شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ وكتب الأستاذ ((تركي عبد الله السديري)) رئيس تحرير صحيفة (الرياض):
ـ محمد حسين زيدان.. أشوفه كثيراً، وأشوفه قليلاً!!
فهو يأتي عبر أزمنة متباعدة، وحين يأتي يخاف أن يثقل على الآخرين، فلا يمكث إلاَّ دقائق.
عرفته قبل أن يعرفني.. كنت طالباً أذهب مع الأصدقاء في رحلات إلى الخرج، عندما كانت الخرج هي كل شيء لنا خارج حدود مدينة الرياض، وفي الطريق أصغي بعناية إلى صوته يأتي عبر برنامج إذاعي يختتمه بقوله: ((قدَّمها وبرْمجها لكم أخوكم القديم محمد حسين زيدان)).
رجل يجمع بين أشياء كثيرة وجميلة:
فهو المؤرخ، والمثقف، والمحدث، والصحفي... ينساب من بين شفتيه حرف الراء المخفف الأنيق، كما هو في لهجة مكة، مثلما يندفع في شرح التعابير البدوية الموجودة عند حروب المدينة أو حُرَّث الطائف.
لم يركن إلى شيخوخته أبداً.
ولم أستطع أن أراه ذات يوم عاجزاً عن أي شيء.
كان دائم الحضور.. قريباً إلى كل الناس.
يخاطب كل من هو أصغر منه بنداء: ((يا إبني))، ويستعمل الطُّرْفة الأدبية أو الاجتماعية في كل حوار مرح يفتحه مع الآخرين.
كان لديَّ موظف في القسم الفني بالجريدة، مولع بالمخالفات، لكن لا أكاد أنهي علاقته بالعمل حتى أجد من يحدَّثني عنه، فأعيده إلى العمل، حيث يختار من يتحدَّثون إليَّ بعناية، ممن لا أستطيع أن أرد لهم طلباً، لأنني لا أستطيع أن أشرح لهم جميع مخالفاته، حتى وصل إلى الزميل عثمان العمير في لندن بعد أن استنفد كل الموجودين في الرياض.
ذات يوم وقد استنفد كل من أعرفهم، فوجئت بجرس التليفون يرنُّ، وكان المتحدث الأستاذ الزيدان.. قال بكلمات مختصرة: أحدثك عن فلان، ولا تحدثني عنه، لكن لا تحرمني من أن يكون لي دور في استقامته بعمله وشكراً.
وانتهت المحادثة، وعاد الموظف إلى عمله.. ومازال فيه.
للمرحوم محمد حسين زيدان حضور محبب لدى الكثير ممن يعرفونه، وكان عفُّ اللسان.. فرغم انتشار الخصومات الأدبية بين الشيوخ، إلاَّ أنه لم يتعرض لأحد أمامي ذات يوم بسوء.. وكان رغم تقدمه في العمر، وعجزه عن الكتابة، أحرص على أن يفي بالتزامه مع الجريدة كل يوم جمعة، حيث يبعث بفراغات الغرابيل التي ينتقها.
رحم الله محمد حسين زيدان.. أباً للكثيرين، وصديقاً لكثيرين، وفقيداً لصحافة بدأ معها منذ مرحلة الصغر، وتركها وهي شامخة منتشرة.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :672  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 446 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.