الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

6- التوكل على الله والإيمان بقضاء الله وقدره:

التوكل على الله والإيمان بالقضاء والقدر ملمح من ملامح "التوازن" في المفهوم الإسلامي.

ويشرح "أبو سعيد الحزاز" التوكل بقوله: "التوكل اضطراب بلا سكون وسكون بلا اضطراب".

ويشرح "ابن القيم" ذلك القول أنه "حركة ذاته في الأسباب بالظاهر والباطن، وسكون إلى المسبب وركون إليه، ولا يضطرب قلبه معه ولا تسكن حركته عن الأسباب الموصلة إلى رضاه" ⁽¹⁾. والتوكل بهذا المفهوم ملازم للعمل والأخذ بالأسباب، وإلا كان تواكلاً وهذا ما يذمه الشرع.

"فأيما عمل نزاوله مهما لاحت مخايل التوفيق لا ندري ما تكون عواقبه؛ ولهذا لا مندوحة عن التوكل على الله وقاءً وسنداً "للتوازن" الذي ننشده" ⁽²⁾.

والتوكل مختلف عن التواكل، فالأول: لا يغفل الأسباب ولا يطرح الأخذ بها، ولا يركز على جانب السكون إلى الله وحده، ولا يكون اعتماداً على القدرة الذاتية وحدها وإنما "يوازن" بين الأمرين موازنة دقيقة، فيتقابلان ويكتملان في آن.

"والتوكل بهذا المفهوم الإسلامي الفريد يمنح صاحبه قوة نفسية كبرى تتولد منها شجاعة الشجعان وكرم الكرماء، وطلب العظائم المرضية لله بلا هيبة، وفي الوقت ذاته يخلصه من الانفعالات الضارة ومن الخوف من المستقبل وغير ذلك مما يفضي إلى التهلكة" ⁽³⁾.

وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):والذي نفسي بيده، لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له. إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن ⁽⁴⁾.

ولو نظرنا لهذا الملمح من حيث قيمته للنشاط الفني للأدب بخاصة، فإننا نجده يمنح الأديب قوة نفسية كبرى، تتولد منها انفعالات قوية مكفوفة بسكون الإيمان، وبالتسليم للبارىء العليم.

إنها انفعالات لا تخرج به إلى التمرد والطغيان ولا ترتد به إلى الجمود والبلادة... وكأني بالأدب لا يصاب بالعقم والتحجر والركون إلى التقليد في عصور الانحطاط إلا بفقدان هذه القوة التي تمنحه فاعليةً وتجدداً وتأثيراً.

طباعة

تعليق

القراءات :501

التعليقات :0

صفحة 19 من 86

من ألبوم الصور

المزيد >>

من أمسيات هذا الموسم

بتاريخ: 27/04/1436ھ الموافق: 02/16/2015م

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.

المزيد >>