شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
4-ظلال المناسبات
ضم هذا القسم من الديوان ست قصائد أربع منها قصائد عمودية، وقصيدتان ينهجان درب التفعيلة، أما القصائد العمودية فهي:
1- "تحية ندوة العلماء" وهي من بحر الخفيف التام بالصفحة 67 من الديوان وقد ألقاها في افتتـاح ندوة الأدب الإسلامي في جامعة دار العلوم بالهند بتاريخ 13 جمادى الآخرة 1401هـ ومطلعها:
أهنا موطني؟ أهذي بـلادي؟
أنا لا أشتكي اغتراب الضـاد
2- "كلمة إلى الجزائر". وهي أيضاً من بحر الخفيف التام بالصفحة. 82 وقد ألقيت في مؤتمر الأدباء العرب بالجزائر عام 1395هـ ومطلعها:
قبلَ أن تصدقَ المنى بالبشائـر
حملتني إليكِ حلـوُ الخواطـر
3- "تحية تونس" وهي كذلك من بحر الخفيف التام، وقد ألقيت في مؤتمر الأدباء العرب الذي انعقد في تونس عام 1395هـ هي بالصفحة 86 ومطلعها:
شعرتانِ اثنتان في اللمَّةِ السَّوداءِ قـد جَرَّتـا علـيَّ الوبـالا
4- "تحية عمان" وهي من مجزوء الكامل المرفل وقد أعدها الشاعر ليلقيها في حفل تكريم المكرمين بوسام مجلس التعاون الخليجي وكان أحد أولئك المكرمين ولكن لم يتسع الوقت لإلقائها وهي مذكورة بالصفحة 106 ومطلعها:
تحدَّثَ خاطري وأبَـى البيـانُ
فهلْ أنـت المعينـةُ يا عمـانُ
وأما القصيدتان اللتان كتبهما الرفاعي معجباً بشعر التفعيلة فهما:
1- "يا عيد" وهي قصيدة نظمت بمناسبة مرور عيد الفطر سنة 1377هـ وكانت الجزائر آنذاك لا تزال تناضل لنيل استقلالها.
وقد أرسلها الشاعر إلى إحدى المجلات لنشرها فاعتذر رئيس تحرير تلك المجلة عن نشرها دون أن يشير إلى أسباب رفضها وأعادها إلى الشاعر مرفقة بالرسالة التالية:
* * *
التاريخ 23 ذي القعدة 1378هـ
عزيزي الأخ الأستاذ عبد العزيز الرفاعي
تحية طيبة:
اولاً وقبل كل شيء أودَّ أن أقدم بين يديَّ اعتذاراً طويلاً عريضاً لتأخر هذا الرد الذي كان يجب أن يرسل في وقت مبكر جداً، ولو كان هذا كل ما هنالك لهان الأمر، ولكن الذي يجعلني أقف موقف الخجل منك هو أنَّي بعد قراءة القصيدة المرفقة الممتعة التي تفضلت بإرسالها إليَّ، أراني مضطراً لإعادتها إليك، وكان الواجب أن أعيدها في وقت مبكر بعد أن تبين لي أني لا أملك سوى إعادتها.
وأود أن أذكرك قبل أن يستبد بك الغيظ إني أشاركك الشعور التام، ولي من ذكائك وسعة فهمك ما يبرر موقفي، وإن ما بيننا من الصلات الأخويَّة الوديَّة ما يجب أن يسمو بنا على أيِّ إعتبار آخر. هذا أملي فيك، وأنا واثق من أنه أمل وطيد.
وإذا لم تكن حتى هذه اللحظة حانقاً عليَّ، فلربما استطعت اتحافنا بمقالٍ أدبيٍّ أو تاريخيٍّ، ودعني أتجرأ فأطلب منك أن تتحفنا بمقال عن سوق عكاظ كندوة شعرية أدبية.
أخوك
وما إن وصلته هذه الرسالة حتى أسرع بتكفينها داخل مظروف أو مغلف ثم حفر لها قبراً بين أكوام الأوراق ودفنها فيه كما يئد العرب في الجاهلية بناتهم والصينيون في الوقت الحاضر خوف الفقر والعـار، أو لنقل بالأسلوب الحضاري أنه حكم عليها بالسجن المؤبد حتى لا يرى منها حرف ولا نقط ولا كيان ولتذهب أحلامها في النشر والظفر بالظهور على مسرح الأضواء هباء، وكأني به يطبق ما قاله عمر أبو ريشة في قصيدتة "معبد كاجوراو" المنشورة بديوانه 116 حيث قال:
كاجوراو عفوك ليـس لي
مني على حلمي ائتمان
أولى فأولى أن تموت طيوفُهُ خلف الجفانْ
لا تسألنَّ فلنْ أُجيبَ وظُنَّ بي ما أنت ظان
أنا مثل غيري لا يـرى لي
من كُـوَىسجـني كيان
وظلت قابعة في سجنها حتى أصدر أمره بإطلاق سراحها قبل وفاته بعام، لتشارك أخواتها في وداعه، واحتلت في مكانها في ديوانه "ظلال ولا أغصان" بالصفحة "72" وإتماماً للفائدة أثبت القصيدة هنا كاملة:
 
يا عيد
يا عيد في قلبي
وفي أغوار نفسي
في الحشاشة من ضميري
لوعة حَرَّى
تمزقني
وتغتال البقية من سروري
يا عيد معذرة إليك
إذا نبوتُ
وإن تبلَّد كل حسي
رغم موكبك الكبير
إن المسرة لا تلامس
أيَّ قيد من شعوري
إنَّي أرى
صور المباهج كالرُّؤَى
غامت على عينيَّ
شائهة المسير
يا عيد
والأطفال ترفل في الحرير
وأصيخ بالطبل المدوِّي
والهدير
لكنني
يا عيد أسمعه صَدًى
مُرَّ الصرير
مُرًّا مرارة لوعتي
تلك التي أغتالت سروري
يا عيد أين مسرتي؟
لا أنتَ أدرى
بالمواجع في ضميري
يا عيد إن طفتَ القرى
أوجلت ما بين المدائِن
فاسأل
وقل لي ما مصيري؟
ما حال أخواني
وخِلاَّني وأهلي
وبني العمومة من عشيري؟
ما حالهم يا عيد في الوطن السليب؟
في فلسطين العزيزة؟
واللاجئون
الساكنون هناك
في تلك الخيام البالية
الرابضون على العراء
النائمون على الخواء
ما حالهم؟
هل ترفل الأطفال في حلل الحرير؟
هل يحتفون؟
كما احتفلنا في حبور
يا عيدُ
أي مواضع حَرَّى تنزت في الصدور
البشر
إنَّ البشر لا يسري
إلى الخِيَمِ الحزينة كالقبور
* * *
يا عيد ما حال الأحبة من عشيري؟
ما حالهم؟
يا عيد في أرض الجزائرْ
هل ترفل الأطفال في حلل الحرير
وأي أطفال يتامى
يا عيد في أرض الجزائر
في كل ميدانِ مجازر
والدمع والدم والعويل
في كل دار في الجزائر
في ذلك الوطن النبيل
* * *
يا عيد؛ لا
إن المسرَّة لا تلامس
أيَّ قيد من شعوري
ما دام خلاَّني وأهلي
في فلسطين السليبة والجزائر
لا يعرفون العيد إلا وهم عابر
* * *
يا عيد معذرة إليك
إذا عبرت على حياتي
كالحا.. جهم العبور
لكنني
لن أجتويك
سنلتقي
يا عيد في يوم قريب
وسأحتفي
وستحتفي كل الدنا
في يوم عزتنا
إذا رجعت فلسطين العزيزة
وظلَّلَ العزُّ الجزائر
وانجاب عن بلداننا
نير الغريبِ
ولسوف أعلن عن سروري
يا عيد
والأطفال ترفلُ في الحرير
في موطني
في كل شبر منه
من وطني الكبير
وأصيخ
للطبل المدوِّي والهدير
وذكر الشاعر أن تاريخ نظم هذه القصيدة هو 7/8/1377هـ وأن المكان الذي ولدت القصيدةُ فيه هو عروس البحر الأحمر جدة.
وبعد 36 عاماً قضتها في سجنها ظهرت فاحتفلت بها الصحف المحلية، وأخذت منها مساحة من صفحاتها لتتقبل التعازي في فقيدها الذي حررها من عبودية الأقلام والأوراق، وحقق لها ما كانت تحلم به وتشتاق.
والقصيدة تتحدث عن نفسها، ولا ترغب فيمن يحاول أن يشوه جمالها، أو يعريها من حليها وزينتها، وقد زفها الشاعر تهنئة بالعيد لذلك الشعب المناضل الذي دفع ثمن تحرره من قيد الاستعمار الفرنسي مليون شهيد، وتهنئة أيضاً للأرض المباركة، التي اغتصبتها القوى الظالمة، وشردت أهلها، واستحلت ترابها ومياهها، وقدمتها هدية للفئة الحاقدة لتظل خنجراً في صدر العرب والمسلمين، وجرحاً ينزف دماً أبد الآبدين، ولكن اللّه سبحانه وتعالى لن يخلف وعده المؤمنين، حيث قال لهم عز من قائل "إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبت أقدامكم".
والقصيدة وطنية تفيض حماساً وحرقة لما تعانيه بعض الشعوب الإسلامية والعربية، والشاعر في هذا النمط من الشعر لا يسلك مسلك غيره من حيث الغموض والرمز، فشعره لا يغرق في الرمزية، وينحدر في الغموض حتى الهذيان، ولا يتقمص أثواب الأحاجي والألغاز.
والقصيدة لا تخلو من لمحات فنية، وصور جميلة، تحمل في أجوائها ما أراد أن يعبر عنه الشاعر ومن ذلك قوله:
إني أرى صور المباهج كالـرؤى
غامت على عيني شائهة المسـير
وكقوله:
وأصيح للطبل المدوى
لكنني يا عيد أسمعه صدى
مُرََّا مرارة لوعتي
تلك التي:
اغتالت سروري.
وكقوله كذلك:
يا عيدُ معذرةً إليك إذا عَبَرتَ على حَياتي كالحاً جَهْمَ العُبور
ولا ننكر أنَّ في القصيدة شيئاً من التقريرية والنثرية اقتضاها الواقع والحدث المؤلم الذي لا يجليه ولا يظهره إلا الكلام المؤثر الواضح المعبر بصدق، ولا يحتاج إلى المحسنات بل يأخذ طريقه إلى القلوب، وتتلقفه الآذان بحرارة ولهفة.
أما القصيدة الثانية والتي كتبها الشاعر على نهج شعر التفعيلة أيضاً في "ظلال المناسبات" فهي القصيدة الموسومة بـ "يوميات مئذنة مكية" وهي قصيدة نظمت عقب أحداث الحرم المكي الشريف سنة 1400هـ وقد صدرت في كتيب صغير، ثم رأى الرفاعي أن يضيفها إلى الديوان، وقد أحسن صنعاً. ومجمل القصيدة سرد لحدث تاريخي له تأثير كبير في المحيط الداخلي والخارجي وقد وفق الله أولي الأمر في القضاء عليه في مهده، ولم يمكنوه من الاستفحال ونشر بذور الشر في مجتمع لا يعرف إلا الأمن والطمأنينة والاستقرار.
ومن سمات السرد التاريخي البعد عن الإكثار من استخدام الأساليب البديعية ولا تخلو هذه القصيدة كغيرها من القصائد من المسحة الفنية، وهي الخصيصة التي يتميز بها أدب عبد العزيز الرفاعي نثراً وشعراً فلا يخلو نص له من هذه المسحة الجمالية ذات الشفافية والتصوير الرائع، وفي إمكان القارئ للنص بتريث وإمعان وتبصر أن يتعرف على هذه الصور وأماكنها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :646  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 75 من 94
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج