شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بين جبال الهدا.. وجبال الأرز!! (1)
وفي الطائرة السعودية الضخمة أحسست بالغبطة وبالفخر فالطائرة سعودية وقائدها سعودي ردد الميكرفون اسمه.. وذكر أنها تتجه صوب لبنان بلاد الأرز والمصايف الجميلة فتذكرت مصايف بلادنا التي لم تدخر الدولة وسعاً في النهوض بمختلف المرافق فيها وتوفير وسائل الراحة للمصطافين.. فشقت الطرق كأحدث ما تكون في لبنان وغيره وفي مقدمتها مشروع الطريق العملاق الممتد من عرفات إلى الطائف عبر جبل كرا.. والفارق بين طريق جبل لبنان وجبل كرا هو أن طبيعة الأرض بلبنان تتوافر فيها المياه وأشجار الفواكه.. وللتميز بكثرة المناظر الطبيعية صيفاً بعد أن يكسو الجليد جبالها وسهولها شتاء ثم تذوب الثلوج بعد انتهاء الشتاء، فتتدفق الأنهار حلوة صافية.. أما طبيعة الأرض على حافتي الطريق العملاق لدينا فإنها صخور لا ماء فيها إلا عندما تسقط الأمطار.. وأما الهواء العليل والتقدم العمراني فإن في بلادنا مناطق لا تنقص عن لبنان أو سويسرا من حيث اعتدال الجو والمناظر الطبيعية.. فالمياه فيها متوافرة والطرق المعبدة قد أخذت الدولة على عاتقها رصد المبالغ الضخمة لتنفيذ الشبكة الواسعة منها كطريق الطائف - أبها.. بقي أمر التقدم العمراني فإن المباني والفنادق والمنتزهات التي نشاهدها في لبنان وغيره لم يكن للدولة نصيب في إقامتها غير التخطيط والتنظيم.. وكلها قامت لحساب أصحاب رؤوس الأموال والشركات العقارية والسياحية.
فأين رجال المال في بلادنا عن النهوض بالعمران في مصايفنا.. والهدا "سمحت الدولة فيه بالبناء قبل ثلاثة أعوام.. ومع الأسف حتى الآن جمَّد أصحاب رؤوس الأموال أموالهم في مساحات من الأراضي بقيت خالية.. ولو وجدت شركة وطنية تقوم ببناء فلل صغيرة أو استراحات عائلية تضمن لسكانها وسائل الراحة.. لجنت هذه الشركة أرباحاً طائلة ولأسهمت من جانبها مع الدولة في النهوض بالعمران شأن أصحاب رؤوس الأموال في لبنان وغيرها ولو قامت شركات أو ساهم أصحاب رؤوس الأموال في القيام بهذه المباني لما بقي الهدا هكذا قاعاً صفصفاً إلا من خيام وبعض بنايات حديثة تعدُّ على الأصابع.
هذا المصيف الجميل أيترك هكذا وأصحاب الأموال يجمِّدونها في الأراضي وفي البنوك أو في الشركات الأجنبية.. خارج المملكة؟.. لماذا لم يدخروا أموالهم هنا في بلادنا؟.. أين المستشفيات الأهلية.. والمدارس الداخلية والفنادق والمنتزهات في الهدا؟.. أين الشركات المعمارية تبني وتستثمر وتسهم مع الدولة في فتح الطرق والشوارع؟.. أين رأس المال السعودي من شركة كهرباء خاصة بالهدا لإضاءة المساكن والشوارع ولاستغلالها في سيارات (تروللي باس) ليسهل الانتقال بين مناطق الهدا؟.. ثم لتأسيس محطة (تلفريك) تنقل المسافر من قمة الهدا إلى أسفل الكر في دقائق.. هل ننتظر أن تقوم الدولة بكل ذلك.. هذا محال وللدولة مجالات يكفيها ما تقوم به في هذه القارة السعودية المترامية الأطراف المتعددة المطالب.
وبعد كل هذه التأملات والتفكير والمقارنة، قطع عليَّ تفكيري مرة أخرى صوت ميكرفون الطائرة معلناً بأننا نحلِّق فوق الأراضي السورية وأنه بعد دقائق سنهبط في مطار بيروت الدولي. وانصرف تفكيري إلى طول وقت الرحلة إلى ما كانت عليه قبل حرب الأيام الستة حين كانت تتجه الطائرة إلى لبنان عبر الأراضي السعودية من طريق أقرب بكثير مما هي عليه الآن.. بسبب إسرائيل هذا الأسفين الذي وضع في قلب الوطن العربي ليفرِّق ويبعد بين الدول العربية.. فمصر والشمال الإفريقي لا تستطيع طائراته الاتصال رأساً بالعراق أو سوريا مثلاً إلا عن طريق ملفات طويلة تفادياً من التحليق فوق الأراضي العربية المحتلة.. وكذلك الحال بالنسبة إلى دول الشمال العربي والجنوب.. فهلاَّ أحست الدول الكبرى التي بعثت يارنج.. ثم شكلت لجنة من مندوبيها لحل الأزمة.. بأن دول المنطقة تعيش على أعصابها بسبب الوضع المتوتر والتحديات السافرة.
إن هذه الدول إذا لم تسارع في إيجاد الحل السلمي بجلاء الإسرائيليين عن أراضي العرب وعن مقدساتهم في القدس.. فإن العرب سيندفعون إلى المعركة سلاحهم قلوبهم وعزيمتهم إيمانهم الصادق بالله خير الناصرين، وأن غداً لناظره قريب..
وهنا هبطت الطائرة مطار بيروت، وكانت حرارة الجو فيها أشبه بجدة.. ولكن سرعان ما هبت نسمات الجبل الأشم قرب (عاليه) فأنستنا ما لقيناه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :911  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 279 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.