شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بين الأمس واليوم (1)
تتفاوت أعمال الشاعر بتفاوت نضج تجربته الحياتية، واستكمال أدواته الفنية.. ومرحلة الإبداع والدافع إليه.
وليس صحيحاً ما يقال بأن قصائد الشاعر كبناته.. لا يفضل إحداهن على الأخريات فالشاعر قد يجد في قصيدة ما لا يجد في غيرها.. تجسيداً لمشاعر.. أو تعبيراً عن خواطر.. أو تخليداً لموقف.. أو ارتقاء بأسلوب.. أو تحليقاً بخيال..
ونحن من خلال هذه المحطة نتعرف على القصيدة الأحلى عند الشعراء.. والأغلى فيما أثمروا من عطاء.
آليْتُ أَنْ أكْتُمَ أنَّتي بفُؤَادِي
وَلِظُلْم غَيْري.. لا أَكُونُ البَادِي
فَلقَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ في أَوْضَاعِهمْ
وَبَذَلْتُ.. لَكِنْ قَد جَنيتُ تَعَادِي
وَلَقِيتُ مِنْ كَيدِ الحَسُودِ وظُلْمِهِ
فَمَشَيْتُ.. لَكنْ فَوْقَ شَوكِ قَتادِ
عَاشَرْتُ أَقواماً سَعِدْتُ بودِّهِمْ
زَمناً وَفُزتُ بصُحْبَةِ الأَمْجادِ
وَبقيتُ عُمري لا أَزالُ أُحبُّهُمْ
وَبهمْ وَمنهُمْ كَمْ لَقيتُ أَيادِي
وَإذا مَضَى مِنْهُم لِرحمةِ رَبِّهِ
فَرْدٌ، خَلَوْتُ لِحُرْقَتي وسُهادِي
مِنْ بعدِهمْ أَنَا كَالغَريق بوحْدَتِي
دَأَبي الوَفَاءُ لِموطِني وَودَادي
وَلمنْ لَهُ فَضلٌ عليَّ.. وَكانَ لي
عَوناً بلغْتُ بما يُنيلُ مُرادِي
أشتاقُ أيَّامي الخَوالي بينهُمْ
إذْ كَانَ في صَفْوي بهَا إسْعادِي
وأُسَائِلُ الزَهْرَ.. الكَواكِبَ.. عَلَّهَا
تَروي لَنَا عن سَامِر أو نَادي
في الصيفِ إذْ كانتْ لَيَالي أُنسِهمْ
في نُخبةٍ من أَكْرَم الأَجْوادِ
يشدونَ بالغَزَل البَريء قَصَائِداً
أَو يَطْربونَ لِعَازفٍ أَوْ شَادِي
تِلْكَ المجَالِسُ أَيْنَ مِني ظِلُّهَا
في فَجْر أيَّامي.. وَفي أعْيَادي
مِنْهَا اقَتَبستُ سَنَا الثَّقَافَةِ والحِجَى
وَعَرفْتُ دَرْبَ مَعِيشَتي وَرَشَادي
في مَكَّةٍ.. في الطائِفِ المأْنُوس في
عَرفات.. أَوْ عِنْدَ الغَدير الغَادِي
أو في الجمُوم.. إذْ الريَاضُ كَثيرةٌ
تحتَ النّخيل وفي فِجَاج الوَادي
في الزَاهِر المعْشَابِ.. في جَنَبَاتِهِ
أو في (رُبى الخَرَّار) أو أجْيَادِ
إنْ قُلتَ هُمْ (آباءُ).. دَلَّكَ عَطْفُهُمْ
أَوْ إخْوَةٌ هُمْ مِنْ دَم الأَجْدَادِ
كَانَ التآخِي والتَّعاطُفُ دَأْبَهُمْ
يَلْقاكَ كُلٌّ لِلمودةِ صَادي
هَذا المشِيبُ أَطلَّ.. تَوَّجَ مَفْرقِي
مَنْ لي برجعةِ مَفرقِي لِسوادِ
هُوَ كَالنَّذيرِ لِصَبْوَتِي وفُتُوَّتِي
بعدَ الشَّبَاب وَصِحَّةِ الأجْسَادِ
خُذْ مِنْ زَمَانِكَ في الشَّبَابِ روَاءَهُ
واسْعَدْ بزَهْر العُمْر قَبْلَ نَفَادِ
إنْ كَانَ في عَقْل الشُيوخ رَجَاحَةٌ
فَهْي الثُمالةُ بعدَ طُول جهَادِ
أو كَانَ في إدْراكِهمْ مَا يُرْتَجى
مِنْ حِكْمَةٍ وَبَصِيرةٍ وسَدادِ
فَمَصائِرُ الأيَّام تَترُكُ في الفَتَى
عَزْماً بهِ يَغْدُو مِنْ الرُّوَّادِ
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :631  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 123 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.