شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الشيخ محمد الحبيب بلخوجة ))
ثم أعطيت الكلمة لسماحة الشيخ محمد الحبيب بلخوجة أمين عام مجمع الفقه الإسلامي حيث قال:
- بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. في هذه الليلة الكريمة - كما في غيرها من الليالي التي اجتمعنا فيها في رحاب هذا البيت العامر مع إخوة لنا كثيرين احتفاء بهم وتقديراً لمواقفهم - نجتمع الليلة احتفاء بأخينا الدكتور عبد الله التركي للحديث أو لتبادل الرأي في كثير من القضايا، وقد لا يكون الحديث شكراً وتقديراً ومعرفة للأيدي الكريمة التي بذلها في مختلف المجالات، ولكن قد يتضمن اقتراحات ويتضمن تبادل الرأي في بعض القضايا مما يستطيع أن يُحقق ثماراً - بإذن الله - يانعة وذكية نحصل عليها من وراء هذه اللقاءات والاجتماعات.
- أنا أعتبر نفسي قريباً وبعيداً. ولكن وشائج القربى أشد وأكمل من البعد الجغرافي إن صح أن هناك بعداً جغرافياً بين منطقة ومنطقة من أطراف العالم الإسلامي، أنا كما تعلمون من تونس وتونس في بلاد المغرب، والمغرب غير المشرق، والمشرق هو الذي طلع منه النور المبين الساطع وأشرقت فيه حقائق الرسالة وأسباب العزة والكرامة للإنسان، وذلك الإشراق وتلك الرسالة وآثار هذا النور الذي انبثق خلال الأجواء حتى وصل إلى الأبعاد التي تمضي في الزمان وفي المكان جعلت الأرض كلها تدور حول قطب رحى، وهذا القطب هو مكة المكرمة، وإذا كانت مكة المكرمة قد سماها الله "أم القرى" وكان المسلمون ينسلون من كل جهة صوبها ويتجهون إليها في العبادة، فقد كانت هي بمسجدها العتيق الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً وبالبيت الحرام وبحلقات الذكر التي كانت تُقام بها وما زالت بفضل الله قائمة فيها، ثم بالمسجد النبوي الكريم الذي كان المدرسة الأولى التي نفر إليها عدد من المؤمنين ليجلسوا ويأخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدى الديني والعقيدة السليمة والأحكام الجليلة التي جاء بها الكتاب وجاءت بها السنة، فإن مدارس كثيرة عمت الآفاق بعيدة كانت أو قريبة، أعرف في المشرق الأقصى مدارس كثيرة زرتها، وهذه المدارس لم تكن غير المساجد، وأعرف في بلدنا تونس معهداً انتسبت إليه طويلاً وأعتز بالانتساب إليه حتى الآن هو "جامع الزيتونة الأعظم" الذي كان منارة للعلم والمعرفة وللحضارة والفكر الإسلامي، وبجانبه في المغرب الأقصى كان "جامع القرويين" وكان ثالث المساجد هو "الأزهر الشريف" وفي الحلقة الثالثة من هذا القرن أو في العقد الثالث من هذا القرن رأيت كاتباً من كبار المؤرخين ينشر في الرسالة حديثاً يذكر فيه فضل هذه المساجد الثلاثة على العالم الإسلامي، وأنا أعود فأقول إن هذا الفضل الذي بدأ بمكة والمدينة بالمسجد الحرام وبالمسجد النبوي ثم ظهرت آثاره في تلك المساجد البعيدة النائية التي قامت على تقوى الله والتي تحملت الرسالة في تلك الأماكن القصية قد عاد الناس في هذا العصر وفي هذه الآونة وفي هذا الظرف إلى الجامعات التي قامت مقام المساجد والتي تملأ هذه البلاد بفضل الله ونعمته، فإذا نحن أمام عدد كبير من الجامعات ليست إسلامية فقط ولكنها جامعات علمية وجامعات إسلامية، وأنا أذكر في مقدمة ذلك الجامعة الإسلامية التي أرتبط بها ارتباطاً أساسياً وأجدُني وليدها وربيبها الذي لا يفتأ يذكرها ويشيد بفضلها ومحاسنها.
- وإذا كنا بحكم هذه الروابط في بلادنا التونسية وفي البلاد المغربية وفي الأزهر الشريف بالبلاد المصرية نجد هذه الحلقة التي تصل فيما بيننا وبين الجامعات في المملكة العربية السعودية فإن أولى هذه الجامعات أو من بين هذه الجامعات التي نلتفت إليها جامعة الإمام، وقد زرت جامعة الإمام من عقدين عندما كانت في المرحلة الأولى من تأسيسها، وانتقلت وتطورت من مكان إلى مكان حتى آلت إلى ما بُشِّرنا به أو ما حمله إلينا الدكتور محمد عبده يماني من البشرى بانتقالها إلى محلها الجديد، ونحن حين نحتفي بالجامعة ونحتفي بالمحل الجديد نحتفي بالرائد، رائدها الذي عمل الكثير من أجل تحقيق الخير فيها وعلى أيدي أساتذتها وعلمائها.
- وهنا أشير إلى أن جوانب أربعة تشدني إلى أخي الدكتور عبد الله التركي الذي عرفته بالضبط من ثمانية عشر عاماً وهي فترة ليست قليلة، كنت في ذلك الوقت أتردد على المملكة بوصفي عضواً في المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكنت عضواً في المجلس التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية الذي كان يُسمى "اتحاد الجامعات الإسلامية" وبهذه المناسبة التقيت به في الرياض وعرفت الرجل عن كثب، وقدرت مواهبه ونشاطه وعمله المستمر الجادّ، وكان الذي يلفت نظري من هذه الجوانب المتعددة الكثيرة الجانبُ التربوي، ومن يَزُر الجامعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ويتصل بأساتذتها وطلابها يجدْ مصداق ذلك ظاهراً في المناهج الدقيقة والأساليب التي أخذ الأساتذة بها أنفسهم لتبليغ الأمانة، والوفاء برسالة التعليم. في هذه الجامعة هم جنود، كما قال "نظام الملك": جنود لا يعرفون النوم، لأنهم يعملون ليلاً ونهاراً ويقضون كل وقتهم في الليل في إعداد دروسهم ومحاضراتهم والاتصال بطلابهم عن طريق ما يكتبون وما يعدون من بحوث ودراسات، ثم المنهج البيداووجي الذي برز واضحاً في كل أقسام الجامعة بالرغم من تعدد هذه الأقسام ومن كثرة الجوانب العلمية التخصصية الموجودة فيها وبفضل هذه المراكز التي وجدت في كل كلية تقريباً، وهي مراكز البحث العلمي التي يرجع إليها الأساتذة والطلاب جميعاً.
- والجانب الثاني الذي أضيفه إلى الجانب التربوي والبيداووجي المتمثل في التعليم أو أستاذية الدكتور عبد الله التركي لطلابه وإشرافه على المؤهلات ورعايته للبرامج المعدة لتخريجهم أجد عالماً محققاً يعود إلى الكتب المعتمدة في الفقه الإسلامي ويعنى بتحقيقها وتخريجها إخراجاً جيداً، فهذا كتاب "المغني" هو من أفضل الكتب في الفقه الحنبلي، وأستطيع أن أقول بأنه صورة تبرز للناظر والدارس جميع الآراء الفقهية والمذهبية مع الاستدلال لكل رأي ولكل مذهب بما هو مُعتمد في تلك المذاهب الأخرى، فهو طريق للمقارنات الفقهية وسبيل إلى البصر بالأحكام الشرعية بصراً دقيقاً يُعززه الجانب الرائع في تحقيق الكتاب التحقيق الجديد، وذلك بالتخريجات للسنَّة النبوية أو للأحاديث النبوية وبالضبط للمصادر وللأمهات التي كان مؤلف الكتاب يعود إليها في ضبط الأحكام أو نقل بعض النصوص.
- والجانب الآخر الذي كان بارزاً إلى أبعد حد وله أثره الكبير في تحقيق ما يطمح إليه العالم الإسلامي بأسره هو جانب الدعوة، وجانب الدعوة كما تعلمون هو الجانب الذي من أجله قامت الرسالة، فرسالة محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن إلا من أجل الدعوة، دعوة الناس إلى الخير، دعوة الناس إلى الحق، والجامعة بمحاضراتها وبمناهجها وبتكامل الجوانب التخصصية فيها تعد الدعاة إعداداً رائعاً كاملاً. وفيها من الطلاب الوافدين على المملكة والمقيمين بالرياض من أجل الانتساب إلى هذه الجامعة ما يكون معواناً في إعداد الداعية الرشيد والمفكر الواعي والرجل الذي يعرف كيف يخاطب الناس وكيف يهديهم إلى سواء السبيل.
- وبالجانب الدعوي هذا الذي تكتمل به النعمة ويتحقق به الخير الكثير نجد مظهراً رابعاً هو المتمثل في الناحية التخصصية التي ترجع إلى إبراز الكمالات والجوانب التي يعتز بها كل مؤمن في هذا البلد الكريم وهو جانب التاريخ للمملكة والعناية بمراحل تكوينها وتطوراتها وفيما أخرجت من رجال وحققته من أعمال في الداخل والخارج.
- هذا ما يطمح إلى التعرف به والوقوف عليه والاستفادة منه كل مسلم وقد اضطلع بهذه الأمانة أخونا الدكتور عبد الله التركي جزاه الله خيراً، فهو بهذا قد جمع جوانب عديدة نحن في حاجة كبيرة إليها لتكون متمثلة ومتجددة في طلابه وإخوانه والأساتذة الذين يعملون تحت إشرافه ليكونوا ملتزمين بما التزم به، ومحققين للأهداف التي يعمل من أجلها الدكتور عبد الله ويعمل من أجلها المسلمون المخلصون لدينهم ولرسالة نبيهم ولمقاصد هذه البلاد الكريمة حتى يحققوا الخير وينشروا الفضيلة، شكراً لكم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :689  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 150 من 196
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج