رأي الآخرين في نثر عبد العزيز الرفاعي (3 من 3) |
الدكتور منصور الحازمي يتحدث عن أدب عبد العزيز الرفاعي: |
في حديث أدلى به الدكتور منصور الحازمي عضو مجلس الشورى والناقد الأدبي نشر في جريدة عكاظ بتاريخ 24/3/1414هـ جاء فيه: "عاش رحمه الله طوال عمره، وهو المحرك لحركة الأدب في بلادنا، كمشرف على الصفحات الثقافية في بعض صحفنا، وكمؤسس لمؤسسة المكتبة الصغيرة التي أسهمت بقدر كبير من الإنتاجات المتميزة، وكذلك أسس مجلة عالم الكتب التي سدت فراغاً في المطبوعات المحلية بشكل علمي رزين، وجميع هذه الإنجازات الثقافية تحسب للأستاذ عبد العزيز الرفاعي – رحمه الله – وتبين مدى جديته، وحرصه على سمعة بلادنا، ولا شك أنه كاتب قدير أسهم بالكثير من المقالات والبحوث الأدبية، وقد حرص طول حياته على الكلمة النظيفة التي تخاطب القارئ بطريقة موضوعية". |
الأستاذ عبد الله القرعاوي يتحدث عن الرفاعي الأديب: |
وتحدث الأستاذ عبد الله بن أحمد القرعاوي عن الرفاعي الأديب فقال: "هو أديب بكل معاني الكلمة.. أديب في عطائه الأدبي، وأديب في تعامله مع الآخرين.. ملأ الساحة إنتاجاً أدبيّاً خاصاً به، وشارك في نشر إنتاج الآخرين، وعاش في ظل التواضع الكبير، ينكر مكانته الأدبية المتميزة، وهو في نظري من القلائل الذين يعتبرون من ذوي الشخصيات الشاملة، فهو كاتب ذو أسلوب رفيع وشيق، وهو شاعر محلق رقيق، لم يكتشف شعره كثير من القراء الذين لم يعاصروه، ولكنه بدأ ينشر في الأيام الأخيرة بعض القصائد وجمع ديواناً جميلاً رقيقاً صدر في العام الماضي، وهو مجموعة أشعاره التي نشرها تحت توقيعه المستعار "شاعر الأغصان". |
هذه فقرة من حديث الأستاذ عبد الله القرعاوي نشرت في جريدة عكاظ بتاريخ 24/3/1414هـ أي بعد رحيل عبد العزيز الرفاعي – رحمه الله – وانتقاله إلى جوار ربه، ولي رأي حول حديث الأستاذ القرعاوي عن شعر عبد العزيز الرفاعي سأفضي به حينما أتناول موضوعه لاحقاً. |
الدكتور جميل مغربي وأدب عبد العزيز الرفاعي: |
وتحدث الدكتور جميل مغربي عضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية بجامعة المك عبد العزيز بجدة فقال: إن قلم الرفاعي لم يضن على محبيه، وقرائه بتدفقه وسلاسة أسلوبه في مد الساحة الثقافية عبر المؤلفات والمقالات المبثوثة في الصحف والمجلات، والتي تنوعت مضامينها بين البحث الأدبي، وأدب الرحلات، والاستقصاء التاريخي مضيفاً إلى ذلك عنصر التوثيق في عذوبة واسترسال". |
وجاءت هذه الفقرة ضمن حديث أدلى به الدكتور جميل مغربي ونشر بجريدة الرياض بتاريخ 24/3/1414هـ. |
رأي الدكتور عياد الثبيتي في أدب عبد العزيز الرفاعي: |
الدكتور عياد الثبيتي الأستاذ في كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى تحدث عن أدب عبد العزيز الرفاعي ضمن حديث له نشر بصحيفة الرياض بتاريخ 24/3/1414هـ جاء فيه: "عبد العزيز الرفاعي كان رائداً من رواد الكلمة الهادفة شعراً ونثراً، كان حضوره متميزاً من خلال إسهاماته المتعددة، ووفق هذا كله كان الرفاعي – رحمه الله – شاعراً تكشف الأيام بين الفينة والفينة إسهاماته الشعرية المتميزة، كما ينبغي أن يشير المرء مشيراً بإسهامات الرفاعي في الصحافة، وهي إسهامات متنوعة غالباً عليها جانبان: الجانب الأدبي، والجانب التاريخي، وهما خطان متوازيان متميزان يمكن أن يسلك منهما غالباً نتاج الرفاعي، كما كان لإشرافه واشتراكه في تأسيس مجلة متخصصة في عالم الكتاب هي "مجلة عالم الكتب" التي تنفرد بقواعد خاصة، لا تشاركها فيه مجلة سعودية أخرى فيما أعلم، ما ينبغي أن يشيد به كل مهتم بشؤون الكتاب، ولعل ذلك جاء من خلال مشاركة الرفاعي – رحمه الله – في صناعة ثقافة هذا الجيل خلال معاناته الكتابية تأليفاً ثم نشراً". |
الرفاعي في كتاب العوين: |
أورد الأستاذ محمد عبد الله العوين في كتابه "المقالة في الأدب السعودي الحديث من عام 1343هـ إلى سنة 1400 هـ" بعض النصوص الأدبية للأستاذ عبد العزيز الرفاعي في أنواع متعددة من فن المقالة وأورد ترجمة موجزة لحياته وجاء في تلك الترجمة المثبتة بهامش الصفحة 238 من الجزء الأول ما يلي: |
"هو عبد العزيز أحمد الرفاعي، ولد عام 1342هـ في بلدة "أم لج" ونال شهادة المعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة، وشارك في كتابة المقالة الأدبية الذاتية والنقدية والاجتماعية بحيث لم يبرز في أي منها، ولكنه يميل كثيراً إلى أدب الرحلات، وعرض الكتب". |
وفي هامش صفحة 239 قال العوين عن الرفاعي: "والرفاعي من كتابنا الذين لم يجمعوا ما نشروه، وقد قال عن ذلك، "ويحول بيني وبين تحقيق هذه الغاية سبب يسير صغير هو أنه ليست لي آثار، أو ليس لي أثر. نعم ليس أثر أدبي يسعني أن أنشره". ثم تحدث عن تجربته في كتابة القصة، والشعر، وندمه على نشر ما قرأه الناس منها، فقال "ماذا بقي بعد ذلك من آثاري؟؟ مقالاتي في الصحف؟ وأحاديثي في الإذاعة؟ إنني لست من القائلين بنشر مثل هذه المقالات والأحاديث إلا لمن بلغ في الكتابة شأوها الكبير كطه حسين والعقاد. هل آمنت أنه ليس لي أثر". |
وهذه الفقرة هي إجابة على سؤال وجهه إليه الأستاذ محمد سعيد طيب ونشر بالعدد 1617 من البلاد السعودية". |
ولي على بعض ما جاء بهذا النص وقفات: |
الوقفة الأولى: قال الأستاذ العوين: "أن الأستاذ الرفاعي شارك في المقالة الأدبية الذاتية، والنقدية، والاجتماعية، بحيث لم يبرز في أي منها". |
وهذه العبارة تدعو القارئ إلى تساؤلات عدة فمن المعلوم أن الرفاعي كتب المقالة السياسية كما أورد ذلك الأستاذ العوين في كتابه السالف الذكر الجزء الأول صفحة 215 وكانت إحدى هذه المقالات بعنوان حادثة دير ياسين يجب ألا تتكرر وكتب أيضاً المقالة الوصفية باعتراف الأستاذ العوين أيضاً في نفس الكتاب ونفس الجزء صفحة 372 وكانت المقالة بعنوان "على الشاطئ". فهل برز الرفاعي في هذين النوعين من المقالة أم لم يبرز أيضاً؟ وماذا يعني البروز هنا؟ هل يقابل الفحولة في الشعر وقد تناولت هذا الموضوع بالبحث والدراسة في فصل سابق. أم هل يعني البروز الشهرة التي يركض إليها المتعطشون بكل وسيلة تمكنهم من الوصول إلى أبوابها. |
إن عبد العزيز الرفاعي أحب أن يعيش في الظل، وكره السعي إلى الحصول على الشهرة المزيفة التي ترتكز على أساسات من الهواء. والأديب لا يمكن أن يكون أديباً إلا إذا كان مبدعاً، كالشاعر لا يمكن أن نطلق عليه صفة شاعر إلا إذا كان جديراً بها، وإلا فهو شويعر، وشعرور وكذلك الكاتب الأديب فإما أن يكون ملء إهابه وإلا فهو كويتب أو نسَّاخ. |
الوقفة الثانية: إذا لم يبرز عبد العزيز الرفاعي في أحد فروع المقالة فلماذا يدرج اسمه بين أسماء المبرزين من كتاب المقالة، ففي الصفحة 718 الجزء الثاني من كتابه "المقالة في الأدب السعودي" نقرأ ما كتبه بالحرف "ولعل ما أسلفناه من دراسات اشتملت عليها فصول هذا البحث ما ينفي الشائبات التي يزعم الناقد
(1)
وجودها في المقالة السعودية، فقد طالعنا نماذج من المقالة الأدبية المتدفقة الشاعرية، يكتبها أصحابها بائحين مناجين، ويكتبونها غناء فيه شدو رقيق، وترنيم على وتر الإحساس النفسي المرهف، يتأملون بها الحياة، ويتفكرون من خلالها في تقلب الأيام، ويفضون إلى حروفها وأسطرها يمكنون قلوبهم، ومخزون عواطفهم، ونجد من ذلك كثيراً من مقالات حمزة شحادتة، والفقي، وعزيز ضياء، والرفاعي والزيدان، والجفري، والمناع، وغيرهم". |
ثم نقرأ أيضاً ما كتبه في الصفحة 735 من نفس الكتاب ونفس الجزء حيث نجد هذا النص: "ومن الأدباء الذين وجدت لهم مقالات كثيرة ذات قيمة أدبية وفكرية، واجتماعية، ولم تنشر في كتاب: عبد القدوس الأنصاري وإبراهيم هاشم فلالي، ومحمد حسن كتبي، وعزيز ضياء، وطاهر زمخشري، ومحمد حسن فقي، وعبد العزيز الرفاعي، وعبد الله بن إدريس، وغيرهم". |
الوقفة الثالثة: إذا لم يكن عبد العزيز الرفاعي من أولئك الذين حجزوا مقاعدهم في الصفوف الأولى من الأدباء السعوديين فإلى من وجه الأستاذ العوين الكلام الذي ورد بالصفحة 372 من كتابه المذكور سلفاً ونصه: "ومن هذا النثر الأدبي السائغ السهل مقالة عبد العزيز الرفاعي في "وصف الشمس حين تغيب" وسرد المقالة بأكملها ثم علق عليها بقوله: "وقد أحسن الرفاعي إذ كان دقيقاً في تجسيمه المشهد حين استخدم الرموز، وأورد بعض صفاته، وشبَّه الشمس "ذكاء" بالحسناء الفاتنة الجميلة تتطاير خصلاتها الذهبية مع النسيم والرذاذ، وجاءت المقالة مطبوعة "سلسلة"
(2)
لأن الكاتب ابتعد عن المبتذل، وتجنب الحوشي، وسرح وراء الخيال، يبني فيه صوره التي لا تسرف في الابتعاد كثيراً عن المقصود، وأشار إلى تعلقه بجمال البحر، وروعة الشمس حالة المغيب بكلمات مقتضبة، من خلال ما ينعت ملامح الحسن في هذا المشهد بتلك النعوت الشغوفة بامتلاك تلك اللحظات إلى الأبد، يعني بالشاعر الفنان نفسه، فقد كان يرقبها ويرسم لها هذه اللوحة التي بين يدينا، يقول فيها كلاماً ليس ببعيد عن الشعر رقة وعذوبة وتدفقاً؟". |
الوقفة الرابعة: ذكر الأستاذ محمد عبد الله العوين في ترجمة الأستاذ الرفاعي "أنه يميل إلى أدب الرحلات وعرض الكتب" وأنا أؤيد الأستاذ العوين في ميل الأستاذ الرفاعي إلى عرض الكتب في يومياته فقد حفلت يومياته التي كان يوالي كتابتها في جريدة الجزيرة ومن قبل في البلاد السعودية بعرض كتب كثيرة وقعت في يده، وأخذ يفحصها ويبين مضامينها ويعرض على القارئ ما في أعماقها من الفوائد العلمية التي تفيده بأسلوب سهل ممتع، ينساب إلى النفس فيريحها، ويتغلغل إلى العقل فيشحذه، وهذه حقيقة أشار إليها عبد العزيز الرفاعي في كناشته التي نشرها بالعدد (93) من المجلة العربية الذي صدر شهر رمضان 1405هـ حيث ورد في مطلعها هاتان العبارتان: "هذه الكناشات تقييدات كنت أكتبها في الأصل لنفسي على هامش ما أقرأ من كتب أو صحف.. فهي في حقيقتها نظرات أو نقدات لبعض ما يمر بي، أو أمر أنا به في مطالعاتي. ومثل هذه التقييدات تخلو من الإبداع الفكري، كما تخلو من طرافة الخيال، فهي في غالب أحوالها تتسم بالجفاف.. الذي لا يصبر على مثله إلا الأقلون. فهي لا تعجب عامة القراء، ولا تستقطبهم.. وهي لا تشد إلا أولئك الذين يعنون بأمثال هذه الملاحظات، وقد يجد بعضهم الرغبة في نقاشها". أما من حيث ميله إلى أدب الرحلات فإنني أجزم أن نصيبه من أدب الرحلات ضئيل إذا قيس بغيره من الأدباء السعوديين الذين صدرت لهم عدة مؤلفات في هذا المجال كل ما بين أيدينا من أدب الرحلات من تأليفه كتيب عنوانه: "خمسة أيام في ماليزيا" صحيح أنه قام بعدة رحلات إلى خارج حدود المملكة ولكنها كانت في معظمها للاشتراك في مؤتمر الأدباء أو تأدية مهمة أو قضاء فترة استجمام مع أفراد عائلته أو للاستشفاء والعلاج، ولم تسفر عن هذه الرحلات كتب، لكن لا أجزم ولا أنفي وجودها أو عدمه فقد تكون هنا كتب وما تزال محفوظة في الأدراج أو الأضابير. أما إذا كان القصد بالرحلات التطواف بين دول العالم، وتدوين ما يقع بصر الكاتب عليه، أو يتعرض له من حوادث حياتيه أيَّاً كان نوعها. أما إذا كان المقصود بالرحلات التطواف بين رياض الشعر، وعوالم الذوق والفتنة والخيال، كالتجوال بين مروج الذهب، ومناهل الصفا، للتعرف على أعيان العصر وأعوان النصر، وترويح النفس بالأغاني، والوقوف على مصارع العشاق ومطالع البدور، والنجوم الزاهرة فحينئذٍ تكون الجملة بأكملها لا اعتراض عليها. لأنها في مضمونها ذات هدف واحد. |
هذه مجرد تساؤلات أو محاورات بيني وبين نفسي، لا أطلب إجابة عليها من أحد، لأنني لا أملك حق الحجر على آراء الآخرين، فالإنسان حر في إبداء رأيه إذا كان يراه صالحاً، ولا يضر بالمصلحة العامة لكنه ملزم ألا تتعارض آراؤه مع سعي الجميع إلى تحقيقه، وهذه التساؤلات قد يكون طرحها في هذا الكتاب خطأ في الوقت الحاضر، لكنني أطمح أن أجد في مقتبل الأيام. إذا أمد الله في عمري – جواباً مقنعاً ينسل من بين السطور، ليشفي غليلي، ويدحض حججي في أن عبد العزيز الرفاعي رائد من رواد كتاب المقالة الأدبية، ووضعه جنباً إلى جنب مع أساتذته وشيوخه أحد الأدلة التي تدعم رأيي. |
رأي الدكتور عبد العزيز شرف في أدب الرفاعي: |
الدكتور عبد العزيز شرف علم رائد من أعلام الأدب العربي في عالمنا العربي تحدث عن أدب عبد العزيز الرفاعي فقال: "إن عبد العزيز الرفاعي الأديب العربي الكبير، ستظل أعماله الفكرية والأدبية الخالدة نبراساً للأجيال يُضيء مسيرة الأدب العربي المعاصر، ذلك أنه يمثل قمة أدبية عربية ترتبط بجيل الرواد في الأدب العربي، إلى جانب الإنجازات الفكرية التي ينطلق منها أدبه الذي يتوجه صوب الأصالة والتراث، فكان عبد العزيز الرفاعي نموذجاً فذّاً يعتز به الأدباء العرب من كل الأجيال التي عاصرته، وتعاملت مع فكره وأدبه. فإبداع عبد العزيز الرفاعي يتيح لنا أن نتعرف على الخصائص المميزة للشخصية العربية ومقوماتها الثقافية، فهذا المفكر الذي ظل على تواصل من خلال كتاباته في الصحف عبر مسيرة تمثل الرحلة الحديثة للفكر، وتسعى إلى دعم الجوانب الإيجابية، واستبعاد الجوانب السلبية فيه، فليس من السهل أن تنسى الأجيال العربية هذا المفكر الكبير الذي حاول سبر أغوار الشخصية الإسلامية العربية انطلاقاً من دراسة التراث العربي الإسلامي، وهذا النزوع إلى دراسة الشخصية العربية الإسلامية هو الذي يحقق شخصية الأديب المعاصر الذي استطاع أن يواجه المعادلة الصعبة؛ معادلة الأصالة والمعاصرة، وسيظل اسم عبد العزيز الرفاعي علماً على الحركة الأدبية المعاصرة في الوطن العربي". |
الختام |
هناك الكثير مما كتب ونشر وقيل عن أدب عبد العزيز الرفاعي نثراً، لكني تلمست الطريق الذي يسلكه، ويفضله على سواه وهو الإكتفاء بالإيجاز إذا ضمن الوصول إلى الهدف، وأرجو أن أكون قد قاربت من النقطة التي تتحقق عندها طموحات العاملين، وتنبت من ماء جهدها، وعرق عطائها شجرة ورد، تتبسم فيها أجمل زهور الحياة تعبر عن الحب والطمأنينة والأمان والوفاء والسلام، لأنني لم أضع في برنامج إعدادي لهذا الكتاب الإبحار مع أدب عبد العزيز الرفاعي إلى لجج المحيطات، لأن ذلك من شأن الأكاديميين المتخصصين في دراسة الأدب، فهم القادرون على تحليل النصوص، ومعرفة روائعها من المبتذل منها. |
|