.. من المسؤول عن توعيَة الحجاج؟!
(1)
|
كتب الأستاذ محمد علي موسى في كلمته اليومية تحت عنوان "شمعة" بالعدد (2035) من جريدة "المدينة" الصادر يوم الأربعاء العاشر من شوال الحالي، موجهاً الكلام إلى معالي وزير الحج متسائلاً: هل كل حاج يعرف كيف الحج وما هو؟ كما لفت نظري ما كتب على الصفحة الثانية من نفس العدد من الجريدة عن كتاب "دليل الحاج" والحاجة إليه لينير الطريق لكل قادم إلى بلادنا.. وتعليقاً على هذين الموضوعين أود أن ألقي الأضواء على مهمة وزارة الحج ودورها الذي يجب أن تقوم به والذي يكاد ينحصر في توفير الخدمات الممتازة لضيوف الرحمن من حيث مقابلتهم وتنقلاتهم ومساكنهم والمناسك التي يؤدونها بإرشادهم إلى الطريقة الصحيحة التي تتماشى مع تعاليم الإسلام السمحة.. بمعنى أن يندفع الحاج مع مرشده عند دخول مكة لأداء مناسك الطواف والسعي بين الصفا والمروة.. والحلق أو التقصير إن كان الحاج متمتعاً.. أو الانتظار إلى ما بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد لمن هو محرم بالحج فقط أو مقرن الحج بالعمرة.. وهكذا فيما يتعلق ببقية المناسك. |
ومن هذا يتضح أن الطبقات المخصصة لخدمة الحجاج من أرباب الخدمات والتي تنتمي إلى وزارة الحج هي المسؤولة عن توعية الحاج بما يجب عليه منذ أن تطأ قدمه أرض المملكة، فالوكيل في جدة.. والدليل في المدينة.. والمطوف في مكة ومنى، وعرفات.. والزمزمي في المسجد الحرام.. ومن يتبعهم من الخدم كلهم مجندون لخدمة الحاج وتوعيته من حيث المناسك وآداب الزيارة وما يحتاج إليه الحاج من سكن وتنقلات.. بالإضافة إلى كل ذلك فإن لوزارة الحج مرشدين بمختلف اللغات يستقبلون أجناس الحجاج المتعددة في ميناء جدة ويحرصون على تلبية طلباتهم وإرشادهم.. ولهؤلاء المرشدين دور آخر في عرفات ومنى.. وفي المسجد الحرام. |
وقبل هذا وذاك فإن الدولة بأجمعها ابتداء من جلالة الفيصل المعظم وإخوانه الأمراء إلى أصغر موظف في الدولة كلهم مجند في موسم الحج لخدمة ضيوف الرحمن.. |
والوزارة من طريقها تهدف إلى تطوير وتحسين هذه الخدمات، ونأمل أن يهيئ الله لوزيرها الجديد العون للنهوض بهذا المرفق بما يضمن خدمة الحجاج، وتأمين مصالح الفئات التي تعمل لتقديم الخدمات بما يمكِّنها من الاستفادة الفعلية من جهة، والقيام بواجبها على الوجه الأكمل من جهة أخرى.. ونتمنى أن يوفقه الله لما يصبو إليه من جعل الحج مؤتمراً إسلامياً يخدم الإسلام وقضاياه. |
ثم بعد ذلك لو طلبنا من الوزارة الخروج عن هذا النطاق فإنما نطلب أمراً شططاً.. |
فهناك التوعية الدينية.. وأقول إن بعض الحجاج مع الأسف يأتون إلى هذه المملكة وهم لا يعرفون من أمر دينهم شيئاً لا في مجال الحج فحسب بل في أداء فروض الصلاة وسننها وواجباتها.. ومن جهة الأمور الصحية والنظافة وحرمة الحرمين الشريفين وتقديسهما.. ما يجهل الحجاج طرقها وأصولها. |
ووزارة الحج عليها دور في المسؤولية في تطوير الخدمات بعامة كما أسلفت. وفي أداء المناسك بواسطة أرباب الخدمات والمرشدين.. أما توعية الحاج دينياً بتفاصيل هذه المناسك ومواقيت الإحرام وما يحتاج الحاج فهمه بطريق الوعظ.. فإنها مهمة العلماء ورجال الدين.. وهذه مهمة لا بد أن يقوم بها علماء المسلمين في بلادهم وأمصارهم بإرسال الوعظ إلى القرى والدساكر والمدن وفي المساجد لإرشاد وتوعية من يرغب الحج ليفهم جيداً قبل قيامه من بلده ما يحتاج إليه قبل وصوله البلاد السعودية من الإحرام والنية والميقات وصلاة الإحرام وما يلي ذلك.. ثم لا بد أن يصحب الحجاج في كل طائرة وباخرة نفر من علماء الدين يبسطون للحجاج طرق أداء المناسك بلغاتهم ولهجاتهم. |
وهنا في البلاد السعودية حيث يفد إليها كل عام عدد من البعوث الإسلامية التي ترافق الحجاج، نجد أن هذه البعوث لم تقم بدورها المطلوب بل نشاهدها مع الأسف في مكة ومنى وعرفات تنشغل هي نفسها عن أداء واجبها باعتبار أنها قادمة من قطر تفهم لغة سكانه ويكون باستطاعتها عقد حلقات الدروس في الحرم والمرور على منازل الحجاج وتوعيتهم وإفهامهم كل مرحلة يقدمون عليها.. إنها لم تفعل شيئاً من هذا.. بل إنها تشارك الحجاج في أداء المناسك وقضاء المنافع.. وحضور الحفلات الرسمية تاركة جانباً واجبها الذي جاءت من أجله.. وهو إرشاد الحجاج من جنسها، وهي لم توفد على حساب الدولة الإسلامية القادمة منها إلا لهذا الغرض. |
ويبرز هنا الدور الذي لا بد أن تقوم به وزارة الحج تجاه هذه البعثات.. لتشارك في التوعية وتقوم بدورها المطلوب.. واقترح أن ينتظم جميع علماء العالم الإسلامي الذين توفدهم الحكومات الإسلامية المختلفة لمرافقة الحجاج في مجلس يشترك فيه علماء من المملكة وينظم هذا المجلس طرق التوعية بواسطة الإذاعة والتلفزيون وبلغات الحجاج المختلفة بواسطة إذاعة وزارة الحج وفي ندوات تذاع في المسجد الحرام بعد الصلوات بحيث يعطى لكل قطر نصيباً من التوعية باللغة التي يفهمها سكان هذا القطر. |
أما كتاب "دليل الحاج" فلا يكفي أن تقوم وزارة الحج بطبع نسخة قد ينحصر عدد لغاتها.. وكما أسلفت فإنه إذا كان لوزارة الحج أن تطبع دليلاً فإنه سيكون مقتصراً على معلومات سياحية يحتاج إليها الحاج كأسماء الشوارع في مكة وجدة والمدينة.. وعناوين دور المطوفين وخيامهم في عرفات ومنى وعن تعليمات سفر الحجاج ومواعيد ترحيلهم وهذا بعد توضيحات الرسوم والأجور المطلوبة من الحاج. |
وهذا الدليل الذي أقترح أن يسمى "دليل الحاج السياحي" لا بد من أن تطبع منه نسخ بكل لغة ويزود بالخرائط والصور الدعائية ويشتمل على نبذة من الدعاية لما تقوم به الدولة من خدمات في مجال تنظيم مرافق الحج وطرقه وعمارة المسجد الحرام. وعمارة المسجد النبوي. |
أما الدليل الديني فلعل لرابطة العالم الإسلامي التي تضم علماء أجلاء من جميع الأقطار الإسلامية أن تسهم في الإعداد لطبع دليل عام على المذاهب الأربعة مبسط في حجمه وجمله وتراكيبه بحيث يفهم ما ورد فيه المتعلم وغيره ممن يحتاج إلى تفهُّم مناسك الحج.. ويكون هذا الدليل خاصاً ومستقلاً بشرح مناسك الحج فقط.. وتطبع منه أيضاً نسخ بلغة كل قطر إسلامي يفد منه حجاج إلى هذه الأماكن المقدسة. |
أخيراً: لعلي أطلت.. وما أريد إلا أن نعطي وزارة الحج استحقاقها ولا نحملها ما ليس بمطلوب منها.. ويكفينا أن نعيش الأمل في ظلال الوعود التي ضربها معالي الوزير السيد محمد حسن كتبي، وندعو الله لنا وله بالتوفيق.. |
|