شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جوابه عن أحوال الفتن في الأندلس
6 ـ وأما ما سألتم عنه من أمر هذه الفتنة، وملابسة الناس بها، مع ما ظهر من تربص بعضهم: فهذا أمر امتحنا به نسأل الله السلامة، وهي فتنة سواء أهلكت الأديان إلا من وقى الله تعالى من وجوه كثيرة يطول لها الخطاب، وعمدة ذلك أن كل مدبر مدينة أو حصن في شيء من أندلسنا هذه أولها عن آخرها: محارب لله تعالى ورسوله وساع في الأرض بفساد؛ والذي ترونه عياناً من شنهم الغارات على أموال لمسلمين من الرعية التي تكون في ملك من ضارهم، وإباحتهم لجندهم قطع الطريق على الجهة التي يقضون على أهلها: ضاربون للمكوس (1) والجزية على رقاب المسلمين، مسلطون لليهود على قوارع طرق المسلمين في أخذ الجزية والضريبة من أهل الإسلام، معتذرون بضرورة لا تبيح ما حرم الله غرضهم فيها استدام نفاذ أمرهم ونهيهم؛ فلا تغالطوا أنفسكم، ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه [249/أ] اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع، المزينون لأهل الشر شرهم، الناصرون لهم على فسقهم. فالمَخْلَص لنا فيها الإمساك للألسنة جملة واحدة إلا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذم جميعهم؛ فمن عجز منا عن ذلك رجوت أن تكون التَّقيَّة تَسَعُه، وما أدري كيف هذا، فلو اجتمع كل من ينكر هذا بقلبه لما غُلِبُوا؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (2) . وجاء في بعض الأحاديث: ليس وراء ذلك من الإيمان شيء، أو كما قال عليه السلام، وجاء في الأثر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: لتأمرن بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليعمنَّكُم الله بعذاب (3) .. واعلموا رحمكم الله أنه لا عذاب أشد من الفتنة في الدين، قال تعالى: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ [سورةالبقرة/191]، فأما الغرض الذي لا يسع أحداً فيه تقيةٌ (4) ، فأن لا يعين ظالماً بيده ولا بلسانه، ولا أن يزين له فعله ويصوِّب شرَّه، ويعاديهم بنيته ولسانه عند من يأمنه على نفسه.. فإن اضطر إلى دخول مجلس أحدهم لضرورة حاجة، أو لدفع مظلمة عن نفسه أو عن مسلم، أو لإظهار حق يرجو إظهاره، أو الانتصاف من ظالم آخر كما قال تعالى: وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [سورة الأنعام/129]، أو لصداقة سالفة ـ فقد يصادق الإنسان المسلم اليهودي والنصراني لمعرفة تقدمت ـ أو لطلب يعانيه، أو لبعض ما شاء الله عز وجل: فلا يزين له شيئاً من أمره، ولا يعينه، ولا يمدحه على ما لا يجوز، وإن أمكنه وعظه فليعظه، وإلا فليقصد إلى ما له قصد غير مصوِّب له شيئاً من معاصيه؛ فإن فعل فهو مثله.. قال الله تعالى: وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ [سورة هود/113].. وفي هذا كفاية.
طباعة

تعليق

 القراءات :1414  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 17
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج