الدمشقي الذي احترف الهوى!! |
[ • للشاعر الكبير/ محمد الفيتوري في رثاء "نزار"
|
[ أنت الذي قلتَ، ساعة قلت الرحيل: |
[ إنني ذاهب.. غير أني أقول لكم |
[ بعض هذا الحضور: غياب |
[ وبعض الغياب: حضور طويل!! |
|
[• لم أذهب إلى لندن بعد رحيل (صديقي) - بأقصر عمرٍ للصداقة - الشاعر/ العصر: نزار قباني، إلا مرة واحدة، قلت فيها لصديق الصدق، الكاتب الكبير/ عرفان نظام الدين، ولصديق الكلمة الضاحكة في أمسيات الحزن، الصحافي الشهير/ سالم الدوسري: صعب أن أهبط لندن، وأفتقد فيها هذا الحبيب مُتجوِّلاً بصوته في سمائها: قمراً، ومطراً، وقوس قزح!! |
[ كيف أذهب إلى لندن ولا أجده في انتظاري مهللاً منادياً: أهلاً بحبيب قلبي؟! |
[ ما أبشع الأمكنة بعد رحيل من أحببناهم عنها... وما أبشع المدن التي تتحول إلى |
"شاهد قبر" على مَن أحبُّوها!! |
[ و...... من البعيد، جاءتني أصداء صوته تُردِّد: |
[ "... وحجزتُ تذكرتي |
[ وودَّعت السنابل، والجداول، والشجر |
[ وأخذت في جيبي تصاوير الحقول |
[ وأخذتُ: إمضاء القمر!! |
[ وأخذتُ وجه حبيبتي، وأخذتُ رائحة المطر |
[ قلبي عليكَ وأنت ياصوتي: تنام على حجر "!! |
|
[• فماذا أبقى لنا "نزار" في دنيانا هذه التي حُشدت فيها القنابل والدماء، بعد أن أخذ معه كل شواهد الجمال هذه تحت شاهد قبره؟!! |
• • • |
[• ذات يوم.. كتب إليًّ هذا الدمشقي الذي احترف الهوى عمراًً فاخضوضرت لغنائه الأعشاب/ أمير اللون المنطلق الذي يختزن داخله حباً كبيراً/ نزار قباني، وقد تعوَّدت على رسائله الصباحية شبه الأسبوعية عبر الفاكس، وهو بالنثر ويبكي بالشعر... فيسكب في قلبي حليب النهار في أقصر رسالة الحب: |
[ (حبيبي/ عبد الله: |
[ أُعلن عليك/ أيها "الفتى" الأبيض شَعراً، الأخضر قلباً، فأطالبك أن تبدأ في سداد فاتورة الزمان بدلاً عني... فأنت وأنا: زهرتا حب قُطفَت ووضعت على قبر قصة عشق احتضرت في موت العالم اليوم بالحقد، وبالأطماع، وبالحروب! |
[ دعني - إذن - أُسميك: "المجنون".. لعلك تنجو من "عقل" عالم اليوم)!! |
• • • |
[• وذات يوم... سألت صديقي الحبيب/ عرفان نظام الدين، وهو الذي دلَّني على طريق "نزار" حين كان بالمستشفى بلندن: |
[ هل تعتقد ونحن في لهيب هذا القرن الجديد: سنعثر على قارئ عاشق لديوان شعر، وعلى متذوق لموسيقى راقية، وعلى متأمل للوحة مستغرقاً حتى ينسى نفسه؟! |
[ - أجابني عرفان يومها: إنه عصر"الساندويتش" ياصديقي.... ساندويتش فقط!! |
[ و.... باقٍ هنا، كلما قرأت قصيدة لنزار قباني - رحمه الله - لابد أن تنطلق بالونات ملوَّنة، وتسطع أضواء عيد الحب، وتتفجَّر كالماء العذب: كركرةُ طفل ينعم بصدر أمه، وتتصاعد: "شيْطنَةُ" فتى، وتُزغرد: خفقة قلب تطلب من محبوبها أن يصونها! |
[ باقٍ هنا.. أتذكر هذا الدمشقي الذي احترف الهوى، أُسقيه آخر رشفة ارتواء من شعره: |
[ اُقدمْ موتي إليك على شكل شعر |
[ فكيف تظنين أني أُغنِّي؟! |
|