شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ وكتب الأستاذ ((عبد المقصود خوجه)):
ـ فقدت بلادنا والأدب طوداً شامخاً برحيل الأستاذ الكبير محمد حسين زيدان.. لم أعرف له صنْواً بقدر ما أتيح لي أن أختلط بكثير من أدباء العالم العربي، فخلفيته ((المدينة)) جعلته يتشرب أريج طيبة الطيبة، ونهل من بيئتها الطاهرة، وطبَّع بعادات أهلها الخيّرة، ثم جلس على حصير المسجد النبوي، وأخذ العلم عن كبار الشيوخ، وفي الوقت نفسه تخرج من المدرسة الراقية الهاشمية، وبدأ حياته العملية ((معلم صبيان))، كما يحلو له أن يقول رحمه الله.. فقد عمل أستاذاً في مدرسة دار الأيتام بالمدينة المنورة، غير أنه لم يقتنع بما حصَّله من علم لم يظفر الكثيرون بمثله في ذلك الوقت، فطلب العلم مجدداً.. لم يسافر كغيره إلى الأزهر أو الشام.. بل قال بكل فخر واعتزاز: ((أتعرفون أول من علّمني القراءة؟ لقد علمني سوق (الحراج) وجريدة ((ألف باء)).. كنا نفتش في الحراج لنجد بعض الكتب التي يعرضها أصحابها للبيع نتيجة الفقر والعوز والجوع الذي ألمَّ بهم، فيبيعونها بمبالغ زهيدة لا تتجاوز قيمة القرش الواحد أو القرشين، فأنقِّب عن كتاب ينفعني، فأشتريه وأقرؤه، ومن هنا تعلمت القراءة من هذا السوق، ثم تعلمت القراءة في مكتبة كنت أبيت فيها، حوت أمهات الكتب)).
منتهى الصدق، والعفوية، وقوة التعبير، وسهولته التي استطاع بها دائماً أن يعبر الحواجز ويصل مباشرة إلى قلوب محبيه الكثُر.. رجل عصامي علَّم نفسه بدافع داخلي أملى عليه حب العلم وجعله يبحث عن كتاب ينفعه في سوق (الحراج).. تطاول عملاقاً بإنجازاته ومؤلفاته التي ارتفعت به إلى مصاف كبار الأدباء والخطباء.
إن عقله الجبار، واطلاعه الواسع، وذاكرته القوية، وخلفيته التي نسجها من مجتمع المدينة وامتزجت بثقافته العالية.. أهَّلته ليكون عبقري زمانه، ويشكل مدرسة قائمة بذاتها لها كل مقوّمات المدرسة الأدبية، فأسلوبه مميَّز خاص له إيقاع يختلف عن جميع الأدباء، وعبارته فخمة مجنحة تنطوي على حكمة، أو قول ماثور، أو طرفة مليحة، أو كلام بين السطور.
أما التاريخ والأنساب ومعرفة قبائل العرب، فتلك مجالاته المفضلة، أو التي يجد فيها نفسه إذا صح التعبير.. وبالأصح تنساب ذكرياته بطلاقة ليس لها مثيل باسلوبه المتفرد ونبوغه الذي عرف عنه منذ بواكير صباه عندما يتطرق لهذه المواضيع.
إن رحلة الفقيد الأستاذ الزيدان طويلة، ومعاركه هادئة، رزينة.. تنم عن أصالة معدنه وحبه للحوار الهادئ، سواء عن طريق الصحافة أو غيرها، وقد كان على حق في معظم الأحيان، وبالحق انتصر.
رحم الله استاذنا الزيدان على قدر ما قدَّم لوطنه وأمتَّه، وأسبغ عليه شآبيب غفرانه، وأفسح له جناته مع الصدِّيقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقاً.
ـ وقال الزيدان عن عبد المقصود خوجه:
ـ قبل أن يكون ثرياً كان ثرياً، فمن ثرواته: الوفاء لأصدقاء أبيه.
أكرم الذين ((يستاهلون)) التكريم، فغذا هو وكأنه كرَّم نفسه بالعطاء والوفاء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :522  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 445 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج