(( الكلمة لسعادة الدكتور خضر بن عليان القرشي |
مدير عام التعليم بمحافظة جدة ))
|
- بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. |
معالي الزميل الصديق الأخ الأستاذ الدكتور بكر، الإخوة الزملاء الحضور الكرام، كنت افتراضاً أن أكون خارج المملكة هذه الليلة ولكن عندما حدثني صديقي الأخ عبد المقصود خوجه أن ضيف الاثنينية الأب المربي الدكتور بكر ألغيت ارتباطاتي وحرصت أن أتشرف بالحضور هذه الليلة ثم طلب مني أن أكون أحد المتحدثين فكان جوابي أن هذا أمر يشرفني أن أتحدث عن بعض تجاربي وخبرتي مع الدكتور بكر في عملي في الجامعة ثم حاولت أن أزور كلمة في نفسي كما فعل الزميل أبو مدين فإذا بي أجد للأفكار والخواطر تنهال علي كالسيل وإذا بي أمام مسألة عويصة تحتاج إلى كتاب فقررت أن ألقي بوريقاتي جانباً وأن أتحدث إليكم شفاهة هذه الليلة عن بعض جوانب قد لا يعرفها إلا الملتصقين بمعاليه. |
كان أول حديث لي مع الدكتور عبد العزيز الدخيل عندما عين مديراً للجامعة، كيف ترى عملك الجديد؟ وكيف ترى التحدي الذي تواجهه؟ قال باختصار إنني أتيت بعد بكر، أتى بعد بكر لأنه بنى مؤسسة شامخة رسخت دعائم التميز اعترف بها الصديق والعدو، القريب والبعيد، فكان هذا تحدياً لمديرها الحالي. |
كان معالي الدكتور يجمع بين النقائض في إدارته لتلك الجامعة، خلال ربع قرن وهو يسوس الجامعة ويقودها إلى بر الأمان تتجاذبها الرياح من كل جانب لكنه نجا بها ونجا بمن فيها إلى بر الأمان وأسس جامعة راسخة لا تهزها العواصف. |
كانت الجامعة من أهدافها الأساسية الحفاظ على المستوى والتنافس مع أرقى الجامعات في العالم ولكن واقع طلابنا فرض على نظام الجامعة أن يفصل العديد من هؤلاء الطلاب الذين لم يصلوا إلى المستوى الأكاديمي المطلوب وكنت في تلك الأيام مسؤولاً في شؤون الطلاب عن الطلاب وكانت القرارات ترفع إلى معاليه من قبل الأكاديميين بفصل هؤلاء الطلاب لأنهم لم يصلوا الحد المطلوب من التميز الأكاديمي الذي ترغبه الجامعة، كان بإنسانيته التي قد لا يعرفها الكثير من الحضور يشفق على هؤلاء الطلاب وكنت أحدثه قائلاً إن هذا قرار الجامعة وأن هذا هو النظام وهؤلاء هم الأكاديميون يصرون على أن هؤلاء الطلاب لا يبقون في الجامعة، فكان يقول لي شيل أوراقك، ورسوب هؤلاء الطلاب هو رسوب للجامعة، وفشل هؤلاء الطلاب هو فشل الجامعة، كثفوا الإرشاد كثفوا التوجيه، أنقلوا الطلاب النقلة الاجتماعية اللازمة حتى يتمكنوا من التخرج دون المساس بالنوعية وبالفعل كنا نراجع أنفسنا ووجدت نفسي في تلك الأيام أن الدكتور بكر عاطفي أكثر من اللازم وأن هذه القرارات ستؤدي إلى انخفاض المستوى، وبعد سنوات من التجربة وجدت أن نظرته كانت أعمق وأشمل وأن الطلاب تخرجوا دون المساس بالمستوى الأكاديمي وهم الآن يحتلون مناصب قيادية في البلد وأينما وجدوه قبلوا رأسه، هذه الإنسانية، هذه القيادة، وجدتها لصيقة بمعالي الدكتور بكر. |
أيها الإخوة النجاح لا بد له من أعداء ولا بد له من حُسّاد، فنجاح الجامعة التي يتربع على رأسها الأخ الزميل الدكتور بكر لا بد أنه لا يخلو من حسد، فإنسانيته حتى مع خصومه كانت فائقة، أذكر مرة أن مجموعة من الزملاء اختلفوا معه وكان قرار اللجان المختصة، إن هؤلاء لا يصلحون أن يكونوا في الجامعة، وكان بيده أن يستفيد من الحيثيات وغيرها، ولكنه كان يرفض توصيات اللجان والمجالس، إن هؤلاء زملاؤنا، ونسأل الله لهم الهداية، ومهما يكن فهم زملاء فادعوا لهم، وفعلاً بعضهم أصبح صديقاً حميماً لمعاليه، هذه الإنسانية وهذه المواقف النبيلة لا تنتج إلا من رجل كبير، ترفع عن سفاسف الأمور وعن صغائر الأمور وكان همه قيادة الجامعة والخروج بها إلى مصاف الجامعات المتقدمة دون النظر إلى الأمور الداخلية الصغيرة. |
تستغربون أن مدرسة الدكتور بكر مدرسة لم تقتصر على الجامعة، فكل الذين خرجوا من الجامعة أساتذة سواء في القطاع الخاص أو في القطاع العام، تميزوا وأنجزوا وتركوا بصمات في المؤسسات التي عملوا فيها، وأنا أكاد أجزم أن هذا التميز كان نتيجة لمخرجات مدرسة بكر بن عبد الله بن بكر. |
سأتحدث عن نفسي شخصياً إذا كنت حققت في جدة شيئاً من الإنجاز فأنا أجيره لمدرسة بكر، علمنا الكثير في حسن التعامل في الإدارة في الانضباط في الالتزام في تحقيق الأهداف بأقصر الطرق وأسهلها وأن الأساس هو الغاية يجب أن تبرر بأساليب نظامية، وعلمنا كيف نلتف على الأنظمة وليست مخالفات كما يقال، ولكنها هي براعة في إيجاد مخارج نظامية لما يعترض المؤسسة. |
هناك جانب آخر في معاليه قد لا يعرفه الكثير، هذا الرجل أحب الجامعة حباً كدنا نجزم نحن المقربين إليه إنه قدمه على أسرته وأولاده، أحبها لدرجة أنه لا يقبل المساس بمنجزاتها أو بمستواها أو بأسسها مهما تنازل عن بعض الأمور الجانبية إلا أنه لم يمس جوهر الجامعة مهما واجه من ضغوط، حبه الجامعة زرع في منسوبيها حب الجامعة، لا أبالغ أيها الإخوة إذا قلت لكم أكاد أجزم أن ليس هناك شخص من منسوبي الجامعة ينال من الجامعة هذه أو من سمعتها لا العامل ولا الطالب ولا الموظف ولا الأستاذ، هذا الانتماء لهذه المؤسسة لم يكن حصيلة جهد بسيط، بينما تجد في بعض المؤسسات قد يمدح من هو على رأس المؤسسة، المدير أو الوزير، إنما المؤسسة قد يقدح فيها، إنما جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الكل لم يقدح فيها والكل منتمي إليها حتى لو اختلفوا مع رئيسها، ومع من يقودها، زرع الانتماء تعلمناه من معالي الدكتور بكر، بإمكانكم أيها الإخوة تنظرون في مخرجات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، هذا وزير الصناعة الأخ الدكتور هاشم يماني، هذا وزير الدولة الدكتور عبد العزيز المانع، هذا وزير البرق الدكتور علي الجهني هؤلاء الإخوة أمامكم الدكتور صالح الدكتور منصور ناظر، الإخوان الذين قد لا تحضرني أسماؤهم، قد تكون شهادتي في الدكتور خالد بن بكر مجروحة، إنما كل هذه حقيقة لا أشك أنه حصل تميز لهؤلاء فما هو إلا نتيجة لمدرسة إدارية فريدة تعلمنا منها الكثير وسنتعلم منها الكثير إن شاء الله. |
الحقيقة الذي يعرف الدكتور بكر أيضاً أنه لا يستغرب كيف اختاره ولي الأمر ليكون سفيراً، فالنقلة تكاد تكون منطقية فهو محاور من الطراز الأول، مقنع من الطراز الأول، مثقف ثقافة عربية أصيلة من الطراز الأول، فتونس الحقيقة حظيت به كرجل سعودي يمثل المملكة العربية السعودية ويمثل خادم الحرمين في تلك البلاد الطيبة من وطننا الغالي. |
أيها الإخوة هذه كلمات أحببت أن أرويها لكم من واقع تجربة وخبرة لصيقة بمعاليه آثرتها على كتابة مقال أو كتاب منمق بالألفاظ أنها كلمات صادقة.. وشكراً لصديقي الأستاذ عبد المقصود على هذه الليلة الطيبة، وشكراً للإخوان الذين أشرفوا على إخراج هذه الأمسية ونتمنى للأخ الدكتور بكر دوام النجاح. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
|