غرسات الحنظل! |
ـ من أقوال أحد الحكماء:
|
ـ
((
أنت على دين، فأنت على خلق قويم
|
تركن النفوس إِليك
|
وترفّ الأرواح عليك
))
!!
|
(1) |
ـ ماذا حصد هؤلاء الذين حسبناهم: ((شباباً)) يتطلع إِلى مستقبل خيِّر للوطن، والذين نبتوا غرسات حنظل من عمق هذه الأرض الطيبة التي عاشت زمان أجدادهم وآبائهم: في حلم الأمن والأمان بعد موجات قُطَّاع الطرق.. وفي حلم: وحدة الأرض/شبه الجزيرة العربية، بعد أن كانت مِزَقاً؟!! |
نشأنا على هذه الأرض التي لا شبيه لها في قدسيتها الإِسلامية وفي جذور عروبتها.. وكان المواطن منَّا: ينسى أن يقفل بوابة ((فيلته)) ويصحو في الصباح دون أن يفتش بيته لثقته في الأمن والأمان.. وكنا ندخل العمائر والمجمَّعات السكانية، دون أن نتردِّد مرتابين في (تفجير) مفاجئ يقوم به - بكل أسف وأسى - أبناؤنا.. وكنا نحرص على (حماية) الضيف المقيم ببلدنا وهو يعمل فيها مُعوِّضاً نقص الخبرة أو التخصص لدى شبابنا.. فلم نقتل أحداً (مدنياً)، ولم نفجِّر منزلاً ينعم سكانه من أطفال ونساء بالأمان!! |
* * * |
ـ والآن.. ماذا يحدث؟! |
مَنْ قلَبَ ((تربة)) مجتمعنا، وأنبت من رحمها: شوكاً، وحنظلاً.. قتلة وإِرهابيين، يُروِّعون الآمنين، ويدَّعون ما لا يتفق و (خلطهم) الخطير بين معاني وأبعاد وأفعال: (الجهاد) في الإِسلام، وبين حصاد وخسائر (الإِرهاب) الذي يشوِّه قِيَم ورسالة (الإِسلام) العظيم؟!! |
لقد اتخذت هذه الحفنة من الإِسلام: خيمة ومظلة لتدمير: المنطق، والعدل، والمشاورة في الأمر، والشورى، وهم أكثر غلواً وحقداً، لا قيمة عندهم للدم البريء المراق!! |
وربما (نفاجأ) في تعاظم هذه الموجة التخريبية لمكاسب الأمن والأمان في وطننا بهؤلاء الذين ما فتئوا يُصدِّرون (الفتاوى) الأكثر ميلاً إِلى العنف، وإِلى الإِنغلاق، وإِلى التزمُّت، وإِلى منع الحياة عن الناس في أصوات وعيدهم ونذرهم بالنار وجهنم.. ويطلبون من الناس: أن يقتلوا الحياة فيهم، وأن يستبدلوا الابتسامة بالدمعة، وأن يحيلوا حياتهم إِلى: رفض لكل تجديد، وإِلى تحريم لكل متعة لا تخلُّ بسلوكيات المسلم! |
* * * |
ـ نحن - بالعقل - مع الردع الأمني الحاسم لكل ((إِرهاب)) تتعدد أشكاله.. وهؤلاء (الإِرهابيون): يمثِّلون الجانب الذي يرى في القتل والتدمير: نشر أفكارهم التي يلصقونها بالإِسلام الذي يَنْهى عن قتل الأبرياء، بل وشرَّع القصاص من هؤلاء الخارجين على إِجماع الأمة وأمنهم.. وهؤلاء: يمارسون (القمع) الفكري من منطقهم الذي يقوم على قاعدة: مَنْ ليس مؤيداً لدمويتنا فهو ليس معنا!! |
* * * |
ـ وبعد.. فنحن نعرف أن ما نكتبه: لم يأت بجديد، لأن ((وعْي)) هذه الفئات قد اختُطِف وصودر وأصبح رهن: عنف الفكر.. لكنها مساهمة في استمرارية الحوار المطلوب الآن بشدة عن فعل غريب، كالجسم الغريب، يرفضه مجتمعنا، وتلفظه سماحة ديننا، ولم نعد في حاجة إِلى مقالات الشجب، ولا حتى الدفاع عن أمننا بالكلام.. بقدر ما نحن في حاجة إِلى (رؤية) جديدة تنبع من داخل تفكيرنا وتعاملنا مع (الحدث) المستجد بمنطق، دون الدخول في مكابرة واستعلاء على هذه المتغيرات. |
وفي حاجة ماسة إِلى الخروج من (اعتيادية) مواجهتنا للحدث، إِلى الاعتراف بالخطر، والإِلتفاف عليه، والإِلتفات إِلى مؤسساتنا الدينية والتعليمية والتربوية، وتفعيل دور وسائل ((الإعلام)) حتى نخرج من عنق هذه الزجاجة الضيق جداً!! |
* * * |
(2) |
ـ هل ما يجري في واقعنا اليوم من: قتلٍ لأبرياء، وحتى قتلٍ لمَنْ نختلف معهم في الرأي، والتوجُّه، والأيديولوجية.. يُعبِّر عن منهج (الإِسلام) وأسلوب دعوته بالحسنى، وأمرْه بالمعروف ونهيه عن المنكر، ودعوة الناس كافة إِلى الله بالحسنى؟! |
أم هو (إِرهاب) حقاً، وفعلاً، وسلوكاً، وهدفاً للقفز إِلى السلطة أو الهيمنة.. متمثلاً في: اغتيال بالرصاص، وتهديم بالمتفجرات، والعبث بأمن الوطن ونشر الرعب بين الناس الأبرياء؟! |
ـ وما الفرق بين ما يمارسه هؤلاء ((الكوماندوز)) غير النظاميين، الذين يغتالون مفكراً، أو سياسياً نشطاً، أو عالِماً يختلفون معه، أو صحافياً كاتباً، أو وزيراً.. كما حدث في مصر خلال السنوات القريبة الفارطة، حتى إنهم اغتالوا ((الشيخ الذهبي)) العالم/الوزير، وهدَّدوا الشيخ الشعراوي بالقتل - رحمهما الله - وحتى اغتيال ((جار الله عمر))/السياسي المعارض في اليمن.. وبين ما يفعله الجنود الصهاينة في أرض فلسطين المحتلة من قتل الأبرياء، وتهديم لدورهم، ومنْع دخول الأغذية والماء إِليهم، وحصارهم حتى تجويعهم.. فتكيل أمريكا العظمى بمكيالين في تعاملها مع الإِرهاب الذي تقوم به جماعات متشَرْذِمة ممن يدَّعون الإِسلام، ومع إِرهاب الدولة الذي تتعامل به حكومة الإِرهابي/شارون مع الشعب الفلسطيني؟! |
* * * |
ـ لا بد لنا أن نجتمع: علماء وجمعيات إِسلامية، وجامعات، ومفكرين.. لنناقش (ظاهرة) أن يتحوَّل شباب الأمة العربية/الإِسلامية إِلى: إِرهابيين بالفعل.. يقتلون بدم بارد مَنْ يُصدرون بحقه (فتوى) منهم بأنه: ملحد، أو كافر، أو خائن، أو علماني!! |
ويقال - بكل أسف - بعد تنفيذ جريمة القتل، وسقوط ضحية هذا ((الفهم)) المعتم: أن القاتل ينتمي إِلى: جامعة، أو جمعية (إِسلامية)، وأن مَنْ يُشرف عليها و يديرها: عالم، أو داعية، أو شيخ من المتفقهين في الدين!! |
فهل (الإسلام) في نصوصه، وتشريعه، وخطوات انتشاره الأولى: كان له هذا (الفهم) عن وجوب قتل الناس جزافاً بلا تحقُّق ولا شواهد؟! |
ـ وإذاً.. مَنْ وراء هؤلاء الذين ما زالوا يلوِّحون بالموت للآخرين بشكل مطلق ومجاز لديهم، على أنه: صوت الإِسلام، وصوت الشهادة، وصوت القصاص.. والإِسلام بريء من هذا القتل؟!! |
* * * |
ـ ولكن.. هل تجيز مبادئ وقيم، وأهداف (الإِصلاح الإِسلامي)، أو ((الجهاد الإِسلامي)) أو أي مُسمَّى بهذا المعنى، ويدَّعون أن مَنْ يديرها ويُشرف عليها: علماء مميزين، أن نقتل إِنساناً نختلف معه في الرأي، ونتوحَّد معه في الإِنتماء لوطن، والارتباط بمصير واحد؟! |
أية عقلية هذه التي تُجيز العنف والإِرهاب، و (تورِّط) سمعة الإِسلام في أفعالها التي لا يُقرِّها الشرع.. بالإِضافة إِلى إِشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد؟! |
والفتنة معناها: أن الأخ يقتل أخاه. |
والفتنة معناها: نسف كل خطوة حثيثة وجادة إِلى بسط (الديمقراطية) في الوطن؟!! |
وفي ذلك يقول نبي الأمة ومعلمها، الحبيب المصطفى صلَّى الله عليه وآله وسلم: ((ليس الشديد مَنْ غلب الناس، إِِنما الشديد من غلب نفسه)). |
انتهى
|
|
|
|