الشاعر علي حسن أبو العلا لـ ((الأربعاء))
|
|
فالح الذبياني - مكة المكرمة - |
|
الشاعر الكبير علي حسن أبو العلا حاول أن يدخل باب التجارة فوجده موصداً في طريقه. تقلد العديد من المناصب القيادية، شاعريته قدمت له التكريم من داخل الوطن وخارجه غرق ابنه في قناة السويس فبكاه شعراً، عاش زمن الرّواد في مملكتنا والعالم العربي. |
((الأربعاء)) يلتقي صاحب المنتدى المعروف في مكة المكرمة ويبدأ الحوار: |
ـ منتدى أبو العلا الأدبي كم عمره؟ ومن أبرز رواده؟ وهل حقق المأمول منه؟
|
ـ بعد جهد بليغ اهتدينا إلى تسميته منتدى أبو العلا الأدبي بعد أن كان صالوناً أدبياً، وكان هناك تنسيق مع نادي مكة الثقافي الأدبي حتى لا تتعارض المسميات. |
ومع كل ما قدمه المنتدى من لقاءات وأمسيات ومحاضرات وتكريم وندوات أدبية إلا إنه حتى الآن لم يقدم المأمول ونحن لدينا برنامج ضخم لإثراء الساحة باستضافة الشعراء الكبار المتميزين وكبار الأدباء وكذلك الوزراء وكبار رجال الأعمال. |
ـ كتاب الماضي من تتذكر منهم؟
|
ـ كنا في عصرنا نتشوّق إلى الصحف المصرية مثل مجلة الرسالة وإلى بعض الكتب والمطبوعات للرافعي والمنفلوطي وأحمد أمين وكان هناك العديد من الكتّاب أمثال عبد الله عريف وحسين خزندار وحسين عرب وإبراهيم هاشم فلالي وأحمد قنديل، هؤلاء هم الكتّاب الذين كنا نقرأ لهم ونتشوّق لقراءة ما يكتبونه. |
ـ علاقتك بالأدب شعره ونثره كيف بدأت؟
|
ـ منذ كنت أدرس في مدرسة تحضير البعثات، من خلال الأمسيات التي تقام كل أسبوع ويحضرها الطلاب المجدّون في اللغة العربية في كل فصل وكنا نلقي القصائد والقصص في الحفل الأسبوعي، وهذه هي البداية وكان هناك تشجيع لنا من قبل المدرِّسين لقراءة تب الأدب والشعر حيث كنا نحفظ قصائد شوقي والبارودي ونعلق عليها وهذا من أهم الأسباب التي دفعتنا لقراءة الأدب والعناية به. |
وكنا نجلس في مجالس كبار المثقفين ممن يكتبون في الصحف ولهم مكانتهم في المجتمع نستأنس بما يقولون ونأخذ منهم الفائدة المرجوة ونسير على الدرب وندرس الكتب القديمة مثل كتب الأدب كما كنا نستعير الكتب من بعضنا البعض لأنه ليس لدينا الإمكان المادي لشراء هذه الكتب بعكس زميلنا الأستاذ مصطفى طيبة الذي كان يعيرنا الكتب لقدرته المادية على شرائها وأذكر جيداً أنه أعارنا كتاب ((منزل الوحي)) لمحمد حسين هيكل باشا. |
ـ بمن تأثرت من شخصيات مكة المكرمة الأدبية والعلمية؟
|
ـ طاهر الدباغ مدير المعارف العام ومن أسَّسَ التعليم وأنشأ مدرسة تحضير البعثات حيث كان يعتبرني أحد أولاده. كما تأثرت بالكتَّاب أحمد السباعي وحسين خزندار وإبراهيم فلالي، وأفضلهم وأكثرهم تأثيراً على حياتي الشاعر حسين عرب حيث كنت أعطيه قصائدي ليقوم بالتعديل عليها وزناً وفصاحة في اللغة والأسلوب، ومن ضمن ذلك قصيدة في مدينة تاج محل بالهند عندما زرتها حيث أكل لبي شطر بيت بالقصيدة. |
ـ ما أهم المنعطفات العلمية والأدبية في حياتك؟
|
ـ المنعطفات العلمية في حياتي هي منعطفات الدراسة حيث كنا في الدراسة من شلة أدبية نتبارى بالقصيدة. ففي بعض الأحيان يحلِّق واحد منا بالشعر ومنهم الأستاذ إبرهيم أمين فودة وكانت له منعطفات تجبرنا على إلقاء شيء من شعرنا وانتاجنا بالنادي الذي كان يرأسه نادي مكة الثقافي الأدبي حيث كنا نعجب برجوعه إلى الشعراء القدامى مثل شوقي والبارودي ومن قبلهما حتى أننا كنا نجهد فكرنا من أجل نظم الشعر. |
ـ شغلت العديد من المناصب القيادية، كيف جمعت بين عالم الشعر وعالم الوظيفة؟
|
ـ المناصب الوظيفية هي باعث لقريحتي لنظم الشعر. وأحياناً قالوا عني، ومنهم الكاتب الحساني، أنني شاعر مناسبات لأننا كنا أثناء الوظيفة نشيد بجهود الوزارة ومجهودات الأمير نايف، ولأنني لم أكن ألقي شعراً إلا في المناسبات، ولكن عندما خلوت إلى نفسي بعيداً عن الوظيفة قدرت أن أنظم قصائد غزل كثيرة وقصائد لها وزنها الكبير. |
ـ ما قصة لقائك بالشاعر أحمد رامي في الطائرة.
|
ـ عندما كنت ذاهباً إلى زيارة المدينة فوجئت بالشاعر أحمد رامي على نفس الرحلة وكنت أعرض عليه قصيدة سلوا كؤوس الطلى فقال لي إنها من شعر أحمد شوقي فقلت له أنا سمعت في بغداد أنها شعر أحمد رامي وقد خمستها فقال اسمعني: |
بدت كبدر الدجى يختال عطرها |
|
كأنها الغض تاج الحسن حلاَّها |
وثغرها الدر يعزِّيه محيَّاها |
|
سلوا كؤوس الطلى هل لامست فاها |
واستخبروا الركب عن مسلى ثناياها |
|
رنت وحيت بعين جد ساهية |
وأومأت وجلسنا قرب ساقية |
|
حتى إذا الله قد أغفى بداجية |
باتت على الروض تسقيني بصافية |
|
لا ترى للورد ريَّاها |
|
قال لي أكمل: فقلت عند وصولنا المدينة سأكمل لك القصيدة فتقابلت معه يوم الجمعة في اليوم التالي وكان معه الشاعر طاهر زمخشري فلما رآني قال اسمعني فقلت له: |
دع حديث الهوى هنا واطلب الأجور والثواب |
واقصد المسجد الذي ينشر الحق والصواب |
فيه طه وصحبه خير الأهل والصحاب |
قف تذكَّر مواقف حمت الدين بالحراب |
بين أحدٍ وخندق طالت السفح والهضاب |
وتذكر بذي قباء طلع البدر والركاب |
يوم أن جاءها النبي فاح منها الثرى وطاب |
وإذا رمت عمرة فاقصد البيت والرحاب |
وشرب الكأس زمزماً تقبل الشهد والرضاب |
واتئد عن مروة أن فيها الدعاء مجاب |
وأسأل الله عفوه فهو يعفو لمن أناب |
ولك العود سالماً لتدم شاعر الشباب |
|
ـ محمد سرور الصبان شخصية حجازية أثرت على الكثير من جيلكم فماذا حملتم عنها؟
|
ـ محمد سرور الصبان عيّن وزير مالية في عهد الملك فيصل رحمه الله فأرسلت له قصيدة تهنئة وله العديد من الأفضال على شخصيتي حتى أنه عندما مات رثيته بقصيدة أخرى. |
ـ إبراهيم أمين فودة كانت له بصمات واضحة على نادي مكة الأدبي فهل ترى أنه نال حقه من التكريم؟
|
ـ نادي مكة الأدبي لا بد أن يعترف بجهود إبراهيم أمين فودة. ويكفي أن المبنى الموجود فيه النادي كان من جهوده التي أسهم فيها عندما استغل صداقته للشيخ إبراهيم الجفالي حينما منحه مبالغ لإنشاء دار للنادي وهو المبنى الموجود حالياً وهو من أسَّس نادي مكة الأدبي. وعن التكريم عندنا لا يذكر الإنسان أو يعرف إلا بعد مماته ويكرم بعد وفاته وهذه هي مشكلة. |
ـ ما الحادث الذي ترك أثراً عميقاً في نفسك؟
|
ـ غرق ولدي حسن وعمره آنذاك 22 عاماً وكان يدرس في المستوى الثاني بالجامعة. فقد ذهب مع والدته وأولاد عمه في رحلة إلى مصر حيث كانت هناك مبارة لكرة القدم في الإسماعيلية وقد ذهبوا للسباحة في البحر فغرق وقد رثيته شعراً بقصيدة في ديوان ((سطور على اليم)) منها: |
أنت مني كيف احتملت فراقي |
قد طواك الردى فعز التلاقي |
حسبي الله من جراح بقلبي |
جمَّدت نارها دموع المآقي |
|
ـ لماذا فشلتم في التجارة؟ ومن من أبنائك يعمل في هذا المجال؟
|
ـ أنا فشلت في أعمالي التجارية منذ نشأتي حيث أذكر وأنا شاب عندما كنت مبتدئاً في الوظيفة جمعت سبعة آلاف ريال وهو رأس المال الذي استطعت جمعه وطالب بعض الأخوان أن أنشئ مكينة طحن الحبوب ولبيت رغبتهم ورغبتي حيث استأجرت موقعاً في الشبيكة واشتريت المكينة من أسمرة، حيث ضحك عليّ أحد المهندسين وأوهمني بإصلاحها وخلال أسبوع واحد فقط انكسر الحدّاف وصعب إصلاحها إلا بطلب قطعة من أسمرة، وبالتالي كانت بداية حقيقة لفشلي في التجارة. |
ـ حمزة شحاتة ما تاثيرة في حياتك؟
|
ـ كنت أذهب إلى القاهرة وكان حمزة شحاته قد ترك جده، وعندما ذهب إلى مصر كان يشكو من مرض في عينيه، وكان يجلس في دكان في السكة الحديد بالقاهرة فكنت أجلس معه وأقضي معه الساعات وكنت معجباً به تماماً وأحب شعره. |
ـ كم في مكتبتك من الكتب؟
|
ـ فقط ثلاثمائة كتاب منوَّع. |
ـ الجديد في الشعر والأدب ما هو؟
|
ـ قصيدة في مؤتمر القمة الإسلامي بعنوان رسالة إلى مؤتمر القمة الإسلامي مطلعها: |
خذوا بالكتاب ولبوا النداء |
فبين يديكم دليل السماء |
|
ـ مع مَن من الشعراء تختلف؟
|
ـ اختلفت تماماً جملة وتفصيلاً مع شعراء الحداثة ولا أستسيغ شعر الحداثة مطلقاً. |
لا يموت رديء الشعر قبل أوانه |
وجيده يبقى وإن مات قائله |
|
ـ ما تقييمكم لنادي مكة الثقافي الأدبي؟
|
ـ ما يعاب على النادي في معظم الأمسيات والمواضيع لا تلقى استحسان أكبر شريحة من المجتمع وهم الشباب وهناك الكثير من كتبوا في الصحف وتمنوا التغيير. |
ـ ما تعليقكم على الكلمة الصحفية؟
|
ـ أمانة عظيمة ورسالة شريفة أتمنى أن لا يستغلها أصحاب النوايا السيئة. |
ـ ما أجمل قصيدة تفتخر بها وترى أنها أدت دورها على أكمل وجه؟
|
ـ تلك التي ألقيت على الملك خالد يرحمه الله عندما زار مكة المكرمة ومطلعها: |
إنا نبثُّك ما نريد فأنت من |
|
لبى المطالب والجواب قبول |
نحتاج جامعة تضم معاهداً في |
|
قلب مكة تزدهي وتنير |
طلاب مكة والضواحي والقرى |
|
شتى العلوم وأصلها التنزيل |
لتكون صرحاً من صروح بنائكم |
|
للعلم والجهد البغيض يزيل |
|
وما أتممت هذه القصيدة حتى أمر في الحفل نفسه بتأسيس جامعة أم القرى بمكة ولهذا أطلق عليّ يحيى العلمي شاعر مكة المكرمة وكان قد رد عليه عبد الله باشراحيل معترضاً على هذا الاختيار. |
|