شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشاعر المرهف أبو العلا لـ "الميدان الرياضي" كان زمان الإنسان بخير متى جعل للعقل مجاله
أجرى اللقاء: خالد علي/ مكة المكرمة
علي حسن أحمد أبو العلا الذي ولد في مدينة مكة المكرمة في رجب عام 1343هـ يعد من فطاحلة الأدباء والشعراء في العاصمة المقدسة، وهو إلى جانب ذلك يعد من أبرز وجهاء العاصمة المقدسة.. وبعد حياة حافلة بالعمل والعديد من المناصب التي تقلدها في مشواره العملي تفرغ إلى تكريس كل وقته لخدمة الأدب والأدباء وذلك في واقع المنتدى الأدبي الذي يمتلكه تحت مسمى (منتدى أبو العلا الأدبي) والذي يجتمع فيه الأدباء من مختلف بقاع الأرض بصورة دائمة وتعقد من خلاله الندوات الأدبية والمساجلات الشعرية إلى جانب كل ما يخص الأدب والأدباء، وعلي أبو العلا الذي تجاوز العقد السبعين من العمر بشوش الوجه سمح المنظر طيب القلب وقلبه مفتوح للجميع. والشاعر الأديب علي أبو العلا الذي حرصنا على استضافته في صفحة(كان زمان) تجاوب مشكوراً ورحب بالاستضافة بصدر رحب وكان هذا اللقاء..
الحارة علمتني الكثير وهذا اليوم لا أنساه
• الأستاذ علي أبو العلا.. يقول أحد الفلاسفة "لكي يكون للحارة معنى لا بد لها من قصة" فما قصتك مع الحياة وما الذي بقي من طفولتك؟
لحياة الطفولة ضغوطات الواقع المعقدة، منها المأساتية والمريرة، وقد تقل الفرحة فيها بسبب إرغامات الواقع والناس وقد تصبح الطفولة أطيافاً عائمة قلقة، وهذا أمر يثير العجب ويتحدى العقل، لأن الطفولة مرحلة تولتها العواطف والأهواء ولا تعرف الاقتناع لهذا فإن العواطف طريق معبأ بالضباب المتراكم.
• كيف تعرف نفسك بعد هذا المشوار الطويل في الحياة؟
إنني أقدم العقل على كل شيء في حياتي، وأن الحياة أصبحت (مصادفات).. لا تعني شيئاً لرجل مثلي، ويظل الإنسان بخير ما جعل للعقل مجاله والحياة تعلو وتنخفض بحسب وزن وقيمة عقل الإنسان.
• أين وضعت قدمك وخطوت خطوتك الأولى في حياتك العلمية؟
بدأت حياتي بمعايير جديدة، تتكافأ مع مشكلات العصر حينذاك، وخطوتي الأولى كانت تعني المكابدة والمعاناة والعصامية النظيفة، ولم أراوغ في التعبير عن طموحاتي، ونزعت القوة من عرين الأسد.
• تبقى مرحلة الطفولة منقوشة في ذاكرة الإنسان، وأيام الحارة تبقى بحلوها ومرها ذات معنى.. ما الذي تركته الحارة في تكوين شخصيتك؟
تتغير معايير الحارة.. من عصر إلى عصر، فلقد تركت الحارة في ذاكرتي (النخوة).. والشهامة لأهل مكة المكرمة، والرجولة الحقة ومساعدة الضعيف وعرفت ما يجوز وما لا يجوز، يومها عرفت المناقشة وتعدد الآراء واختلاف وجهات النظر وأدب الكبار واحترام الصغار.
• هل تذكر أول يوم دراسي؟ وكيف كان ذلك اليوم؟
ميادين العقل لا تنسى أيامها كأنها لحظة، تغوص إلى الأعماق، ذلك اليوم الذي رأيت فيه وهج الحقيقة، ويركن ذلك كله ذلك التفكير البسيط، كنت يومها وكأن رأسي من شمع لا يقوى على الوقوف تحت أشعة الشمس.
• مررت بمرحلة الدراسة الابتدائية والآن أصبحت أباً هل أنت راض عن المناهج التي تدرس حالياً في هذه المرحلة؟
من الصعب جداً إصدار حكم على قضية مثل قضية المناهج عبر سؤال عابر، ما لم نخضع الأمر للفحص العلمي.
• متى شعرت بالندم على فعل أو قول؟
دائماً القوة تحتاج إلى العقل، والغضب يحتاج إلى الحلم، وفعل المرء لا بد أن يكون متوازناً مع أفكاره، وعلى الإنسان أن لا يدخل نفسه في سياج الحصار والكثير من الأفعال والأقوال تنتهي مع توافر حسن النية. ولا بد أن نعترف بأن للندم سلطاناً يحقق التعقل والاتزان ولا أريد أن أتسلق ندماً سابقاً.
• أيهما أقرب للوفاء الرجل أو المرأة؟
الوفاء خلق عام لا يرتبط بجنس، فالوفاء يحرك ما في دواخل البعض من ضبابية النكران والجحود، التي تزرع القلوب الحاقدة على صدور الخبثاء.
• وأنت من كان أوفى الناس لك؟
ضميري، وأهلي، ومجتمعي، وقبلهم كلهم ولاة أمري، أعزهم الله.
• بعض المصادر التاريخية تؤكد أن المرأة هي التي أسست أول مجتمع حضاري في التاريخ البشري.. هل توافق على ذلك؟ وكيف؟
هذا تفكير منظرين، ليس لديه الحجة المادية، وهو خلل عقلي لا يصلح معه المنطق، فالعودة للقرآن الكريم المحفوظ والسنّة النبوية الشريفة، وتجاوز الحكم على الأفكار في إطار الصواب والخطأ يحتاجان للموضوعية الهادئة.
• الرجل يرى المرأة في وجه أمه وأخته وزوجته وابنته وكل واحدة منهن تلعب دوراً في حياته.. فما الدور الذي لعبته كل واحدة منهن في مشوارك؟
دور المرأة في حياة كل إنسان يكون متعدد المعاني والدلالات والإيحاءات والإحالات، والاستدلال العقلي والشحن الوجداني والذهني، وتعبئة النفس لها بالغ الأثر في تحديد إطار ذلك الدور.
• وهل أنت راض عن نظرة المجتمع للمرأة؟
بالتأكيد.
• وفي هذا المجتمع وبهذه النظرة هل تستطيع المرأة أن تفيد المجتمع وتساهم في الناتج الوطني؟
المرأة السعودية تخدم مجتمعها بكل طاقاتها وإمكاناتها.
• ثقافة المجتمعات العربية هل تواجه غزواً يشكل خطراً على مقوماتها وخصائصها ومخزونها التراثي والحضاري المراكم عبر الأجيال؟ أم أنها على أبواب مقارعة متكافئة الفرص؟
إن أبناء العرب يعرفون جيداً خطورة (الوعي الماكر) ونملك قناعات عقلية ومبادئ دينية وحضارية ووجدانية تساعدنا على مواجهة كل أنواع التحدي ويضعف الغزو ومهما بلغت قوته إذا لامس التوازنات التي تنخرط فيها الذات.
• وهل فقدت المجتمعات العربية ترابطها الاجتماعي في ظل التحول الاقتصادي والسياسي والثقافي الذي تتعرض له؟
إن الجهل بالمبادئ والحتميات هو مصدر مثل هذا التفكير، وخطأ التأويل يسهم في التراث.. هو الشياكة الحضارية للأمة، ونسيان التراث يعد خطأً تاريخياً تقع فيه الأمة، وهو عامل ضروري في تكوين الأمم وحضاراتها.
• ما الذي يمكن أن يفعله الأدب من خلال المتغيرات الخطيرة التي يمر بها العالم؟
واجب الأدب أن يكون قاضياً ومحامياً عن أمته ولا يصنع الأدب العظيم إلا الأمة العظيمة وهذا حال أمتنا العربية.
• العالم في طريقه للعبور للقرن المقبل.. فأين نحن العرب من هذا العبور؟
نحن جزء مهم من العالم، ولا يمكن لهذا العالم أن يعبر دون أن نرافقه، ولقد ضحينا بما فيه الكفاية وصبرنا على كل التحديات فلا بد أن يكون لنا نصيب من الرقي والتطور.
• يقال إن التراث عبء على المستقبل أكثر منه طاقة دافعة إلى الأمام.. فما قولك؟
التراث.. هو الشياكة الحضارية للأمم، ونسيان التراث يعد خطأً تاريخياً تقع فيه الأمة، وهو عامل ضروري في تكوين الأمم وحضاراتها.
• ما الذي يفعله الأدب من خلال المتغيرات الخطيرة التي يمر بها العالم؟
واجب الأدب أن يكون قاضياً ومحامياً عن أمته ولا يصنع الأدب العظيم إلا الأمة العظيمة وهذا حال أمتنا العربية.
• الشعر فعل وجداني.. ولكن الآن فقد هذا الفعل في رأيك كيف نعيده إلى فعله الوجداني؟
هذا الرأي غير سليم، وسيظل الشعر فعلاً وجدانياً، ويقول العباس ابن الأحنف:
عرفت بما جربت أشياء جمة
ولا يعرف الأشياء إلا المجرب
• ما أجمل شيء في الحياة؟
الحب، وسيظل المسيطر الوحيد على الحياة.
• متى تبحث عن الهدوء؟
دائماً، وخاصة لحظة الانفعال، وأثناء مناقشة الظواهر الاجتماعية وأثناء السيطرة على الألم، وحين الحزن، وحين الإصابة بجرح من عزيز.
• ومتى تحتاج للناس؟
دائماً فأنا منهم، وهم مني ولا أريد أن أرتفع فوقهم، وأكره التعالي عليهم.
• إلى أي حد تتدخل زوجتك في قراراتك وخصوصيتك؟
كل شيء نسبي في هذه الحياة وأحتاج المرأة أثناء تكوين أفكاري وقراراتي.
• هل هناك خوف يلاحق طفل اليوم؟
نعم.. وخوف كبير، لأنهم فقدوا القدوة الحسنة، وإنسان المصداقية، وخافوا من الأحداث المفجعة التي يشاهدونها عبر الفضائيات.
• مشهد يسرق الدمع من عينيك؟
إنه سوء الفهم والتورط في إصدار الأحكام الكبيرة، من المشاهد المقلقة التي لا تلتزم بالمبادئ.
• موقف هز أركانك؟
أي إنسان يبكي أمامي، يهزني، وخاصة الطفل أو المرأة.
• صورة لا تفارق ذاكرتك؟
صورة الحرم الشريف.
• الخط الأحمر الذي عجزت عن تجاوزه؟
هو مسار الإكراهات.
• أجمل لحظة عشتها في حياتك؟
محبة الناس لي.
• تسابقت أنت والزمن، فمن وصل أولاً؟
مجنون من يسابق الزمن، ولا مقارنة بين سرعة الإنسان والزمن.
• في آخر المطاف خيرتك فاختر أن تعيش مرحلة مضت من مراحل حياتك.. فأي المراحل تختار؟
هي مرحلة الإدراك ومعرفة الإشكاليات، ومحاكمة الأشياء المتحركة والمتموجة والمفتوحة والمليئة بالاحتمالات المرحلة التي فهمت فيها معنى الضغوط الحياتية، واحترامها.
• إذا طلبت منك في آخر المشوار أن تقول لقراء (الميدان الرياضي) شيئاً من داخلك.. فماذا تقول؟
الرياضة اليوم صنعت في أبناء هذا الجيل الخيالات والأحلام والأوهام والانفعالات، وأصبحوا كالأسطورة يريدون تحقيق المجد بركلة كرة. فالرياضة هي الأخلاق وعدم الانفعال والاتزان والهدوء، وحب الخير للأفضل، ولا بد أن نبعد شبح الفوز الدائم، فالحياة يوم لك ويوم عليك، والرياضة هي قدرات وطاقات ومواهب، لا بد لأبناء هذا الجيل أن يضعوا في حساباتهم الخسارة والربح.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :589  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 402 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج