5- "ظلال الصداقة" |
ظلال الصداقة هو عنوان القسم الخامس من أقسام الديوان، ويحتوي على سبع قصائد وأربع مقطوعات أما القصائد فهي: |
1- "ليلة من العمر" وقد ألقاها الشاعر في حفل تكريمه في اثنينية عبد المقصود خوجة عام 1403هـ ونشرت بالمجلة العربية بالعدد 70 شهر ذي القعدة 1403هـ كما أن وقائع حفل التكريم مثبتة بالجزء الأول من الاثنينية صفحة "114" يقول في مطلعها: |
أنجم من سمائها تتنادى |
مشرقات تُسدي إلينا السدادا |
كالمجرات يأتلقن جميعاً |
كالمجرات يأتلقـن فـرادى |
|
ومن الأبيات الجميلة في القصيدة ومعظم أبياتها أبيات جميلة: |
هذه ليلة من العمـر بيضـاءُ ازدهـى ليلُهـا وألقـى السـوادا |
فالعشيات قد تضمخن بالورد فجاءت أفوافه تتنادى |
وزكا زهرها وقد جاء صفـواً |
خلع الشوك – جانباً، والقتادا |
|
ويختتم قصيدته الرائعة بهذا البيت: |
أجدر النـاس بالمحبـة نـاس |
عشقوا الحرف صفحةً ومدادا |
|
2- "تحية وتهنئة" وهي من نظم الأستاذ سراج عمر مفتي يهنئ بها عبد العزيز الرفاعي بمناسبة تكريمه من قبل الأستاذ عبد المقصود خوجة، "والأستاذ سراج مفتي هو أحد زملاء الرفاعي في المدرسة الابتدائية وفي المعهد العلمي السعودي، وكانت داره تجمع لفيفاً من الزملاء يتدارسون الأدب والشعر، يسعهم بكرمه ولطفه، وقد أصبح منهم المشاهير" وهذا التعريف بالمشاهير، منقول عما أثبته الرفاعي في هامش الصفحة "120" ولمن أراد الاطلاع على الأصول فليرجع إلى ديوان عبد العزيز الرفاعي "ظلال ولا أغصان" صفحة "120" وقد نشرت هذه القصيدة في وقت سابق بتاريخ 6/8/1403هـ بجريدة الندوة وهي إحدى المعارضات التي دارت بين الأستاذ سراج مفتي ومحمد عبد القادر فقيه والأستاذ عبد العزيز الرفاعي ومطلعها من بحر الكامل التام: |
عبد العزيز تهانئا مـن مخلـص |
تُهْدَى لشَخْصِك عن أخيك تعبر |
|
3- "إن الهوى بهواء مكة يأسر" وهي قصيدة جوابية رد بها الرفاعي – رحمه الله – على قصيدة الأستاذ سراج مفتي وهي على نفس الروي ومن نفس البحر وقد نشرت القصيدة بجريدة الندوة بالعدد 6725 الصادر بتاريخ 6/7/1404 ومطلعها: |
غفت العيون فما لعينك تسهـر |
والليل نام فمـا لليلك سـمر |
|
وقد كتب الرفاعي مقدمة لهذه القصيدة قال فيها: |
تحية... |
إلى زميل الصبا وصديق العمر الأستاذ سراج عمر مفتي محاولة رد على قصيدته.. التي كانت شذى وفائه، أما أصحاب الأسماء الواردة في هذه الأبيات فهم عداه، سراج خراز، سراج عطار، وأحمد محمد جمال، وزين الدين الدباغ. |
والأبيات التي ذكرت بها هذه الأسماء هي: |
وسراجنا المفتي أين سراجُنـا |
والمجلس المأنوس منه (منـوَّرُ) |
وسراجنا الخراز فارس شعرنـا |
بيت القصيد إذا تغنَّى يسحـر |
وسراجنا العطار ما زالت لـه |
تلك المروءة والوفاء الأخضـر |
أما "الجمال" فكالورود نقيـة |
أردانه بل كالـورود مُعَطَّـرُ |
والزين "زين العابدين" مولَّـعٌ |
برسائل تعدو وأخرى تحضـر |
|
والقصيدة في جملتها قصيدة إخوانية ومثل هذه القصيدة والقصائد الثلاث الأخر قد يعثر القارئ بين أبياتها على صور جمالية تأتي طبيعية بغير تكلف وبغير قصد، والقصيدة الإخوانية تخضع لمجال الذكريات، وللبعد التاريخي، وللمجال الفكاهي، وهي هنا خاضعة أيضاً للمجال المكاني، ولذلك حرص الشعراء الثلاثة على أن يتناولوا هذه الأبعاد في قصائدهم، وأضاف الرفاعي إلى عنايته بالشخوص الواردة في قصيدته، وذكر بعض مزاياها، وعن البعد الزماني يقول الرفاعي: |
قف يا زمان فقص مـن أخبارنـا |
أم قد تعبت فـلا تقص وتخـبر؟ |
|
وعن البعد المكاني يقول الرفاعي: |
وظللت والخـراز بـل وجمالنـا |
جيرانَ بيت الله لم تتغيروا |
حفت بكم بركات مكة فانعمـوا |
وتفيئوا ظـل الحطيـم وكـبروا |
|
وعن البعد التاريخي يقول: |
أطياف أيام فهل بصـر الكـرى |
بالعابرين بـه وهـلاَّ أبصـروا |
طويت صحائف بعضنا ألوى بهـا |
طاوٍ حثيـث السـير لا يتحـير |
|
وعن الذكريات يقول: |
وإذا الأصيل دنا وجئتم ساحـةً |
حول المطاف فذكروا وتفكـروا |
قلبي يطـوف فلا يـزال مولَّهـا |
إن الهوى بـهواء مكـة يأسـر |
|
4- "ياشاعر الأغصان غصنك مورق": |
هذه القصيدة شارك بها الأستاذ محمد عبد القادر فقيه بعد نشر القصيدتين السابقتين في جريدة الندوة كما سبق ذكره، والقصيدة على نفس الروى ونفس البحر والقصيدة تتكون من أربعة وعشرين بيتاً مطلعها: |
كيف الرجوع لأرض مكة بعدما |
شبَّتْ حمائمُ بالريـاض وأنسـر |
وتعمقت فيها الجـذور وأينعـت |
فيها البراعم واستطـاب المعشـر |
|
وأما عنوان القصيدة فهو صدر البيت التاسع عشر في القصيدة حيث ورد كالتالي: |
يا شاعر الأغصان غصنك مورق |
وجَدَاك نهـر بالأطايـب مثمـر |
|
وشاعر الأغصان هو التوقيع الذي كان يختم به عبد العزيز الرفاعي قصائده التي يتم نشرها في الجرائد والصحف والمجلات. والأستاذ فقيه في هذه القصيدة الإخوانية سلك نفس المسلك الذي سلكه الرفاعي فعن الذكريات يقول: |
أنت الألوف فلو رجعت إلى الصبا |
لمشيت بين رسومه تتعثر |
فمدارج الأصحاب قد عصفت بها |
أيدي المعاول تـارة "ودركتـر" |
وغدت معابر للمشـاة وبعضـها |
نفقاً به صـوت الريـاح يزمجـر |
|
وعن البعد المكاني يقول الشاعر فقيه: |
لو عدت لن تلقى اللدات ولا الألى |
سمروا على صحن المطاف وكبروا |
فالمجلس المأنـوس طـار رفاقـه |
همد "السراج" به وغاب السمّـر |
|
وعن البعد الزماني يقول: |
قد كرموا فيك الطريف وما دروا |
أنَّ التليـد مـن الجواهـر أكثر |
|
5- "يا شاعر الأزهار": |
هذا عنوان القصيدة الرابعة من القصائد الأربع التي شارك في نظمها ثلاثة من الشعراء السعوديين هم الاستاذ سراج عمر مفتي فقد شارك بفاتحة هذه القصائد وهي بعنوان "تحية وتهنئة" ورد عليه الأستاذ الرفاعي بقصيدة "إن الهوى بهواء مكة يأسر" فأسرج الأستاذ محمد عبد القادر فقيه جواده، ودخل حلبة السباق بقصيدة "يا شاعر الأغصان غضنك مورق" وهذه الرابعة يرد بها الرفاعي على قصيدة صديقه "فقيه" وهي بعنوان "يا شاعر الأزهار". |
والقصيدة تسير على النمط الذي سارت عليه القصائد السابقة وعلى نفس البحر والروي وقد كتب الرفاعي لها المقدمة التالية: |
"حين نشرت قصيدتي التي سمَّتها جريدة (الندوة) (إن الهوى بهواء مكة يأسر) ما كنت أتوقع لها ذلك الصدى الطيب الذي حظيت به، وأملته عين الرضا لا غير
(1)
، وكان من صداها أخيراً قصيدة أخي الأستاذ الشاعر "محمد عبد القادر فقيه"، أحد أصدقاء الشباب، بل هو منهم في المقدمة، وإن لم تجمعنا مقاعد الدراسة. وكان لحديقته الصغيرة الأنيقة في داره بالسليمانية تاريخ وذكريات عن أدب الشباب اللدات، وكان يعنى في حديقته بالأزاهير ما وسعه إلى ذلك سبيل.. فكانت مرتادنا في العصارى والأمسيات. |
والأبيات التالية محاولة متواضعة لرد تحيته الشعرية". |
ثم أورد بعد ذلك القصيدة التي كان مطلعها: |
يا شاعر الأزهـار كنت أظنهـا |
أبيات ذي وَلَهٍ تعنُّ فتعبر |
ما كنت أحسب أن مسراها شذاً |
يسري على درب الغـير معطَّـر |
|
وكما تعرضنا في القصائد الثلاث السابقة للبعد الزماني. والبعد المكاني والتاريخي فإنه يجدر بي أن أتعرض بشكل سريع لهذه الأبعاد في القصيدة التي بين يدي فالبعد المكاني في القصيدة يمثله قول الرفاعي: |
يا حبـة العـين التي يهفـو لهـا |
قلبي وعيني والحنـين الأخضـر |
أم المدائـن أنت سَمَّـاكِ الـذي |
من بيته ظهـر النـبي الأطهـر |
لا ضير إن صنعوا لمجـدك تاليـا |
ياحبذا إن جـددوا أو طـوروا |
|
وأما البعد الزمني فيظهر في قوله: |
تمضي السنون إلى الأمام وكلمـا |
تمضي السنون فإننا نتأخر |
أمـا العهود فـلا تزال طريـة |
فيها الشبـاب يبش بـل يتأطَّـر |
|
وأما البعد التاريخي فورد في قوله: |
من عمق أعماق السنـين يردهـا |
في لوحة للحالمين تصوّر |
أنا لـن أحدثهم فتلك رائـع |
قلمي على تصويرهـا لا يقـدر |
ما يصنع الفنـان؟ أيـام الصبـا |
حلمٌ فريـد الصنـع لا يتكـرر |
|
وفي القصيدة أبيات استوقفتني منه قوله: |
ما يصنع الفنـان؟ أيـام الصبـا |
حُلُمٌ فريـد الصنـع لا يتكـرر |
|
فجملة "أيام الصبا حلم فريد الصنع لا يتكرر" تشبيه جميل وهو في علم البديع تشبيه بليغ. |
ومنها أيضاً قوله: |
نظروا بعين ودادهـم فقلوبهـم |
عن غير ما صنع الهوى لا تنظـر |
|
فجملة "نظروا بعين ودادهم" إنما هي ترجمة لما ذكره في مقدمة القصيدة حيث قال: "وأملته عين الرضا لا غير" أما الصورة الجميلة في هذا البيت فهي قوله: "فقلوبهم عن غير ما صنع الهوى لا تنظر" أي أن النظر إلى الهوى والحب هي وظيفة القلب وليس العين لأن العين وظيفتها النظر إلى الأشياء المحسوسة أما المعنويات والتي يكون للعواطف والإحساس دور في تقديرها، فإن أمرها موكل بالقلب هكذا يقول الرفاعي، وفي قوله مقدار كبير من الصحة، والذي استوقفني عند قراءة هذا البيت هو أنني أحفظ بيتاً من الشعر لشاعر قديم يقول فيه: |
عيـني لغـير جمالكـم لا تنظـر |
وسواكمُ في خاطـري لا يخطـر |
|
ولقد حاولت أن أجد فروقاً بين البيتين تميز أحدهما على الآخر، فما استطعت لقصر باعي في النقد بل لجهلي بعلم النقد الأكاديمي الحديث، الذي أصبحت له مدارس متخصصة بدراسته، غير أني وجدت أن البيت الذي ذكرته من مخزون محفوظاتي القديمة قد بين لنا أن نظرات القلوب هي تلك الخواطر التي تخطر على القلب كسريان التيار الكهربائي في الأسلاك. |
والقصائد الثلاث الأخيرة ذكرت في المجموعة الشعرية الكاملة للشاعر محمد عبد القادر فقيه صفحة 484-511. |
|