((كلمة معالي الأستاذ الدكتور سهيل بن حسن قاضي))
|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم. |
حضرات الأخوة الأكارم.. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
وبعد فلا يسعني بدءاً إلا أن أشكر لسعادة أخي الأديب الناشر المحقق الأستاذ عبد المقصود خوجه حسنَ ظنه في أخيه بدعوة شخصي المتواضع للتحدث إلى هذا الجمع الطيب عن موضوع تقصر دونه قدرتي، وقد طرقه قبلي كثير ممن هم من أهل خبرته.. كما كتبت فيه مئات المجلدات قديماً وحديثاً.. ولم أكن أملِكُ إلا أن أستجيب لدعوته، سعيداً بها. فإنه لشرف لي أن أتحدثَ بشيء في موضوع له هذا القدر من الشرف والخصوصية والجلال.. فهو عن مكة المكرمة، وقد خصص هذا العام للاحتفال بها عاصمةً للثقافة الإسلامية. ولعلّي أذكرُ ببعض ِملامحِ هذا الشرف والخصوصية الثقافية لهذا البلد الأمين. |
فلأخي عبد المقصود الشكر مكرراً، على هذا وعلى ما قدم ويقدم لحركة الأدب والفكر والثقافة في بلادنا الغالية. |
وإني لسعيد أيضاً أن أشرف بمشاركة سعادة أخي الأديب عاتق بن غيث البلادي.. وهو من تعرفون علمه وخبرته ودرايتَه: باحثاً جغرافياً مؤرخاً محققاً من الطراز الأول.. وهو أدرى أهلِ مكةَ بشعابها.. بل وبشعاب كل الحجازِ ومعالِمها وله فيها عديد من المؤلفات والكتابات، وكانت له يوماً ما دار نشر نيّرة لا أعرف عن نشاطها الآن شيئاً. وعاتق البلادي صاحبُ أول معجمٍ جغرافي حديث يجمع في مجلداته كنزاً من المعلومات الجغرافية والتاريخية والأدبية عن هذا الإقليم. |
وبعد ثانية فقد جعل الله مكةَ المشرِفة مركز الأرض، وقطب الرحى، واختيرت لتكونَ مهوى الأفئدة وأولَ الحرمين وأوَل بيت وضع للناس في الأرض، ومولدَ الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ولد فيها ونشأ وابتدأ بعثته ورسالته، يقول أحد العلماء في أمر الخصوصية في الزمان والمكان والأشخاص: خصَّ الله البشر دون كثير من الخلق وخصَّ الأنبياء عليهم السلام من سائر البشر، وخصَّ الرسل عليهم السلام من سائر الأنبياء، وخصَّ الله تعالى أولي العزم عليهم من بين سائر الرسل، وخصَّ النبيَ المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم من أولي العزم، وخصَّ من الزمانِ الكثير، شهرَ رمضان، وليلةَ القدر فيه، وليلةَ الجمعة، ويومها، وساعة الإجابة فيها ويومَ عرفة، والعشرَ من ذي الحجة.. إلى غير ذلك وخصَّ من الموضع الحرمين الشريفين وبيتَ المقدس، وخصَّ في مكة الكعبة المشرفة والحجر، والمقام، وزمزم.. |
وخصّ سبحانه أهل مكة بشيءٍ كما في الآية وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ (البقرة: 126) فنسبهم إليه وقال تعالى: الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ (الحج: 25) فسوّى بينهم، ومهما ذكرنا من خصائص وفضائل ومناقب ومكرمات فلن يتسع المقامُ لذكرها لنوفيها حقها، وكلُّ ما ذكر آنفاً يجعل من مكة المكرمة ومن سكن فيها أو ارتادها حاجاً أو معتمراً أو مقيماً تقع على كل واحد منهم مسؤولية ثقيلة وعظيمة نسأل الله أن نكون أهلاً لها. فنظرة الآخرين من المسلمين إلى مكة بكل ما تتمتع به من مكانة استوجب دوراً ريادياً لم يغفل عنه الأوائل ممن سبقونا، وعندما يتمُ اختيار مكة المكرمة عاصمةً للثقافة الإسلامية إنما يأتي هذا الاختيار من قبيل التأصيل والتأكيد على الدور الثقافي المميز لها الذي أُشتهرت به منذُ مئات السنين. ولقد أسهمت مكة بنصيب وافر في كل العلوم التي دارت حول القرآن الكريم والسنّة المطهرة، وسائر العلوم الكونية؛ فشملت بشمولية الإسلام كلّ مناحي الحياة الروحية والمادية. ذلك لأن بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، لم تقتَصِر على نشر العقيدة الإسلامية، بل تعدتها إلى وضع الأسس الأولية للمعارف العلمية ونظرياتِها عند العرب، وجاءت بالقواعد العامة لجميع نظم التعامل في الحياة (سنوك 267). |
وحين يطلق مصطلحُ الثقافة الإسلامية، فإنما يراد به كلُ العلوم والمعارف التي تؤطرها وتهيمن على توجهاتها العقيدةُ الإسلامية. وانطلاقاً من رحابة الإسلام ومرونةِ الفكرِ فيه، لم تَقْتصِر مُدَوَّنات الثقافة في هذا الفكر الرحب، على معطيات مذهب دون مذهب، أو فرقة دون أخرى من المذاهب والفرق الإسلامية المعتبرة، بل انفتحت عليها جميعاً وأخذت بما يَصحُ من القول والقولِ الآخر، والرأي الآخر. وحتى ما سِوى ذلك من نِتاج المذاهب والفرق الأخرى، احتفظ به كِتابْ الحضارة الإسلامية، وظل مسجلاً على هامش هذه الحضارة الواسعة، مع بيان الموقف الإسلامي منها. وهي كذلك لم تنحصر داخلَ قومية واحدة، وإنما شارك فيها رجال من كل الشعوب والقوميات. فهي أولاً ثقافة إسلامية في أصولها وغاياتها، وهي ثانياً أممية علمية شاملة، أسهمت في تكوينها ورفدها كلُ الحضارات والثقافات. ليس فقط ما نجِم في ديار الإسلام العريضة من علوم ومعارف، وإنما شمل ذلك كل ما ارتضاه الفكرُ الإسلامي الرَحْب فاحتضنته من تراث البشرية العام. |
فالإسلاميةُ هنا نص ودلالة على الشكل وعلى المضمون (الأيديولوجي) لعقيدة التوحيد ـ إن جاز لي التعبير بهذا ـ كما هو في الوقت نفسِه دلالةٌ صريحة على التعددية والأممية، وتنوع الروافد والمقاصد. |
وهي، من قبلُ ومن بعد، تعددية لا تنافي الوحدة، وتنوعُ لا يخل بالانسجام.. وهذان الملمحان: الإسلامية، والتعددية، هما أبرزُ خصائصِ المدرسة العلمية المكية.. وإليهما يعزى سمو هذه المدرسة وازدهارُها وخلودُها. (قارن: سنوك). |
ولقد هيمنت هذه الثقافة، بما أفيض عليها من خصائص القداسة والشرف والخلود، وبما تمتلك من القدرات الذاتية على سائر الثقافات التي نشأت بتأثيرها في الممالكِ الإسلامية. وهي تعاملت مع ثقافات الأمم الأخرى، تعامل الند والشريك الفاعل المؤثر.. حقاً لقد تضافرت على هذه المدينة المقدسة أسبابٌ عدة جعلت منها مركزاً فريداً للعلم والمعرفة على مر القرون، يعمُّ نورُه جميعَ بقاعِ العالم الإسلامي (سنوك ـ قارن ص 360). |
ولم يخل قرنُ من القرون المتطاولة في القدم من العديد من أجيال رجال العلم والثقافة والأدب، الذين نهضوا برسالة العلم والمعرفة، سواءٌ من أهل هذه البلاد، أو من غيرهم ممن استوطنها أو جاورَ البيت الحرام فيها. والمطالعُ لكتب تاريخ مكةَ وكذلك مصادر التاريخ العام وتراجم الأعلام ورحلات الحج، يلمُسَ بوضوح نشاط الحياة العلمية والأدبية في مكة المكرمة، وتواصَلَها واستمراريَتها عبرَ مراحل الزمان. وظل بها الحال كذلك حتى عندما انصرف بعضُ أبناءِ هذا البلد عن استثمار المعطياتِ العلمية المتاحة وتنميتِها، والإفادةِ من التطبيق العملي لما يحملون من علوم ومعارف، فاشتغلوا من ثم بالتأليف في الشروح والمتون والحواشي، دونما عناية بتنمية العلم الموروث تنمية مجالات الإبداع. غير أنهم حفظوا بذلك تراثَ الأمة ولغتَها من الضياع والاندثار.. ثم إن العلاقات والصلاتِ العلمية بين محافل التعليم في مكة وسائرِ مراكز الحضارة في العالم الإسلامي ظلت قائمةً متجددة. فحين قدِّر لبعض مواطن العروبة والإسلام الدخول في عصور من العزلة والتأخر والتراجع، ظلت مكةُ المكرمة على تواصل مستمر، وانفتاح على سائر الثقافات القائمة في العالم حينَها. وكان ذلك بفضل عاملين مهمَين، أولُهما: زياراتُ الدعوة إلى الإسلام والارتحالُ في طلب العلم ونشرِه من رجالات مكةَ إلى أرجاء العالم. وثانيهِما: التواصلُ العلمي مع وفودِ الحج والعمرة ورحلاتِ طلب العلم التي ظلت تترى كل عام وعلى مدار العام نحو هذا البلد.. حيث يفد إليه الحجاجُ من كلِ الأصقاع وفيهم العلماء والأدباء والرّواة، ليُفيدوا أهله من مذخور علومِهَم، ويأخذوا عنهم علومَهم وإرثَ النبوةِ لديهم. إذ كان هؤلاء يقومون بمهام التدريس في المسجد الحرام ونشر العلم في ربوع هذا البلد. وكثير منهم من يجاور البيت، لمدد قد تطول شهوراً أو أعواماً، ويحرصون فيها على استحصال بركة المكان بتأليف مصنفاتهم أو ابتداء تصنيفهم بها، وتدارس علومهم مع علماء الحرم وأدبائه. |
وفي هذا دلالةُ على أن ما كان يجبى إلى مكة من الثمرات، يشمل أيضاً ثمرات العقل والمعرفة.. قال الله تعالى: أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ (القصص: 57) وهو أحد أهمِّ المنافع التي يشهدها المسلمون في الحج. |
وعوداً إلى التاريخ: فبهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وطوال القرون المتتابعة، حملت المدينتان المقدستان مكة المكرمة والمدينةُ المنورةِ مشعلَ النور والعلم والمدينة للعالم. وعن هاتين المدينتين صَدَرَ الفاتحونَ والعلماءُ والدعاةُ، وحين ساحوا في بلاد الله الواسعة، أسسوا حيث حلوا، من المراكز العلمية ما أصبح يشعّ بأنوار الحضارة على الشرق والغرب، فتعددت مراكزُها في أقطارِ الأرض. |
وبازدهار ممالكِ الإسلام ازدهرت هذه المراكز؛ فكانت: دِمشق وبغداد، والكوفة والبصرة، ونيسابور، وبلاد ما وراء النهر في الشرق. |
وفي الغرب كانت: القاهرةُ، والقيروان، وقرطبة وغرناطة وإشبيلية.. وغيرها العشرات. |
وحين كانت تَدُول الأيام بدول الإسلام.. ظلت مكةَ المكرمة، موئلاً للعلم والإيمان؛ متوهجةً أبداً، ومنارَ إشعاعِ مزدهر، وملتقى لكلِ الثقافات على الدوام. |
وفي العصر الوسيط سجلت كتب التاريخ والتراجم أسماء الكثير من طبقات العلماء والعالمات، والأدباءِ والأديبات الذين أنجبتهم البلاد، من الهاشميين والقرشيين، ومن غيرِهم من الأسرِ العلمية، التي توارثت العلم وتصدت لنشره جيلاً بعد جيل. |
ومن أشهرِ من نبغ من هؤلاء: الأسرةُ الطبرية، وهي أسرةُ مكيّة عريقة، نبغ من أفرادها من الرجال والنساء، طيلة أجيالٍ متتابعة من القرن السادس الهجري حتى القرن الثاني عشر، العديدُ من العلماء الأجلاء والعالماتُ الجليلات، والأدباءُ والأديبات.. وعددُ الطبريات اللائي تَرْجم لحياتِهن صاحبُ كتاب ((نشرُ النور والزهر)) أكثر من عدد العلماء من الرجال المترجم لهم، إذ بلغ عددهن ثمانٍ وثلاثين عالِمة مترجمة، مقابل خمسةْ وثلاثين من العلماء الرجال. وهناك طبريات أخريات من غير هذه الأسرة.. وأسر أخرى أنارت أرجاءِ القرون الوسيطة. |
وإلى جانب علوم العقيدةِ والشريعة واللغةِ العربية، التي عُنِيَ هؤلاء العلماء بتدريسها، كانت العلوم الطبيعية والرياضية، وكذلك المنطق والفلك والطب والكيمياء، والجغرافيا والتاريخ واللغات.. كانت هذه العلوم أيضاً تحتل مكاناً سامياً وتحظى بإقبال العلماء وطلاب العلم على تحصيلها، ولا سيما ما كانت الحاجةُ داعيةً إلى تعلمه لتطبيقه في أمور الدين، كقواعدِ الإرث ومعرفةِ الأوقات وأوائلِ الشهور واتجاهِ القبلة، وأساليبِ المجادلة العلمية.. الخ. |
وأتاحت الصفةُ العالمية للمدينة المقدسة تدريسَ المذاهبِ كلِّها والاستماعِ إلى وجهة نظر الآخر ثم محاجته. |
ولقد كان من دأب الموسرين من المسلمين في أقاصي بلاد الإسلام وأدناها أن يَهبوا واحداً على الأقل من أبنائهم للتخصص في العلم الشرعي فيوفدونه إلى الديار المقدسة، ويعهدون به إلى أحد مشائخ علماء الحرم، يأخذ عنه العلم والأدب والتهذيب، ويحصُل على إجازة بتدريس ورواية ما تلقَّاه عنه. وهو ما يشبه نظامَ منح الابتعاث الذي تتولاه اليوم مؤسساتُ التعليم النظامية في هذا البلاد وتنْفُقَ عليه الدولة بسخاء. |
وبلغ من بر هؤلاء المسلمين ببيت الله الحرام وعلمائهِ أن كانوا يخصصونَ النذور والهدايا ويحبَّسون الأوقاف لمصلحة العلم والعلماء في مكة المكرمة. وقليلُ من يفعل هذا اليوم.. اعتماداً على تولّي الدولة لشؤون التعليم، ومقارنةً بين ما كان عليه الأمر في الماضي وواقع الحال اليوم، فهناك رأي لا تزال له وجاهته، وهو أن أهمَ ما يسهم في تردي الحياة العلمية وانحسارِ الإبداع والابتكار، وتحقيقِ التفوق والنبوغ، الاكتفاء بتلقّي العلم في المدارس النظامية المنهجية، دون حلقات الدرس الحر وملازمة العلماء وشهودِ ندواتهم ومجالِسهم العلمية، نأياً بأنفسهم عن السعيِ الكادح في سبيل العلم. |
وكان من اعتِداد علماء مكة المكرمة بشرف العلم ورفعةِ مقامه، أن صفوتَهْم كانوا ينأَوْن بأنفسهم عن قبول المناصب الحكومية، حتى لا تضطرهم الظروف إلى مجاراة الحكّام وتحقيقِ رغباتهم، فيبتعدون عن تطبيق شرع الله (سنوك 290). |
والحق أن من أهم ما يؤدي إلى الجمود الفكري وتلاشي دَوْرِ العلم في النهضة والرقي تسييسُ الحركات الفكرية، فذلك كفيل بالقضاء عليها في مهدها. ولقد كان لاستبدادِ بعض الحكومات في العصور المتأخرة، وانصرافهم عن العناية بالعلم والعلماءَ أَثرُه في فقدان روح التنافس العلمي، وهمودِ حركة التجديد والإبداع. وكان ذلك سبباً في اتجاه علماء ذلك العصر إلى الاقتصار في طلب العلم ونشره على حفظ المتون المتوارثة ونقِلها إلى الأجيال التالية.. (سنوك 290). |
وفيما عدا ذلك فقد ظهر الفكر الإسلامي وبلغ نموُّ العلمِ فيه أوجَهُ من الازدهار، حين كان بعيداً عن التأثيرات السياسية، (قارن: سنوك 271). |
أيها الأخوة والأخوات.. |
في الماضي كانت مدة بقاء الحاج في مكة تمتدُ إلى نحو ستة أشهر فمن يصل في شهر رجب يمكث حتى نهاية ذي الحجة ومن يصلُ في رمضان لا يغادر حتى ربيع الأول هذه الإقامة الطويلة على مدى الأعوام ولمختلف الجنسيات الإسلامية تركت إرثاً ثقافياً لا يمكن إغفاله، فضلاً عن بعض منهم ممن اختاروا الإقامة الدائمة بالأراضي المقدسة، منهم وبعضهم واءموا بين ما حملوه من ثقافات والثقافة المحلية السائدة في أرض الحرمين آنذاك، هذا الانصهار والتمازج لم يجمع بينهم سوى العقيدةِ الواحدة وإن اختلفت المشارب والعادات، أو الأعراق والملل من جانب آخر، كانت النتيجة تتجسّد في القدرة على التعايش والتآخي على هذه الأرض المباركة، فما أحرانا اليوم أن نؤكد هذا الدور الريادي ونجسّد تحقيقه بين ثقافات الدولة الواحدة تمهيداً لتطبيقها بين الدول الإسلامية الأخرى طالما أن النموذج الأصل في بلاد الحرمين قد أكّد نجاحه عبر أجيال عديدة، فلا غرو إذا أن تكون مكةُ المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية. |
الأخوة والأخوات ـ إن الاقتصاد عصب الحياة وهناك دعوة قديمة تبنَّاها خادم الحرمين الشريفين عام 1402هـ فإقامة سوق إسلامية مشتركة وهناك نخبة من رجال الأعمال من بينهم الشيخ عبد الرحمن فقيه رئيس الغرفة التجارية والصناعية الأسبق طالبوا بإقامة معرض دائم للمنتوجات الإسلامية عند مداخل مكة شرفها الله وتمت مخاطبة وزارة التجارة في هذا الشأن، ولعلّ من المناسب تجديدَ الدعوة فالأحداث السياسية والاقتصادية التي مرت بها الدول الإسلامية تجعل هذه الدعوة أكثرَ إلحاحاً من ذي قبل ونأمل أن تجد النور قريباً. |
هناك من يتمنى بأن تكون هناك جامعة في مكة المكرمة تُخْتَص بتدريس القرآن وعلومه، وتعنى بالطب الإسلامي (النبوي) والطب البديل وأدوية الأعشاب وتعنى أيضاً بالهندسة والعمارة الإسلامية والزخرفة والنقشِ والفنِ الإسلامي بما فيه الخط العربي وفنونه وغير ذلك من الفنون التي أُشتُهِرَ بها المسلمون فيما مضى. كما يلحق بهذه الجامعة معاهد عالية لتدريس لغات الشعوب الإسلامية والأجنبية وتكونُ فيها مكتبة تجمع فيها كل الذخائر والنفيس من المخطوطات والكتب وكل ما يجمع التراث الإسلامي تحت سقف واحد. كما تعني هذه الجامعة بإيجاد معاهد لتعليم الفروسية وإيجادِ مرافقَ للسباحة والرمايةِ فضلاً عن المرافق الأخرى الرياضية للشبان، لإقامة المباريات والمنافسات والمناسبات الرياضية المختلفة للدول الإسلامية على ملاعبها. |
إن ما قيل أو ذكر لا يمثل إلا رأياً فردياً فهو قابل للتطوير والإضافة متى ما تلاقحت الأفكار وتم الإصغاء للآراء الأخرى ليتمَّ بلورتُها، فما كان منه موجوداً يتم تأصيلهِ وتطويره وما كان غير ذلك يتم تنسيقه ودراسة الإعداد له وبحث وسائل تحويله وضمان استمراريته، والمرء يرتوي ظَمَأه حيث يجد روافد الماء وما أكثر ما يروي المسلم ويشبعه عندما تنبثق مفاهيم الثقافة الحقة من مكة المشرفة والشيء من معدنه لا يستغرب. |
إن رابطة العالم الإسلامي اتخذت من مكة المكرمة مقراً لها، ونجدها الآن مناسبة لتعيدَ مجدداً ـ بمناسبة اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية ـ بأن تكون مقراً لقنصليات الدول الإسلامية وبعثات الحج في مكة المكرمة وأن تنقل منظمة الإذاعات الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجهات كافة المنبثقة منها كمجمع الفقه الإسلامي ومنظمة العواصم والمدن الإسلامية فضلاً عن شركات الطيران التابعة للدول الإسلامية وكل الصحف والمطبوعات الإسلامية ينبغي أن تجعل من مكة المكرمة شرفها الله مقراً دائماً لها والنظر في إمكانية جعل مقر البنوك الإسلامية في مكة المكرمة وفي مقدمته بنك التنمية الإسلامي وبنك فيصل الإسلامي ومعهد الاقتصاد الإسلامي وغيرُه من المؤسسات الاقتصادية أو الاجتماعية، والسعي لتهيئة اللقاءات والمؤتمرات المنبثقة من منظمة المؤتمر الإسلامي لانعقادها في مكة المكرمة بصفة دائمة مع ما يصحب هذه اللقاءات أو المهرجانات من عروض ثقافية ودورات رياضية ومناشط ثقافية مختلفة لتكون بحق كما كانت في السابق مركزاً للثقافة والحضارة الإسلامية لنجعل من مكة شرفها الله صاحبة الشرف والمجد الدائم وما ذلك على الله بعزيز. |
|