ما للمليحة لا تقيلُ عثاري؟ |
من يا ترى أوحى لها بإساري؟ |
فتحت نوافذ قلبها لظنونها |
فاستعذبت هجري وطول حصاري |
أغرَتْ بي السفهاء من أُجَرائها |
تغزو حِماي وتستبيح دياري |
شهرت عليَّ سلاحها لما رأت |
أنِّي فقدت لآلئي ومَحاري |
قذفت بديواني وصاحت ويلتى |
أَأَزُفُّ وعاطفتي إلى ثرثار؟ |
لا لن أكون قصيدة أو لوحة |
منصوبة في متحف الآثار |
وتمنَّعَتْ غُرُّ المعاني بعد ما |
حطمت إكراماً لها قيثاري |
وتمردت كل البحور وأغلقت |
عني مصارعها وعفن حواري |
يا حلـوة الكلمـات جـفَّ علـى فمـي |
نغمي ونهرك بالعُذوبة جاري |
جودي بكأس من رحيقك تطفئي |
شوقي إليك وغلتي وأُواري |
وأصُغ به فوق السطور قلائداً |
مجلُوَّةً بالنور لا بالنار |
في ليلة عشق الوفاء جمالها |
تزهو بكوكبة من الأبرار |
أقبلتُ فيها مفلساً لم يُجْدِني |
في ساحها نثري ولا أشعاري |
أهرقت ساعاتي أفتش عن فتى |
لَسِنٍ يجيد حياكة الأعذار |
أبتاع عذراً أحتمي بحروفه |
وأقيم من كلماته أسواري |
لكن فجعتُ بباقلٍ في حانةٍ |
يشدو بشعر الشنفري ونزار |
فأتيت لا لغة أسواق ولا غنى |
ووقفت خلف عشيرة الأصفار |
ماذا أقول وقد تسابقت النُّهى |
وتسنمت في الفضل كل مدار |
لو أن حمل الشعر يصنع شاعراً |
حمّلت شعر المحدَثين حماري |
يا ابن الألى كانوا مصابيح العلى |
بمكارم الأخلاق والإيثار |
بالأمس جدك والكواكبُ دونه |
أهدى لجُدَّة حلَّة الإكبار |
سارت قوافل ذكره وضَّاءةً |
حملت سماحة خلقه المعطار |
وسرت نسائم جوده ريانةً |
عَبَقاً يضوع بحكمة ووقار |
وغدت لطلاب الثقافة داره |
وطناً ومأوى الصِّيد والأخيار |
تتهلل الحجراتُ مشرقةً بهم |
وتهُش للأضياف والزوار |
يا أيها الرجل الذي رسمت على |
قسماته الأيامُ خيرَ شعار |
عبء كلِفت بحبِّهِ فحملتَه |
شهماً تلمُّ شتاته وتداري |
أعددت كلَّ وسيلة تسمو به |
وأضأتها بمشاعل الإصرار |
ما حال إخوتنا الذين رأيتهم |
يتجرعون مرارة الإِعسار |
في كل ضاحية وكل مدينة |
في الهند في سيلان في داكار |
يتساقطون مهانة ومجاعة |
ما بين مطعون يئنُّ وعاري |
قرأوا على جبهاتنا أعمالنا |
ورقابنا مكتوبة بالعار |
كل مسلم هَشِّ العقيدة قبله |
متعلق بطقوس أهل النار |
يسعى بلا ملل إلى شهواته |
في لهفةٍ عمياء واستهتار |
ويبيعُ عِفَّتَهُ وعزَّة مجدِهِ |
بلذاذةٍ موبوءةٍ وصَغار |
أمواله شغفت بغير بلاده |
رضعت لبان الينِّ والدولار |
يثرَى بها الأعداء إن لم يشعلوا |
فينا حرائق فرقة ودمار |
ويضِنُّ أن يعطي ليطفئ فاقةً |
تلظى ويستر عورة بإزار |
يا صاحبي إنَّ البحور عميقة |
وأنا أخاف عواقب الإبحار |
كم تاه غوَّاصٌ بها متمرِّسٌ |
وتناثرت فوق الشعاب جواري |
ولقد أتيت بزورق متهالك |
من غير مجدافٍ له أو صاري |
أخشى إذا ما البحر زمجر غاضباً |
يلقي به حنقاً إلى الأغوار |
أنا لست سمسار القريض ولم أعش |
كلاًّ ولم أنسبْ إلى التجار |
لكنني أهوى الحسان وأرتوي |
من كرمه الأحلام والأشعار |
ولقد حملت إليك أجمل وردة |
أبصرتها في جنة الأزهار |
أحسِن وِفادتها تزِد بك رونقاً |
وتفُزْ بأكرم منزلٍ وجوار |