شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الشيخ الحبيب بلخوجة ))
ثم تعطى الكلمة للدكتور الفقيه الأديب محمد الحبيب بلخوجة الذي استهلّ حديثه بالبسملة والصلاة والسلام على النبي محمد وعلى آله وصحبه ثم استطرد قائلاً:
- حضرات الأساتذة، أيها الإخوة، إن هذه الليلة من أجمل الليالي وأبهجها، وهذه المناسبة من أسعد المناسبات وأشرفها، لأنه كُتب لي أن أتحدث بعد استماعي إلى هذا المؤرخ الفاضل الأستاذ الزيدان يلقي حديثه الذي يُغني عن الكثير من المقالات بشأن أخينا المحتفى به الدكتور عبد الله نصيف، وأنا حين كنت أستمع إلى شيخنا وأديبنا الأستاذ الزيدان كنت أتمثل قول ابن مطروح: "النثر والنظم منقولان عن قلمك" فإن الطريقة التي يباغتنا بها الأستاذ زيدان عند تقديمه لأي عالم أو أي أديب تجعلنا نردد مع ابن مطروح (1) بشأنه:
ما معـدن الـدر والياقـوت غير فمـك
فانثـر عليـنا عقـود الدرّ مـن كلمـك
وانظم مـن النثـر مـا تسبي العقول بـه
فالنثر والنظم منقولان عن قلمك
- وإذا كنا نعطي هذا الرجل الكريم التكريم فقد أكرمنا من قبل، وأكرم ذوينا وإخواننا، وكان يسأل الساعة عن الأستاذ محمد العروسي المطوي، وطلب منا أن نبلغ تحياته له.
- وأنتقل بعد إلى الموضوع الذي نحن بصدده وإلى هذا الكريم الفاضل العالم المتحمس في قيامه بواجباته الإسلامية، لنذكره بشيء مما يستحق من التقدير والاعتبار لشخصه ولعمله.
- حديثي عن الدكتور عبد الله نصيف قد أكون متهماً فيه لحبي له، وقد أكون متهماً فيه لطول معاشرتي له، ومعرفتي به، فقد كنت أعرفه من أيام رئاسته لجامعة الملك عبد العزيز، ومن ذلك الوقت لم ينقطع عام من الأعوام أو دورة من دورات الزمان إلا وقد كان لنا به اتصال، وهذا الرجل الجامعي الذي عرّفنا إياه أستاذنا الزيدان، والذي عرّفتنا إياه كتبه وبحوثه ومقالاته العلمية الدقيقة في هذا العلم الجيولوجي الذي يشاركه فيه أخونا الصديق الحميم الذي وقع الاحتفاء به منذ أيام قريبة الدكتور محمد عبده يماني، فكان هذا الاشتراك في المسيرة وفي التكوين وفي الاتجاه العلمي.
- لم يمنع هذين العالِمَين بالاصطلاح الأوروبي الغربي الذي يعرف العلم الصحيح "بـ"LASCIENCE EXACTE وهذا التعريف ليس هو العلم الصحيح، بل هذا علم كسائر العلوم، ولكن العلم الصحيح هو الذي يكتنف جوانبهما ويدفع بهما لأن يكون هُما هُما، وليكونا في هذا الوسط وفي هذه البيئة محافظَين تمام المحافظة على المقوّمات الذاتية والحقائق الكاملة للشخصية الإسلامية وللعالِم المسلم، فلا بِدع إذا كان العالِم الجيولوجي المتمثل في الدكتور عبد الله نصيف ينكشف عن رجل عامل في الحقل الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي، وفيما تفرع عن رابطة العالم الإسلامي من نشاطات ومن أعمال تقتضي منا أن نطلبه فلا نجده، لأنه دائم الرحلة، ولأنه في تنقله من مكان إلى مكان يغرس خيراً ليرفع للمسلمين ذكراً، ويحمي حوزة المسلمين ويدافع عنهم مرة مع الأفغانيين، ومرة في باكستان، وأخرى في الشرق وفي الغرب، ورابعة في الجامعات الغربية وفي جامعات أمريكا، يتحدث عن الإسلام ويرفع رايته ويذكر حقيقته ويصوّر معانيه الخالصة تصويراً عجيباً يجعل أولئك الذين ينظرون إلى الإسلام نظرة استصغار واحتقار يحاسبون أنفسهم ويغيّرون من تصوراتهم ويسيرون في المنهج الذي نريده لهم، لأن المسلم لا يريد لغيره من الناس إلا الخير، ونحن نريد الخير للناس كافة، من مسلمين وغير مسلمين، لعل الله يهدي بنا هؤلاء الذين لم يكونوا مسلمين، فيتعرفون عن طريق هذه الدعوة على الإسلام، ويسيرون في المنهج الرابح الذي يحقق لهم الخير في الدنيا والآخرة.
- وإذا كان الناس من أمثال عدد كبير من الكُتّاب والشعراء والخطباء، الذين نَشرُف بالحديث عنهم والانتساب إليهم، قد سبقوا في مجال البيان والفكر والإنتاج، فإن هذا الرجل لم ير لنفسه أن تبقى مقصورة على هذا الجانب العلمي الجاف أو الأدبي الذي يجف بعد قليل، لأنه ينظر دائماً إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه، عن أبيه، عن جده في السند المتصل برسول الله من أسانيد أهل البيت، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "لا قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنية، ولا نية إلا بموافقة السُنَّة" وهذا الحديث الشريف ينظر بدون شك إلى الحديث الآخر الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي نصه: "إنما الأعمال بالنيات.." وأنتم تعرفونه، لكن هذا الحديث الذي يرويه جعفر الصادق والذي يكون ظهيراً للحديث الأول وشرحاً له يشير إلى أشياء ثلاثة:
- أن القول لا يعتد به ولا يُلتفت إليه إلا إذا كان مقترناً بعمل حتى يمحو الله بذلك الصفات الذميمة التي تلحق بالذين يقولون ولا يعملون، وبهذا حثنا الشارع على أن نكون مؤمنين وأن نكون علماء، وأن نكون عاملين بهذا العلم، وإلا فإن العلم لا يكون له مصدِّق.
- ثم الأمر الثاني فإن هذا العلم أو هذا القول لا بد أن يكون مع العمل مرتبطاً بنية، لأن سر كل شيء في الحياة هو النية، هو القصد، هو ما يُضمره الإنسان، هو ما يفكر فيه ويعمل من أجل تحقيقه، وإذا كانت النية خالصة لوجه الله فذلك هو الفوز العظيم، لأن النية لا تكون نية إلا بموافقة السُنَّة، وأعني بالسُنة المنهج النبوي الذي سار عليه صلى الله عليه وسلم، فكان هادياً مهدياً، وكان الأسوة والقدوة لغيره من الناس في هذا العالم بالنسبة للمسلمين وغيرهم.
- ولذلك يحق للدكتور عبد الله نصيف أن يقول كما قال بعض الشعراء:
لست كالبحتري أفخر بالشعر
وأثني عطفيَّ في الإبراد
وإذا ما بنيت بيتاً تبخترت
كأني بنيت ذات العماد
إنما مفخري بنفسي وقومي
وجوادي وصارمي وجلادي
 
- وهذه الجوانب التي هي مفخرة كلها، فإن الكثير من عناصرها موجود بحمد الله عند الدكتور عبد الله نصيف، وإذا كنت أحب رجلاً فإني أترك الألقاب أحياناً، وأقول عند عبد الله نصيف ولا أقول عند الدكتور عبد الله نصيف، لأن عبد الله نصيف يسمو في ذهني وقلبي ومشاعري أكثر من لقب "الدكترة"، فأنا عندما أنظر إلى عبد الله نصيف وأقومه هذا التقويم، أراه مع ثُلة من إخواننا هنا، ممن يشهدون مجالس مجمع الفقه الإسلامي، وأنا به جد مُعتز لعلمه وفضله وهو بيننا الآن، وهو الدكتور عبد الله بن بيَّه، أسأل عبد الله بن بيه: لماذا تخلفت عنا؟ لماذا لم نلقك في هذا الأسبوع؟ فيقول: والله كنت مع الدكتور عبد الله نصيف، أين كنت؟ فيقول: مرة في أفغانستان، على مشارف أفغانستان يدعم العمل الجهادي من أجل إعلاء كلمة الله ومن أجل إزاحة هذا الظلم والطغيان الذي انصب على رؤوس المسلمين، ومرة أجده في باكستان، في إسلام أباد، في الجامعة الإسلامية يوجه إلى أحسن الخطط لتحقيق تكوين الشباب الإسلامي العالِم والعامل، وذلك شأنه في الجامعات الشرقية والغربية كما ذكرت عندما يذهب إلى "واشنطون" وغيرها من البلاد الغربية، فهنيئاً لك يا عبد الله ونسأل لك اللهَ التوفيق والهداية والتمكين والمضي على هذا العمل الجادّ الذي هو الفخر، والذي هو الأمر الذي نحسبه لك ولأمثالك ممن يعمل في سبيل الله ونقول: اللهم اجعل هذا في صحيفته.
- وأنا أشكر لكم حسن رعايتكم وتقديركم، وتقدير ورعاية أخينا المفضل لدينا الأستاذ الشيخ عبد المقصود خوجه على اختياره لهذه العينات الكريمة التي تجعل شبابنا وإخواننا وعلماءنا يلمسون في المحتفى بهم هذه الجوانب المشرقة التي تحقق بإذن الله الخير لأمتنا وتمكن من الاطمئنان إلى المصير الأفضل فيما نستقبله من الأيام، وشكراً لكم.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :783  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 126 من 196
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.