شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
2- فن المقابلة:
يعرف "قدامة" المقابلة بقوله: "وهو أن يصنع الشاعر معاني يريد التوفيق بين بعضها وبعض، والمخالفة، فيأتي في الموافق وفي المخالف بما يخالف على الصحة، أو يشرط شروطاً ويعدد أحوالاً في أحد المعنيين، فيجب أن يأتي فيما يوافقه بمثل الذي شرطه وعدده، وفيما يخالف بضد ذلك، كما قال بعضهم:
وإذا حديث ساءني لم أكتئب
وإذا حديث سرّني لم أشر
فقد جعل بإزاء "سرني" "ساءني"، وبإزاء "الاكتئاب" "الأشر" وهذه المعاني غاية في التقابل" (1) .
ويشرح "فن المقابلة" "حازم القرطاجني" بقوله: "إما تكون المقابلة في الكلام بالتوفيق بين المعاني التي يطابق بعضها بعضاً والجمع بين المعنيين اللذين تكون بينهما نسبة تقتضي لأحدهما أن يذكر مع الآخر من جهة ما بينهما من تباين أو تقارب، على صفة من الوضع تلائم بها عبارة أحد المعنيين عبارة الآخر كما لاءم كلا المعنيين في ذلك صاحبه" (2) .
ويفرق "علي بن خلف" بين "الطباق" و "المقابلة" بقوله: "المقابلة التوفيق بين المعاني من جهة الموافقة والمضادة، والمطابقة ذكر الشيء وضده" (3) .
وهكذا وجدت أن "المقابلة" تعتمد في جمالها وصحتها على معيار "التوازن" الدقيق، فكلما كانت العبارتان "متوازنتين" كانت المقابلة صحيحة جميلة. وكلما أصاب التقابل بين العبارتين خلل من أي نوع أفقدها "توازنها" قبحت المقابلة وفسدت.
يقول "علي بن خلف" عن فساد المقابلة: "المقابلة تفسد بأن يذكر ما يوافقه أو يعانده فيأتي بما لا يوافق ولا يعاند، وهو قبيح في البلاغة ومثاله: أن يقول: "أتاني الأسود والأسمر" لأن الأسود لا يعاند الأسمر غاية العناد" (4) .
وقول الشاعر:
يا ابن الأخيار من عبد شمس
أنت زين الدنيا وغيث الوجود
والمقابلة في قوله: "زين الدنيا" و "غيث الجود".
وقد شرح فساد هذه المقابلة "حازم القرطاجني" بقوله: "لأن "غيث الجود" ليس مقابلاً "لزين الدنيا "من طريق المقابلة ولا التضاد" (5) .
فـ "التوازن" لم يكن دقيقاً بين "الأسود" و "الأسمر". ولم يكن هناك "توازن" البتة بين "زين الدنيا" و "غيث الجود". لذا فسدت المقابلة وقبحت لفساد التوازن الدقيق.
ويفضي بي ما سبق إلى الوقوف على أهمية معيار "التوازن" في كل من الطباق والمقابلة، وأنه سبب جمالهما، كما أن اختلاله سبب فسادهما.
ويذهب "د. منصور عبد الرحمن" إلى ما ذهبت إليه، حيث وجدت له رأياً في قيمة التضاد في إبراز المعاني وأن ذلك يكون نتيجة "للتوازن" فإنه يقول: "وللتضاد قيمته في جودة الشعر لما فيه من تلاحم واتصال لأن المعاني تتداعى، والضد أقرب إلى الضد، وهو أكثر خطوراً بالبال والعقل وأسرع استجابة له، وهو الذي يوضح الفكرة ويعين على الفهم وبضدها تتميز الأشياء.
-ثم يقول- وكل هذا نوع من "التوازن" والتنويع الذي يقوي المعنى ويبرزه، وهو مبدأ جمالي يظهر في التصوير بالتضاد" (6) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1045  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 44 من 86
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الرابع - النثر - مقالات منوعة في الفكر والمجتمع: 2005]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج