يُسَائِلُني قَلْبي عَن الشَرْق كَيفَ بيْ |
أَهِيْمُ بهِ حُبًّا وَأَشْدُو بذكْراهُ |
فَقُلتُ لَهُ: يَا قَلْبُ.. في الشَّرْق مَوْلِدِي |
وَفي أَرْضِهِ (البيتُ الحَرام) وَمَسْعاهُ |
فَمنهُ السَّنَا والنُّورُ والفَجرُ والضُّحَى |
حَواهَا وبالأَدْيَان طُرًّا عَرفْنَاهُ |
وَمَا كَانَ إلاَ المَهدَ لِلرُسْل كُلِّهُمْ |
وَهَلْ كَانَ مَجدُ الكَون إلاَ بَقايَاهُ |
وَفيهِ بطَاحُ العُربِ فَهْوَ عَرينُهُمْ |
وَتَاريخُهُمْ مَرْفَأ العَليَاء مَرْسَاهُ |
وفي أَرضِهِ الفُصحَى بَياناً تَنزَّلتْ |
بلَهْجَتِهَا الآيَاتُ وَحْياً قَرأنَاهُ |
وَفيهِ البُطولاتُ التي شَاعَ ذِكْرُهَا |
فَقدْ جَاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتحَ نِلنَاهُ |
وَأشرقَ وَجْهُ الأَرْض مِنْ بَعدِ ظُلْمَةٍ |
بمَا شَمِل الأَكْوانَ مِنْ فَيْض يُمْناهُ |
فَسَلْ غَابرَ (الأَقْصَى وَسينَاء) بَلْ وَسَلْ |
بهَا الطُورَ عَنْ مُوسَى وَللهِ نَجْوَاهُ |
وَ (هَارونُ) في الأَقْوَام والعِجْل شَدَّهُمْ |
فقدْ ضُلِّلوُا (بالسَامِريِّ) وَبَلْواهُ |
وَ (عِيسى) نَبيُّ اللهِ إذْ جَاءَ قَوْمَهُ |
(بمائِدةٍ) والرَّبُ بالفَضْل وَافَاهُ |
وَ (مَريمُ) والإعْجازُ في وَصْفِ حَمْلِهَا |
وَفي المَهْدِ كَانَ الطِّفْلُ سَمْحاً سَجايَاهُ |
يُكَلِّمُ كُلَّ النَّاس نُطقاً يَروقُهمُ |
فَيلْقونَ مِنْ دُرَر الكَلاَم وَمَعْنَاهُ |
و (يُوسفُ) في دَار العَزيز وَمَا جَرَى |
وَيُوسفُ رَبُّ العَرْش بالمُلكِ وَلاَّهُ |
كَفَى شَرَفاً لِلشَّرق أَنَّهُ |
به كَانَ خَيْر الخَلقِ.. أَسْرى بهِ الله |
وَقَامتْ بهِ بينَ الخَلائق سِمْحَةٌ |
محَجَّتُهَا بَيضَاء وَالله أعْطَاهُ |
وَمَنْ غَيرهُ يَوم الشَّفَاعَةِ.. مَنْ لَنَا؟ |
لِيشفَعَ في العَاصينَ في الحَشْر إلاَّهُ |
بنَفسيَ هَذا الشَّرْقُ.. أَهْوَى جَمالَهُ |
وَتُسعِدُني تِلْكَ التِّلاَلُ بمَرْآهُ |
وَتُعْجبُني الصَّحْرَاءُ والبيْدُ في الدُّجَى |
وَسِحْرُ لَيَالي الشَّرق فيهَا عَشِقْنَاهُ |
وَفيهِ جَمالُ البيدِ والشِّعْر والهَوَى |
إذَا رَدَّدَ الشَادِي القَريضَ سَمِعناهُ |
لِذاكَ أُحِبُّ الشَّرْقَ.. والشَّرقُ مَوْطِني |
عَلَى أَرْضِهِ طِيبُ المَقَام وَأَحْلاَهُ |
أَجبْني إذاً يَا قَلْبُ هَلْ كُنتُ مُخطِئاً؟؟ |
لحبي لِهذا الشَّرْق إذْ قُلْتُ أَهْوَاهُ |
وعنْهُ أَجابَ القَلبُ بينَ جَوانِحي |
فَديتُكَ أعذرْنِي لحبي إيَّاهُ |
* * * |