شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( الحوار مع المحتفى به ))
معالي الأستاذ الدكتور محمد سفر: إذا سمحت أخي الفاضل فلدي تعليق بسيط قبل أن أجيب عن الأسئلة، ولعلّي أبدأ بما انتهت به التعليقات وما ذكر الدكتور السريحي، الحقيقة ليس بيني وبين الدكتور السريحي خلاف أو اختلاف في تحليله للواقع وللتاريخ منذ أن تأسست المملكة كنا ندرك أن ثمة أموراً كان لا بد أن تعالج في وقتها بشفافية وصدق غير أن هذا لم يحدث، جاءت أحداث سبتمبر لتفجر الأمور أمامنا بصورة واضحة وجلية لسبب واحد وبسيط هو أنه في أحداث 11 سبتمبر كان هناك بعد خارجي لها، وكانت هناك أطراف خارجية تضررت منها، وهذه الأطراف لديها من القوة ومن السلطة ومن الجبروت ومن السلطان ما تستطيع به أن تقول ما تقول وتتهم من تتهم، لو أنت قرنت أحداث جهيمان وأحداث سبتمبر لوجدت أن أحداث جهيمان في ظني وفي رأيي كانت أخطر على هذا البلد من أحداث سبتمبر، لسبب بسيط أن جهيمان ألقى القبض على الحرم الشريف ومنع الصلاة فيه لمدة خمسة عشر يوماً، لم يكن أحد يدرك معانيه! ولم يكن أحد يفكر فيه أو يتوقعه!! فكان الواجب علينا جميعاً من مفكرين ومثقفين ورجال تعليم ومتخصصين في علم النفس وفي علم الاجتماع في الجامعات وغيرها أن نتصدى لهذا ونقف منه موقف الدارس له المتبصر فيه للمستقبل، لكننا عالجناه أمنياً وانتهى الأمر ولم نتصد له فكرياً مما استدعى تكرار الأمر في أحداث سبتمبر، والله أعلم ماذا سيكون عليه المستقبل، فالأمر كما ذكرت يا دكتور سلسلة متصلة، والأمثلة التي ذكرتها عبر تاريخ المملكة أمثلة صحيحة وواقعية ولا يستطيع أحد أن ينكرها، لكن عندما تفجرت الأمور أمامنا في أحداث سبتمبر ليس على المملكة العربية السعودية فقط لأنها موئل الإسلام، ولكن على الإسلام وعلى العروبة وعلى كل مسلم وعلى كل عربي، كان لا بد لنا أن نتصدى لهذا الأمر وأن ننظر في دواخلنا بصورة أكثر عمقاً وأكثر شفافية وأكثر صدقاً، وهذا ما حاولت أن أفعله، أنا لم أتصد لأي هجوم قدموه ضد الإسلام من حيث الدفاع عن الإسلام أو مدح الإسلام أو إزالة التهم عنه، حاولت أن أعود إلى نفسي، إلى دواخلي، إلى واقعي، كي أتبصر فيه وأجد لماذا هذا حدث، وقلت بمنتهى الوضوح والصراحة أن النقطة المركزية لهذا الكتاب ولسلسلة المقالات التي كتبتها وأنا فخور وسعيد وأحمد الله على هذا التوفيق أنني أول من تصدى لأحداث سبتمبر في البدايات في الأيام الأولى وأشكر جريدة عكاظ على أنها أفسحت المجال لي في الوقت الذي لم يكن أحد يدرك ما الذي حدث، ليس فقط تحدثاً عنه بل كان الحدث ذهولاً أمام الجميع، فيا أخي الدكتور الشكر لك على إثارة ما أثرت. أؤكد لك أنه لا خلاف ولا اختلاف بيننا، وعندما أقول إنني تصديت لأحداث سبتمبر ولم أتحدث عن الأحداث الأخرى التي سبقتها لا يعني ذلك أنني أنكرها، ولا يعني هذا أنها لم تكن سلسلة متصلة من الأحداث قادت إلى ما نحن فيه.
نقطة أخرى تتصل بمقدمة الأستاذ محمد السماك، فأنا كمؤلف لا أتحمل وزر من يقدم للكتاب كونه يتحدث عن مجتمعي بالصيغة التي رسمها لذاته أو بأسلوب مقارن بين ما لديهم في لبنان كمجتمع لبناني فيه من الأعراق ومن المذاهب والديانات والثقافات وإسقاطه ومحاولة مقارنة بين المملكة وبين لبنان هذا شأنه، أنا لا أتفق في كثير من طروحاته في المقدمة وما كان بيدي أن أمنعه يقول رأيه فينا لم لا؟ مرة أخرى شكراً لك يا دكتور سريحي أنك أثرت هذه النقاط وأنا أعتقد أنها نقاط مفيدة جداً وصحيحة جداً، وأعتقد أننا ندرك بعمق كل ما قلت.
أما الأخوة الأعزاء الأصدقاء الزملاء فكل من تحدث من الأخوات والأخوان أزعم أنه أدلى بشهادة مجروحة في شخصي لما يحمله من الأخوة على وجه الخصوص لي بالمحبة في قلوبهم أشاطرهم إياها، وليس لي من قول سوى أن يجزيهم الله عني خير الجزاء، أذكر منهم الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، الدكتور محمد عبده يماني، وصديقي وحبيبي وزميل عمري الأستاذ عبد الله الجفري، والدكتور جميل مغربي جزاه الله خيراً، والدكتور السريحي جزاه الله خيراً، وكل من تحدث أشكرهم جداً على ما قالوا.
 
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ عدنان فقي يقول:
من خلال تطورات الأحداث في الساحة العربية في وقتنا الحاضر؛ وجهة نظر الدكتور في القادم؟ هل تعتبر رواسب سبتمبر أم ماذا وشكراً؟!!
 
معالي الأستاذ الدكتور محمود سفر: الحديث عن المستقبل يحتاج إلى كثير من الجهد لمعرفة ما هو قادم لكن يحتاج إلى القليل من الجهد يدرك الإنسان العاقل السوي أن القادم أسوأ، أمريكا لم تفرغ من تأديب العالم بعد، أمريكا بدأت تأديب العالم وإرغامه على الانصياع لأسلوب حياتها وطريقتها وأسلوب معالجتها للأمور، أمريكا هي سيدة الموقف وأمام المسلمين اختيار واضح إمّا أن يتشبثوا بعقيدتهم ويطوروا من ذواتهم ويطهروا مجتمعاتهم من كل درن يهيئ أسباب السمعة السيئة لهم ولمجتمعهم أو أن ينصاعوا ويذهبوا إلى الطريق السهل، وهنا لا أتكلم عن حكومات. أنا أتكلم عن الشعوب، عن قادة الرأي، عن العلماء والمفكرين والمثقفين هؤلاء هم حراس المجتمع..
عريف الحفل: سؤال من عبد الحميد الدرهلي:
كم من المظالم الفكرية باتت تُرتكَب باسم الدين الإسلامي القائم على أسس إنسانية تأبى الجمود والانغلاق والتكفير والتبديع والإفتاء بقتل الخصوم، إذن نتساءل لماذا يظل هذا الفكر مكبلاً كما يريده بعض السلفيين والحجر على حرية الفكر ويدعون إلى التفرق والتنازع باسم الدين، فكرنا الإسلامي لماذا لا يتطور لوضع حد للكراهية الواسعة الانتشار بين المسلمين؟
 
معالي الأستاذ الدكتور محمود سفر:أنا أعتقد أنني أتساءل مثلك، أنا لم أستطع أن أجد إجابة موضوعية تدعو مسلماً سوياً لا يدرك عصره ولا يستشعر التحديات التي يواجهها كمسلم في ذاته، في بيته، في أسرته، في مجتمعه، في حياته، علماؤنا لا يختلفون عن فرد منا سوى أنهم حملة العلم، حفظة الدين يجب أن يكونوا في المقدمة من حيث إدراك ما تعانيه وسوف تعانيه الأمة من انحرافات لمجموعة من الشباب. كان بعض هؤلاء العلماء سبباً في تعزيز أفكارهم بتلك الأفكار، فعليهم أن يتقوا الله في هذه الأمة عليهم أن يدركوا أن مسؤوليتهم أكبر من مسؤولية أي واحد عادي منا.
عريف الحفل: نعود للأخوات السيدات إن كان لهن سؤال.
الأستاذة الدكتورة لطفية محمد مبارك أستاذة ووكيلة الدراسات العليا بكلية الاقتصاد المنزلي والتربية الفنية بكلية البنات بجدة:
بسم الله الرحمن الرحيم، كيف يمكن للمفكرين والمثقفين السعوديين تغيير الاتهام الأمريكي للمسلمين في زمن قصير؟
 
معالي الأستاذ الدكتور محمود سفر:اتهام الأمريكيين للمسلمين نحن الذين سببناه، أمريكا بمنطلقاتها بالمانيفستو الذي وضعته أمامها لتنفيذه في العالم لا تلام، اللوم يقع علينا نحن، يقع على مناهجنا، يقع على علمائنا، يقع على برامجنا، يقع على تصرفاتنا وسلوكنا، من السهل علينا أن ندافع عن ديننا ونقول الإسلام، ونظل في هذه الحلقة المفرغة التي لن توصلنا إلى شيء لأنه لن يستمع إلينا أحد ولن يعتقد فينا أحد، إذا كنا نخاطب أنفسنا هذا شيء آخر، لكن إذا أردنا أن نتصدى للهجمة الشرسة والكراهية التي تبوح مثل ما ذكرنا الآية الكريمة في القرآن الكريم علينا أن نصلح ذواتنا، أن نعود إلى أنفسنا أن نتوثق مما نفعله، ونتوثق مما يدور في داخل مجتمعاتنا ومناهجنا ونظمنا سواء الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو التربوية أو الاجتماعية أو الإعلامية، إذا استطعنا أن نفعل ذلك نستطيع أن نقول لأمريكا هؤلاء نحن..
عريف الحفل: السيد عبد الله فدعق يقول:
ما رأيكم في كيل أمريكا لقضايانا الإسلامية بمكيالين غير عادلين، فنحن نراهم صامتين عن كل جرم في فلسطين وكشمير والفلبين وبورما وغيرها ربما يمدونهم بمدد لا خير فيه ولا بركة، والحاصل أن هذا الأمر أدى إلى استفزاز مشاعر المسلمين مما لم يمكن السيطرة عليه من حاكم أو من حكيم.
 
معالي الأستاذ الدكتور محمود سفر: العالم الآن عالم القوة، القوة هي التي تتحدث، لا مكان للضعفاء، المكان للأقوياء، أمريكا تستطيع أن تفعل ما تريد، أمريكا تكيل بمكيالين ليس جديداً حتى قبل أحداث سبتمبر، لكن وسعت المكيالين أكثر فأكثر بعد أحداث سبتمبر، فأصبحت بمنتهى الوضوح والصراحة منذ أن جاء المحافظون الجدد إلى البيت الأبيض وكبلوا السياسة الخارجية الأمريكية بتنظيراتهم، ولو كان لدى العرب معاهد أبحاث لاستطاعوا أن يقرؤوا المستقبل إلى حد ما بعد حرب الخليج الثانية كان المحافظون الجدد قد وضعوا سيناريوهات مختلفة للعالم، لم يتمكنوا من تنفيذها بمنتهى الصراحة والوضوح والوقاحة إلا بعد أحداث 11 سبتمبر.. هذه هي الحقيقة وهذا هو الواقع.
عريف الحفل: سؤال للسيدات، تفضلن:
الأستاذة خزيمة العطاس:دكتور محمود، كثيراً ما كُتب وقيل عن تغيير المناهج ما هي الجوانب التي تحتاج إلى تغيير، لأننا نحن تربينا وتعلمنا وتخرجنا على تلك المناهج وكثيرون من الحاضرين تعلموا ودرسوا على تلك المناهج والجامعات، وأعتقد أن العيب ليس في المنهج ولكن العيب في المؤسسات سمحت لنفسها وأعطيت لها الفرصة من خلال البعض أن تطرح هذا الفكر المتطرف، أو الغلو الديني إذن العيب ليس في مناهجنا ومدارسنا فنحن خريجات هذه المناهج التعليمية منذ أربعين أو خمسين عاماً تقريباً ولم يحدث منا ما يحدث اليوم. فالحمد لله نحن أناس ناضجون وواعون ولم يكن فينا هذا التطرف الديني، فأرجو توضيح هذه النقطة.
 
معالي الأستاذ الدكتور محمود سفر:كلامك صحيح. أنا من نفس المدارس التي تخرجتم منها أنتم، وبدون شك فإن مناهجنا ككل تحتاج إلى التثبت والتوثيق وأنها لا تدعو إلى ما يدعو إليه الفكر المتطرف، لكن السؤال الذي يفرض نفسه ما الذي استطاع أن يحققه الخطاب الديني والتربية الدينية على وجه الخصوص في نهاية المطاف. ألم ينتشر وما زال التشدد والغلو ينتشران في بعض نواحي التربية الدينية والخطاب الديني، أما الجهد الذي يبذل الآن من الجهات المعنية هو تخفيف الغلواء وتهذيب التشدد، ومحاولة تحسين الأمور، من السهل أن نقول إن جهة ما أو برنامجاً ما أو خطة ما في مناهجنا وبرامجنا التعليمية هي السبب، وهذا ليس عدلاً. أنا أعتقد أن النظرة الشاملة لكل هذه الأمور المتداخلة مع بعضها تقود إلى ذلك، فيكفي ذلك في مرة من المرات يأتي شيخ من المشايخ يبث في التلفزيون حديثاً يثير الشباب، ويجعلهم يفكّرون بأمور وقضايا أخرى، هذا لا علاقة له بالمناهج التعليمية، لا علاقة له بالبرامج، لكن اسألي من هو ذلك العالم الذي تمكّن من الوصول إلى التلفزيون ليتحدث بما تحدث عنه ليثير الشباب من أين تخرج من أي مدرسة ممن أي فكر، فالقضية هي سلسلة متصلة لا يمكن أن نضع اللوم على جهة ما، لكن في نفس الوقت أنا أحذر أن ندلي بشهادة بأن مناهجنا التربوية والتعليمية سليمة وصحيحة بدليل أننا تخرجنا منها، لا، ينبغي أن نعيد مرة أخرى ونبحث مرة أخرى، ونتفحص الأمور مرة أخرى.
أحد الحاضرين: لو تكرّمت لو تسمح لي بتعليق.
عبد المقصود خوجه:ما تعوّدنا في الاثنينية إتاحة الفرصة للتعليقات لأن الموضوع يتشابك، إذا سمحتم أن تتركوا سؤالكم في الأخير، وهنا سؤال للأستاذ سمير خوجه بكه:
أنا كررت أكثر من مرة لا أود أن أحجب أي سؤال لأن ذلك ليس من حقي، ولكن بالصيغة الملائمة البعيدة عن التجريح، فلذلك سألقي السؤال بعيداً عن التجريح وأما القفلة سألغيها، والأستاذ سمير خوجه بكه يعرف ذلك.
والسؤال هو: وصفت في حديثك بأن حادثة جهيمان أشد خطورة من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لكن أين كان قلمك في ذلك الوقت لماذا التزمت الصمت ومعك غيرك من حملة الأقلام ولماذا تصديت الآن لهذه الحادثة رغم أنها ليست بحجم حادثة جهيمان؟
 
معالي الأستاذ الدكتور محمود سفر: أولاً أنا أشكره فسؤاله صحيح وصريح، أين كنت أنا؟ والآن أتفلسف وأكتب كتاباً، ولكن الشيء الذي لم يدركه هو أنني كنت في ذلك الوقت موظفاً في الدولة، وثانياً لم أتورع في أن أتحدث لصحيفة النيويورك تايمز من خلال مراسلها الذي جاء يحاورني وأنا على كرسي وزارة التعليم العالي، وأدليت له بحديث طويل مما استدعى - ولو كان معالي الدكتور اليماني هنا لأخبركم عن تدخله والاستفسار مني عما قلت وأخبرته بما قلت، مراسل البي بي سي (هيئة الإذاعة البريطانية) جاء وحاورني فيما يتصل بحادثة جهيمان وأدليت له برأيين لم أكن في وضع يمكنني من أن أتحدث إلى الداخل، وأنا أعترف بهذا، لكن ذلك لا يعني أنني لم أحمل في نفسي وفي ذاتي وفي فكري كمواطن -إن شاء الله- مخلص لأمته ولدينه ولبلده من أن لا يقول الحق في أمور مثل هذه، وأنا أكرر لو أننا تصدينا جميعاً -ليس محمود سفر- محمود سفر ما هو إلا إنسان لا قيمة له أمام ما حدث في الحرم، لماذا لم نتصدَّ جميعاً لما حدث؟ لماذا أنا فقط الذي يطالب أو أسأل لماذا لم تتصدَّ له؟! لماذا لم تتكلم البلد كلها عنه؟! لماذا لم نتكلم جميعنا عن الفكر المعوج الذي قاد جهيمان لاحتلال الحرم الشريف لمدة خمسة عشر يوماً أوقف خلالها الصلاة؟! لم نتحدث جميعنا، ألإننا لم نتحدث أنا أتحمل وزر أننا لم نتحدث لأنني لم أتحدث؟!
 
عريف الحفل: الآن نحيل الميكروفون لسماحة الشيخ محمد علي الجوزو مفتي جبل لبنان فليتفضل..
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :651  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 147 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.