شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
- وكتب الناقد الدكتور ((معجب الزهراني)):
ـ أثارت وفاة الأديب الكبير الأستاذ محمد حسين زيدان هزَّة قوية في الوسط الاجتماعي والثقافي في المملكة، إذ إنه كان - يرحمه الله - أحد الرموز الهامة في مجال الكتابة الثقافية الموسوعية التي ميزت جيلاً بكامله، ولا أدلُّ على هذه الحقيقة من كلمات التأبين التي امتلأت به صحفنا بمجرد انتشار الخبر الفاجع، إذ عبَّر نخبة من رجال الأدب والفكر والثقافة في المملكة عن أعمق مشاعر الأسى لفقد هذا الكاتب الكبير، والذي تميَّز بحسن الخلق، وسعة الأفق، ورهافة الذوق، وتسامح الفكر، وتفتُّح الذهن وغير ذلك من الخصال التي عرفها البعض منا عن طريق الاتصال المباشر، وعرفه الآخرون عبر الكتابة ((الزيدانية)) المتميِّزة بكل المقاييس.
ورغم أهمية الوفاء للرموز حين تتخطفهم أيادي الأجل المحتوم، إلاَّ أن هناك وسائل وطرائق أخرى ربما كانت أكثر قدرة على تجسيد مشاعر الوفاء والعرفان تجاه روّادنا وبشكل يتجاوز الآراء والمواقف الشخصية.
فمن واجب جامعاتنا مثلاً أن تخصص بعض قاعات الدراسة الكبرى التي تمتلئ بها لتحمل اسم محمد حسين زيدان، أو أحمد السباعي، أو حمزة شحاته، أو العواد، أو الأنصاري، وغيرهم من الأعلام الذين كرسوا جل حياتهم لخدمة وتنمية الخطاب المعرفي والأدبي والثقافي في هذا الوطن، هذه الفكرة البسيطة والمعروفة جيداً كأحد التقاليد الثابتة في الجامعات الغربية العريقة، لن تكلفنا شيئاً يذكر وسيكون مردودها على الذاكرة الثقافية الوطنية دائماً ومتجدداً، ولعلّه من المحزن والعبثي حقاً أن يحمل الكثير من القاعات أرقاماًغفلاً، أو تسميات لا تتضمن أيِّ قيمة من وجهة النظر الفكرية والعلمية، بينما يمكن لبعض أسماء كتّابنا الرواد أن تجمل جامعة بأكملها! وحين أتكلم عن الجامعة فما ذلك إلاَّ لأنني أحد منسوبيها الذين يرون الإعلانات عن انعقاد هذه الندوة أو ذلك اللقاء في القاعة رقم كذا وكذا، وإلا فلا بد أن في النوادي الأدبية والرياضية وفي الفنادق الكبيرة وفي الكثير من المؤسسات الرسمية و غير الرسمية الأخرى الكثير من القاعات التي نأمل أن تحمل اسم زيدان أو غيره من الروَّاد، إذ ينطبق عليها ما ينطبق على القاعات في الجامعات.
كما أعتقد أنه من واجبنا جميعاً، في الجامعات وخارجها، أن نفكر في تنظيم حلقات دراسية أو ندوات يكون موضوعها الأساسي: مناقشة أعمال أحد هؤلاء الكتّاب الموسوعيين، ويشارك فيها المتخصصون في الأدب واللغة والتاريخ والاجتماع والإعلام.. وتأتي أهمية مثل هذه الحلقات والندوات من كونها تمثل مساهمة حقيقية في درس وتمحيص عطاءات الروّاد وتحويلها من خلال الجهد المعرفي المنظم إلى رافد مستمر ومتجدد في ثقافتنا، وإلى مكوّن رئيسي في الوعي الثقافي الوطني.. فمن المؤكد أن المعرفة والثقافة نتاج تراكم الجهود واتصالها، وأن الوعي هو محصلة لسيرورات ثقافية جماعية يلعب فيها بعض الكتّاب المبرزين أدواراً تتجاوز بكثير ما كتبوه فعلاً في مجال محدد من مجالات الأدب والفكر.
كما أن هناك بالتأكيد وسائل أخرى للاحتفال بهؤلاء الروّاد وتخليد أسمائهم وإنجازاتهم في ذاكرة الأجيال القادمة، لكني لست بصدد قول كل ما يمكن قوله في هذا السياق، ولعلّه من الخطأ ومن قبيل الخطر علينا جميعاً أن تسود بيننا الثقافة الاستهلاكية المسطحة التي تجعل شبابنا في الابتدائية أو في الجامعة يعرفون ((كل)) نجوم الرياضة أو الفن، وقد يعلمون من الأسرار المتعلقة بحيواتهم الشخصية الكثير بينما يجهلون أن محمد حسين زيدان، مثله مثل غيره من جيل الروّاد، ألَّف عشرات الكتب، وحرر آلاف الدراسات والمقالات، وكل ذلك من أجل خدمة الإنسان في هذا البلد، وتطوير وعيه بلغته، وعقيدته، وهويته الحضارية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :590  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 442 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.