شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ وكتب الشاعر ((سعد الحميدين)):
ـ قال لي مرة المرحوم محمد حسين زيدان حول سؤال عابر مؤداه: لماذا هذا الانتشار الكتابي.. حيث لا تخلو صحيفة، أو مجلة إلا من موضوع لكم؟!
ـ قال بمرارة: أيش نسوِّي لأمة دفانة/إما أن تكون متواجداً ومُعلناً عن نفسك، وإلا فإن أحداً لن يسأل عنك.
قال ذلك، أو معناه، وهو يضحك، ويبتسم بابتهاج بأنه يستطيع أن يكتب، وأن يشارك في كل محفل وشؤون الحياة الثقافية، والاجتماعية.. حيث لا يصل إلى الرياض، وهو الرجل المسن، إلا ويذهب إلى الصحف زائراً، وإلى الأصدقاء متفقداً، حتى بدون الدعوات، معلّلاً ذلك بالتواجد والحضور لكي يكون محمد حسين زيدان الشاب المتحرك دائماً حتى في شيخوخته، لأن الشيخوخة في رايه هي شيخوخة الروح لا الجسد.. وكان يؤكد ذلك دائماً في كتاباته، وجلساته، وأحاديثه.. مما يضفي عليه حيوية دائمة، إذ يشغل نفسه دائماً بالفكر الذي نذر نفسه له.. مؤرخاً، وناقداً وكاتباً إجتماعياً، ومتحدثاً بارعاً إذاعياً، وتلفزيونياً.. وفي المحافل، ولسان حاله يقول: لو لم أفعل ذلك (لنساني الناس وأنا حيٌّ، وقُبرت وأنا حيٌّ).. وقد قال كثيراً هذا الموقف الذي كنت أُكبر فيه أستاذي الزيدان من أجله.
فما أن أطلب منه (سبعة أيام) متوالية وفي أصعب وقت، إلاَّ واسمع كلمة: ((إن شاء الله)).. وما أن يمضي من الوقت ساعة وأقل إلاَّ ويهاتفني قائلاً: ((هاه.. وصل الشغل)) فما أن أجيب بنعم إلاَّ ويقول: شكراً ويقفل سماعة الهاتف قبل أن يسمع كلمة شكراً.
وكذلك في ((غرابيل)) التي كنت أعجب من حرصه عليها، ونظامه في هذا السن.. ولا أجد ذلك عند الشباب إلاَّ بعد إلحاح ومناشدة.. وهنا كان الفرق، وكان التقدير الذي أكنُّه للرجل منذ أن عرفته كاتباً، ثم شخصاً يزداد، ويزداد.
ـ لقد تملكتني الحيرة، والحسرة ذات يوم قريب عندما هاتفته مستفسراً عن صحته، وعن حاله، ولماذا انقطعت ((غرابيل الجمعة)).. فكان جوابه: ((خلاص.. مالي ومال الكتابة)) وكنت أظنُّه مازحاً تبعاً لمقولته السابقة: ((الأمة دفَّانة)) ولكن لم يكن يدور بخلدي أن الرجل قد سئم الكتابة، والظهور الاجتماعي، والثقافي، كما عُهد عنه، وعهدته كمتعامل معه كأب لي، وأخ كبير، ومربٍ، ومعلِّم.
ـ أسال عنه فيقال: في المستشفى.
وأسأله وهو في المستشفى فيقول: ((والله شويه فحوصات))، وتكون العودة إلى المنزل، وأطلب الكتابة، فيقول: ((خلاص.. خلاص يا سعد.. إني أموت))، فلم أحاول تذكيره عن ضرورة التواجد لكيلا أزيد من ألمه، ولكن أُلمِّح.. فما يكون منه إلاَّ الصدود ومحاولة إنهاء المكالمة بأيِّ شكل فلا أحاول أن أتعبه، أو أزيد من حالته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :582  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 447 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج