كم ليال جلّل الوحيُ رُباها |
قف.. سل التاريخ.. ينبي عن علاها |
مجدها قد فاق أمجاد الورى |
وسنا الكون وميض من سناها |
علمتني أنشد المجد ونفسي |
في حِمى "الكعبة" يزداد تقاها |
"مكة" يا قبلة الأرض وحسبي |
أن بنى الله كياني من ثراها |
"مكة" يا منزل الوحي وضيئاً |
غمر الأكوان فازدان بهاها |
"مكة" يا مهد آساد الشرى |
أخضعوا الآفاق وانقادت ذراها |
تربها كالمسك عطراً وعبيراً |
وأمان الله قد عمّ حماها |
"كعبة" القصاد من حج منيباً |
أبلغ النفس من الأجر مناها |
ودعا لله في موقفه |
"عرفات الله" يحظى من أتاها |
* * * |
بوأ الله لإبراهيم فيها |
موضع البيت فلبى وبناها |
عندها أذَّن في الناس فقالوا |
ربنا "لبيك" ربّي من دعاها |
ليس في الأرض مكان مثلها |
وبها "زمزم" موصوف دواها |
وروابي "المروتين" استقبلت |
من سعى لله بدءاً بصفاها |
وجبال النور تروي قصصاً |
فيه ذكرى خلدّ الدهر رؤاها |
حيث ضاء "الغار" من نور نبيّ |
دينه السمح.. وكم أحيا دجاها |
أشرق التاريخ لما أُنزلت |
"إِقرأ" وازدان باللفظ حلاها |
وتوالى سلسلاً قرآنها |
ينذر الأجيال.. للحق دعاها |
فهي في ركب الليالي كوكب |
وهي للأيام صفو في صفاها |
* * * |
وجبال النور تروي قصصاً |
فيه ذكرى خلّد الدهر رؤاها |
من كُديّ وكداء أو ثبير |
شده "الهجرة" "ثَوْرٌ" فرواها |
موطن الفصحى ومنها أشرقت |
شُعل التبيان تزهو بحلاها |
وبها التوحيد أضحى مشرقاً |
لهدى الناس مناراً قد هداها |
أهلها قد أمن الله حماهم |
في جوار البيت والمولى حماها |
هم بنو زمزم كم حجَ إليهم |
من وفود الله والبيت دعاها |
* * * |
أمم في كل عام وفدت |
لِحمى الديان مأجور خطاها |
شهدت أجواؤها في غبطة |
"ليلة الإسراء" وازدانت سماها |
عندها قد هلّل الكون سروراً |
وتهادى الركب والقدس تباهى |
رحلة لم يشهد الكون مثيلاً |
"لبراق" عبر الأفق سواها |
ربيَ الله الذي أسرى بعبدٍ |
لرحاب بارك الله ثراها |
* * * |
ربنا لبَّيك إنا قد حججنا |
كل نفس آمنت ترجو هداها |
ربنا لبّيك والأصوات لبّت |
في رحاب الوحي ينساب صداها |
ربنا لبّيك إن الحمد فرض |
لك والنعمى بكفيك عطاها |
ربنا لبّيك لبتّك قلوب |
خضعت للعفو قد زاد ظماها |
ربنا لبّيك قد لبًّت نفوس |
ضلها الذنب وقد عافت شقاها |
ربنا أسبغ علينا رحمة |
تملأ الأرض ويزدان صفاها |
* * * |