مما يسميه آخرون إثارة، وعندي أنها تقدم صدقاً، وليس سوى الصدق، ومع كرهي للإساءة لي ومني، إلا أن كلمة الحق كما قال الفاروق رضي الله عنه: ((لم تدع لي صديقاً)). |
تجربتي في النادي.. |
ـ ولست أجنح إلى أن ألفت سمع ونظر حضراتكم في هذه التجربة، إلى شيء من بطولة أدعيها لنفسي، فأنا فيما سأسجل من حديث، أزعم أنه حقيق بأن يكتب بحق وصدق ودون إدعاء، فأنا أعي جزاء الكذب والكذاب وأنتم كذلك، في الكتاب العزيز.. ورسول الهدى صلى الله عليه وسلم الهادي البشير، حين سئل: هل المؤمن يرتكب كذا وكذا من المعاصي، قال نعم، وحين سئل هل المؤمن يكذب قال لا! وأدعو الله، أن ينصرنا على أنفسنا حتى لا نضل، وأن ينصرنا على أعدائنا حتى لا نذل.. |
ـ غير أني أزعم أننا في نادي جدة الأدبي الثقافي، وقد وعينا الخطاب الثقافي المعرفي، ولا أزعم أنني صاحب هذا الخطاب، لكن كنت مع نخبة وعت دورها وكيف تقدم نصوصاً ونماذج ثقافية حية، فكسب نادي جدة جولات خلال مرحلة ثرية، ومع ذلك فعندما استقال مجلس إدارة هذا النادي قال بعض أخوتنا، إن استقالتنا ليست عملاً وطنياً، بل قالوا إنها مسرحية، ولم يقولوا لنا: ما تعريف العمل الوطني؟ أهي أقوال لا حياة فيها ولا يعوّل عليها، ولم يشرحوا للقارئ مغزى ومعطيات فصول تلك المسرحية التي قالوا إننا أبطالها. |
ـ ثم أرجو أن تأذنوا لي بوقفة سريعة، لا لأرد على كلمة الأخ الدكتور علي الموسى، في زاويته: ((ضمير متصل))، في الوطن يوم 20 رمضان 1426هـ، إذ الرد قد جاء من الأخ ـ سعد البشري ـ، من أبها، نشر في الوطن، يوم الجمعة 25/9/1426هـ، بعنوان: ((حاربت الحكم على النوايا ثم وقعت فيه)).. |
ـ الأخ علي الموسى، قال في كلمته تلك لو أن أبا مدين، استقال بعد مضي أربع سنوات من اختياره رئيساً لمجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي بجدة، لكان خليقاً بالتكريم، وقال كذلك، هل بمقدور معالي وزير الثقافة والإعلام حضور التكريم في ثلاثة عشر نادياً، إلى آخر ما قال!؟ |
ـ وعبد الفتاح أبو مدين، لن يرد أو يدافع عن عبد الفتاح أبي مدين، لأن كلمة الأخ ـ سعد البشري، جمعت فأوعت.. غير أني أريد، لا من باب المنطق الجدلي، وإنما عبر المنطق لإقناعي في كلمات قصار، تحسباً لسؤال قد يبدر من خلال هذا الجمع الكريم في ليلة الوفاء والتقدير، التي فيها نحن الآن، مشحونة بمشاعر الشكر لصاحب الاثنينية ولكم جميعاً.. |
أولاً: في تقدير العقلاء، والدكتور الموسى فيهم ومنهم، إن النص الذي في لائحة الأندية الأدبية يقول، إن مدة بقاء مجالس إدارات الأندية الأدبية أربع سنوات، ويمكن أن تجدد لفترة مماثلة كما تنص المادة (20) من اللائحة.. وعندي أنه لا يليق أدبياً، أن يبادر مجلس إدارة أي نادٍ، ولا رئيسه فيعلن التخلي، لأن مرجعية الأندية التي سنت اللائحة وأوجدت هذه الأندية، هي صاحبة القرار، وهي التي يُعوّل عليها، عبر أي وسيلة من وسائل الإعلان والخطاب، أن تخلو، سواء بصيغة الجمع أو فرادى، ولن يقول أحد ـ لا ـ، ولا ليس مطلوباً منه أدبياً الإسراع بمبادرة التخلي، لأن قرار التخلي الذي ساقه الأستاذ الموسى، لا أقول إنه غير مسبوق، ولكن حيثيات التخلي، لا تكون من طرف المرءوس إلا في حالة وقت اختياره، فهو يستطيع أن يقدم الاعتذار. |
ـ الدكتور الموسى نفسه، نصح كما قال في مقاله، نصح الأستاذ محمد الحميد، رئيس النادي الأدبي في أبها بعدم الاستقالة، وزملائي وأنا نذكر أننا في خلال لقاءآتنا، عبر اجتماعات رؤساء وبعض الأعضاء سنوياً، كان بعضهم يلوّح بأنه سيترك ـ النادي، وذلك منذ أكثر من عشر سنوات. |
ـ أما أن معالي وزير الثقافة والإعلام، سيستجيب لحضور ثلاثه عشر لقاء، كما افترض الكاتب.. فإن الرأي العملي المنطقي، لو أن الأخوة رؤساء أندية وأعضاء مجالس إداراتها، سارعوا بالتخلي، في الوقت الذي أعلن فيه نادي جدة ذلك، ولست أزعم أنها شجاعة من مجلس إدارة نادي جدة تلك المبادرة، ذلك أنها استجابة لواقع لا محيد عنه.. إذاً لو أن الأخوة، أخذوا بزمام المبادرة، لوسع معالي وزير الثقافة والإعلام، أن يدعوهم إلى ملتقى، قد يكون في مركز الملك فهد الثقافي، فيحتفي بهم ويشكرهم ويقدر مبادراتهم.. لكن بعض أولئك الأخوة، أنكروا على نادي جدة ما أقدم عليه.. |
ـ وهاكم كلمات مقتضبة من تعقيب الأخ سعد البشري على الدكتور الموسى: ((قال الكاتب يعني الأخ علي: ((بأنه ممن أهدى مشورة لأحدهم بعدم تقديم استقالته، وندمه على هذه المشورة التي ولجت مشفوعة بشهادته إلى متحف التاريخ، إذا أجاز الشرعيون وأهل القانون قبول الدفاع التطوعي والإدلاء بالشهادة قبل طلبها في مثل هذه الحالة)). |
ـ وما زلت أؤكد أن العمل الثقافي مغارم، لكن اتهام علي الموسى في عنوان خطابه: ((الذين سرقوا الأندية الأدبية))، يعلن أن عدم مكثه في النادي الذي حلّ فيه، يعني أن العمل فيها مغارم، وليست مغانم.. وحامل الدكتوراه علي الموسى، كان يتقاضى من النادي هناك ألف ريال شهرياً، وهي مكافأة، يمكن أن ينالها كاتب لقاء مقال، ينشر في مجلة أو صحيفة.. لكنه سوء أدب هذا الاتهام الظالم، وسخف لا يعوّل عليه، ولا بد أن أردد قول الحق: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ (النساء: 54).. |
ـ وظلت الثقافة في بلادنا مهمشة، وأقرب دليل على ذلك، ما نشرته صحيفة الوطن في عددها ((1852)) الصادر بتاريخ يوم الثلاثاء 22 رمضان 1426، على لسان عضوي مجلس الشورى، الأستاذ/محمد رضا نصر الله، الدكتور محمد الرصيص، بعنوان عريض: ((تجاهل الثقافة في الخطة السعودية الثامنة للتنمية ـ يثير التساؤلات)). |
ـ إن هذا الوطن العزيز الكريم الذي شحت فيه الثقافة وهمِّشت، سماه الأديب الكبير الدكتور عبد الوهاب عزام، رحمه الله بحق ((مهد العرب))، وليست هذه التسمية جزافية، وإنما هي حقيقة التاريخ والمنبت المعرفي، لكننا اليوم لسنا كذلك، وأنا أقر الأخوين نصر الله ومحمد الرصيص، اللذين لم يجدا في خطتنا الثامنة ((بنداً)) للثقافة؛ أن يتساءلا، ومن حق كل مثقف في هذا الوطن ـ الكيان الكبير ـ أن يسأل: لماذا الثقافة في بلادنا مهمشة؟ غير أني لست يائساً، فمعالي وزير الثقافة والإعلام وسعادة وكيلي وزارته لشؤون الثقافة الدكتور عبد العزيز السبيل والدكتور أبو بكر باقادر، لهم حس مسموع في الجانب الثقافي، وإن كنت أقدر مسؤولية معالي الأستاذ إياد مدني، أعانه الله على ذلك وسدد خطاه.. |
ـ ولعلّي لست في حاجة لكي أؤكد: أن الأديب والمثقف كرامة وخلق وسلوك وقيمة، الأديب الحق ليس مستجدياً، وليس ممسوخ الشخصية، ذلك أن هذه الصفة إساءة للأدب العالي والخلق والمثل.. |
ـ وبعد: إني آثرت ألا أطيل في هذا الحديث المكتوب، وزملائي وأنا على استعداد للرد على أي تساؤلات توجه إلينا، مستعينين في ذلك بالله، ثم بصاحب هذا المنتدى ـ الاثنينية، ليعيننا إذا حزب الأمر، لأنا جميعاً ضيف عليه وتحت مظلته المشرعة.. |
ـ وبعد هذه التقدمة، وأرجو ألا تكون قد طالت، والآن فرفاقي وأنا في معيتهم مهيأون للرد على ما تلقون به من أسئلة وتحاور، وذلك مما يفضي إلى الحديث عن تجربتنا في النادي الأدبي الثقافي بجدة، وإنّا لسعداء وشاكرين هذا الاهتمام والاحتفاء معاً.. وعلى الله قصد السبيل. |
عريف الحفل: أصحاب المعالي.. أصحاب السعادة.. أيها الأخوة والأخوات.. وبعد تلك الكلمات الضافية التي استمعنا إليها جاء دور الحوار بين المحتفى به وبينكم أيها الأخوة الحضور. |
|