شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دعوة التضامن هي الدعوة إلى الله (1)
نحن في زمان أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، بأن القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر.. لذلك نجد الدعوة إلى التضامن تلقى من المارقين والمروِّجين للمذاهب الماركسية وما تفرع منها من اشتراكية وشيوعية ومقاومة ومكافحة وتصدياً.. والمسلمون على اختلاف لغاتهم ولهجاتهم وألوانهم قلوبهم واحدة، وإن تفرقت أمصارهم وتناءت ديارهم تجمعهم كلمة التوحيد وبذكر الله وحده تلين قلوبهم فتتألف بهدى الإسلام لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (الأنفال: 63). صدق الله العظيم.
من هذه البلاد الطاهرة.. ومن أباطح ووهاد هذه الجزيرة العربية انبثق النور الذي عم البسيطة.. وبأيدي العرب الأشاوس سارت ألوية الحق للجهاد تدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم.
ومن أجل الدعوة إلى الله جاهد المسلمون الأولون وصبروا وصابروا ورابطوا حتى جاءهم نصر الله.. فدانت لهم إمبراطوريات الفرس والروم وامتدت رقعة الإسلام حتى جبال "البرنايت" في أوروبا وإلى مشارف المحيط الأطلسي غرباً ثم إلى الصين وجزر الهند الشرقية.
نحن نقرأ التاريخ ونسمع ونردد كل ذلك ونمجد هذا الجهاد وهذه الجهود.. ولكن هل تصوَّرْنا غابر الدنيا، وما كانت عليه في تلك العصور من بلقع وغابات.. ورمال.. وجبال.. وجدب وعطش ومسافات.. ومتاهات ومواصلات برية على ظهور الإبل أو البغال أو الحمير، وبحرّية بواسطة السفن الشراعية والقوارب الكبيرة.. نعم هل تصورنا كل ذلك وأدركنا مدى التضحية والفداء.. وترويض النفس على الصبر واحتمال الأذى في سبيل اجتياز المسافات.. فكم من أيام بل كم من شهور يمضيها الغزاة بين جهد وكد وصبر وعطش.. وحرمان وبعد عن الدنيا طمعاً في إعلاء كلمة الله.. ورغبة في الحصول على نواله.. فالجنة تحت ظلال السيوف وشعارهم (احرص على الموت توهب لك الحياة).
بهذه النفوس المطمئنة، وهذه القلوب المخلصة وبالصبر وبالجد كانوا يكافحون عدوَّهم وبعزمة الرجل الواحد كانوا ينطلقون كالسهام فلا تهزمهم قلَّتهم وقد وعدهم الله بالنصر فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ (الأنفال: 66). صدق الله العظيم.
واليوم ما أحرانا أن نستوحي من هذه التضحيات العظيمة معاني تجعلنا نُكَرِّس الحياة للمثل الأعلى لهذه الدعوة إلى الله لنصل إلى خير غاية ولا نستهين في سبيل ذلك بكل تضحية حتى نتغلب على التيارات التي تواجه الإسلام والمسلمين وأن يكون أسمى وأعلى درجات الجهاد والكفاح والاستشهاد في سبيل الله. وهذه هي تعاليم الإسلام التي من أثرها صارت بلاد العرب محط أنظار العالم كله منذ حياة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى عصرنا الحاضر وتحقق بها للمسلمين من الفتوحات والمعجزات ما لم تحقق لغيرهم في مختلف العصور.
لو أفاق المسلمون اليوم ولم تشغلهم الحياة الدنيا عن الآخرة. والعرض عن الجوهر.. لاستطاعوا أن يقاوموا الثورات الهدامة والاضطرابات المقوضة.. ولو اتخذوا التضامن والإخاء وسيلة لبلوغ أهدافهم لقضوا على التفكك الذي أحدثه الاستعمار بين شعوبهم. فعددهم الذي يزيد على الأربعمائة مليون مسلم يستطيع اليوم أن يثبت وجوده، ولقد يسَّر الله لهم في هذا العصر وسائل الاتصال السريع من نفاثات، ولاسلكي، وبواخر، وإذاعات تجعل البعيد منهم قريباً.. وتمهد السبيل لهم للاتحاد والتضامن وجمع الكلمة والعمل المخلص للدعوة إلى الله.. وليعتبروا بطريقة الجهاد التي اتبعها الأولون من المجاهدين الذين لو توافرت لهم هذه الوسائل التي يسَّرها الله لنا في عصرنا الحاضر لما بقي على الأرض كافر أو مشرك.. إن هذه الوسائل نعم يمنُّ الله بها علينا.. ومن مننه أيضاً خلاص الكثير من الشعوب الإسلامية من الاستعمار وحصولها على الاستقلال الكامل، فلو تنبهنا إلى ذلك لما كان للاستعمار ودعاة المبادئ الهدامة سبيل في الدخول من نافذة أخرى وبث سمومهم بطريقة أوسع وبقوة الحاكمين وبطشهم فصرنا إلى ما صرنا إليه يقاتل بعضنا بعضاً.. وتفرقنا النَّزَعَات والاتجاهات التي تصوب سهامها إلى الإسلام والمسلمين وبذلك وفرنا على أعداء الدين مهمة إرسال المبشرين.. إنه بلاء وفتنة وقانا الله شرَّهما.
واليوم يشرق على المسلمين من هذه الجزيرة العربية فجر جديد يبشر بالخير.. ويبعث في نفوس المسلمين في مختلف بقاعهم وأمصارهم نور الأمل ويدعوهم إلى خير العمل.. للتضامن.. والإخاء ومن حسن الطالع أن تجد هذه الدعوة تجاوباً عظيماً لمسناه صادقاً من تهافت الشعوب المسلمة الصادقة العامرة قلوبها بالإيمان.. حينما قام الفيصل الهمام سدد الله خطاه بزيارة بعض الدول الإسلامية باكستان وإيران والسودان وتركيا والمغرب وتونس وغينيا ومالي.. فقد كانت الشعوب المسلمة تتدافع يحدوها الأمل وتتسارع وسيلتها الرجاء ترحب بالدعوة الصادقة البعيدة كل البعد عن الأغراض والأهواء.. لذلك وعلى التحديد في تركيا كنت في ركاب الفيصل لأداء صلاة الجمعة بجامع السلطان أحمد في استانبول فرأيت الجمع الحاشد من المسلمين شيوخاً وشباباً، نساء وأطفالاً خرجوا تدفعهم روح الإيمان. يرددون "الله أكبر.. الله أكبر" بين بكاء وحنين.. ودموع حارة.. وعند باب الجامع إلى ما قبله بحوالى الكيلو والنصف متر اجتمع ما يقارب الثلاثمائة ألف وانتشروا.. لا لتحية فيصل بل لتحية الإسلام في شخص فيصل.. وكان مشهداً أخاذاً لا يملك الناظر إليه إلا البكاء من الفرحة والدعوة إلى الله بأن ينصر الإسلام ويعلّي كلمته.
ولكن هل يكفي أن نتعلل بالأماني.. ونهلل ونكبِّر للدعوة للتضامن.. ونترك الفيصل وحده.. لا! فهناك تضحيات وواجبات من الشباب، والشيوخ، والعلماء والطلبة يجب أن يخططوا لها وينطلقوا في بقاع الأرض يدعون للتضامن.. ويكافحون من أجله ويعلمون الناس مبادئ الدين وينشرون عقائده فهذا واجب كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر.. وهي من أبسط الواجبات.. لصد دعاة التضليل والإلحاد. فإن لم يعملوا لذلك "تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (فصلت: 33) صدق الله العظيم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1295  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 292 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج